تأكيدات متتالية من الفريق أول عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، على أن الجيش لا يريد التدخل في السياسة. أحدث التأكيدات جاءت على لسان البرهان، أمس الأول، حين قال إن السودان سيبني جيشا لا يتدخل في السياسة، مضيفا "نريد أن نمكن أي سلطة مدنية قادمة من أن تكون القوات المسلحة تحت إمرته". البرهان الذي كان يتحدث في ورشة عمل عن الإصلاح الأمني والعسكري نظمتها القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري بالتعاون مع الآلية الثلاثية، الأحد، قال إن "الشعب السوداني ينتظر منا التوصل إلى ما يرتضيه ولن نتأخر في تنفيذ التزماتنا"، مشيرا إلى أن عملية الإصلاح الأمني والعسكري طويلة ومعقدة. وأضاف "نريد بناء قوات مسلحة بمعايير ترتضيها الأنظمة الديمقراطية، ونسعى أن تكون القوات المسلحة بعيدة تماما عن العمل السياسي". البرهان أكد أن الجيش لن يقف حجر عثرة أمام إصلاح البلاد، معربا عن ترحيبه بكل ما يمكن أن يصلح المؤسسة العسكرية. ولم تتوقف التأكيدات عند البرهان، بل انضم له المتحدث باسم العملية السياسية في السودان خالد عمر يوسف، الذي أكد إجراء مناقشات جادة مع الجيش بشأن الإصلاح الأمني والعسكري، وقال إنه "أمامنا فرصة حقيقية لوقف مزيد من إراقة الدماء". وأضاف "نخطو خطوة مهمة وسنعبر ما تبقى معا مدنيين وعسكريين، وسنبذل جهودا لضم جميع الأطراف إلى العملية السياسية". إشادة أممية أما المبعوث الأممي إلى السودان فولكر بيرتيس، فأكد أن الإصلاح الأمني يعني الإصلاح العسكري والاستخباراتي وجهاز الشرطة، مشيرا إلى أن نقاط التوافق في ورشة الإصلاح تفوق نقاط الخلاف بأشواط، ودعا إلى استغلال هذه الفرصة. وأشاد بيرتيس بالتقدم المحرز في دفع الترتيبات الأمنية بالسودان، وقال "نأمل في مواصلة تلك الجهود". ودعا إلى مواصلة استكمال عملية السلام مع القوى والكيانات غير الموقعة على الاتفاقات. التزام بالتحول الديمقراطي من جهته، قال محمد حمدان دقلو "حميدتي" نائب رئيس مجلس السيادة السوداني قائد قوات الدعم السريع إن عملية الإصلاح الأمني والعسكري في البلاد ليست سهلة وتحتاج إلى تطوير ومواكبة التشريعات والقوانين. وأكد دقلو التزام قوات الدعم السريع التي يقودها بعدم الحياد عن التحول الديمقراطي، مشيرا إلى أن التحول الديمقراطي هدف استراتيجي لا حياد عنه. استباق لتوقيع الاتفاق النهائي وتأتي هذه التصريحات قبل أيام من الموعد المقرر لتوقيع الاتفاق السياسي النهائي في الأول من أفريل المقبل، بينما سيتم إعلان الدستور الانتقالي في السادس من الشهر ذاته. وطالما أكد البرهان التزام القوات المسلحة السودانية بالانسحاب من العملية السياسية، وتشكيل حكومة مدنية ذات قاعدة واسعة تقود البلاد خلال ما تبقى من الفترة الانتقالية. وكان المكونان العسكري والمدني في السودان قد وقعا اتفاقا إطاريا في 5 ديسمبر الماضي، يرسم طريقا نحو حل الأزمة السياسية التي تعود إلى عام 2021، حين اتخذ الجيش قرارات استثنائية بإقالة الحكومة المدنية بقيادة عبدالله حمدوك، وما تلا ذلك من مظاهرات شبه أسبوعية استمرت 17 شهرا. ولقي الاتفاق ترحيبا واسعا باعتباره الأفضل لشموله كافة الموضوعات والتقاطعات بالنسبة لاتفاقيات السلام السابقة. وعالج فرقاء السودان غالبية القضايا العالقة لكن الإطار الذي يحكم عملية دمج القوات المسلحة في مؤسسة واحدة بما في ذلك قوات الدعم السريع والفصائل الموقعة على اتفاق سلام جوبا، لا تزال في حاجة لمزيد من العمل بحسب محللين. والأسبوع الماضي، اتفقت الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري على الدعوة لانعقاد آلية ثلاثية، تبدأ عملها بصورة عاجلة لصياغة مسودة الاتفاق النهائي. وتيسر الآلية الثلاثية المؤلفة من بعثة الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة التنمية في شرق إفريقيا "الإيغاد"، العملية السياسية بين العسكريين والقوى المدنية، بدعم من المجموعة الرباعية التي تضم دولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية وأمريكا وبريطانيا.