يناقش قادة دول مجموعة العشرين في قمة إستثنائية، اليوم الثلاثاء، بالعاصمة الإيطالية روما الأزمة الإنسانية والأمنية المتنامية في أفغانستان، خاصة بعد استيلاء حركة "طالبان" على الحكم في البلاد، وسط تحذيرات أممية من "كارثة إنسانية وشيكة"، ودعوات لتوفير المساعدات الطارئة لما يقرب من نصف سكان البلاد. ويستضيف رئيس الوزراء الإيطالي، ماريو دراغي، الذي تترأس بلاده حاليا مجموعة العشرين، القمة الإستثنائية التي تنعقد عن بعد، لمناقشة المساعدات والمخاوف بشأن الأمن وضمان الخروج الآمن للآلاف من الأفغان الذين تعاونوا مع دول غربية وما زالوا في أفغانستان بعد عودة حركة "طالبان" إلى سدة الحكم. ويعقد الاجتماع، في ظل اختلاف كبير في وجهات النظر في دول المجموعة إزاء التعامل مع أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي من البلاد، فالمعسكر الغربي، بقيادة الولاياتالمتحدة، مُجمع على أن حركة "طالبان" ما لم تحترم القيم الديمقراطية فلن يكون هناك اعتراف بها. غير أن بعض الأعضاء الآخرين بالمجموعة كانوا أقل تشددا، فقد فتحت روسيا والصين وتركيا بالفعل قنوات دبلوماسية مع حكام أفغانستان الجدد. وفي هذا السياق أكدت حركة "طالبان" أمس رغبتها في إقامة علاقات إيجابية مع المجتمع الدولي والتزامها بضمان أمن الدبلوماسيين وعمال الإغاثة، وذلك خلال لقاء مسؤولين في حكومة الحركة بمسؤولين ألمان في الدوحة. ويأتي هذا الاجتماع بعد يوم من اجتماع ضم وفدا من حكومة طالبان الجديدة ومسؤولين من الولاياتالمتحدةالأمريكية في الدوحة واستمر على مدى يومين بحث خلاله الطرفان قضايا سياسية وأمنية وإنسانية وخلص إلى مخرجات "إيجابية وبناءة". في الوقت الذي تعاني فيه أفغانستان وضعا سياسيا معقدا بعد سيطرة الحركة على المشهد السياسي فيها، تلوح في الأفق كارثة إنسانية وشيكة ستحل على الشعب الأفغاني الذي يعاني نقصاً حاداً في الغذاء والدواء والخدمات الصحية ومياه الشرب والصرف الصحي، وفقاً للأمم المتحدة، التي دعت المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده لإنقاذ الأفغانيين. وبالتزامن مع تعهد الأممالمتحدة توفير مواد ومساعدات إنسانية لنحو مليون وربع المليون أفغاني إضافي لموسم الشتاء المقبل، إلا أن الحاجة الفعلية تفوق ذلك بكثير، وهو ما أدى إلى انعقاد مؤتمر جنيف للمانحين، والذي تعهد بتقديم نحو مليار دولار للمساعدة في رفع المعاناة عن الشعب الأفغاني. وفي هذا الشأن حذرت المديرة التنفيذية لصندوق الأممالمتحدة للسكان ناتاليا كنام، الشهر الماضي من أن أفغانستان معرضة لخطر "الجوع الوشيك" مع اقتراب فصل الشتاء وتعطل الخدمات إثر عودة حركة "طالبان" إلى السلطة. وقالت إن الوضع في أفغانستان "حرج"، مضيفة " ليس من المبالغة القول " إن ثلث الشعب الأفغاني الذي يعد 33 مليون نسمة يهدده "الجوع الوشيك". وكان مفوض الأممالمتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، أكد في وقت سابق أن الشعب الافغاني في حاجة الى مساعدات إنسانية "ضخمة ومتنامية"، مشددا على ضرورة زيادة المجتمع الدولي لمساعداته لهذا البلد. من جهتها حذرت مفوضية الأممالمتحدة السامية لشؤون اللاجئين من أزمة إنسانية كبيرة تلوح في الأفق في أفغانستان، وسط حالة من عدم اليقين المستمر بشأن وضع الأفغان المستضعفين الذين يبحثون عن مأوى عبر حدود البلاد. وأفاد المتحدث باسم المفوضية بابار بالوش، أن أزمة النزوح هي داخل أفغانستان، حيث نزح أكثر من 600 ألف أفغاني هذا العام، "80 في المائة منهم من النساء والأطفال". وشدد بالوش في نداء للعالم على ألا يصرف انتباهه أو تركيزه عن الأفغان وأفغانستان، وأنه لا يمكن السماح بأن يصبح الوضع في أفغانستان "كارثة إنسانية"، موضحا أن المفوضية لم تشهد مثل هذا التدفق الكبير للاجئين الذين يعبرون الحدود إلى باكستان وإيران من قبل. وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد حذر من "كارثة إنسانية" تلوح في الأفق في أفغانستان، حيث حث الدول على توفير تمويل طارئ بعد رحيل القوات الأمريكية، مضيفا أن الخدمات الأساسية مهددة بالانهيار "تماما". وشدد على أن الأطفال والنساء والرجال الأفغان في حاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى دعم وتضامن المجتمع الدولي، وحث جميع الدول الأعضاء على توفير التمويل لهذا البلد. ووفق المسؤول الأممي فإن ما يقرب من نصف سكان أفغانستان، 18 مليون شخص، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة للبقاء على قيد الحياة، مع افتقار 93 في المائة من الأسر إلى ما يكفي من الطعام. للإشارة فإنه حتى قبل إطاحة حركة "طالبان" بالحكومة الأفغانية في 15 اغسطس الماضي، كانت أفغانستان تعتمد فعليا بشكل كبير على المساعدات، وشكل التمويل الأجنبي 40 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، غير أن مستقبل منظمات الإغاثة في البلاد في ظل حكم "طالبان" يشكل مصدر قلق للأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، على الرغم من تعهدات "طالبان" بنمط حكم أكثر ليونة مما كان عليه الحال خلال فترتها الأولى في السلطة. وقد تعهدت حركة "طالبان"، بضمان سلامة جميع العاملين في مجال الإغاثة ووصول المساعدات إلى أفغانستان، معلنة في نفس الوقت أنها لن تقبل بالمساعدات الإنسانية من أي دولة في حالة استنادها إلى شروط.