دعا أخصائيون لتعزيز مناخ نشر التأمين التكافلي بالجزائر قانونيا ومصرفيا واقتصاديا لما له من دور هام في المنظومة التنموية الجزائرية؛ لاسيما وأن حجم أقساط هذا النوع من التأمين على مستوى العالم بلغ 23.7 مليار دولار وذلك وفقًا لأحدث تقرير صادر عن مجموعة IMARC بعنوان "سوق التكافل: اتجاهات الصناعة العالمية،والحصة،والحجم،والنمو،والفرص، والتوقعات 2025-2020".وحسب وسائط إعلامية فإن التكافل هو أحد مفاهيم التأمين الإسلامي يقوم على مبدأ تقاسم المخاطر في هذا النوع من التأمين ، يجمع المشتركون مبلغًا محددًا لتقديم المساعدة في وقت الحاجة وضمان توزيع الخسائر بالتساوي على كل عضو في التكافل. ويتم تحديد مبلغ المساهمة وفقًا للظروف الشخصية للأعضاء ونوع التغطية التي يحتاجون إليها، وتعمل شركات التأمين التكافلي كبديل لشركات التأمين التجاري، وفى الآونة الأخيرة كان هناك ارتفاع في عدد المؤسسات التي تقدم خدمات مالية إسلامية والتي ساعدت في توسع التكافل في جميع أنحاء العالم. * د.ليلى بن بغيلة هذه سبل ومقومات تطوير صناعة التأمين التكافلي التأمين التكافلي قديم الظهور والتطبيق في العالم وقد شهد انتشارا واسعا في عدة دول إسلامية من بينها دول الخليج العربي التي كانت سباقة لإدخال الإصلاحات على قطاع التأمين، وتطبيقه وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وكانت الجزائر من بين الدول التي سعت إلى غلغلة التعديلات والإصلاحات في قطاع التأمين تحت ما يعرف بصناديق التأمين التعاونية، و لكن لم تظهر بوادره إلا من خلال المصادقة على اتفاقية إنشاء المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمارات سنة 1996م، ويعتبر المرسوم التنفيذي رقم 09/13 الانطلاقة الحقيقية للتأمين التكافلي في الجزائر. ومع ذلك مازال التأمين الإسلامي في الجزائر محصورا في شركة وحيدة في مجال التأمين التكافلي وهي «شركة سلامة». وهناك عوامل مشجعة على الاستثمار في سوق التأمين التكافلي في الجزائر منها: تفضيل العملاء للمنتجات المالية الإسلامية ومنها منتجات التكافل لإيمانهم بمدى شرعيتها وارتكازها على مبادئ الشريعة الإسلامية، ما يقلل من العزوف على المجال التأميني وبالتالي المساعدة على خلق سوق واسع للتكافل في الجزائر لهذا يعتبر ميول المجتمع الجزائري نحو الخدمات المصرفية والتأمينية الإسلامية من أبرز المؤشرات والضمانات التي تنبئ بنجاح الاستثمار في سوق التأمين التكافلي بالجزائر. وإن الاتجاه المتنامي نحو الانفتاح على الخدمات المصرفية الإسلامية في الجزائر يشكل آلية ضغط نحو وجود اتجاه رسمي داعم للخدمات التأمينية التكافلية، من زاوية أخرى تعتبر المبادئ التي تقوم عليها خدمات التأمين التكافلي عناصر جذب وتسويق لمنتجاته، خاصة وأن التكافل عنصر جوهري يميز مختلف شرائح المجتمع الجزائري. ونظرا للميزة التنافسية بين المصارف الإسلامية في الجزائر، فإن سوق التأمينات التكافلي تعتبر مجالا خصبا للاستثمار، وذلك بالنظر للعلاقة الوثيقة بين الخدمات المصرفية الإسلامية والتأمينات التكافلية. وتعتبر محدودية سوق التأمين المحلي