أكد وزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة، أمس الأحد، أن التفجيرات النووية الفرنسية برقان و في مختلف ربوع الصحراء الجزائرية تعد "حلقة من سلسلة الجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي ضد الشعب الجزائري ضمن مخططاته الرامية لعزله عن ثورته داخليا وخارجيا''. وأوضح الوزير في كلمة قرأها نيابة عنه رئيس الديوان بالوزارة، عبد الحفيظ خلاف، خلال إحياء الذكرى 62 للتفجيرات النووية التي نفذتها فرنسا الاستعمارية بالمنطقة، والتي جرت مراسمها بساحة الشهداء ببلدية رقان بولاية أدرار، أن هذه التفجيرات "بقدر ما ألحقت آلاما ومأساة بأمتنا إلا أنها زادت من تلاحم أبناء الشعب و تعزيز وحدتهم الوطنية أكثر وترسيخ ذاكرتهم و إثراء بصيرتهم بتاريخ أمتهم العريق". وحث بالمناسبة كل الفاعلين للقيام بواجب حفظ الذاكرة و صون إنجازات الشهداء و المجاهدين من خلال استحضار تضحياتهم الكبيرة التي بذلوها للذود عن حمى هذه الأرض الطاهرة. وفي هذا الشأن، دعا الوزير الباحثين و الأساتذة إلى تعميق الأبحاث و الدراسات حول كافة الجوانب المتعلقة بالتفجيرات النووية الفرنسية. كما نوه بفتح السلطات المحلية لملحقة موضوعاتية لمتحف المجاهد، خاصة بالتفجيرات النووية الفرنسية برقان و التي ستكون، كما قال، رافدا للذاكرة الوطنية وستقدم خدمة علمية للباحثين و الأساتذة و الطلبة و المهتمين و تزودهم بمختلف الوثائق التي ستوضع تحت تصرفهم. ودعا المجاهدين و سكان المنطقة إلى إثراء هذا الفضاء التوثيقي بما يتوفر لديهم من وثائق أرشيفية لعرضها في أجنحة المتحف إلى جانب تسجيل الشهادات الحية للمجاهدين و المجاهدات حتى توضع بين أيدي الباحثين في الاختصاص. وضمن الاحتفالات المخلدة لنفس الذكرى، حضر رئيس ديوان وزارة المجاهدين وذوي الحقوق السيد عبد الحفيظ خلاف رفقة السلطات الولائية و الأسرة الثورية و المجتمع المدني مراسم الترحم على أرواح الشهداء بالمعلم التذكاري بساحة الشهداء ببلدية رقان تم خلالها وضع باقة من الزهور وتلاوة فاتحة الكتاب ترحما على أرواحهم. وأج رئيس قسم التاريخ بجامعة أدرار عبد السلام كامون يؤكد فرنسا استخدمت مواطنين كفئران تجارب في التفجيرات النووية برقان أكد، أمس، رئيس قسم التاريخ بجامعة أدرار عبد السلام كامون بأن المؤرخين يواجهون مشاكل عويصة في الحصول على الوثائق لفضح جرائم فرنسا برقان جراء التفجيرات النووية التي لا تزال أضرارها متواصلة إلى غاية يومنا هذا، موضحا بأن الباحثين يعتمدون حاليا على الشهادات الشفوية فقط، مضيفا بأن وثائق التفجيرات النووية تعد من الملفات السرية للسلطات الاستعمارية، كما أشار إلى أن فرنسا لن تكشف عن الأرشيف كونه يفضح جرائمها بهذه المنطقة، و ذكر بأن فرنسا استخدمت مواطنين عزل كفئران تجارب في التفجيرات التي وقعت في 13 فيفري 1960، و قد نبه إلى أن الدراسات المعمقة في تفجيرات رقان تخص بشكل أكبر الفيزيائيين الذين يتوجب عليهم الاهتمام بهذا الموضوع. وقال أستاذ التاريخ عبد السلام كامون في محاضرة ألقاها بمقر جمعية الصحفيين والمراسلين لولاية البليدة على هامش سلسلة الندوات التي تنظمها جمعية بن جلول حول التفجيرات النووية برقان بأن المنطقة بأكملها اغتيلت من طرف المستعمر الفرنسي بتواطؤ صهيوني، مشيرا إلى أن فرنسا ادعت أن المنطقة خالية من البشر والخطر الإشعاعي لا يؤثر على السكان، في حين الحقيقة كانت عكس ذلك والمنطقة كانت آهلة، وأضاف نفس المتحدث بأن فرنسا اختارت رقان للقيام بهذه التجارب النووية كون المنطقة ذات