اعترف الحكم الدولي السابق جمال حيمودي، بأن نقص وعي المواطنين بخطورة فيروس كورونا، يعد من أكبر الإشكاليات التي تعترض التطبيق الصارم لتدابير الحجر الصحي في الجزائر، وأكد في هذا الصدد بأن الوضع في فرنسا أخطر مما هو عليه حاليا في الجزائر، والصرامة في تنفيذ الحجر لم تكن كافية للتخلص من الوباء، بسبب التأخر في لجوء السلطات الفرنسية، إلى هذا الإجراء الوقائي. حيمودي، أفضل سفير للصفارة الجزائرية في تاريخ نهائيات كأس العالم، بإدارته 4 لقاءات في سجل المونديال، من بينها المباراة الترتيبية في مونديال البرازيل 2014، أوضح في حوار مع النصر بأنه من أشد الملتزمين بالحجر مع أسرته بباريس، لكنه يتابع عن كثب الوضع السائد في الجزائر، كما استغل الفرصة لتحذير الحكام من هذه الفترة الاستثنائية، واعتبر الزيادة في الوزن بمثابة الشبح الذي يخشاه الحكم، سيما في حال عدم المداومة على التدريبات، وقد عرج أيضا على الوضعية السائدة في البطولة الوطنية، وأشاد بالجيل الجديد من حكام النخبة. uنستهل هذه الدردشة بالاستفسار عن أحوالكم بالمهجر، في ظل انتشار وباء كورونا في أغلب بلدان العالم؟ التعامل مع الوضعية الناتجة عن فيروس كورونا أدخل العالم بأسره في أزمة، بسبب عدم توصل أهل الاختصاص إلى الدواء، الذي يكفي للشفاء من هذا الوباء، كما أن سرعة انتشاره بين الأشخاص تبقى مصدر الخطورة، وعليه فإن الحجر الصحي المنزلي، كان الطريقة الوحيدة التي تم إتباعها في جميع الدول للحد من انتشار الفيروس، وضمان حماية الفرد لأسرته، ولو أن التدابير المتخذة تبقى أشد صرامة في فرنسا، بالمقارنة مع ما هو عليه الوضع في الجزائر، لأنني أشاهد عبر القنوات التلفزيونية وكذا وسائل التواصل الاجتماعي، صورا للاكتظاظ في الأسواق وطوابير «السميد» في جميع ولايات الوطن، وهذا أمر خطير جدا، رغم أن مختلف الهيئات ما فتئت تنظم حملات توعوية وتحسيسية، لكن نقص استجابة المواطنين تبقى النقطة السوداء في المخطط الوقائي، الذي اعتمدته السلطات العليا للبلاد، سيما وأنها كانت قد استبقت الأحداث، وسارعت إلى اتخاذ جملة من التدابير الوقائية بمجرد ظهور الوباء، خاصة منها الحجر المنزلي، وغلق الأماكن والمرافق والهياكل التي تشهد تجمع المواطنين يوميا، وهو أمر تأخرت معظم البلدان الأوروبية في اللجوء إليه، مما كلفها حصيلة ثقيلة، مع تواصل الأزمة لفترة أطول. uالكثير من البلدان اشتكت من عدم تجاوب المواطن مع التدابير الوقائية، وحتى في فرنسا ربما بعض السّلوكات، دفعت إلى تصريحات غير مسبوقة بضرورة الالتزام بالحجر الصحي؟ أكيد، فإن نقص الوعي لدى المواطنين ظاهرة ليست حكرا على الجزائريين فحسب، وهنا أستذكر حادثة وقعت قبل أسبوعين لأحد أصدقائي هنا بفرنسا، والبالغ من العمر 44 سنة، والذي من كثرة الضغوطات النفسية، التي يعيشها منذ ظهور هذا الوباء أحس في لحظة بأنه أصيب بزكام، فاشتبه في ظهور أعراض «كوفيد 19»، الأمر الذي جعله يسارع إلى تناول جرعات من دواء «الكلوروكين» بمفرده في المنزل، دون استشارة الطبيب أو التنقل إلى المستشفى للخضوع للتحاليل والتأكد من حالته، فكانت عواقب هذا التصرف دخوله في غيبوبة لمدة 14 يوما، وهو مازال في مصلحة الإنعاش دون استعادة وعيه. uوكيف تتابع الوضع الصحي السائد في الجزائر ؟ رغم أنني متواجد بباريس مع أسرتي الصغيرة، لكن أهلي وعائلتي مازالوا يقيمون في غليزان، لذا فإنني أتواصل يوميا معهم لطمأنتهم على حالتنا، وبالمرة الاستفسار عن أحوالهم، هذا دون نسيان الكثير من أصدقائي، والذين أتجاذب معهم أطراف الحديث عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولو أن الوضع الراهن يجبرنا على متابعة تطورات الأزمة الوبائية في الجزائر وكذا في جميع بلدان العالم، والحصيلة المسجلة في الجزائر تبعث على الارتياح، مقارنة مع ما هو مسجل في الدول الأوروبية، لكن استجابة المواطنين لتدابير الحجر المنزلي، تبقى ضرورية لتمكين السلطات العليا من استكمال البرنامج الوقائي المسطر. شخصيا منذ الشروع في تطبيق الحجر، لم أغادر المنزل إلا في حالات نادرة جدا، من أجل اقتناء بعض المواد الغذائية أو متطلبات الأسرة، في حين يبقى أولادي منشغلون بمتابعة الدراسة عن بعد، بالتواصل المنتظم مع معلميهم عن طريق «الإيميل»، لأن إتباع التوجيهات المقدمة من طرف المختصين في الطب ضرورية، كونهم أدرى بالوضعية وتطورات فيروس كورونا، رغم أن التعود على المكوث في البيت طيلة يوم كامل أمر صعب في بدايته، إلا أنه يبقى حتميا لضمان الوقاية من هذا الوباء، والحجر كان فرصة مواتية للإطلاع على التعديلات الجديدة، التي أدخلتها جمعية «بووارد» الدولية على قوانين اللعب مؤخرا. uهذا الوباء أدى إلى توقيف المنافسات على جميع الأصعدة، مما جعل الحكام يركنون إلى راحة إجبارية، فما هي نظرتك لوضعية الحكام في هذا الظرف الاستثنائي؟ الحكام ما هم سوى مجرد حلقة من المنظومة الكروية، وهم معنيون بتدابير الحجر الصحي، ودورهم كبير في مثل هذه الظروف، خاصة الحاملين للشارتين الفيدرالية والدولية، وذلك من خلال المساهمة في الحملات الوعوية والتحسيسية، كل في محيط إقامته، لكن هناك عامل آخر جد مهم بالنسبة لهم، ويتعلق بالمواظبة على التدريبات على انفراد، لأن هذه المرحلة جد حساسة في مسار أي حكم، واحترام البرنامج التدريبي ضرورة حتمية، للتمكن من المحافظة على اللياقة البدنية، وبالمرة تجنب الزيادة في الوزن، رغم أن أغلب حكام النخبة يتدربون تحت متابعة محضرين بدنيين تابعين للفاف، وإشكالية الوزن تبقى أكبر هاجس عند الابتعاد عن أجواء المنافسة، سيما إذا كان هناك اضطراب في ريتم التدريبات، وهي وضعية يعيشها الحكام في فترة الراحة الصيفية، وعليه فإن التدرب ولو في المنزل قد يكفي للمحافظة على اللياقة البدنية، مع الحرص على احترام النظام الغذائي، وهذا الجانب كان سببا في انسحاب بعض الحكام من السلك، جراء عدم القدرة على مسايرة نمط التدريبات واحترام الوجبات الصحية. uوكيف تنظر إلى سلك التحكيم في الجزائر، خاصة بعد التغيير الذي حصل على مستوى لجنة التعيينات قبل بداية الموسم الجاري؟ الحقيقة أننا أصبح نسجل تواجد مجموعة من الحكام الشبان في الرابطة المحترفة الأولى، وهذا أمر جد إيجابي، ويشجع على العمل المستقبلي، لكن تشبيب سلك التحكيم، يمر عبر رسم خارطة طريق واضحة المعالم، مع إظهار الإرادة التي تكفي لتجسيد السياسة المنتهجة، فضلا عن تسطير أهداف على المدى الطويل، والتكثيف من العمل الميداني للوصول إليها، لأن هناك اتحادات تسعى لإتاحة الفرصة للحكام الشبان من أجل الحصول على الشارة الدولية دون سن ال 26، بغية تمكينه من تأدية مشوار دولي لا يقل عن 15 مواسم، وما نشهده حاليا في البطولة الجزائرية أبقى معيار السن على الهامش، رغم أن التعيينات هذا الموسم مكنت الشاب قموح من البروز بشكل لافت للانتباه، وقد كسب الكثير من الثقة في النفس والإمكانيات، وبرهن على ذلك ميدانيا، كما نجح أيضا الشاب إبرير في التألق، رغم أنه يبقى مطالبا بالعمل أكثر في التدريبات لبلوغ درجة أفضل من حيث المرونة، إضافة إلى بصيري وكذا الشبان بن يحي، آيت عامر، اللذان يستحق التشجيع، والقائمة تبقى مفتوحة. uألم تتلق عرضا من الفاف للتواجد في لجنة التحكيم؟ وبرأيك ما هو مخرج الصفارة الجزائرية من دائرة الاتهامات؟ بكل صراحة، لم أتلق أي اتصال من مسؤولي الفاف للتواجد في اللجنة الفيدرالية للتحكيم، وهذا منذ أن علّقت الصفارة بخروجي من أوسع الأبواب في مونديال البرازيل، وقد كشفت في الكثير من المناسبات عن استعدادي لتقديم المساعدة للحكام الشبان، خاصة في مجال التكوين، لكنني أبقى على الهامش، وحاليا أنا اشغل منصب مكون للحكام في إحدى الرابطات الفرنسية. أما بخصوص التحكيم في الجزائر، فإن تغيير اللجان لم يترك أي بصمة، لأن أخطاء الحكام تتواصل، لكنها يجب أن تنقص، وذلك بالحرص على حفظ الدروس من تجارب الماضي، كما أن الأهداف المسطرة يجب أن تكون بنظرة استشرافية، والوضع الحالي يبقي التفكير منصبا على الصعيد المحلي، بدليل أن التحكيم في الجزائر مازال لم يواكب بعد التطور التكنولوجي الحاصل على الصعيد العالمي، حيث أن تقنية «الفار» أصبحت ضرورية، فضلا عن تقنية خط المرمى، لكن هذه الأمور لم تطبق بعد في البطولة الوطنية، مما يجعل الحكام الدوليين الجزائريين غير جاهزين للتعامل مع هذه التقنيات عندما تتاح لهم الفرصة دوليا، رغم أننا نتوفر على خزان من المواهب الواعدة، في صورة غربال، بن براهم وبوكواسة، لكن عدم استفادتهم مسبقا من التقنيات المقترنة بالتطور التكنولوجي للتحكيم، يبقى نقطة سلبية في مشوارهم الدولي، وهذا العامل يبقى بالنسبة لي نقطة الانطلاق لمشروع إخراج الصفارة الجزائرية من دائرة الاتهامات محليا، لأن ذلك كفيل بتغيير دهنيات المسيرين، اللاعبين والأنصار، مع وضع الحكام في ظروف أنسب لإدارة المباريات، والخروج منها بأقل أخطاء ممكنة، وهذا هو مفتاح النجاح.