خالد بوعلي.. مثقّف الهامش الذي عاش للمسرح فقدت مؤخرا عاصمة الأوراس ابنها المثقف الكاتب والشاعر خالد بوعلي، الذي كرس حياته للثقافة والمسرح، ووقف في السنوات الأخيرة مدافعا عن الفن والفنان، ورحل الفقيد مخلفا فراغا وحسرة، ويؤكد رفاقه وأصدقاؤه بأن خالد ظل ذلك المثقف المتمرد الثابت على مواقفه. الفقيد خالد بوعلي من مواليد 10 فبراير 1957بمدينة باتنة، التي درس بها إلى غاية الثانوي ليزاول دراسته الجامعية بقسنطينة في علوم الأرض، وكان أستاذا سابقا للمسرح والأدب الفرنسي بكلية اللغات الأجنبية بجامعة باتنة وأستاذا لمادة اللغة الفرنسية في الثانوي، كما أسس عددا من الجمعيات الفنية والثقافية بالمدينة، وله العديد من المؤلفات والمسرحيات منها «بدون تعليق»، التي أخرجها للمسرح الوطني عمر معيوف في سنة 2000 و»يوغرطة»، التي أنتجها مسرح باتنة الجهوي في سنة 2007 بمناسبة تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية وأخرجتها الراحلة صونيا، ومسرحيات أخرى. وترك الكاتب خالد بوعلي عديد الأعمال الأدبية باللغتين الفرنسية والعربية، منها المجموعة القصصية ( الباب الآخر) المنشورة باللغة العربية . أعد الملف: ياسين عبوبو جمال قتالة إعلامي مهتم بالمسرح كان حريصا على الأداء الدقيق للشخصيات التاريخية أوضح الإعلامي المهتم بالمسرح جمال قتالة المقيم بمرسيليا الفرنسية، بأنه عرف خالد بوعلي من خلال متابعة تدخلاته ونقاشاته في المحاضرات والملتقيات بباتنة، وقد شده ولعه واهتمامه العميق بالمسرح أبي الفنون وبمرور الوقت أصبح مقربا منه، وقد أجرى معه حوارا عبر جريدة «عُرابيا التونسية»، وقال جمال بأن الفقيد تميز بالجدية في إعداد نصوصه المسرحية، فكان مدافعا شرسا عن أفكاره ومواقفه، لدرجة أنه بات يتداول في أوساط من اشتغل معهم في إعداد المسرحيات، بأنه لما يتعلق الأمر بالشخصيات التاريخية وكأن به يعرفها وتعرفه لثقافته الواسعة المنبثقة، من اطلاعه وقراءته للكتب ومختلف المراجع عن تلك الشخصيات على غرار شخصية مسرحية «يوغرطة». وأشار جمال قتالة لاهتمام خالد بوعلي، أيضا بمسرح الطفل ويتذكر موقفا له حين قام بإعداد نصا مسرحيا للمشاركة في تظاهرة مسرحية لكنه رفض فيما بعد عرضه لعدم قناعته بلجنة القراءة، معبرا عن تمسكه بقناعاته الفكرية حتى وإن تطلب منه ذلك التنازل عن أشياء أخرى، ويتذكر جمال أيضا أنه في إحدى المرات عندما كانا معا راح يحدثه عن سيناريو فيلم بعنوان «المسكن الأصفر»، وقال جمال بأنه دون أن يواصل السرد أخبره خالد بباقي السيناريو ومن يكون صاحبه الأصلي، وتأسف جمال لفقدان الساحة الثقافية لخالد بوعلي، مؤكدا بأنه كان ناقدا مسرحيا يعطي القيمة الفنية الحقيقية للعمل المسرحي من جميع النواحي عندما يشاهد أي عرض سواء من ناحية السينوغرافيا أو الديكور أو الموسيقى إلى أبسط الجزئيات على الخشبة. سعيد بركان فنان تشكيلي ونحات أصرَ على حضور ختام تظاهرة المسرح المحترف رغم المرض تأسف سعيد بركان وهو فنان تشكيلي ونحات، لرحيل خالد بوعلي دون أن يحظى بالاهتمام اللازم والاستفادة من مؤهلاته الثقافية والفنية، لترجمتها على أرض الواقع وقال السعيد الذي كان صديق الفقيد، بأن خالد بوعلي مثقف خارق للعادة، وبالنسبة له أيضا فإن خالد كان المعلم الذي ينصحه دائما بمطالعة وقراءة الكتب وأكد السعيد بأن خالد ظلَ مقاوما للمرض حتى اللحظات الأخيرة من وفاته، بحيث لا يكل ولا يمل من الحديث عن الثقافة