ارتفعت أسعار النفط ثلاثة في المائة عند أعلى مستوياتها منذ سبع سنوات بسبب تصاعد المخاوف من قيام روسيا، بغزو أوكرانيا، إضافة إلى قلة إمدادات النفط الخام العالمية. ولامست الأسعار أعلى مستوياتها منذ أواخر 2014، وسط مخاوف متزايدة بشأن الإمدادات العالمية مع تعافي الطلب من جائحة فيروس كورونا. قفز سعر نفط برنت إلى 95 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ 2014 في ختام تداولات الجمعة، وسط تحذيرات أمريكية وأوروبية من غزو روسي وشيك لأوكرانيا، ما يسبّب نقصاً في الإمدادات العالمية للطاقة. وتجاوز كذلك خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 93 دولاراً للبرميل، ليسجل الخامان القياسيان مكاسب للأسبوع الثامن على التوالي. وتزامنت قفزات أسعار النفط مع إفادة لمستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان في البيت الأبيض، أمس، قال فيها إن لدى روسيا الآن قوات تكفي لشنّ عملية عسكرية ضخمة ضد أوكرانيا، وإن هجوماً قد يبدأ في «أي يوم الآن». ونصحت عدة دول أوروبية جميع رعاياها بمغادرة أوكرانيا، كذلك أصدرت كوريا الجنوبية حظراً على السفر إلى البلاد، ونصحت المواطنين بالمغادرة، فيما نفت روسيا أنها تخطط للغزو. وكانت أسعار النفط قد ارتفعت في الأسابيع الأخيرة وسط تكهنات بتجاوز الطلب للعرض مع انتعاش الاقتصاد العالمي من جائحة فيروس كورونا. وقال إد مويا، كبير محللي السوق للأمريكيتين في مؤسسة «أواندا» للاستشارات: «كانت سوق النفط تنتظر حافزاً رئيسياً يبرر التحرك فوق 100 دولار، ويبدو أن الوضع في أوكرانيا قد تحول إلى الأسوأ». وأضاف: «إذا تم تأكيد حركة القوات الروسية خلال الأسبوع الجاري، فإن توقعات تعطل إمدادات النفط الخام قد تدفع النفط إلى الارتفاع بنسبة 10 بالمائة أخرى». ووفق تقرير صادر عن بنك الاستثمار الأمريكي «جيه بي مورغان»، الأسبوع الماضي، يمكن سعر خام برنت أن يصل بسهولة إلى 120 دولاراً للبرميل إذا غزت روسياأوكرانيا، وفرضت الولاياتالمتحدة ودول أخرى عقوبات على صادرات روسيا من النفط والغاز الطبيعي. وجاءت التحركات الصعودية غير المسبوقة لأسعار النفط على خلفية الأزمة الأوكرانية، فيما قالت منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» يوم الخميس الماضي، إن انتعاش استهلاك النفط قد يتجاوز توقعاتها هذا العام مع تحسن النشاط الاقتصادي وزيادة وتيرة السفر. من جانبها حذّرت «وكالة الطاقة الدولية» من عجز «مزمن» لمنظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» عن تحقيق أهدافها الإنتاجية، بينما رفعت توقعاتها للطلب على النفط هذا العام بعد مراجعة إحصائية. وكانت المنظمة قد حدّت من إنتاجها من أجل دعم الأسعار في إطار اتفاقها مع حلفائها في مجموعة «أوبك+»، لكنها تنتج الآن براميل إضافية بعدما رفعت الإنتاج بواقع 400 ألف برميل يومياً. وأشارت الوكالة إلى أنه «إذا استمرت الفجوة بين إنتاج أوبك+ والمستويات المستهدفة، فإن الاضطراب في الإمدادات سيزداد، ما يزيد من احتمال حدوث مزيد من التقلبات والضغط التصاعدي على الأسعار». وخلُصت إلى أن «هذه المخاطر التي تحمل تداعيات اقتصادية كبيرة، يمكن تقليلها إذا قام المنتجون في الشرق الأوسط الذين يملكون فائضا بالتعويض للدول التي نفدت قدراتها على زيادة الإنتاج». ولم تذكر الوكالة أي بلد. لكن يبدو أن الدعوة موجهة إلى السعودية، قائدة التحالف والتي غالبا ما تعوض جزئيا عن إخفاقات شركائها الآخرين بإنتاجها، وكذلك إلى الإمارات. وتمتلك الإمارات والسعودية أكبر طاقة إنتاجية فائضة ويمكنهما المساعدة في الحد من تضاؤل مخزونات النفط العالمية الذي ساهم في صعود الأسعار نحو 100 دولار للبرميل، مما رفع التضخم عالمياً. وقالت الوكالة التي مقرها باريس في تقريرها الشهري عن النفط «يمكن تقليص هذه المخاطر، التي لها تداعيات اقتصادية واسعة، إذا عوّض المنتجون في الشرق الأوسط الذين لديهم طاقة إنتاجية فائضة تلك الاحتياجات». وفي الوقت الحالي، وبينما ترفع «أوبك+» الإنتاج كل شهر، فإنها لا تصل إلى هدفها الشهري بإضافة 400 ألف برميل يومياً. وقالت الوكالة إن الفجوة بين الإنتاج والمستهدف زادت في يناير إلى 900 ألف برميل يومياً. وأضافت «استمرار عدم بلوغ التحالف هدف الزيادة اقتطع فعليا 300 مليون برميل، أو 800 ألف برميل يومياً، من السوق منذ بداية 2021». وبين ديسمبر ويناير رفعت الدول الأعضاء في «أوبك» إنتاجها 64 ألف برميل، ليصل الإنتاج الإجمالي إلى 27.981 مليون برميل يومياً، حسب مصادر غير مباشرة ذكرت في تقرير المنظمة الذي نشر قبل يومين وحسب الوكالة الدولية للطاقة، يتوقّع أن يرتفع الطلب العالمي بمقدار 3.2 مليون برميل يومياً هذا العام، ليصل الإنتاج اليومي إلى 100.6 مليون برميل، مع تخفيف القيود المرتبطة بكوفيد- 19.