قيمة تداولاتها تقلّ عن ربع مليار دولار *** لم يعد يخفى على أيّ جزائري مدى خطورة الأزمة الاقتصادية التي تتربّص بالبلاد وقد جاء الاجتماع الأخيرة لمجلس الوزراء ليضع مزيدا من النقاط على حروف هذه الأزمة حين راح رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة يعترف بأننا بصدد مواجهة وضع بالغ الصعوبة داعيا الحكومة إلى (قول الحقيقة للشعب). لكن هل يكفي قول الحقيقة؟ الخبراء يجيبون بالنّفي على هذا السؤال ويدعون إلى المسارعة لإيجاد حلول مناسبة تسمح للبلاد بالخروج من الأزمة بأخفّ الأضرار الممكنة ويطالبون بعصرنة الاقتصاد الوطني واستغلال التكنولوجيا لتطوير المنظومة الصناعية واستخدام الأنترنت لتنشيط التجارة الداخلية والخارجية فما أبعد الجزائريين عن التجارة الالكترونية وما أحوجهم إليها. في ظلّ رهانات الاقتصاد الرقمي التي تصنع الحدث عالميا تبدو التجارة الالكترونية أو الرقمية مجرّد تحصيل حاصل وهي فرع من كلّ متكامل يعتبرها مختصّون ضمن أهمّ ركائز الاقتصاد الرقمي فماذا عن التجارة الالكترونية في الجزائر؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في هذا التقرير. التجارة الرقمية تلغي الحدود والقيود أمام دخول الأسواق للتجارة الالكترونية مفاهيم متعدّدة بتعدّد الزوايا المنظور من خلالهم لها فالنّظرة القانونية تختلف عن النّظرة الاقتصادية وعن النّظرة الاجتماعية والثقافية كما تختلف وُجهات نظر حتى الاقتصاديين في إعطائها مفهوما واحدا لتعدّد إمكانيات استغلالها. الصفة العالمية للتجارة الرقمية ألغت الحدود والقيود أمام دخول الأسواق التجارية وهذا ما هو متّفق عليه وبفضلها تحوّل العالم إلى سوق مفتوح أمام المستهلك بغض النّظر عن الموقع الجغرافي للبائع أو المشتري. وتعتبر التجارة الرقمية منهجا حديثا في الأعمال موجّها إلى السلع والخدمات وسرعة الآداء ويتضمّن استخدام شبكة الاتّصالات في البحث واسترجاع المعلومات من أجل دعم اتّخاذ قرار الأفراد والمنظّمات كما أنه مزيج من التكنولوجيا والخدمات من أجل الإسراع في آداء التبادل التجاري وإيجاد آلية لتبادل المعلومات داخل مؤسّسة الأعمال وبين مؤسّسات الأعمال وبين مؤسّسات الأعمال والعملاء أي عمليات البيع والشراء. التجارة الالكترونية (تحبو) في الجزائر! مازالت الجزائر بعيدة كلّ البعد عن التجارة الرقمية ومفهومها العالمي المعروف رغم التطوّر الهائل الذي يعرفه العالم في ميدان التجارة الالكترونية والرقمية التي صارت تنافس التجارة التقليدية من حيث الحجم والتي يتوقّع الخبراء أن تتجاوزها خلال السنوات القادمة في ظلّ نسب النمو العالية التي تسجّلها التجارة الالكترونية إلاّ أن الجزائر بدات (تحبو) في اتجاه التجارة الرقمية حيث لم تسنّ إلى حد الآن قانونا خاصّا بالتجارة الالكترونية رغم الحديث عن تدارك هذا الأمر خلال تعديل القانون المدني الذي من المنتظر أن يفرد لها مواد خاصّة بها تحدّدها وتضبط قواعدها. وللعلم سنّت الجزائر بعض القوانين والنصوص التطبيقية التي تمسّ بشكل أو بآخر أحد جوانب التجارة الالكترونية