الجزائري دافعا قويا للشركات الأجنبية التي تقدم خدمات تكافلية إسلامية، خاصة تلك التي تمتلك مركزا ماليا مستقرا وكوادر بشرية ذات كفاءة مالية، وتقنيات آلية حديثة كذا فإن مبدأ التعاون والتبرع الذي تقوم عليه خدمات التأمين التكافلي ينعكس بصفة مباشرة على قيمة الاشتراكات المستحقة على المساهمين ما يجعلها منخفضة مقارنة بالأقساط المستحقة على المتعاملين مع شركات التأمين التجاري. وهو ما يجعل من شركات التأمين التكافلي الوجهة المفضلة لدى أغلب الجزائريين خاصة وأن الفئة الكبرى من شرائح المجتمع تنتمي إلى فئة ذوي الدخل المتوسط ووجود سوق متنامي للتأمين التكافلي في جميع أنحاء العالم وخاصة في الدول العربية والإسلامية، يشجع الجزائر بحكم علاقاتها بها على الدخول في شراكات معها للاستفادة من خبراتها وتجاربها في مجال التكافل. كما تعتبر الجزائر مركزا استثماريا ناجحا ومهما لمؤسسات التأمين التكافلي العالمية، نظرا لوجود مؤسسة وحيدة ناشطة في هذا المجال، ما يتيح للمؤسسات العالمية الاستفادة من حصة سوقية أكبر، لكن تواجهه تحديات قانونية ومصرفية وتنظيمية وغيرها ينبغي مجابهتا، ما يقتضي تطوير الجانب القانوني والتنظيمي وتطوير الجانب الفني والمالي وتنمية الجانب الاستثماري في شركات التأمين التكافلي: عن طريق استثمار أقسام التأمين، وتنمية النظام المحاسبي لمواجهة حالات العسر المالي لشركات التأمين التكافلي واعتماد أساليب التسويق الإلكتروني وتطوير الجانب التثقيفي بالاهتمام بالعاملين والعمل على تدريبهم على أخلاقيات وسلوك العمل الإسلامي وتطوير أدائهم وتنمية قدرتهم على التحديد ووضع معايير لتقييم أداء العاملين في شركات التأمين التكافلي وضرورة أن تكون عملية التقييم مستمرة وتعتمد على ملاحظات الرؤساء. واستخدام نتائج التقييم في نظم التدريب والحوافز. وتنمية المهارات الجماعية والفردية وتشجيع التفكير الذهني الجماعي لكافة العاملين في شركة التأمين التكافلي وتحسيسهم بالانتماء للشركة وضرورة العمل على تغيير النظرة إلى التأمين من صورته الإجبارية إلى الصورة الخدماتية الاختيارية. وتطبيق التأمين التكافلي في الجزائر يواجه عدة صعوبات وتحديات أبرزها التحدي القانوني الذي يشكل العائق الأكبر أمام نموه وتطوره، فتحديات تطبيق مبادئ التأمين التكافلي في ظل القصور التشريعي وتطبيق قانون التأمين التقليدي عليه يخرجه من مبدأ الزامية التقيد بأحكام الشريعة الإسلامية والذي هو أساسا يقوم عليه، أيضا ضعف الجانب المالي والفني ونقص المهارات التسويقية وغياب الوعي التأميني كلها أمور زادت الوضع تفاقما حيث لم تخلق المساحة الكافية لممارسة نشاط تأمين إسلامي قائم بذاته ويقدم خدمات في المستوى الذي تصبو إليه شركات التأمين التكافلي. ومع ذلك يمكن تدارك هذه الأوضاع بمعرفة أهم متطلبات تطويره وتكثيف جهود الدولة في الاهتمام بالقالب القانوني وزيادة الموارد المالية والاستثمارية، ومواكبة أحدث طرق التسويق وأنجعها، بالإضافة إلى تخصيص مراكز لتكوين أهم الخبرات والكفاءات في مجال التكافل. وأوصي بضرورة عمل أهل الاختصاص ومراكز البحوث