تكررت التجربة العمرانية السيئة لمدينة ماسينيسا بالقطب العمراني الجديد عين نحاس ببلدية الخروببقسنطينة، حيث بسط الإسمنت سيطرته على أرجاء المكان، في حين غفلت السلطات عن إنجاز مختلف المرافق الخدماتية أو الترفيهية، وهو ما أثار خيبة المرحلين إلى الموقع منذ أزيد من عام، إذ غادره العديد مضطرا بسبب انعدام أدنى متطلبات الحياة من نقل وخدمات تجارية، في حين أصبح الهاجس الأمني يؤرق السكان. وزارت النصر القطب العمراني المندمج عين نحاس، الواقع على بعد 15 كيلومترا من عاصمة الولاية، حيث انطلقت أولى عمليات الترحيل إليه في العام الماضي بعد أن وزعت أزيد من 2200 سكن اجتماعي بالموقع الحضري الجديد، إذ يعد بمثابة مدينة جديدة ثالثة تتربع على مساحة تقارب 200 هكتار، كما ينتظر أن تجسد مشاريع لبرنامج الترقوي المدعم، فضلا عن العديد من المرافق التربوية والرياضية والخدماتية. ولا يستغرق التنقل من عين نحاس نحو بلدية الخروب سوى 10 دقائق، لكن المشكلة بحسب السكان هي الانعدام التام لوسائل النقل سواء العمومية منها أو الخاصة وهو ما جعلهم يعانون من «عزلة خانقة»، حيث وجدوا ضالتهم في سيارات «الفرود» القليلة التي تنقلهم إلى حافة الطريق السريع بوادي حميميم ومن ثم يستقلون الحافلات سواء إلى قسنطينة أو إلى الخروب. وذكر مواطنون تحدثت إليهم النصر، أن النقل بعين النحاس يعد من المشاكل العويصة التي يعاني منها سكان القطب العمراني الجديد، حيث أن الخروج من تلك المنطقة النائية، يتطلب جهدا مضنيا و وقوفا طويلا في مواقف عشوائية على حافة الطريق السريع، كما يسير الكثيرون مسافة تزيد عن الكيلومترين للوصول إلى أقرب نقطة توقف لوسائل النقل، وهو ما لاحظناه بعين المكان. وتساءل سكان القطب، عن مشروع إنجاز خط توسعة الترامواي باتجاه ماسينيسا وعين نحاس، حيث قالوا إن مرحلة الدراسة قد أنجزت وكان من المفترض أن ينطلق من وسط عاصمة الولاية إلى غاية مطار محمد بوضياف ومن ثم إلى عين النحاس وصولا إلى ماسينيسا، قبل أن يؤكدوا على ضرورة تسخير حافلات نقل عمومي وأخرى تابعة للخواص من أجل فك ما وصفوه بالحصار عن أزيد من 6 آلاف نسمة تقطن بالموقع. وبدا الحي خلال تجولنا به غير متناسق عمرانيا، فهو يتكون من منازل ريفية قديمة يقطن بها سكانها منذ عشرات السنين، في حين تقابلها عمارات جديدة أنجزت فوق مرتفع صخري صعب لكنها متلاصقة ببعضها البعض، في حين كانت جل المحلات مغلقة وبعضها خربت أبوابها، كما لاحظنا انعداما تاما للمساحات الخضراء والملاعب فأين تولي وجهك تقابلك واجهات الإسمنت والهوائيات المقعرة وأكوام القمامة وبقايا الورشات. وذكر سكان، أن الموقع «غير صالح للعيش»، حيث أنهم تفاجؤوا بانعدام تام للمرافق لاسيما التجارية منها، إذ منحت السلطات بعض محلات «أوبيجيي» لبعض الحرفيين لكنها لم تستغل في أي نشاط. وأكد محدثونا، أنه وأمام الوضع عمد أصحاب محلات متواجدة بالبنايات