فتح القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات الجديد الباب واسعا من أجل التداول على مقاعد المجلس الشعبي الوطني عندما حدد حق العضوية في المجلس بعهدتين فقط سواء أكانتا متتاليتين أو منفصلتين، وهو ما يعني بروز وجوه جديدة في مبنى زيغود يوسف بعد انتخابات 12 جوان المرتقبة ورحيل الوجوه القديمة. تنص المادة 200 من القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات الجديد الذي أفرج عنه قبل أيام والتي تحدد الشروط والصفات التي يجب أن تتوفر في كل من يرغب في الترشح للانتخابات التشريعية في بندها الأخير على أن المترشح للمجلس الشعبي الوطني يجب "ألا يكون قد مارس عهدتين برلمانيتين متتاليتين أو منفصلتين". وقد يختلف موقف الفاعلين السياسيين من هذا الشرط، كون الترشح حر مادام أن المواطن هو من يختار من يمثله في هذه الهيئة التشريعية، إلا أن هذا القرار قد خلق ارتياحا لدى المواطنين والمنتمين للأحزاب السياسية على السواء، والسبب واضح وبسيط ويعود إلى وجود فئة احتكرت مقاعد البرلمان لعهدات عديدة منذ عقود ولم ترد فسح المجال لآخرين من أجل التداول على مقاعد البرلمان. و أكثر من ذلك فإن هذه الفئة من النواب التي عمرت في البرلمان خاصة في الغرفة السفلى لم تحصل على هذه الصفة نتيجة اختيار حر من قبل الناخبين وبإرادة الشعب، بل احتكرت مقاعد دائمة في مبنى زيغود يوسف بالمال الفاسد( الشكارة) والتزوير وشراء الذمم، على مستوى قيادات الأحزاب التي تنتمي إليها أو على مستويات أخرى. و تعليقا على المادة سالفة الذكر يرى رئيس جبهة الجزائر الجديدة، جمال بن عبد السلام، بأن هذه المادة وضعت في الحقيقة من أجل تطهير المجلس من الديناصورات التي احتكرت مقاعده بطرق مزورة وملتوية، وهو ما سيعطي الفرصة لظهور وجوه جديدة في البرلمان وتجاوز المرحلة السابقة. وعما إذا كان ذلك قانوني من حيث أن القوانين لا تطبق بأثر رجعي من جهة، ومن حيث أن العهدات النيابية في العالم غير محددة لأن الناخبين هو من يمنحونها لمن يريدون من جهة أخرى، رد جمال بن عبد السلام في تصريح للنصر أمس بأن هناك جدلا واسعا ونقاشا قانونيا كبيرا حول ما يسمى بالأثر الرجعي للقوانين، أما بشأن خضوع ممثلي الشعب لإرادة الناخبين فذلك صحيح، لكنه لا ينطبق على هؤلاء الذين احتكروا مقاعد المجلس لعهدات كثيرة لكن ليس بإرادة الشعب بل بالشكارة والتزوير- على حد قوله. ويضم المجلس الشعبي الوطني المحل قبل أيام بين صفوفه نوابا قضوا خمس عهدات ومنهم من قضى أربع عهدات متتالية، أما أصحاب الثلاث عهدات والعهدتين فحدث ولا حرج، وقبل هذا وفي الفترة التشريعية السابقة كان هناك نواب عمروا في المجلس طويلا منهم من دخله لأول مرة في عهد الحزب الواحد، وظلوا محتكرين لمقاعد ولاياتهم لسنوات طويلة دون أن يمنحوا الفرصة لبقية المواطنين المترشحين والمناضلين للتداول. وفي العهدات الأخيرة أصبح واضحا أن المال يفعل فعلته ويلعب دورا كبيرا في ضمان الوصول إلى مقاعد البرلمان، والأمثلة كثيرة على نواب اشتروا مقاعدهم بالملايير وأضحوا يقومون بهذا الفعل دون حياء، وقد كشفت التحقيقات وبعض المحاكمات التي جرت في الأشهر الأخيرة نماذج عن مثل هذه العمليات التي لعب فيها المال الوسخ دورا في شراء مقاعد البرلمان. ومن أجل القضاء على تدخل المال وخاصة الفاسد منه في العملية الانتخابية وفق ما عبر عنه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في أكثر من مناسبة، فقد عمدت اللجنة المكلفة بإعداد وصياغة قانون الانتخابات الجديد إلى وضع هذا البند في المادة 200 التي تحدد ممارسة العمل البرلماني بعهدتين فقط. ومن شأن هذا الشرط أن يعطي الفرصة لوجوه جديدة في المجلس الشعبي الوطني الذي سينبثق عن انتخابات 12 جوان القادم ويعيد أصحاب المقاعد الدائمة إلى بيوتهم بعدما عمروا طويلا في المؤسسة التشريعية. إلياس -ب سياسيون وأكاديميون يناقشون مضمون قانون الانتخابات الجديد: إعادة الكلمة للشعب و نهاية آمال دعاة المرحلة الانتقالية أجمع سياسيون وأكاديميون، على أهمية المواد التي جاء بها قانون الانتخابات