نحو إنشاء مكتب للتحقيقات والتحليلات في حوادث الطيران المدني تستعد الجزائر لفتح المنافسة في قطاع النقل الجوي الذي ظل حكرا على مؤسسات وطنية، أبرزها الخطوط الجوية الجزائرية. حيث أكد المدير العام للوكالة الوطنية للطيران المدني، أن مصالحه ستعمل في المديين القريب والمتوسط على تحرير النقل الجوي وفق شروط المنافسة العادلة وكذا خلق ظروف إيجابية لتطوير وتهيئة شركات النقل الجوي الوطنية لمواجهة المنافسة مع تأمين مستوى عال من السلامة الجوية وأمن الطيران المدني وحماية حقوق المسافرين عبر الجو طبقا للتوصيات الدولية. تعتزم الحكومة تحرير قطاع النقل الجوي في آجال قريبة، لتحسين الخدمات المقدمة للزبائن وخلق تنافسية أكبر في هذا المجال الذي يظل حكرا على الشركات العمومية بعد فشل التجربة الأولى أواخر التسعينيات، حيث تنوي الشركة إعادة فتح المجال الجوي بشروط تضمن التنافسية والمراقبة، وحصر التراخيص على الشركات القادرة على ضمان مستوى من الخدمات لتفادي السيناريو الذي عرفته الجزائر من قبل بعد منح التراخيص لعدة شركات في النقل الجوي الداخلي والخارجي، أبرزها شركة الخليفة للطيران وكذا شركة الصحراء إير لاينز طاسيلي (اقتنتها لاحقاً شركة «سوناطراك»)، قبل أن تتوقف هذه الشركات عن العمل، بسبب مشكلات مالية وقانونية. وبهذا الخصوص، أكد المدير العام للوكالة الوطنية للطيران المدني السيد حمزة بن حمودة. خلال جلسة استماع بالمجلس الشعبي الوطني، أن هيئته ستعمل أولا على مواكبة التطور التقني والتكنولوجي الذي يشهده مجال الطيران المدني وستعمل أيضا على إنشاء قطب نموذجي شامل للتكوين في المهن المتعلقة بهذا المجال. وأوضح رئيس سلطة الطيران المدني، أمام لجنة النقل والمواصلات والاتصالات السلكية واللاسلكية، أن الهيئة ستعمل في المديين القريب والمتوسط على تحرير النقل الجوي وفق شروط المنافسة العادلة وكذا خلق ظروف إيجابية لتطوير وتهيئة شركات النقل الجوي الوطنية لمواجهة المنافسة مع تأمين مستوى عال من السلامة الجوية وأمن الطيران المدني وحماية حقوق المسافرين عبر الجو طبقا للتوصيات الدولية. وابرز المتحدث، في نفس السياق، أن النقل الجوي يشكل محركا أساسيا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وعاملا لإدماج الجزائر على المستويين الجهوي والدولي ما يحتم على الجزائر مواكبة تطوره لجعل قطاع الطيران قادرا على رفع التحديات التي تفرضها المنافسة، مبرزا أن هذا العمل لن يتأتى إلا من خلال تبني إستراتيجية تهدف أساسا إلى تطبيق تعليمات رئيس الجمهورية ببعث حركة الطيران الوطني من خلال تقوية الهياكل والوسائل القاعدية للمجال. وأضاف السيد بن حمودة أن هذه الإستراتيجية المستمدة من تعليمات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون ترمي إلى تمكين الجزائر من الاندماج في مجال الملاحة الجوية العالمية وتعزيز مكانتها ودعم مصداقية الطيران المدني الجزائري على الصعيدين الوطني والدولي، وأكد أن كل هذه الطموحات لن تتحقق دون تبني إصلاحات واقعية. أما فيما يخص المهمة المتعلقة بالتحريات التقنية حول حوادث الطيران، فأوضح السيد بن حمودة أنه يجب أن تتم طبقا لكيفيات وقوانين لا تسمح فقط بالكشف عن أسباب الحادثة أو الواقعة وإنما تفادي حوادث الطيران المحتملة كذلك وأوضح ضرورة العمل بأسرع وقت على إنشاء مكتب للتحقيقات والتحليلات في حوادث الطيران المدني يمكن من استغلال قاعدة بيانات الملاحة بشكل منهجي. في نهاية عرضه أبدى السيد بن حمودة استعداده للعمل مع ممثلي الشعب ومع مختلف الفاعلين والشركاء وخاصة الجامعات والمعاهد على تفعيل خارطة الطريق المتعلقة بتعزيز منظومة الطيران المدني في الجزائر من خلال الإشراف والتنظيم والرقابة ودعم الاستثمار في هذا المجال للنهوض بهذا القطاع الذي يجب أن يكون واجهة قوية تعزز مكانة الجزائر بين الأمم. وكان مجلس الوزراء المنعقد أواخر نوفمبر الماضي، قد قرر «إعادة النظر في طريقة تسيير الخطوط الجوية الجزائرية، وفق مخطط عصري، بمعايير عالمية»، و»التحضير لإنهاء عملية اقتناء الطائرات في أقرب الآجال، في إطار تجديد الأسطول الجوي الجزائري، على أن يفصل اجتماع مجلس الوزراء المقبل في الملف»، حيث تسعى الجزائر لاقتناء 15 طائرة جديدة لدعم أسطول النقل الجوي . وتقرر كذلك إعادة «تنشيط الملاحة الجوية في مختلف مطارات الوطن، باعتبارها هياكل إستراتيجية قادرة على بعث حركة الطيران»، وكذا «العودة إلى معدل رحلات الخطوط الجوية الجزائرية إلى ما قبل وباء كوفيد، مع تكثيف رحلات العمرة والرحلات الجوية ذات الطابع السياحي بين باريس ومدينة جانت» جنوبي الجزائر. وأمر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، شهر سبتمبر الماضين الحكومة بالإسراع في فتح عملي لسوق النقل الجوي والبحري أمام الشركات الخاصة التي ترغب في الاستثمار والعمل في القطاعين. وحث تبون الحكومة خلال مجلس للوزراء، على «الفصل في الملفات المودعة لفتح شركات نقل خاصة، جوية وبحرية، تستجيب للشروط العالمية في هذا المجال». وكشفت وزارة النقل، في هذا الإطار، عن منح الموافقة المبدئية ل 16 طلب استثمار في مجال النقل الجوي، منها تسعة تتعلق بخدمات النقل الجوي العمومي للمسافرين والبضائع، من بينهم شركتين خاصتين بالنقل الجوي. ومن شأن فتح هذا القطاع الاستراتيجي أمام استثمارات القطاع الخاص، إنهاء احتكار الشركات الحكومية للقطاع، حيث ستنافس هذه الشركات الجديدة، شركة الخطوط الجوية الجزائرية وشركة طاسيلي للطيران كما سيؤدي إلى تحسين الخدمات للمسافرين.