يترقب الشارع السوداني، غدا السبت، توقيع المكون العسكري و القوى المدنية على الاتفاق السياسي النهائي، في انتظار التوقيع على الدستور الانتقالي في السادس من أبريل، تمهيدا لتشكيل مؤسسات السلطة الانتقالية في 11 من الشهر ذاته، وخروج المكون العسكري من العملية السياسية لإتاحة الفرصة للتحول الديمقراطي. تضمنت وثيقة الاتفاق السياسي، الذي تصدرته قضية الإصلاح الأمني و العسكري، مبادئ عامة حول الانتقال الى جانب هياكل السلطة الانتقالية، حيث توسعت الأطراف في تفصيل القضايا محل الخلاف والتي كان جرى ترحيلها من الاتفاق الإطاري المبرم في الخامس من ديسمبر الماضي، بين مجلس السيادة العسكري الحاكم وقوى مدنية أبرزها "الحرية و التغيير -المجلس المركزي" لبدء مرحلة انتقالية تستمر عامين وتنتهي بنقل السلطة إلى المدنيين. و شهدت الساحة السياسية السودانية، في الآونة الأخيرة، حالة من الحراك على المستوى الداخلي والخارجي، حلحل الجمود الذي أصاب التقدم في العملية السياسية، وذلك مع إنطلاق المرحلة النهائية للعملية السياسية في الثامن من يناير الماضي، وهي المرحلة المتممة للاتفاق الإطاري. و يهدف الاتفاق الإطاري بين السودانيين - الذي شاركت في مشاوراته الآلية الثلاثية (الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد") والرباعية المكونة من الولاياتالمتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات - إلى حل أزمة ممتدة منذ 25 أكتوبر 2021، حين فرض رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان إجراءات استثنائية، حل بموجبها مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وأعلن حالة الطوارئ وإقالة المحافظين. و قبل إجراءات البرهان الاستثنائية بدأت بالسودان في 21 أغسطس 2019 مرحلة انتقالية كان مقررا أن تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، يتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام جوبا عام 2020. و بعد مشاورات مكثقة، اتفقت أطراف الاتفاق الإطاري على توقيع الاتفاق النهائي في الأول من أبريل، وتشكيل لجنة لصياغة دستور جديد مكونة من 11 شخصا، تضم 9 من أعضاء الجماعات المدنية وواحدا من الجيش وآخر من قوات الدعم السريع، ويكون 40% من أعضاء اللجنة من النساء. كما اتفقت الأطراف على توقيع الدستور الانتقالي في السادس من أبريل، وتشكيل مؤسسات السلطة الانتقالية (الحكومة الجديدة) في 11 من الشهر نفسه، وفقا لما أعلن عنه المتحدث باسم العملية السياسية بالسودان خالد عمر يوسف. و يعتبر الإتفاق الإطاري، المدعوم من القوى الإقليمية والدولية، بمثابة اتفاق مرجعي ينطوي على المبادئ العامة المستندة على دستور نقابة المحامين، وكأساس لإدارة المرحلة الانتقالية، والذي أرجأ خمس قضايا أساسية للنقاش في المرحلة النهائية، وهي : "مسألة العدالة، والعدالة الانتقالية"، و"اتفاق السلام المبرم في جوبا"، إلى جانب "إعادة هيكلة وإصلاح منظومة الأمن"، بالإضافة إلى "إزالة التمكين واسترداد أموال الدولة"، فضلا عن قضية "شرق السودان". و عملت لجنة التنسيق بين القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري على عقد لقاءات وورش عمل بشأن القضايا المؤجلة السابقة الذكر. و نظمت خمس مؤتمرات وورش خلال الأسابيع الأخيرة وهي: ورشة عمل حول تفكيك النظام البائد، مؤتمر تقييم اتفاق السلام، ورشة تقييم اتفاق جوبا، ومؤتمر رسم خارطة طريق في المجالات السياسية والأمنية والتنمية المستدامة في شرق السودان، وكان آخرها ورشة الإصلاح الأمني والعسكري، التي انعقدت خلال الفترة من 26 إلى 29 مارس، والتي تمثل أحد أهم متطلبات الاتفاق السياسي للأزمة الراهنة بالسودان وخطوة نحو تأسيس فترة انتقالية مستقرة ومدتها عامين.