وخبراء التأمين التكافلي على تطوير المشروعات التأمينية وتنويعها والسعي لتطبيقها على الوجه الأمثل وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية. وسعي الجزائر لزيادة عدد الشركات التي تعمل بنظام التأمين التكافلي لتوسيع مجال الاستثمارات الإسلامية وخلق تبادل الخبرات والتجارب لتدارك الأخطاء السابقة وإعداد منظومة تكافلية مستقبلية أكثر قوة وضمانا. وتوسيع رقعة العمل الخدماتي ضمن نشاط التأمين التكافلي ليشمل البنوك الإسلامية وكل المؤسسات الاستثمارية لفتح آفاق أكثر في مجال التكافل، وتشديد الحرص على خلق قاعدة رقابة وإشراف على هذه الخدمات لضمان حسن سيرها واستمرارية تقديمها للأفضل فالأفضل. ونشر الثقافة التأمينية في أوساط المجتمع لخلق أفراد وشركات أكثر وعيا بنظام التأمين الإسلامي، وأكثر تطبيقا له، حتى تعم الخدمات التأمينية الإسلامية ويتم العدول عن الخدمات التي تشوبها العيوب والنواقص. * د.نور الدين بوكرديد المؤسسات الفقهية المعاصرة أجازت التأمين التكافلي أجازت مؤسسات الاجتهاد الفقهي المعاصر التأمين التعاوني التكافلي من منطلق موافقة نظمه وتطبيقاته للقرآن والسنة والقواعد الشرعية المستنبطة منهما كقاعدتي المصلحة والمناسب المرسل , و لقد ضبطت هذا الجواز الشرعي بضوابط شرعية وفق أبعاد مقاصدية تجنباً للوقوع في المخالفات الشرعية الحاصلة بسبب التطبيق الخاطئ لقواعد ومبادئ هذا النوع من التأمين , خاصة تلك التي تتعلق بمخالفة الشروط الشرعية لأشكال إدارة التأمين التكافلي كالوكالة والمضاربة وعدم الفصل بينهما , أو الوقوع في المخالفات الشرعية التي تحدث عادة في التأمين التجاري التقليدي مثل القمار والغرر والربا وبيع الدين بالدين؛ لتحقيق الأبعاد المقاصدية للتأمين التكافلي وتنفيذ أهدافه عملياً انطلاقاً من كون فلسفته الشرعية قائمة على التبرع والتعاون والتكافل يتطلب؛ تمتع القائمين عليه بتكوين تكاملي معرفي بين الجانب الفني والشرعي والقانوني والاقتصادي والمالي، وحسن اختيار أعضاء هيئة الرقابة الشرعية من العلماء وأهل الاختصاص في فقه المعاملات المالية عموماً والتأمين الإسلامي خصوصاً والقيام بدورها بشكل شمولي متكامل قائم على الاطلاع على الدفاتر والسجلات المحاسبية والمالية والحسابات والعقود ومختلف المعاملات والتعاملات ومرافقتها فقهياً ، والتنسيق والمتابعة بين شركات التأمين التكافلي فيما بينها من جهة و بينها وبين مؤسسات الاجتهاد الفقهي المعاصر من جهة أخرى خاصة في مجال المستجدات المتعلقة بالأبحاث والبرامج الشرعية المتعلقة بهذا المجال، وتبني تشريعاً واضحاً مضبوطاً بضوابط الشرع يوضح حقوق جميع أطراف العملية التعاقدية في هذا النوع من التأمين بغية تجنب التنازع وظلم الناس وأكل أموالهم بالباطل مع ضرورة الابتعاد كلياً عن التعامل بالتأمين التجاري وربط علاقات بمؤسساته، وضرورة قيام الحكومة بدورها في مجال الإشراف العام والحماية والمراقبة والإسهام في تيسير عملها وتوفير كل ما تحتاجه حفاظاً على سيروتها ونجاعتها . إن نجاح مؤسسات التأمين التكافلي في الجزائر أو في غيرها مرهون