طالب مدرب المنتخب النسوي لكرة القدم فؤاد بن ستيتي بضرورة غلق ملف تصفيات أولمبياد باريس، رغم تحسره على ضياع فرصة مباشرة تطبيق أفكاره ولبنات المشروع الذي قدم لأجله، وقال المدرب الذي عمل مع نوادي ليون وباريس سان جيرمان في فرنسا، في حوار مع النصر، إنه يملك مشروعا طموحا يهدف من خلاله إلى الارتقاء أولا بمستوى اللعبة في الجزائر وثانيا توسيع شريحة الممارسات، كما تطرق بن ستيتي إلى عدة نقاط أخرى، ومنها المنتخب الأول "رجال" واللاعبان عوار وغويري. *بعد مرور أشهر قليلة عن تعيينك على رأس المنتخب الوطني للسيدات، كيف وجدتم ظروف العمل، وماذا عن المستوى العام للكرة النسوية الجزائرية ؟ أجل، لقد تم تنصيبي مدربا للمنتخب الوطني للسيدات شهر ديسمبر الماضي، واتفقت مع مسؤولي الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، على مشروع غايته تطوير المستوى في كل الفئات السنية، وليس منتخب الأكابر فقط، غير أنني اصطدمت صراحة بواقع صعب، فالأمور الميدانية بعيدة كل البعد عن مستوى التطلعات، والفروقات بيننا وبين المستوى العالي كبيرة جدا، ويكفي متابعة كأس العالم للسيدات المقامة حاليا بأستراليا ونيوزيلندا من أجل الوقوف على ما أقول، فصدقوني ما شاهدته مميز، وهناك منتخبات قد وصلت إلى مراحل جد متقدمة، على غرار إنجلترا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا، دون الحديث عن الكرة الإفريقية التي تمتلك أيضا منتخبات لا بأس بها، مقارنة بما هو الحال عندنا في صورة كل من منتخب نيجيريا الذي هو مهيمن على المشهد منذ 20 سنة كاملة، دون نسيان منتخبات زامبيا والسنغال التي تبصم على نتائج رائعة، وبالإمكان أن تظهر بشكل أفضل مع الاهتمام الذي توليه للكرة النسوية، التي بدأت تكسب بعض المتابعين مقارنة بسنوات خلت. *اختيارك لشغل منصب العارضة الفنية لم يكن اعتباطيا، بل عائد إلى الخبرة التي تمتلكها في العمل مع بعض الفرق النسوية، المعروفة في أوروبا، ما تعليقك ؟ كنت سعيدا للغاية عند الاتصالي بي من طرف مسؤولي المديرية الفنية الوطنية، حيث تحدثوا معي آنذاك حول إمكانية تدريب المنتخب النسوي، ولم أتردد حينها للحظة واحدة في الرد بالإيجاب، خاصة وأنني أطمح لتوظيف خبرتي الكبيرة للنهوض بالكرة النسوية، وأنا الذي عملت في عدة فرق أوروبية معروفة، بداية بمركز تكوين نادي ليون، والفريق النسوي الأول لهذا الفريق، وكذا نادي باريس سان جيرمان، كما كانت لي تجربة ناجحة في روسيا، وغيرها من المحطات التي أكسبتني الكثير ومكنتي من إثراء مسيرتي التي أراها سببا وراء التفكير في خياري، لقد تحدثنا عن مشروع مهم، ووعدت القائمين على شؤون الكرة الجزائرية بتقديم الإضافة المرجوة، لا سيما في مختلف الفئات العمرية، أين لازلنا بعيدين عن مستوى التطلعات، فالإقبال متواضع كون العائلات الجزائرية ترفض ممارسة الإناث لرياضة كرة القدم، وإن سجلنا تحسنا كبيرا مقارنة بالسنوات الماضية، في انتظار أن تتغير الذهنيات أكثر، خصوصا وأننا نمتلك المادة الخام ومع قليل من الاهتمام، بالإمكان أن نرى الكرة النسوية الجزائرية في أفضل حال. *تلقيت خبرا صادما في بداية مشوارك مع المنتخب النسوي بالإقصاء من المشاركة في التصفيات المؤهلة لأولمبياد 2024، كيف تعاملت مع ذلك، وهل فكرت في الانسحاب ؟ كانت صدمة كبيرة بالنسبة لي كمدرب وللاعبات أيضا، كوننا كنا نستعد للمشاركة في هذه التصفيات، لعل وعسى ننجح في تقديم مشوار طيب، أنا لن أقول بأننا كنا سنقتطع بطاقة التأهل للألعاب الأولمبية المقبلة، ولكنني كنت واثقا بأننا سنبذل قصارى المجهودات في سبيل الظهور بمستوى طيب يشرف الجزائر، صدقوني لقد تفاجأت وصدمت بعد سماعي لخبر عدم تسجيل المنتخب النسوي، وحزني كان كبيرا، كون ذلك قد أفسد البعض من مخططاتي، ولكن ما عسانا نفعل حدث ما حدث، وعلينا وضع القضية طي النسيان، والتطلع لما ينتظرنا من استحقاقات مهمة بداية بالتصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا 2024. *ألا ترى أننا أضعنا فرصة ذهبية للبروز خلال هذه التصفيات، في ظل جودة الأسماء الموجودة ؟ التأهل إلى محفل باريس 2024 لم يكن هدفا مسطرا، ولكن كنا قادرين على لعب كامل الأوراق في هذه التصفيات، في ظل الأسماء الجيدة التي نمتلكها، فمنتخبنا يضم لاعبات متمرسات ينشطن في أفضل الفرق الأوروبية، على غرار غوتيا كرشوني المحترفة في نادي إنتر ميلان وبهلولي المنتمية للفريق الغريم أي سي ميلان وأرمال خلاص مدافعة لازيو روما، ناهيك عن لاعبات أخريات متميزات، ينشطن في أفضل الفرق الفرنسية، في صورة ليون ولوهافر وبريست وتولوز. *رغم كل ما حصل، عدتم للعمل من جديد من خلال برمجة معسكر إعدادي بالعاصمة السنغالية داكار، هل لك أن تضعنا في الصورة ؟ لم أفكر في الانسحاب والرحيل، رغم تأثري كثيرا بما حصل، والدليل أنني قد عدت للعمل بعدها مباشرة من خلال برمجة جلسات مع المديرية الفنية الوطنية، أين تم تعيين مدربين لمختلف الفئات السنية، بالموازاة مع الرغبة التي تحدوني من أجل الاهتمام بالتكوين القاعدي، كونه سبيلنا الوحيد للنهوض بالكرة النسوية الجزائرية، التي قد تجني الثمار بعد خمس أو ست سنوات، وإن كنت أصر على ضرورة التعامل مع المرحلة الحالية بذكاء، لعل وعسى نحقق بعض الأهداف المنشودة، لقد جلبنا مدربين معروفين، على غرار بيار إيف بودينو المعين على رأس المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة، حيث باشر التحضيرات للدور التصفوي الثاني المؤهل إلى المونديال، أين سيلاقي رفقة لاعباته المنتخب المالي المعروف بقوته، ونفس الحال بالنسبة لبقية الفئات، مع تنبيهكم لجزئية بعث فئة أقل من 15 سنة، حيث ستكون حاضرة خلال منافسات البطولة المحلية التي تفتقد للكثير من الأشياء، وأرى أن مستواها قد تراجع كثيرا في آخر سنتين، جراء تأثرها بجائحة "الكوفيد" التي تسببت في توقيف المنافسات لأزيد من سنتين. *لم تُحدثنا عن تربص داكار والإيجابيات التي خرجتم بها ؟ كنا قد برمجنا معسكرا خارجيا لمنتخبي الأكابر وأقل من 20 سنة، وكانت لي الفرصة أن لعبت وديتين أمام المنتخب السنغالي، حيث خسرنا الأولى بنتيجة 3/1، والثانية بأربعة أهداف لصفر، وهذا أراه منطقيا لعديد الاعتبارات من بينها افتقادنا لأبرز اللاعبات، حيث كنا غائبات عن سفرية داكار (بهلولي وكرشوني وأرمال خلاص)، كما أن المنافس كان قويا، وهذا ما كنت أبحث عنه بالدرجة الأولى للوقوف على مدى استعداداتنا للدور التمهيدي الأول المؤهل لكان 2024، أين سنواجه المنتخب الأوغندي ذهابا يوم 18 سبتمبر 2023 وإيابا يوم 26 من نفس الشهر، في مباراتين تعنيان الكثير بالنسبة لي، كونهما ستعيدان الثقة للمجموعة، التي تأثرت كثيرا بالإقصاء الأخير. على العموم هناك عمل جبار ينتظرنا، وما علينا سوى تجسيد الأفكار التي تباحثنا فيها مع المسؤولين، الذين أشكرهم بالمناسبة على الثقة الموضوعة في شخصي. *كنت وراء قدوم عدة لاعبات مغتربات في الفترة الأخيرة، هل واجهتم صعوبات لإقناعهن باللعب للجزائر أم أن الأمور كانت سهلة، مقارنة بصنف الرجال ؟ أجل كنت قد نجحت في إقناع عدة مغتربات باللعب لسيدات الخضر، في صورة بهلولي (ميلان) وغوتيا (إنتر) وبتوري شانا (إيسي لي مولينو) وعبادو ليا (سانت مالو) وبوبزاري هانا لينا ( ليدكوبينغ) ودافور مارين ( أفسي فلوري) وخليف لينا (تولوز) وسماعالي إيما ( لونس)، كما أسهمت في قدوم لاعبات أخريات لمنتخب أقل من 20 سنة، في صورة ثنائي ليون بتحي ميليسا وزيما أميلا، ناهيك عن بن حاسين إيناس (سانت ايتيان) وإكرام سيدي موسى (لوهافر). وبخصوص إقناعهن بسهولة أو مواجهة بعض الصعوبات، في شاكلة ما يحدث مع الرجال، فأؤكد لكم بأن اللاعبات وافقن دون تردد في اللعب لبلدهم الأصلي، وساعدنا في ذلك عائلاتهم التي كانت متحمسة للغاية لرؤية بناتهن مع الجزائر، كما لا تنسوا الأمور مختلفة مقارنة بالذكور، فهناك رغبة لدى البعض في السير على خطى زيدان وبن زيمة، وهو ما أخر قدوم بعض الأسماء المتألقة. *لنتحدث قليلا عن منتخب بلماضي ورؤيتك المستقبلية له ؟ الناخب الوطني جمال بلماضي مدرب محترم للغاية، وأتمنى له كل التوفيق في مهمته الصعبة، وهو الذي أوصل المنتخب إلى القمة في وقت من الأوقات، قبل أن تتراجع النتائج، وإن حاول مؤخرا تصليح الأمور بضخ دماء جديدة أرى بأنها ستجلب الإضافة المرجوة، فلاعبون من طينة بوعناني وشايبي وحجام وآيت نوري، بإمكانهم الارتقاء بالمنتخب إلى مكانة مرموقة، شريطة الوقوف إلى جانبهم ودعمهم، على العموم أنا متفائل بعودة منتخبنا القوية، بالموازاة مع وجود مدرب في شاكلة بلماضي الذي يعرف عمله جيدا. *تعد من أبناء مدينة ليون، ماذا يمكن أن تقول بخصوص الثلاثي حسام عوار وأمين غويري وريان شرقي المتخرجين من أكاديمية نوادي "لوال" ؟ مدينة ليون تضم جالية جزائرية كبيرة جدا، والغالبية تفضل أن يمارس أبناؤها رياضة كرة القدم، ولهذا نرى عددا معتبرا من اللاعبين في نادي ليون، يتقدمهم صاحب الكرة الذهبية العالمية كريم بن زيمة الذي كتب مسيرة حافلة، ناهيك عن أسماء أخرى من أصول جزائرية، لعل آخرها الثلاثي حسام عوار وأمين غويري وريان شرقي، وهنا أهنئ عوار على الالتحاق بالجزائر، وأتمنى له النجاح، في انتظار رؤية أمين غويري الذي يقال إنه قريب جدا من ارتداء قميص الخضر، وهنا أؤكد لكم بأننا سنستفيد من مهاجم متميز، كما سيعود الأمر بالفائدة على اللاعب الذي سينضم إلى منتخب كبير، وسيكون له شرف مزاملة نجوم في شاكلة رياض محرز وإسماعيل بن ناصر، نحن جزائريو المهجر نعشق بلدنا، ولا ندير له ظهرنا، وآمل أن نكون أفضل سفراء له، سواء في كرة القدم أو في أي مجالات أخرى.