فقدت الساحة الفنية الجزائرية أمس الأول عميد الأغنية البدوية ، الفنان القدير خليفي أحمد عن عمر يناهز 91 سنة. وبرحيل خليفي احمد تفقد الجزائر واحدا من أقوى الأصوات التي حفظت التراث الفني الوطني. وكان خليفي أحمد اختفى عن الساحة الفنية بسبب مرض لازمه منذ سنوات طويلة. ولد صاحب رائعة "قلبي أتفكر عربان رحالة" واسمه الحقيقي أحمد عباس بن عيسى سنة 1921 بسيدي خالد بولاية بسكرة ، ينتمي إلى عرش أولاد عبد الرحمان بن خليفة. ترعرع في بيئة محافظة ودرس القرآن الكريم على يد عدد من المشايخ ، حيث حفظ نصف القرآن الكريم و هو صغير السن ، كما تأثّر بخاله الشيخ بن خليفة الذي كان مداحا و يشرف على مجموعة صوتية لفوج صوفي تابع لزاوية الرحمانية. بدأ مسيرته الفنية في سن العشرينات من عمره فغنى لكبار الشعراء أمثال عبد الله بن كريو من الأغواط، ومن سيدي خالد الشيخ سي بن يوسف المتخصص في الشعر الصوفي والمدائح الدينية، ومن بين هذه القصائد" ساروا ساروا" و " اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد " وغنى للشاعر الشيخ السماتي ومن كلماته " ياقمري " وغنى للشيخ بن قيطون أغنية "حيزية " وكانت أولى أغانيه في الإذاعة الوطنية، وغنى للشاعر محمد بن خيرة من الجلفة، وكان معجبا بالشاعر العلواوي الحاج يحيى من حاسي بحبح وغنى للشاعر بن علال من قصر الشلالة أغنية " قلبي تفكر عربان رحالة" غنى أيضا للثورة فقال في ذلك " كنا نبعث رسائل مشفرة في الأغاني لدعم الثورة" كان أخوه الأكبر عازف القانون في الإذاعة الجزائرية ينتمي إلى فرقة جبهة التحرير الوطني أثناء الثورة التحريرية. حافظ الفنان البدوي الأصيل على الأغنية الصحراوية، وغنى جميع طبوع الفن الصحراوي والتي تفوق السبعة، إذ لم يسبق لأحد قبله أن غناها. نال شهرة واسعة بهذا الفن باعتراف وشهادات عدد من المخرجين والفنانين الكبار، ووفقا لما ذكره احد المخرجين في التلفزيون أن العمل مع خليفي احمد صعب للغاية من كثرة الاهتمام.. استقرّ في عام 1941م بقصر الشلالة حيث التقى بأحد الموسيقيين الذي لقنه فن الموسيقى وهو الذي كان يمتلك الإستعدادت الطبيعية لذلك. بعد عامين غادر قصر الشلالة متوجها إلى الجزائر العاصمة التي مكنته من إرساء شهرته أولا بصفته مؤديا للمدائح الدينية في مسجد سيدي امحمد بحي بلوزداد و فيما بعد كقائد للفرقة الموسيقية البدوية بالإذاعة. كان الأستاذ البودالي سفير قد أسس ضمن هذه المؤسسة خمس فرق موسيقية ، و خلال الحصة الإذاعية "من كل فن شوي " للأستاذ محمد نجيب حشلاف برز اسمه لدى المستمعين و الجمهور ، كما سمحت له هذه الحصة أن يتعرف على بعض شعراء الملحون من بينهم الشيخ عيسى بن علال الذي كتب له "قلبي أتفكر عربان رحالة"و التي نال بها نجاحا باهرا. شارك أيضا في حصة إذاعية أخرى كان يقدّمها الشيخ رحاب الطاهر و التي كانت تتناول مواضيع الغناء البدوي . في هذه الفترة تميّز فيها بأغنية من التراث و هي "قمر الليل" و التي بفضلها تمكن مرّة أخرى من الحصول على نجاح كبير و زادت شعبيته و زاد إقبال الجمهور على أغانيه الأصيلة. انسحب الفقيد من الساحة الفنّية بسبب المرض بعد مشاركتين متميّزتين الأولى في الأسبوع الثقافي الأول الذي نظّم بالمملكة العربية السعودية في شهر ديسمبر من عام 1987م و الثانية في تظاهرة موسيقية نظّمت بالمغرب في جويلية من عام 1988م. و تحصل على عدة جوائز ومنها الجائزة الأولى في المهرجان الوطني للأغنية الجزائرية الذي تمّ تنظيمه في شهر جوان عام 1966م بمدينة وهران ، و كان من بين المشاركين في الأسبوع الثقافي الجزائري بباريس عام 1972م.كما شارك في عدة مهرجانات عربية وعالمية وتحصل على الميدالية الذهبية بدمشق في مهرجان الأغنية العربية ، وكانت الأغنية التي شارك بها هي "كلمني ونكلمك بالتيليفون" وهي أغنية صحراوية من كلمات الشاعر رابح درياسة، إلى جانب حصوله على عدد من الميداليات الذهبية التي نالها في بعض المهرجانات العربية التي شارك فيها في كل من المغرب وتونس وسوريا وحتى في باريس . كان الرئيس التونسي بورقيبة يطلب من الرئيس الراحل هواري بومدين الذي كان هو الآخر معجبا بغنائه أن يحضره إلى حفلات تونس.غنّى بجانب اكبر الفنانين العرب أمثال أم كلثوم ووديع الصافي الذي كان معجبا بصوت خليفي احمد *لأنه صوت عربي أصيل* هكذا كان يقول عنه.