شهدت المقاطعة الإدارية علي منجلي بقسنطينة خلال السنوات الأخيرة، تطورا ملحوظا في مجالات العمران و الأنشطة التجارية و حتى الخدمات التي صارت تستقطب آلاف الزوار يوميا، ما جعلها تبدو مدينة أكثر عصرية بمظهر مختلف بدأ يغير الصورة النمطية التي ارتسمت في السابق عن هذا القطب العمراني الضخم، فيما يؤكد مختصون أن الانتعاش التجاري لعب دورا محوريا في هذا التحول. روبورتاج: حاتم بن كحول و بالرغم من العديد من النقائص التي ما تزال مسجلة، عرفت علي منجلي تطورا على عدة مستويات، سواء تعلق الأمر بعدد السكان أو المجمعات السكنية الجديدة، أو من حيث عدد المحلات والمراكز التجارية والهياكل العمومية، ما جعلها قطبا عمرانيا و تجاريا بامتياز. و بعد الاقتراب من التحول إلى مدينة مليونية، شهدت هذه المقاطعة الإدارية استثمارات كبيرة من طرف رجال أعمال و تجار، جعلوا منها عاصمة الولاية لإنشاء مشاريع متنوعة، لتتحول هذه المنطقة التي كانت تعرف بكثرة الشجارات و المنحرفين، إلى قبلة للزائرين من الولايات الشرقية وحتى من الجارة تونس. الاستثمارات والمشاريع الجديدة، أعطت منظرا جميلا للمدينة، بعد إنجاز عشرات المراكز التجارية بطريقة عصرية حديثة، حيث تتوزع بين عدد من الإقامات المنجزة على الطريقة الأوروبية سواء من حيث ارتفاعها الشامخ، أو ألوانها المتناسقة وحتى الأسوار المحيطة بها. فضاءات تجارية تستقطب علامات عالمية وبعد سلسلة الترحيلات التي مست سكان مدينة قسنطينة وبعض الأحياء الهشة الأخرى، ارتفع عدد قاطني علي منجلي إلى قرابة مليون نسمة، ما جعلها قبلة للتجار المتوافدين عليها من مختلف المناطق داخل الولاية وخارجها، لتشتعل المنافسة بين أصحاب المحلات من أجل منح كل تاجر لمحله أو مركزه واجهة عصرية يتفوق فيها على الآخر. و يشد انتباه كل قادم لعلي منجلي من الجهة الشمالية بعد المرور على أكبر قطب جامعي في القارة، محلات تجارية كبرى من بينها بناية من طابقين لبيع البيتزا والإطعام السريع، بتصميم مستوحى من الرسوم المتحركة، سلاحف النينجا، حيث تم رسم هذه الشخصيات الكارتونية المحبوبة والمشهورة بتناول البيتزا، مزينة بأضواء مع إنجاز واجهة البناية بالزجاج والألمنيوم عوض الإسمنت المسلح، ما منحها منظرا جميلا خصوصا ليلا. و على بعد أمتار، توجد محلات تنشط أيضا في الإطعام السريع، وكلها بواجهات عصرية و بألوان متناسقة على غرار تلك «الميغا» ثم مقهى فضل صاحبها تزيينها بتعليق مركبة من الطراز القديم مثبتة على سطحها، وتقابله فضاءات تجارية أخرى، كما تم فتح محلات لعلامات عالمية شهيرة في صناعة الشكولاطة على غرار «فانشي». و داخل المدينة وتحديدا في الوحدة الجوارية 7، يوجد مركزان تجاريان هما «سون فيزا» و «لاكوبول»، المنجزان بالزجاج الحديث مع وضع شاشة عملاقة تستغل في الإشهار لبعض المنتجات، ويظهر جمال البنايتين بعد غروب الشمس وتشغيل الأضواء التي تزين المكان، حيث مهدّا قبل حوالي 8 سنوات، لظهور الفضاءات التجارية العصرية.