الجديد، والذي سيسمح بمنح الكلمة للشعب في اختيار ممثليه في المجلس الشعبي الوطني وقطع الطريق نهائيا أمام دعاة المرحلة الانتقالية، إضافة إلى القطيعة مع المال السياسي من خلال تقنين عمليات التمويل الانتخابي وجعلها تحت المراقبة، كما ثمن مختصون إدراج مبدأ القائمة المفتوحة وترقية التمثيل النسوي وحضور الشباب ضمن القوائم الانتخابية. وقال الخبير الدستوري عامر رخيلة، خلال منتدى يومية «الحوار» أمس الأحد، إن الدولة باعتماد قانون الانتخابات الجديدة تكون قد ودعت نهائيا المرحلة الانتقالية، وتكرس بذلك العودة إلى الإرادة الشعبية التي ستقرر. مضيفا أن دعاة المرحلة الانتقالية يحملون مشروعا «ليس في صالح المجتمع»، وشدد على ضرورة تقنين توظيف المال والإعلام في الساحة السياسية وخلال العملية الانتخابية، وقال إن دور الدولة هو منع توظيفهما خارج من هو مسموح به. وأضاف رخيلة أنه لابد من قانون مستقل للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات ولا بد من وجود قانون عضوي للسلطة الوطنية للانتخابات. كما تحدث عن تضارب في قراءة مضمون المادة 200 التي تتعلق بحالات المنع من الترشح، وقال إن المادة من الناحية السياسية يمكن قراءتها بأثر رجعي كما يمكن قراءتها بالعكس من الناحية القانونية. كما شدد الخبير الدستوري على ضرورة وضع حد للتجوال السياسي، والحسم في مسألة تمويل القوائم الحرة لجعلها بعيدة عن تأثيرات السلطة. من جانبه، قال فاتح بوطبيق ممثل جبهة المستقبل إن المؤسسات القائمة مدعوة لتكريس الديمقراطية ودعم خيار الشعب. وأوضح بوطبيق أن قانون الانتخابات محطة جديدة لإعطاء قيمة للعملية الانتخابية وبناء سلطة تشريعية قوية. وتوقع بوطبيق تعديلا لقانون الانتخابات بعد الاقتراع، لمعالجة بعض الاختلالات التي آثارها المجلس الدستوري وتصويب بعض الهفوات كما طالبت بذلك عديد الأحزاب السياسية، مؤكدا بأن العملية الانتخابية تحتاج إلى إصلاحات مستمرة. وأكد بوطبيق، أن التشريعيات المقبلة ستكون فرصة للأحزاب لإثبات حضورها على الساحة الوطنية واكتشاف وزنها الفعلي، بعد أن كانت في السابق مجرد أوعية مساندة أو أوعية فارغة. وقال بوطبيق أن نظام القائمة المفتوحة يعطي للشعب سلطة الاختيار وأن كل الأحزاب والقوائم أصبحت على قدم المساواة. بدوره اعتبر، أستاذ القانون موسى بودهان، أن انتهاج نمط القائمة المفتوحة إيجابي جدا حيث يمنح للناخب حقه في اختيار الأنسب، وأضاف بودهان أن تشجيع الجامعيين والشباب سيبرز كفاءات جديدة بدلا من اختيار الأحزاب الذي قد يستبعدهم. وقال بودهان إن المناصفة عين "الصواب الدستوري" رغم صعوبة تجسيده في بعض المناطق. وأضاف أنه كان من الأفضل مراعاة عدد الدوائر الانتخابية في تحديد عدد أعضاء اللجنة المستقلة للانتخابات. واعتبر بودهان أن تمويل حملات الشباب لا يتعارض مع ما جاء به الدستور، وأضاف من الطبيعي جدا تشديد الرقابة على تمويل الحملات الانتخابية. من جانبه أبدى الخبير القانوني محمد ناصر بوغزالة بعض الملاحظات حول قانون الانتخابات، منها ما يتعلق بالأسانيد القانونية التي تم إغفالها في المشروع تم ثبتها المجلس الدستوري. حيث تم الاستناد إلى 4 مواد تم أضاف المجلس الدستوري 7 مواد أخرى، كما تطرق إلى الجوانب الإيجابية في القانون، وقال بهذا الخصوص «الباحث ينبغي أن يكون منصفا، القانون قد ركز كثيرا على الشباب و المناصفة». وقال في السياق ذاته،إن الدولة تهتم بالشباب وهذا ما اعتبره عاملا جد إيجابي لترقية مشاركة الشباب في الحقل السياسي، وأضاف قائلا : «الجزائر مع كل أسف مرت بمرحلة سابقة في توظيف المال الفاسد في الحقل السياسي ما أثر كثيرا على مصداقية المجالس المنتخبة»، مشيرا إلى وجود تقييد في قضية المنح والهبات وهذا يصب في قناة واحدة وهو أن المال مهما كان يجب أن يتقيد. وتابع كل مبلغ يتجاوز 1000 دينار لا بد أن يكون مقيد بشيك و هذا ما يجعل المشرع يتحكم في المال. كما فتح قانون الانتخابات إمكانية الطعن أمام المحكمة الدستورية. ع سمير خبراء يعتبرون الانتخابات التشريعية المقبلة فرصة للتغيير ويصرحون: قانون الانتخابات فتح المجال السياسي أمام الشباب والنساء أكد خبراء ومختصون ، أمس، أن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات يفتح المجال أمام الشباب والنساء والمجتمع المدني لاقتحام الحياة السياسية ويشجعهم على المشاركة في التشريعيات المقبلة وفي بناء المؤسسات المنتخبة، وأبرزوا في هذا الإطار، ضرورة مشاركة الشباب في الموعد الانتخابي المقبل و تسهيل ولوج وانخراط الشباب في الفعل السياسي والترشح واعتبروا الانتخابات التشريعية المقبلة فرصة للتغيير وبناء المؤسسات. وأوضح أستاذ القانون الدولي العام والقانون الدستوري بكلية الحقوق بجامعة الجزائر 1 البروفيسور العايب علاوة، في تصريح للنصر، أمس، أن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات أتى بأشياء جديدة ، أهمها فتح المجال للشباب لاقتحام الحياة السياسية وقال إنه ما على الشباب إلا انتهاز هذه الفرصة . وأضاف: " إن القانون العضوي للانتخابات، أكد أشياء جديدة لم تكن موجودة من قبل، في إطار مكافحة المال الفاسد ومحاصرة هذا المال، من حيث اتباع نظام جديد وهو الاقتراع النسبي على القائمة المفتوحة عوض القائمة المغلقة التي جلبت المال الفاسد وغير الفاسد من قبل ، مشيرا إلى أنه من المقومات التي يقوم عليها دستور 2020 ، أخلقة العمل السياسي و أخلقة الحياة العامة، و يتحقق فصل المال الفاسد وغير الفاسد عن الممارسة السياسية -كما أضاف-من خلال استحداث السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات للجنة تسهر على النظر في كيفية تمويل العمليات الانتخابية على اختلافها. ومن الأشياء الجديدة في القانون، هناك أحكام ختامية انتقالية مرتبطة بالانتخابات التشريعية المقبلة ، حيث سيذهب الجميع، سواء الأحزاب السياسية أو الأحرار إلى جمع التوقيعات حتى يكون هناك مساواة في المنطلق من طرف الجميع ومن جهة أخرى ، أشار أستاذ القانون الدولي العام والقانون الدستوري بكلية الحقوق بجامعة الجزائر 1 ، إلى المناصفة بين الرجال والنساء في الترشيح في القوائم الانتخابية وبالتالي إلغاء لنظام المحاصصة الذي جاء به قانون 2012 المتعلق بترقية المرأة في المجالس المنتخبة المحلية والوطنية، وأيضا الثلث بالنسبة للشباب الجامعي ونصف المترشحين يكون من الشباب أقل من 40 سنة وهذا شيء جديد ومن شأنه أن يشجع الشباب على اقتحام الحياة السياسية. وأوضح البروفيسور العايب علاوة ، أن نشطاء المجتمع المدني، لا يدخلون للانتخابات التشريعية باسم المجتمع المدني وإنما باسم قوائم حرة، حيث يكون للقائمة الحرة اسم ويكون لها برنامج، حتى يتم اعتمادها من طرف السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات وأضاف أن القانون العضوي فتح الفرصة للشباب لاقتحام الحياة السياسية، عن طريق الأحزاب السياسية وإما عن طريق قوائم حرة . ومن جهة أخرى، أكد أن التزاوج بين الممارسة والخبرة السياسية والمستوى العلمي الأكاديمي شيء مهم و مفيد للمجلس الشعبي الوطني المقبل وحتى بالنسبة للانتخابات المحلية المقبلة. ومن جانبه، أكد رئيس المنتدى المدني للتغيير عبد الرحمان عرعار، أمس، في تصريح للنصر ، أن قانون الانتخابات يشجع الفعاليات والشباب والنساء على المشاركة في المسار الانتخابي المقبل وفي بناء المؤسسات المنتخبة خاصة البرلمان والجماعات المحلية ، الولائية والبلدية وهذه نقطة مهمة تحسب للقانون ويبقى الآن -كما قال- كيفية تنفيذه في الواقع مع العقليات والممارسات وحتى نتفادى التصادمات، لابد أن تكون حكمة وعقلانية وبيداغوجية في تنفيذه في الواقع وأن نتخلص من ممارسات خاصة على مستوى الإدارة. وأضاف أنه ستكون تجربة جديدة بالنسبة للمشهد السياسي في الجزائر، من خلال القوائم الحرة حيث سيتجه كل الناس نحوها . وأبرز أهمية مشاركة الشباب في الانتخابات التشريعية المقبلة وعليه أن يتحمل المسؤولية وينخرط مع ضرورة تسهيل هذا الولوج والانخراط للشباب في الفعل السياسي والترشح -كما قال- واعتبر رئيس المنتدى المدني للتغيير عبد الرحمان عرعار أن التشريعيات المقبلة فرصة للتغيير وبناء المؤسسات.