والفن وهو في حالة صحية حرجة. وكشف سعيد بركان الذي لازم خالد في الأيام الأخيرة قبل وفاته، عن إصراره على السفر والتنقل إلى العاصمة من أجل حضور اختتام تظاهرة المسرح المحترف رغم أن حالته الصحية لا تسمح، وقال بأن تلك الرحلة ستبقى من الذكريات الجميلة رفقة خالد بعد أن قضى إلى جانبه سنوات تعلم منه الكثير، وأضاف أن الفنانين الذين كثيرا ما انبهروا بالاطلاع الواسع لخالد حاولوا مرات اختباره للتأكد من صحة معلوماته، غير أن فشلهم كان مؤكدا حسبه ما جعلهم يرفعون القبعة له، وأكد بأنه كان منذ بداية التسعينات شغوفا بنصائحه في مجال الفن التشكيلي والنحت كما كان دائم الاستماع لتوجيهاته عندما يشاركه لعب الشطرنج. ومن اللحظات التي عايشها السعيد رفقة صديقه الفقيد خالد بوعلي، وقال بأنها لن تمحى، مبادرتهم برفع انشغالات فنانين وتنديده بتهميش الفنان وتبذير أموال عمومية، مشيرا إلى أن خالد من الأوائل المطالبين بقانون الفنان. علي جبارة فنان ومخرج مسرحي أبهر فنانين ومخرجين أجانب بمسرحية يوغرطة تأسف الفنان والمخرج المسرحي علي جبارة، لفقدان الساحة الثقافية الوطنية لخالد بوعلي، معتبرا إياه قامة وأيقونة مسرحية نادرة لم تنل نصيبها الحقيقي من الاهتمام، كما تأسف علي جبارة الذي أدى شخصية يوغرطة في المسرحية التي ألفها الفقيد لعدم الأخذ بالقدر الكبير مما كان يتمتع به خالد بوعلي من مؤهلات، وأضاف بأن خالد بوعلي كان شاعرا وكاتبا وناقدا مسرحيا متميزا ومتمكنا باللغتين العربية والفرنسية، لاطلاعه الواسع في الثقافة والفنون وخاصة الفن الرابع المسرح الذي كرس حياته في البحث والقراءة عنه، ودرسه في الجامعة والمعاهد المختصة، وقال بأن معرفته بخالد بوعلي قديمة ولطالما كان يلهمه، لحبه للمسرح. وأكد علي جبارة، بأن أداءه لشخصية يوغرطة في المسرحية التي كتبها خالد بوعلي تظل من أهم وأبرز الأدوار التي أداها وأحبها طيلة مشواره الفني، وقال أيضا بأن مسرحية يوغرطة التي أنتجت سنة 2007 بمناسبة تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية وعرفت مشاركة 33 ممثلا، أبهرت ضيوف الجزائر من فنانين ومخرجين تعرفوا على شخصية يوغرطة النوميدية وانبهروا بها وبتاريخ الجزائر، وتناول العرض مختلف وسائل الإعلام العربية على غرار الأهرام المصرية، وأضاف علي جبارة بأن فضلا كبيرا يعود للكاتب خالد بوعلي في ذلك العرض، بعد أن كان يحرص على كل الجزئيات لسعة اطلاعه وثقافته حول الشخصيات التاريخية، وأكد بأنه كان يركز على اللغة لدرجة كبيرة حتى أن كافة الممثلين استفادوا من خبرته . وكشف علي جبارة أنه وبعد عرض مسرحية يوغرطة، طلب المخرج السوري بدر خان من خالد بوعلي العمل معا على إنتاج فيلم لشخصية يوغرطة، لكن محدودية الإمكانيات حالت دون ذلك، وقال علي جبارة، بأن خالد بوعلي كان خلال تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية اكتشاف الأجانب كما الفنانين الجزائريين خاصة مخرجة المسرحية الفنانة المرحومة صونيا، التي أصرت على مواصلة العمل معه بإخراج نصوصه المسرحية، فكان لها ذلك بمسرحية «أمام أسوار المدينة»، التي نالت جائزة أحسن عرض متكامل سنة 2009 في مهرجان المسرح الوطني كما اشتغلت معه على مسرحية «بدون تعليق». واعتبر أيضا علي جبارة، بأن الفقيد خالد بوعلي يستحق التخليد من خلال إبراز أعماله من نصوص وكتابات، ومواصلة العمل على تحويلها إلى مسرحيات وأفلام لتعريف الأجيال بشخصيته. سمير