كما اشتهرت الوحدة الجوارية 15 لعماراتها الحديثة، ولكن خطفت المحلات التجارية الواقعة أسفلها الأضواء، بعد أن لجأ كل التجار في مختلف النشاطات، إلى استحداث واجهات حديثة ومتطورة، جعلت من هذه المنطقة قبلة للزائرين من داخل وخارج الولاية، وخاصة بالنسبة لتجارة الألبسة والأحذية وكذا المستلزمات المنزلية. وتضم الوحدتان الجواريتان 6 و 2، مركزين تجاريين يستقطبان آلاف الزبائن يوميا وهما «الرتاج» و «الرتاج مول»، هذا الأخير الذي تم افتتاحه قبل نحو 6 سنوات، ويشهد اليوم إقبالا وشهرة أحيت الحياة بتلك المنطقة، ليقرر تجار استحداث منطقة تجارية أخرى بالوحدة الجوارية 20 سميت «السكوار»، وهي عبارة عن عشرات المحلات التجارية متنوعة النشاطات، تقع أسفل عمارات جديدة، وقد منحت منظرا جميلا للمنطقة بعد الواجهات الزجاجية المزينة بلوحات مزركشة بألوان مضيئة. إقامات سكنية وعمارات بحلة حديثة ولعبت هياكل أخرى دورا في منح المدينة منظرا جميلا، و تتمثل في الإقامات السكنية الجديدة، التي أنجزت بحلة حديثة مغايرة تماما عن تلك القديمة، ويلاحظ الوافد على علي منجلي عبر الطريق الرئيسي سلسلة من العمارات الشامخة على طول الطريق وصولا إلى محور الدوران المؤدي إلى جامعة عبد الحميد مهري، وجلها تابع لبرنامج «عدل». كما شُيّدت عمارات حديثة في الوحدة الجوارية 20 وتحديدا على حافة الطريق الاجتنابي أو ما يسمى بطريق الوزن الثقيل، بعد إنجاز بنايات ذات ارتفاع معتبر بأسقف من الآجر الأحمر، تحيط بها مجموعة من الإقامات السكنية المجهزة والحديثة. وانتشرت الإقامات السكنية الجديدة بمختلف الوحدات الجوارية على غرار 20 و19 و17 و4 و16 و15 و6 و7، ويكتب اسم كل إقامة على واجهة إحدى العمارات، وتحيط بها أسوار، كما أنها مزودة بمساحات خضراء ومرافق ترفيهية وغالبا ما لا يدخلها إلى قاطنوها. إدارات عمومية وخاصة منجزة بمعايير متطورة كما تميزت مباني بعض الإدارات العمومية والخاصة، بفضل هندستها المعمارية المتطورة، على غرار مقري شركة توزيع الغاز و الصندوق الوطني للتقاعد و كذلك المديرية الجهوية لمسح الأراضي، والعيادة متعددة الخدمات بن قادري و مقرات الأمن و المقاطعة الإدارية وغيرها من الهياكل التي أنجزت وفق معايير عصرية زادت من جمال المدينة مقارنة بما كانت عليه قبل سنوات قليلة.وساهمت إعادة تهيئة بعض الوحدات الجوارية القديمة، في تحسين منظر المدينة، حيث تشرف عليها المؤسسة البلدية «إيفانام»، بداية بالطرقات الداخلية التي جددت كليا، وكذا الأرصفة، مع استحداث مساحات خضراء وسط المجمعات السكنية وعلى حواف الطرقات مثل ما تم في المحور الفاصل بين الوحدتين 8 و6، وكذا بالمسلك الفاصل بين الوحدتين 5 و6، حيث تم إنشاء مساحات خضراء ومقاعد تستغل من طرف العائلات و تزويدها بألعاب تقليدية مخصصة للأطفال.و أبدعت المؤسسة في تزيين الطريق الرئيسية من مداخل علي منجلي وصولا إلى مقر المقاطعة الإدارية، بعد نجاحها في تهيئة الأرصفة وتزيينها بمساحات خضراء، واستحدثت المؤسسة مساحة على شكل مدرجات ومسرح في فضاء يقع بين عمارات «جيكو» و«عدل الصينية»، ما جعلها قبلة للعائلات عند كل أمسية.