كالقانون الخاصّ بموردي الأنترنت أو المواد المتعلّقة بالجريمة الالكترونية أو تلك المتعلّقة بالملكية الفكرية والتي تتضمّن مواد متعلّقة بالملكية الصناعية خاصّة وأن عدّة شركات عالمية تصنّف الجزائر كإحدى أكبر المناطق التي ترتفع فيها نسب قرصنة البرمجيات والجريمة الالكترونية ممّا حذا بشركة (مايكوسوفت) العملاقة إلى تنصيب مكتبها الجهوي في الجزائر. غير أن هذه القوانين التي تمّ إصدارها جاءت بناء على إلحاحات دولية ورغبة الجزائر في الانضمام إلى المنظّمة العالمية للتجارة جعلها تعدل وتعدّ ترسانة هامّة من القوانين حتى تتوافق منظومتنا التشريعية مع القوانين العالمية وهو ما يعني أن الجزائر مقبلة في المستقبل القريب على إصدار قانون خاصّ بالتجارة الرقمية بحكم الالتزامات الدولية التي يفرضها الاندماج العالمي ورغبة الجزائر في اللّحاق بركب التطوّر في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتّصال والاستفادة من المزايا التي تتيحها التجارة عبر الأنترنت علما بأن عدّة دول عربية كتونس الإمارات العربية المتّحدة السعودية ومصر قطعت أشواطا هامّة في المجال التشريعي الخاص بتقنين التجارة الالكترونية. موقع (وادي كنيس).. محاولة لا ترقى إلى درجة التجارة الالكترونية يظنّ العديد من الجزائريين أن موقع (وادي كنيس) موقع تجاري إلكتروني رقمي في حين أن هذا الموقع لا يرقى إلى درجة التجارة الالكترونية أو الرقمية بل هو موقع إشهار وتسويق إلكتروني لا أكثر. وكما هو معلوم أن موقع (وادي كنيس) شهير جدّا في الجزائر ويعدّ حسب بعض التصنيفات أقوى موقع جزائري على الأنترنت بفضل العدد القياسي من الزيارات التي يحظى بها وهو موقع من أكبر المواقع الجزائرية الخدماتية حيث أحدث ثورة في مجال التسوّق الالكتروني. فبعد أن كان الزبون يذهب إلى الأسواق للاطّلاع على مختلف السلع ومعاينتها وشرائها أصبحت شريحة كبيرة منهم تحبّذ التسوّق عبر موقع سوق (وادي كنيس) والاطّلاع على مختلف السلع ومعاينتها من خلال الصور التي يلتقطها لها أصحابها لكنه لا يرقى إلى التجارة الالكترونية والرقيمة كون في آخر المطاف يتمّ التعامل بطريقة تقليدية محضة بين الزبون والبائع. هذا هو واقع التجارة الالكترونية في الجزائر قال الوزير السابق كاتب الدولة المكلّف بالاستشراف والإحصائيات بشير مصيطفى في تصريح له ل (أخبار اليوم) إنه بالحديث على التجارة الالكترونية لابد أن نتحدّث عن الاقتصاد الرقمي لارتباطها ببعضها. وأوضح مصيطفى أن الاقتصاد الرقمي نظرية قائمة بذاتها وتعني استخدامات الرقم والإحصاء والمعطاة عبر شبكات النت في إدارة الأسواق (السلع الخدمات النقود العمل الجباية) مضيفا أنه كلّما زاد استخدام الدولة للفضاء الإعلامي في إدارة تلك الأسواق اقترب الاقتصاد من الطابع الرقمي في حين أن التجارة الالكترونية هي التبادل (سلع وخدمات) عن طريق النت والشبكات (الفضاء الالكتروني). وفي هذا الإطار أبرز المتحدث أن هذا النمط من التجارة يتمثّل هذا في 03 اتجاهات هي: (B to B ; B to C ; B to A) أي أعمال-أعمال أعمال-مستهلكون