أوجيت فنان ومخرج مسرحي رجل مسرح بحق عاش لأبي الفنون أكد الفنان والمخرج المسرحي سمير أوجيت، بأن خالد بوعلي كان رجل مسرح بحق بعد أن كرس حياته له في البحث والكتابة، وقال بأن حبه لأبي الفنون جعل منه كاتبا غير عادي وتأسف لأن قيمته لم تجد الصدى في الوسط الثقافي والفني بالشكل الملائم، وقال أيضا بأن علاقته بخالد كانت وطيدة ولطالما كان يشجعه على الأداء كفنان على الخشبة أو كمخرج. وكان الفنان والمخرج سمير أوجيت قبل أن يشتغل إلى جانب خالد بوعلي على نصه لمسرحية " قاعة انتظار"، كان لفت انتباهه في سنوات الثمانينات من القرن الماضي تشجيعه للشباب في ممارسة المسرح، ويتذكر تحديدا ذلك في سنة 1986 عندما كان مدرسا للغة الفرنسية بثانوية عباس لغرور بباتنة، وتأسف سمير لكون خالد ظل لفترات مهمشا دون الاستفادة من عطائه في الكتابة المسرحية لترجمتها إلى عروض، مستشهدا بتأخر إخراج نص كتبه بعنوان «بدون تعليق» إلى غاية سنة 2000، وهو النص الذي قال بأنه وجد ترددا لما عرضه بوعلي أول مرة قبل أن يحظى بإجماع واتفاق مخرجين تهافتوا على تحويل النص لمسرحية. وأكد سمير أوجيت، الذي شارك بدور في مسرحية يوغرطة حرص خالد في أعماله على متابعة كافة جزئياتها وانبهار المخرجة المرحومة صونيا بشخصيته، وقال بأنه نزل عند توجيهاته في إخراج مسرحية نصه «قاعة انتظار» التي حملت فكره الفلسفي العميق. الطاهر حليسي إعلامي مثقف موسوعي لديه ارتباط بهويته ومنفتح على الآخر قال الإعلامي والكاتب طاهر حليسي، بأنه عرف الكاتب والمثقف خالد بوعلي في الثانوية التقنية محمد الصديق بن يحيى بباتنة، حيث كان استاذه في اللغة الفرنسية «وبحق كان أستاذا حقيقيا نظرا لغزارة فكره وتمكنه من أدوات اللغة وابحاره في مختلف تخصصاتها لدرجة الإبهار»، ويتذكر أنه «كلفنا بعمل خلال عطلة الربيع يتمثل في إعداد ملخص عن رواية عالمية، و طبعا قبل أن تنقضي العطلة بيوم قرأت رواية موبي ديك بالعربية و تحايلت بترجمة أجزاء منها بالفرنسية»، و خلال يوم العرض «هنأني على العمل و منحني علامة 15/20 و كانت معجزة لأنه لا يمنح في العادة مثل هذه النقطة» لكنه قال له « الظاهر أنك قمت بترجمة نصك». ويقول طاهر حليسي أنه عبقري «أهمله قومه فهو صاحب انتاج غزير منذ صغره ففي مرحلته الثانوية ألف مسرحية «التاجر والغلام» حول قضية الصحراء الغربية، وعمره 17 سنة، أي حينما كان طالبا في ثانوية بن بولعيد، ولاحقا يقول ألف 17 نصا مسرحيا، لكنها لم تر النور كلها باستثناء القلة منها، «بيد أنه ترك بصمته عندما بعث مسرحية يوغرطة» وقد تأسف حسبما قاله الفقيد للطاهر حليسي «أن تلك المسرحية لم تعرض بصفة مستمرة عبر المسارح الجهوية في البلاد». «وكان الرجل متمكنا من اللغة الفرنسية وهو أيضا شاعر يكتب الشعر»، كما «أنه يملك حسا نقديا رصينا نظرا لتحكمه في الأدوات النصية والفنية والإبداعية»، و»له روح نقدية ساخرة من خلال عديد النصوص التي كتبها مثل « جحا وجحا» التي يتطرق فيها للروح الانهزامية في العالم العربي، ويضيف الطاهر في شهادته «لديه إحساس عميق بالهوية الأمازيغية لكنه متفتح على الآخر فهو يكتب بلغة عربية قوية مثلما برز في مجموعته القصصية «الباب الآخر». وأضاف: «كل ما أقوله هو أنه كان مثقفا فذا وصاحب اطلاع تاريخي وكاتب وناقد مزدوج اللغة ومن غير المفهوم ألا يحوز الرجل منصبا تعليميا أو جامعيا فهو يتفوق على الكثيرين، رغم تلك المؤهلات الخارقة فقد تعرض