الفردية إلى رفع أسعار مختلف السلع، في حين يلجأ الكثيرون إلى التنقل لأزيد من 3 كيلومترات لاقتناء حاجياتهم من وادي حميميم أو الخروب، كما تحدثوا عن أزمة في اقتناء مادة الحليب، إذ يضطرون إلى التوجه إلى حي الكيلومتر الرابع. شجارات يومية والهاجس الأمني يؤرق السكان وبدأت إرهاصات الاختلال الاجتماعي تظهر للعيان، بحسب ما أكده السكان، إذ طالما سجلت شجارات تستعمل فيها مختلف أنواع الأسلحة البيضاء، حيث انتقلت مشاكل الصراع على الزعامة من الأحياء القديمة إلى القطب الجديد نتيجة غياب التناسق الاجتماعي وعدم توفر مرافق الراحة والتنفيس، فكانت النتيجة بحسبهم هاجسا أمنيا أكدوا على ضرورة القضاء عليه «الآن» قبل أن يتفاقم الوضع ويتحول، مثلما قالوا، إلى مشكلة يومية.وأكد محدثونا، أنهم وجهوا شكوى إلى مصالح الدرك الوطني من أجل إقامة مركز ثابت بالحي، إذ تلقوا وعودا بإيجاد حل للمشكلة، كما تحدثوا عن انتشار لنشاط مروجي المهلوسات ومربي الكلاب المفترسة والتي تستعمل عادة في الاعتداءات وترويع المواطنين. وتشكل النظافة مشكلا آخر لدى المرحلين الجدد، حيث قالوا إن بعض السلوكيات المشينة قد أثرت على الوضع، إذ أن عدم اتفاق السكان على مواقع الرمي تسبب في انتشار للقمامة والردوم وهو ما أذهب جهود عمال النظافة أدراج الرياح. ويطالب السكان، بضرورة تسريع وتيرة إنجاز المؤسسات التربوية بالحي، حيث قالوا إن الأشغال بالابتدائية قد قاربت على الانتهاء ومن الممكن أن تفتح أبوابها في الموسم المقبل، لكن مشروعي الثانوية والمتوسطة يعرفان تأخرا كبيرا إذ من المفروض أن تسلما العام الماضي لكن ذلك لم يتم كما «أن الوتيرة الحالية تدل على استحالة فتحهما الموسم المقبل». ويتنقل تلاميذ طوري المتوسط والثانوي إلى مدينة قسنطينة يوميا، إذ يضطرون إلى النهوض في الخامسة صباحا يوميا والعودة في ساعة متأخرة، وهو ما أثر بحسبهم على مردوديتهم العلمية، كما أدى بالكثير من الأولياء إلى غلق منازلهم والعودة إلى أحيائهم القديمة لضمان تمدرس مريح لأبنائهم. وطالب السكان، بضرورة الإسراع في استكمال المؤسسات التربوية وإنجاز مرافق ترفيهية على غرار الملاعب والمساحات الخضراء، فضلا عن تخصيص أحد المحلات الشاغرة كقاعة علاج أو مستوصف صغير، حيث اعتبروا أن القطب العمراني عين نحاس يشبه مناطق الظل، التي تتحدث عنها وسائل الإعلام يوميا. وأصبحت مشكلة ضعف تدفق المياه الصالحة للشرب، فضلا عن انقطاعها المتكرر تؤرق قاطني الحي، حيث قالوا إنه سجل خلال الفترة الأخيرة تذبذب كبير في التوزيع خلافا لما كان عليه الأمر في السابق، كما أكدوا على ضرورة إنجاز ملحق بلدي ومركز بريد على الأقل. وقد نقل ممثلون عن السكان انشغالاتهم إلى الأمين العام للولاية الذي زار الحي أمس الأول، حيث قدم التزامات بإيجاد حلول بالتنسيق مع البلدية، لكل الانشغالات التي ستحل تدريجيا، لاسيما الخاصة بالنقل. لقمان/ق