كما تزينت الطريق الممتدة نحو مقر المقاطعة الإدارية، وصارت من أكثر المناطق جمالا في مدينة علي منجلي، بعد وضع النخيل في شكل مستقيم على طول المسافة التي لا تقل عن 200 متر، وظهرت علي منجلي بحلة أجمل بكثير مما كانت عليه بفضل هذه المساحات الخضراء. خط الترمواي يزيد جمالية المكان و زاد خط الترمواي من جمال مدخل المدينة، مرورا على الطريق الرئيسي و وصولا إلى جامعة عبد الحميد مهري، و تشق العربات طريقها بين أبراج مزينة بألوان متناسقة، تزين مسارها مساحات خضراء، كما تتوسط عشرات المحلات التجارية العصرية وخاصة بحي الاستقلال مرورا على «الفيرمة» ثم إلى حي «كوسيدار» الذي اشتهر بتجارة بيع الألبسة. كما يزين مسار الترامواي الذي تم تدشينه الصائفة الماضية، محطات عصرية منتشرة بعد كل 100 متر أنجزتها الشركة العمومية «كوسيدار»، حيث تشقها محاور دوران وتقاطعات للطريق تنظمها أضواء إشارات المرور، ليكون هذا الخط تكملة لسلسلة المنشآت والهياكل العصرية التي تدعمت بها المقاطعة الإدارية في آخر خمس سنوات، حيث أضفت مظهرا حديثا على المدينة. ح.ب * الدكتور بقسم التعمير عبد الوهاب بوشارب الانتعاش التجاري لعب دورا مهما ويجب تطوير المدينة أكثر أكد الأستاذ بقسم التعمير في كلية الهندسة المعمارية بجامعة صالح بوبنيدر بقسنطينة، الدكتور عبد الوهاب بوشارب، أن علي منجلي في طريقها إلى التحول لمدينة عصرية، بفضل الواجهات الحديثة التي ساهمت في إنعاش المنطقة، فصارت أكثر ديناميكية و تحمل لمسة راقية تتناسب مع المراكز و المحلات التجارية. و أضاف الأستاذ في حديثه للنصر، أن أصحاب المراكز و المحلات التجارية، اعتمدوا على واجهات جميلة كنوع من التسويق، ممثلا بمحلات «السكوار»، وهي فكرة ابتكرها تجار باستحداث واجهات أسفل عمارات جميلة، وعرفوا كيف يمنحونها منظرا فريدا من خلال طريقة وضع السلالم وحتى توفير النقل والأمن بالمنطقة.وتابع الأستاذ بأن علي منجلي كانت قبل سنوات، مدينة لاحتضان برامج الإسكان بعد سلسلة الترحيلات إليها من مدينة قسنطينة، وكان الأهم حينها هو تعميرها، ولكن حاليا تحولت إلى وجهة يختارها قاطنوها، إذ وبفضل الاستثمارات ومشاريع الإنشاءات تحولت إلى مرفق تجاري وقطب سكني بامتياز، فأصبح المواطنون يرغبون في العيش بها، و من بينهم الإطارات، لذلك صار المقاولون يركزون على إنجاز سكنات حديثة متطورة ومجهزة داخليا وخارجيا. و قال المتحدث، إن تطور المنشآت والبنية التحتية بعلي منجلي لم يأت من فراغ، وإنما هو امتداد للتطور الحاصل في بقية القطاعات، ممثلا بالطرق الحديثة للتبادل التجاري العلني أو عبر الأنترنت، كما أشار إلى تحول الشباب لأعمال كانوا يستحون منها سابقا، على غرار توصيل «البيتزا» و الإطعام السريع، ما حوّل علي منجلي إلى مدينة نشطة حتى ليلا، حيث دخلت وتيرة حياة جديدة تواكبها واجهات عصرية بما جعلها في الطريق لأن تكون مدينة عصرية.و تابع الأستاذ الجامعي، أن علي منجلي لا تزال مقاطعة إدارية تابعة لبلدية أخرى، أي أنها ليست مستقلة ماليا، رغم قوتها من حيث الموارد المالية، بحكم انتعاشها تجاريا و من حيث العقار، لذلك وجب، مثلما أضاف، الاستغلال الجيد لهذا المكسب من أجل تطويرها أكثر و استحداث مشاريع إضافية تزيد من عصرنة المراكز والأحياء و مختلف الهياكل. ح.ب