للتهميش لكونه مثقفا ملتزما بمبادئ لا يقبل المساومة شأنه شأن المثقفين العضويين، الذين يتميزون بالالتزام الأخلاقي ، و هو ضحية فقدان الحرية الفكرية في الوسط الثقافي، لذا فإن خالد بوعلي الذي عانى من العوز و الفاقة و الإنكار و التهميش تذكير مكرر بمأساة مثقف آخر هو حمودة بن ساعي الأستاذ الروحي و المنسي للمفكر مالك بن نبي». جمال النوي المدير السابق للمسرح الجهوي بباتنة كان ممن بعثوا الحركة المسرحية بباتنة اعتبر المدير السابق للمسرح الجهوي بباتنة جمال النوي، خالد بوعلي شخصية ثقافية نادرة لهذا عاش في الظل بالنظر لمؤهلاته الخارقة، خاصة في ميدان الكتابة والنقد المسرحي، وبالنسبة له فإن خالد يعتبر أصيل الحركة المسرحية بولاية باتنة إلى جانب كل من الفقيد الدكتور صالح لمباركية وشعيب بوزيد، ودفع بالحركة المسرحية في سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي للتقدم، وهو متعدد المواهب والهوايات الفكرية لثقافته الواسعة التي يتميز بها لاطلاعه على أمهات الكتب بمختلف اللغات وخاصة العربية والفرنسية اللتين يتقنهما. وأضاف المدير السابق للمسرح الجهوي بباتنة، بأن ما قد لا يعرفه الكثيرون هو أن خالد بوعلي كان إطارا ساميا في التكوين الأكاديمي المسرحي، بحيث درَس مقياس الفن في ملحقة الفنون الدرامية التي كانت متواجدة في السابق بولاية باتنة، وكان له الفضل في تكوين وتخرج عديد الإطارات التي درَسها، وأكد بأن أعماله في الشعر والمسرح والرواية تشهد على عبقريته وآخرها مسرحية يوغرطة فضلا عن عدة أعمال سواء التي طبعت أو غير المطبوعة مقترحا طبع أعماله تخليدا له. وعندما كان جمال النوي مدير مسرح باتنة، تعامل مع خالد بوعلي في إخراج مسرحية «قاعة انتظار»، وقال بأنه يقف على كل صغيرة وكبيرة ويتابع إنتاج المسرحية، مؤكدا بأنه كان مبدعا حقيقيا من طينة الكبار، متأسفا لعدم نيل حقه في الساحة الثقافية خاصة وأنه عاش ظروفا مادية صعبة، وأشار إلى تكريمه سنة 2020 اعترافا بإبداعاته. لوناس قريبيسة إعلامي صديق الفقيد كانت أمنيته تدريس المسرح في المؤسسات التعليمية كشف الإعلامي لوناس قريبيسة، الذي كان أحد الأصدقاء المقربين من الفقيد خالد بوعلي، بأن الأخير كانت أمنيته التي ناضل من أجلها تدريس المسرح في المدارس، انطلاقا من مرحلة التعليم الابتدائي كمادة مثلها مثل باقي المواد التعليمية إدراكا منه، بأهمية المسرح في صنع وتكوين فرد مثقف انطلاقا من مقولة « أعطيني مسرحا أعطيك شعبا مثقفا»، واعتبر لوناس رحيل رفيقه خسارة للساحة الثقافية الوطنية، وتأسف لعيشه في الظل مهمشا. وقال الإعلامي لوناس قريبيسة بأنه تعرف على خالد بوعلي سنة 2009 بمسرح باتنة عن طريق الفنان علي جبارة، وقد انبهر للمستوى الثقافي الذي يتمتع به خالد خاصة اطلاعه الواسع على المسرح أبي الفنون ومختلف العلوم والثقافات سواء كانت أمازيغية أو عربية أو غربية، وأضاف لوناس بأن خالد بوعلي كان عملة نادرة في مجال الفن والثقافة غير أنه لم ينل حسبه نصيبه من الاهتمام، لكونه كان مثقفا متمردا لا يتنازل عن مواقفه مستحضرا مقولة «يرفض أن يبيع نفسه للشيطان « ، وقال بأنه وجد هذا المثال منطبقا على رفيقه خالد الذي كان يرفض التنازل عن مواقفه. وأوضح قريبيسة أيضا بأن رفض خالد التنازل عن مواقفه في الكتابة، جعله يرفض عروضا مغرية وهو الذي لا يملك قيمة ثمن علبة سجائر، لأن المسرح بالنسبة له رسالة، وأوضح أيضا بأنه لم يكن