أساساً بالالتزام الشرعي والمطابقة الفقهية لكل عملياتها الإدارية والمالية وفي مختلف مراحل هذه الصناعة التأمينية , مع التركيز على الجودة والنوعية والسعي لابتكار نماذج ومنتجات جديدة وعدم الانسياق وراء تفضيل النموذج الذي يعزز من قدرة صندوق التكافل على دفع التعويضات وبعض الامتيازات المالية التي تجذب المستأمنين على غرار ما هو معمول به في التأمين التقليدي . وإن النماذج المطبقة في إدارة التأمين التكافلي تشوبها العديد من المخالفات الشرعية وبغية المطابقة الفقهية لكل مراحل إجراء التأمين التكافلي و تجنب تلك المؤاخذات الشرعية يبقى نموذج الوديعة المضمونة حالياً الحل الفقهي الأمثل الكفيل بحل مشكل الفائض التأميني حيث يحوله كله إلى صندوق التبرع , ويتم صرفه في وجوه الخير عند التصفية , كما أنه يستخدم صندوق الوديعة في رد أقساط التكافل مخصوم منها أجر الوديعة وما يتم التنازل عنه من قبل المشتركين حسب اللوائح المحددة لطبيعة التنازل. وأوصي باحترام المتعاملين بالتأمين التكافلي في شركة سلامة للتأمينات للضوابط الشرعية المنصوص عليها شرعا ,كاجتناب التحايل والغش والتدليس والغرر والغبن والربا و احترام الشروط والضوابط الشرعية للوكالة والمضاربة و الالتزام بالقواعد الشرعية للاستثمار والتمويل كالخراج بالضمان والغنم بالغرب واجتناب ربح ما لم يضمن والتقيد بقرارات المجامع الفقهية والمعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية عند إبرام العقود واحترام آراء هيئة الرقابة الشرعية . وأقترح في إطار ضبط شرعي أمثل لعمل شركة سلامة للتأمينات عقد توأمة علمية مع جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية تضمن تكويناً شرعياً وفنياً لمختلف موظفيها وكذا تقديم الاستشارات الشرعية لكل الإشكالات الفقهية التي يطرحها عمل الشركة وعقد ندوات مشتركة بين الجانبين للوقوف على المخالفات الشرعية وتصحيحها في حينها . كما أقترح على شركة سلامة للتأمينات توسيع أعمالها التأمينية التكافلية لتشمل التأمين الصحي التكافلي الجائز شرعاً بضوابطه الشرعية خاصة في ظل انتشار وباء كورونا . * د. مريم خوجة للتأمين التكافلي دور اقتصادي هام بالجزائر إن للتأمين التكافلي دورا اقتصاديا في الجزائر في ضوء التوجه نحو تطبيقات المالية الإسلامية: وفي ضوء صدور المرسوم التنفيذي رقم21-81 الصادر في 23 فبراير2021 المحدد لشروط وكيفيات ممارسة التأمين التكافلي، ومسعى الدولة في تطوير التمويل الإسلامي. سواء على مستوى الاقتصاد الجزئي أو الكلي، على غرار أهميته في دعم الاقتصاد الحقيقي والتنمية الاقتصادية وتعزيز الكفاءة الاقتصادية والتنافسية ودعم الاستقرار الاقتصادي، والمساهمة في تمويل عجز ميزانية الدولة، والتوزيع وتعبئة المدخرات، والحد من البطالة وكذلك المساهمة في تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات. وأشير هنا إلى أنه لا بد من متطلبات صناعة التأمين التكافلي في الجزائر؛ عبر وضع آليات تنظيمية وضوابط شرعية وأدوات فنية مكملة وأخرى مصححة، من شأنها أن تدعم هذه الصناعة وتضمن مسيرتها الواعدة.