موقع استراتيجي وقريبة من النيجر ومالي وموريتانيا، كما أنها منطقة فلاحية وغنية بمختلف الثروات. وذكر المؤرخ عبد السلام كامون عوامل داخلية وخارجية دفعت السلطات الفرنسية للقيام بهذه التفجيرات بالجنوب، بحيث تتمثل العوامل الداخلية في فشل السلطات الفرنسية في الشمال بعد سياسة الترغيب والترهيب، وهذا ما دفعها للانتقال نحو الصحراء، مضيفا بأن التفجيرات كانت بعد الإخفاقات السياسية والعسكرية الفرنسية، وكذا إخفاقها أمام الحكومة المؤقتة وخصوصا الجهود الدبلوماسية المكثفة التي قامت بها، أما الدوافع الخارجية للتفجيرات النووية برقان فقد حصرها نفس المتحدث في رغبة فرنسا في الالتحاق بالنادي النووي الذي دخلته قبلها دول كبرى، وكشف المؤرخ كامون عن استعانة السلطات الفرنسية ب 6500 فرنسي من تقنيين وعلماء للقيام بهذه التفجيرات، كما استغلت 3500 جزائري في حفر 14 نفقا، مضيفا بأن التفجيرات زلزلت الأرض وسودت السماء ووصلت آثارها لعدة دول، وقال بأن التفجيرات النووية برقان تعادل أربعة أضعاف تفجيرات قنبلة هيروشيما. رقان كانت آهلة بالسكان وغنية بالثروات قبل التفجيرات يقول المؤرخ عبد السلام كامون بأن رقان كانت آهلة بالسكان وغنية بالثروات قبل التفجيرات، وكانت أيضا، حسبه، تتوفر على عشرات العقارات والقصور والواحات، كما كانت توفر الاكتفاء الذاتي ولم تكن خالية من الحياة كما كانت تدعي السلطات الاستعمارية، "أما اليوم بسبب التفجيرات النووية فقد تحولت أراضيها إلى أرض جرداء"، مشيرا إلى أن النخلة الواحدة كانت تنتج كمية قنطار من التمور، في حين اليوم لا تنتج سوى 10 كلغ وغير صالحة للاستهلاك جراء تأثر الأرض بالإشعاعات النووية، كما كانت تصدر رقان حسب نفس المتحدث 400 قنطار من مادة الطماطم يوميا، في حين اليوم وبسبب التفجيرات النووية تراجع الإنتاج بشكل كبير، كما اختفت الحيوانات والطيور، وأصبحت انعكاسات هذه التفجيرات طاردة للإنسان والحيوان والنبات، إلى جانب المياه الملوثة رغم المحاولات العديدة من السلطات الجزائرية بعد الاستقلال لاستصلاح الأراضي لكن دون جدوى، مشيرا إلى أن الدراسات تتحدث عن استمرار أضرار الإشعاعات النووية بهذه المنطقة لمدة 24 ألف سنة، وبذلك فهي ما تزال في بدايتها الأولى. وبخصوص المواقف الدولية تجاه التفجيرات النووية الفرنسية بالصحراء الجزائرية، أوضح نفس المتحدث بأن الولاياتالمتحدةالأمريكية رحبت، وهيئة الأممالمتحدة التزمت الصمت، في حين الدول العربية عارضت ونددت بهذه الجريمة. الإشعاعات طالت الأجنة في بطون أمهاتهم يقول المؤرخ عبد السلام كامون بأن معاناة سكان رقان لا تزال متواصلة جراء الإشعاعات النووية ومست الحرث والزرع، وحتى الأجنة في بطون أمهاتهم، مشيرا إلى أن العائلات بالمنطقة أول ما تستفسر عنه بعد أن يزدان لديها مولود هو سلامته الصحية، وعدم وجود تشوهات خلقية، وتحدث عن انتشار التشوهات الخلقية لدى المواليد، إلى جانب العقم، أمراض العيون، الصم، السرطان وغيرها من الأمراض، وطالب نفس المتحدث باعتماد يوم 13 فيفري يوما وطنيا، وإدراج الجرائم الفرنسية ضمن البرنامج الدراسي، كما دعا إلى الضغط على السلطات الفرنسية للاعتراف بجرائمها وإجبارها على تطهير المنطقة من الإشعاعات النووية. كما اقترح ذات المؤرخ، إنشاء مخبر في الجامعة الجزائرية يعنى بالبحث في التفجيرات النووية والصحراء، وبرمجة حملات تضامنية للعائلات المتضررة. الصهاينة لديهم يد واضحة في التفجيرات النووية من جهة أخرى، يقول عمر الهامل الناشط الجمعوي برقان في محاضرته بمقر جمعية