قال مشاركون في ملتقى وطني حول التجارة الإليكترونية والاقتصاد الرقمي بالجزائر، انعقد بجامعة 8 ماي 1945 بقالمة أمس الاثنين، بأن مسؤولية تأخر هذا النوع من التجارة بالجزائر مشتركة بين الحكومة و المواطن، و لا يمكن فصل طرفي المعادلة عن بعضهما البعض، لأن الحكومة مسؤولة عن وضع القوانين المرنة و تطوير الإدارات، و المواطن مطالب بالإقدام و وضع حد للتردد، و خوض غمار التجارة و التعاملات الإليكترونية دون خوف و عقدة. و قال مهندس الحاسوب مراد مشطة مؤسس شركة «جيديني» للبيع و الشراء «أون لاين»، بأنه و بالرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة الجزائرية من أجل الانتقال إلى الإدارة و الاقتصاد الرقميين، إلا أن البلاد مازالت تعرف تأخرا كبيرا في هذا المجال، و خاصة بقطاع التعاملات المالية و قطاع الاتصالات، الذي يعد عصب الرقمنة و التطور، مؤكدا بأنه و باستثناء وزارتي العدل و الداخلية اللتان حققتا تقدما جيدا في مجال النظم الرقمية للمعاملات، فإن باقي القطاعات مازالت لم تتطور بالقدر الكافي بعد، و هي مطالبة بمزيد من العمل في المستقبل، حتى لا تعطل عملية الانتقال إلى الرقمية و تعميمها على كل القطاعات بالجزائر. و تساءل مراد مشطة بأسف عن الأسباب التي تحول دون إقدام المواطن الجزائري على ممارسة التعاملات الرقمية البدائية لطلب و سحب الوثائق الإدارية، و التعود على الاستعمال اليومي لبطاقات الدفع الإليكتروني المتاحة، للحجز و تسديد الفواتير، و سحب الأوراق المالية، و هكذا حتى يتعود على استخدام الأنظمة الرقمية بمرونة و دون تردد، قبل أن ينتقل إلى ممارسة البيع الشراء عن طريق البطاقات الإليكترونية. و أوضح مؤسس شركة «جيديني» بأن الحكومة وحدها لا تستطيع تطوير التجارة الإليكترونية بالجزائر مادام المواطن متردد، و يشعر بنوع من الخوف و عدم الأمان تجاه هذا النوع من التجارة التي تكتسح العالم كله في تطور مذهل قد يقضي على التجارة التقليدية في غضون سنوات قليلة. و تحدث مراد مشطة بإسهاب عن تجربته في التجارة الإلكتنرونية رفقة مجموعة من مهندسي الحاسوب و البرمجيات، و قال بأن البداية لم تكن سهلة على الإطلاق، مؤكدا بأن النظم الإدارية السائدة في الجزائر مازالت تثير المتاعب، و تحد من عزيمة الشباب الراغب في إنشاء المؤسسات المصغرة بعدة قطاعات، مبديا تفاؤله بالمستقبل إذا اندمج المواطن الجزائري في الاقتصاد الرقمي دون خوف و دون تردد. و قدم محمد الصالح تراب الناشط في مجال التجارة و الأعمال، عرضا حول كيفية الانتقال من الفكرة إلى الواقع الميداني عند بناء المؤسسة الناشئة، مؤكدا بأن الكثير من الشباب يملكون أفكارا جيدة في كل قطاعات التجارة و الاقتصاد، لكنهم لا يعرفون كيف يطبقون هذه الأفكار على أرض الواقع، و ربما لا يملكون القدرة المالية لإنجاز المشروع، و لا يعرفون كيف يبحثون عن شريك لدعم الفكرة و إنجاحها، و قال بأن بناء الفكرة ثم المؤسسة يبدأ بالإجابة عن عدة أسئلة، هل الفكرة تحل مشكلة ما؟ هل يمكنك إيجاد مصادر التمويل؟ و هل هناك أسواق اليوم و غدا؟ كيف تبدأ؟ و مع من تبدأ؟. و أكد المتدخلون، و أغلبهم من الشباب الذين خاضوا تجربة المؤسسات المصغرة و التجارة الإليكترونية بالجزائر، بأن معرفة التكنولوجيا و التحكم فيها لا يكفي وحده لبناء مؤسسة ناجحة و قادرة على الصمود و الاستمرار، فهناك عوامل أخرى يجب أخذها في الحسبان كمصادر التمويل و السوق المستهدفة. و ذكر المشاركون في الملتقى بأن التجارة الرقمية عبر العالم في تطور مذهل، و هي تدر أموالا طائلة، و هناك مؤسسات صغيرة بلغت رقم أعمال يتجاوز 30 مليار دولار، مؤكدين بأن الجزائر مازالت في حاجة إلى جهد كبير للاندماج في هذا النوع من الاقتصاد الجديد الذي لم يعد يعترف بالحدود الجغرافية و التعاملات الإدارية التقليدية.