مستفيدا من تقاعد أو منحة بعد أن اشتغل مدرسا في الثانوي وبمعاهد الفنون مساعدا ومتعاقدا، وكان كل شغفه هو التفرغ للقراءة والمطالعة كاشفا عن اعتكافه لسنوات في خيمة بالصحراء في الجنوب الجزائري متفرغا للقراءة فقط. وأكد لوناس من جهته، على عبقرية خالد بوعلي التي جسدها في كتابة مسرحية «يوغرطة» باللغة العربية مبرزا جانبا مهما من تاريخ الجزائر في الحقبة النوميدية التي عرفت مرور ملوك وأمراء سيطروا على الحوض المتوسط، وقال لوناس بأن المسرحية يمكن تصنيفها ضمن التراث العالمي، كما أكد على الشخصية القوية لرفيقه خالد في تبني مطالب فنانين منذ سنة 2014 وقال بأنه كان من الأوائل الذين نادوا بقانون الفنان. خالد بوعلي في آخر حواراته المسرح هو الشكل الفني الأقرب إلى الشعب بعدما درس المسرح، نصا و تاريخا و نقدا أدبيا بالجامعة و كذا تاريخ الفنون الدرامية في مدرسة الفنون المسرحية بباتنةالجزائر . خالد بوعلي صاحب نصوص عدة مسرحيات من بينها بدون تعليق. جحا. ابواب الصمت, قال يا مقال وأهمها مسرحية الملك النوميدي يوغرطة، هنا حوار أجراه معه الصحفي جمال قتالة قبل وفاته. يكتب خالد بوعلي الشعر والمسرح، لكن أين يجد راحته أكثر؟ يرجع ذلك إلى الحالة التي يكون فيها العقل و كذا الأحداث الجارية و الضغوطات اليومية ( و حتى الانهيار) التي نعيشها من خلال يوميات الوسط الاجتماعي . « كمواطن « جزائري، أعيش ما تعيشه بلادي و يعيشه شعبي. لكن المسرح يستهويني أكثر، هذا الشكل الفني للتعبير الذي اعتبره قريبا جدا من الشعب. من بين أهم مسرحياتك، يوغرطة، كلمنا عنها؟ يبقى تاريخ بلادنا العريق مجهولا. والمصادر التي تعالج الموضوع نادرة لذا تبقى البحوث الأثرية و التاريخية مرغوبة .. و كان علي بذل مجهود كبير و صبر لكتابة هذا النص. في الحقيقة، طلبه مني المسرح الجهوي بباتنة في إطار «الجزائر عاصمة الثقافة العربية» وألزمت بكتابة النص باللغة العربية الفصحى و ألا تتجاوز مدة تسليمه الشهر و النصف أو الشهرين على الأكثر، وقبلت رفع التحدي و قد نجحت في ذلك رغم أن انجاز العمل في ظرف قصير كهذا أشبه بمعجزة وربما كانوا يهدفون إلى وضعي في هذا الموقف. هذه المسرحية لم يتم عرضها في كافة القطر الجزائري، و لتختفي من الساحة المسرحية في وقت قصير ، لماذا؟ للأسف ، نعم. حرموني من المشاركة في مهرجان مسرح المحترفين 2008 بحجج واهية ، مع العلم أن هذا العمل يعتبر أحسن ابداع أصيل للسنة المشار إليها. تاريخ يوغرطة، هل تم احترامه في هذا النص المسرحي؟ لقد حاولت و أجيبك بنعم، احترمت على الأقل الخطوط الكبرى. و أضفت أشياء من الخيال مثل كل الأعمال الأدبية ، لكن تاريخ هذا البطل النوميدي العظيم تم احترامه. لديكم مؤلف واحد هو « الباب الآخر» ؟ نعم، تم نشره بفضل منشورات الشهاب. هذا الكتاب تم انجازه منذ أكثر من ربع قرن. لديك مؤلفات بالعربية و الفرنسية لكنك لم تقم بطبعها ؟ لانعدام المقروئية و القراء أو لندرتهم، يتجنب الناشرون طبع النصوص الشعرية و المسرحية.هذا لا يجلب لهم شيئا. ويعود هذا الوضع المنذر بالخطر إلى السياسة الثقافية التي تم انتهاجها، كما يبرهن على واقع الكتاب و قراءته في الجزائر. خالد بوعلي، هل هو كاتب متعدد اللغات؟ أتكلم و أكتب بلغات عديدة، نعم ، لكن هل يكفي ذلك بأن أدعي أنني مثقف أو مفكر أصيل.هنا يقع السؤال الحقيقي، أعترف أنني بعيد عن هذه المجالات. وفي يوم ما ربما تصل نصوصي إلى من يقرأها ويفهمها.