الصحفيين بالبليدة بأن يد الصهاينة جلية في التفجيرات النووية برقان، مشيرا إلى أن فرنسا طلبت الدعم من أمريكا والإتحاد السوفياتي وبريطانيا، لكن بعد رفض هذه الدول قصدت فرنسا الكيان الصهيوني الذي وافق على العرض مقابل الحصول على ثروات الصحراء الجزائرية، مشيرا إلى مشاركة 11 خبيرا صهيونيا و100 اختصاصي في التفجيرات النووية برقان، مضيفا بأن فرنسا استعملت المساجين الجزائريين كحقول تجارب في هذه التفجيرات من أجل أن تدخل للنادي النووي. نورالدين ع المكلف بالدراسات في مرصد التسلح بفرنسا جزائري واحد حصل على تعويض عن أضرار التفجيرات يطرح تطبيق قانون الاعتراف بضحايا التفجيرات النووية الفرنسية وتعويضهم المعروف باسم «قانون مورين»، «مشكلة حقيقية» بعد مرور 12 سنة على صدوره حسبما أكد خبير فرنسي الذي أشار إلى أن جزائريا واحدا فقط استفاد لحد الآن من التعويض المنصوص عليه في هذا القانون. و في حديث خص به وأج أكد توني فورتين، المكلف بالدراسات في مرصد التسلح بفرنسا، أن «قانون الاعتراف والتعويض لضحايا التجارب النووية لفرنسا، المعروف باسم قانون مورين، والذي يسمح للأشخاص المعترف بهم كضحايا بالحصول على تعويض، تمت المصادقة عليه بعد مرور 14 سنة من انتهاء تجارب فرنسا في بولينيزيا». وأشار السيد فورتين إلى أن هذا القانون «يسمح للأشخاص المعترف بهم كضحايا بالحصول على تعويضات»، موضحا أنه «بعد مرور 10 سنوات من التنفيذ نلاحظ أن شخصا واحدا فقط مقيما في الجزائر استطاع الاستفادة منه وهو أمر غير مفهوم وغير متوافق مع الواقع». بالنسبة للسيد فورتين وهو وراء العديد من المساهمات حول التفجيرات النووية في العالم، «هناك وضع معقد» فيما يتعلق بتعويض الضحايا، معتبرا أن «التزام الجمعيات مع المحامين هو وحده الذي مكن من الحصول على التعويضات التي لا تزال محدودة للغاية مقارنة بالعدد الفعلي للضحايا». وأكد الباحث في مرصد التسلح أن هذا القانون «نتج عن تعبئة كبيرة للمواطنين أدت إلى دعم البرلمانيين ووسائل الإعلام»، ويتعلق «نظريا بجميع الضحايا بغض النظر عن جنسيتهم». وأوضح أنه للاستفادة منها، لا بد من استيفاء معايير محددة، لا سيما «التواجد في منطقة معينة، وهذا خلال فترة التجارب، و وجود أحد الأمراض ال 23 المدرجة في المرسوم»، معربا عن أسفه كون «تطبيق هذا القانون يطرح مشكلة حقيقية». وبخصوص الأرشيف المتعلق بموقع نفايات التفجيرات النووية الفرنسية في الجنوب الجزائري، أشار إلى أن القرار الذي اتخذته الجزائر بإنشاء وكالة لإعادة تأهيل مواقع التفجيرات النووية السابقة في الجنوب الجزائري في جوان 2021 هو «خطوة أولى في هذا الاتجاه». و ذكر السيد فورتين في هذا الصدد، أن مرصد التسلح نشر بالاشتراك مع ICAN-فرنسا في سنة 2020 دراسة حول نفايات التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر («تحت الرمال، النشاط الإشعاعي»)، والتي تم تضمين توصياتها في تقرير المؤرخ بنجامين ستورا (جانفي 2021)، معربا عن أسفه كون «حتى الآن، لا يبدو أن شيئا قد تغير على هذا المستوى، حتى لو تم فك بعض الانسدادات في مسائل الذاكرة في إطار العلاقات بين الجزائروفرنسا». وفي حديثه عن تطهير المواقع الملوثة في الجنوب الجزائري، أوضح أنه في عام 2008 فقط تم تشكيل مجموعة عمل مشتركة جزائرية-فرنسية «من أجل تقييم الوضع وتقديم توصيات»، مشيرا إلى أن «مجموعة العمل هذه تجتمع ولكن ليس لدينا أي تقرير عن نشاطاتها».بالنسبة للسيد فورتين، فإن هذا «مضر، قبل كل شيء، بالسكان الذين يعيشون بالقرب من المواقع».