في كوخ قديم سقفه من صفائح الترنيت و جدرانه الباردة يتآكلها سواد الرطوبة الخانقة، تقطن عائلة برايجي في ظروف مأساوية زاد الجهل و الفقر و المرض الذي يتربص بأفرادها الأربعة من بؤسها و معاناتها. النصر تنقلت أول أمس إلى مسكنهم الكائن «بقرية برمضان» التابعة لبلدية بن باديس ، للتعرف عن قرب على وضعيتهم الصعبة، بعد أن تلقينا اتصالا من إحدى المحسنات التي تساعدهم ماديا من حين إلى آخر على أمل نقل معاناتهم إلى السلطات المحلية وذوي البر والإحسان من أجل مساعدتهم . و في عز أيام فصل الشتاء القاسية التي ألقت ببردها القارس على جدران هذا الكوخ القصديري في أعالي «قرية برمضان»، استقبلتنا ربة الأسرة داخل غرفة ضيقة تنبعث منها رائحة الرطوبة ، التي تزيد من تفاقم الحالية الصحية لأفرادها الذين يعاني كل واحد منهم من أمراض متنوعة و خطيرة. الإبن بلقاسم – 15 سنة- وأخته مارية – 19 سنة- يحملان بطاقة معاق ذهنيا بنسبة 100بالمئة، وقد أكدت لنا والدتهما أن المرض وصل إلى حد الجنون لدى ابنتها التي تقوم بتحطيم كل ما يقع في يدها ، بالإضافة إلى نوباتها الحادة التي تدفعها إلى ضرب و جرح كل من يصادفها و يستحيل تهدئتها أو إبقائها داخل الكوخ الذي تسند مدخله صفيحة حديدية صدئة للحيلولة دون فرار الدجاجات التي تربيها في فناء البيت و تعتبر بيضاتها القليلة مصدر رزقها. وقد وصف لها طبيب في بلدية الخروب دواء مهدئا بعد أن زادت حالتها تعقيدا في المدة الأخيرة، يبقيها نائمة طيلة النهار والليل، حتى لا تؤذي نفسها . و رغم هذه الحالة المزرية التي تعاني منها مارية و أهلها، إلا أن مديرية الضمان الاجتماعي بقسنطينة كما أخبرتنا الأم رفضت صرف منحة المعاق لها، و ألقت بأربع ملفات تثبت تدهور حالتها العقلية و الصحية، جمعها الوالد بصعوبة كبيرة ، و آخر حجة قدمتها له كما قال لنا الأب، هي أن مديرية الضمان الاجتماعي لا تملك المال الكافي لتمنح منحة معاق لشخصين من نفس العائلة. و بلقاسم حصل مؤخرا على منحة المعاق المقدرة ب3000 دج، و الأطباء الذين عاينوه هو و شقيقته في المركز الإستشفائي بالخروب أكدوا لوالديهما أن تطور حالته يدل على أنه سيصبح مثل أخته. و الإبن البكر ( حمزة) توفي سنة 2003 عن عمر يناهز25 سنة بسبب حمى شديدة أرجعها الأطباء إلى إصابته بتسمم غذائي كما أخبرنا والده، خاصة أن ه كان يأكل كل شيء يجده مرمي في الطريق و لا يميز بين الصالح و الفاسد فيه ، إذ كان هو الآخر متخلف عقليا ولكن بدرجة أقل حدة . ووالدتهما فتيحة البالغة من العمر 51 سنة و التي كانت منذ وقت قريب بالمستشفى الجامعي بقسنطينة بسبب إصابتها بورم ليفي في بطنها، تتطلب عملية استئصاله مبلغا ماليا لا يقل عن 120000 دج، قررت عدم إجرائها بسبب فقرها الشديد وعجزها هي و زوجها عن توفير مبلغ كهذا للعلاج ، في حين أن أبسط متطلبات الحياة اليومية تبقى مستعصية عليهم. فيما يستعين رب هذه الأسرة البالغ من العمر 60 سنة ببعض الأعمال الموسمية أثناء الحرث والحصاد للحصول على بعض المدخول ،إلا أن كبر سنه ومرضه الصدري الذي يصيبه بسعال حاد يستفحل أكثر بسبب البرد و الرطوبة بالإضافة إلى آلام ظهره تمنعه من أداء أي عمل لفترة طويلة ، تبقى فيها بيضات معدودات يبيعونها من حين إلى آخر مصدرهم الوحيد . و تناشد هذه العائلة السلطات المحلية والجهات المختصة من أجل التكفل بأولادها المعاقين و مساعدتها في محنتها ، وتوجيه ندائها إلى ذوي البر والإحسان لتقديم يد العون لها ، وظروفها المادية الصعبة ، لا تسمح لها حتى بشراء قارورة غاز للتدفئة و طهي ما تيسر لهم من طعام.