أنهى رئيس الجمهورية السيد، عبد المجيد تبون، زيارة دولة إلى المملكة العربية السعودية بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك، سلمان بن عبد العزيز، وهي أول زيارة رسمية له إلى الخارج منذ وصوله إلى قصر المرادية. وتسجل زيارة الرئيس، عبد المجيد تبون، إلى المملكة العربية السعودية مؤشرا قويا على عودة الجزائر ودبلوماسيتها، إلى لعب دورها المحوري والطبيعي في محيطها العربي بعد فترة من الفتور عرفتها في السنوات الأخيرة. وعلاوة على ملفات التعاون الثنائي وسبل تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، فقد أخذت الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك حيزا هاما من الزيارة سيما الملف الليبي، والمصالحات العربية العربية، و الملف السوري واليمني، والتحضير للقمة العربية المزمع عقدها ببلادنا نهاية شهر مارس الداخل. وخلال المحادثات الثنائية التي جمعت رئيس الجمهورية بخادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد محمد بن سلمان، فقد كانت الملفات الإقليمية على رأس أجندة هذه المحادثات خاصة منها الملف الليبي الذي تلعب فيه الجزائر دورا مهما ومحوريا من أجل الوصول إلى حل سلمي لأزمة يجمع الفرقاء الليبيين حول طاولة حوار واحدة من أجل مستقبل أفضل لبلادهم. وواضح أن المقاربة الجزائرية لحل الأزمة الليبية قد أخذت مكانها على المستوى الدولي والإقليمي و لدى طرفي النزاع في ليبيا، مقاربة تقوم على الحل السياسي والسلمي واستبعاد أي تدخل خارجي عسكري مهما كان الأمر. و بالنظر للثقل الذي تتمتع به المملكة العربية السعودية، عربيا وإقليميا، فإن اختيار تبون لهذه الوجهة كان مبنيا على حسابات صائبة في هذه المرحلة و في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة العربية على أكثر من صعيد، حيث من شأن هذه الزيارة أن تعزز التفاهم حول عدد من الملفات الإقليمية مع دولة فاعلة ولها كلمتها على الساحة الإقليمية والعربية، ونفس الوصف ينطبق على الجزائر أيضا. كما تؤشر هذه الزيارة من الناحية السياسية أيضا على الأهمية الكبيرة التي توليها الجزائر لعلاقاتها العربية بحكم انتمائها الحضاري لهذه المنطقة، وأيضا بحكم تخلفها بعض الشيء عن بعض القضايا العربية في السنوات الأخيرة، وهو ما تريد أن تستدركه وتؤكد عليه مع بداية عهد الرئيس عبد المجيد تبون. أما من حيث العلاقات الثنائية الاقتصادية والتجارية بين البلدين، فإن الجزائر التي تربطها علاقات اقتصادية متينة وقوية بالعربية السعودية تعطي أهمية خاصة في المرحلة الجديدة لعلاقات سياسية ذات بعد اقتصادي، وهو ما أكد عليه مخطط عمل الحكومة، عندما شدد على ضرورة أن تلعب الدبلوماسية الاقتصادية و سفارات الجزائر في الخارج دورها في ميدان جلب الاستثمارات الأجنبية و الترويج للوجهة الجزائرية سواء في المجال الاقتصادي أو السياحي وغيره. والجزائر التي تحرص على تنقية مناخ الاستثمار بها و تسهيل قدوم المستثمرين الأجانب تحصي حاليا استثمارات سعودية بقيمة 3 ملايير دولار، وهذا الرقم مرشح للوصول إلى حدود 10 ملايير دولار في خلال العشر سنوات القادمة، وقد جرى الحديث خلال هذه الزيارة عن زيارة مرتقبة لمدير مؤسسة «مراعي» السعودية المختصة في إنتاج الحليب إلى الجزائر في الأسابيع القادمة. وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد وصل إلى المملكة العربية السعودية يوم الأربعاء الماضي في زيارة رسمية تدوم ثلاثة أيام، وقد استقبل بمقر إقامته في اليوم الأول ولي العهد محمد بن سلمان، حيث أجرى معه محادثات على انفراد، ثم مع الوفد المرافق له الذي ضم وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الأمير تركي بن محمد بن فهد، وزير الداخلية الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف، وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، وزير التجارة ماجد القصبي، وزير السياحة أحمد الخطيب ووزير الدولة لشؤون الدول الإفريقية أحمد قطاب. وفي اليوم الثاني من الزيارة حظي تبون باستقبال رسمي من طرف خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وأجريت له مراسم استقبال رسمية بالديوان الملكي، كما أقام العاهل السعودي مأدبة غذاء على شرف رئيس الجمهورية والوفد المرافق له. وبعدها أجرى تبون سلسلة من المحادثات على انفراد أولا مع الملك سلمان بن عبد العزيز، ثم توسعت إلى وفدي البلدين، وتناولت بحث سبل و وسائل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين والتنسيق والتشاور في القضايا ذات الاهتمام المشترك. وفي اليوم الثاني أدى رئيس الجمهورية زيارة إلى المدينةالمنورة، حيث قام بزيارة المسجد النبوي بالمدينةالمنورة، وقد أدى الرئيس تبون، بالحرم النبوي، الصلاة في الروضة الشريفة، كما قام بزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد أنهى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مساء أول أمس الخميس زيارته للمملكة العربية السعودية وغادرها عائدا إلى أرض الوطن، بعد زيارة التقى خلالها عددا من كبار المسؤولين السعوديين. و في تغريدة له على حسابه على «تويتر» أعرب رئيس الجمهورية عن شكره للكلمات «الطيبة» التي تضمنتها رسالة وجهتها له الجالية الجزائرية المقيمة بالمملكة العربية السعودية.