أعمال-إدارة كاشفا أن رقمها في العالم 1400 مليار دولار (2014) منها 55 مليار دولار في فرنسا و15 مليار دولار في العالم العربية (أغلبها في دول الخليج أي 3.1 مليار دولار ثمّ مصر ب 500 مليون دولار) أمّا فيما يخص رقمها في الجزائر فقد ذكر أن التقديرات تذهب إلى أقلّ من 250 مليون دولار مشيرا إلى أنه ليست هناك إحصائيات دقيقة بسبب غياب منظومة وطنية للإحصاء وأردف أن التجارة الالكترونية تعني الطلب - الدفع - التوزيع - التخزين - الاتّصال مؤكّدا أن هذه العناصر تتطلّب شبكة نت قوية زائد هياكل تجارية متينة زائد جهاز بنكي فعّال. وبخصوص موقع (وادي كنيس) أكّد بشير مصيطفى أنه هو من نوع (B to C) أي موقع إشهار وتسويق إلكتروني وهو أقلّ من التجارة الالكترونية التي تشترط شبكات أوسع وتبادلات أكثر قيمة. التجارة الالكترونية تقطع (طريق الشكارة) أكّد يونس قرار الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتّصال أن التعامل عن طريق التجارة الالكترونية في الجزائر تساهم في التقليص ومعالجة السوق السوداء وإنعاش الاقتصاد الوطني في ظلّ تهاوي أسعار البترول في الآونة الأخيرة مشيرا إلى أن التجارة الرقمية مطلوبة لأنها تسهّل العملية التجارية بين المواطن المؤسّسة والإدارة. أوضح خبير تكنولوجيات الإعلام والاتّصال أمس في تصريح ل (أخبار اليوم) أن الحكومة والمؤسّسات الجزائرية لو تبدأ في التقليص من مداخيل السوق السوداء التي تمثّل 40 مليار دولار سنويا على الأقلّ بنسبة 10 إلى 20 بالمائة منها ستساهم في إنعاش الاقصاد الوطني وفي إدخال على الأقلّ 4 ملايير إلى البنوك على حدّ تعبيره. وأضاف يونس قرار في سياق حديثه أن التجارة الالكترونية في الجزائر موجودة لكن ليس بنسبة 100 بالمائة رغم أن الجزائر تملك كلّ المقوّمات من أجل اعتماد التعامل بالتجارة الالكترونية والرقمية علما بأن هذه التجارة تحتاج على سبيل المثال إلى وجود عقد بين المؤسّسة وبين المواقع وهذا ما أكّد المتحدث أنه موجود إلى جانب وجود مواقع لعرض الخدمات والمواطن الذي يكون له ربط بالأنترنت. بينما ما يشكّل عائقا لاعتماد التعامل بالتجارة الالكترونية والرقمية -على حد قول يونس قرار- هو الافتقار إلى التعامل بالدفع الالكتروني. وقال المتحدث في هذا الصدد إن الدفع الالكتروني غير موجود بصفة قارّة في الجزائر فهو موجود -حسبه- الآن بالتصويب ومن ثمّة يتمّ إرسال الوثيقة بالفاكس أو ب (الإيمايل) لاستكمال عملية البيع والشراء والتأكّد من دخول المبلغ إلى الرصيد. وفي هذا الإطار أكّد يونس قرار أن التعامل بالتجارة الالكترونية في الجزائر يساهم في توفير مناصب شغل للشباب مبيّنا أنه يوجد بعض المواقع من صنع شباب وبالمناسبة تطرّق المتحدث إلى موقع (وادي كنيس) الذي قال إنه لا يرقى إلى التجارة الالكترونية ويعتبر فقط موقع إشهار يساهم في لقاء الطرفين للتعامل بطريقة تقليدية. وعلى سبيل المثال ذكر خبير تكنولوجيات الإعلام والاتّصال أن الدول المجاورة تحصد من التعامل بالتجارة الالكترونية ما بين مليار و3 ملايير تساهم في إنعاش اقتصاداتهم.