الإطارات الأجنبية تعود إلى مركب الحجار ومجمع “أرسيلور ميطال” يرسل لجنة لبحث الأزمة قوادرية يكلف نائبه بخلافته مؤقتا وجناح منادي يؤكد كسب المعركة محليا عادت صبيحة أمس الإطارات الأجنبية إلى مبنى المديرية العامة لمؤسسة أرسيلور ميطال عنابة وباشرت مهامها بصفة عادية على مستوى المركب بعدما كانت قد غادرته الأربعاء الفارط، وذلك على خلفية الصراع القائم بين جناحي منادي وقوادرية بخصوص زعامة الفرع النقابي. وجاءت عودة المدير العام الأمريكي جو كازادي برفقة 17 إطارا يحملون الجنسية الفرنسية بعد توفر الأجواء المساعدة على إستئناف النشاط بعيدا عن التوتر والاحتقان السائد بين الطرفين المتصارعين، سيما وأن جماعة منادي كانت منذ مطلع الأسبوع الجاري قد أخلت الساحة المحاذية لمبنى الإدارة، والتي كانت قد إتخذتها طيلة الأسبوع المنصرم كمكان للإعتصام وتنظيم التجمعات العمالية، الأمر الذي دفع بالموظفين الأجانب إلى مغادرة مركب الحجار خوفا من أي رد فعل للعمال في حال تطور الأوضاع، لكن إبتعاد المحسوبين على صف منادي كلية عن مقر المديرية كان كافيا لوضع نقطة النهاية لأزمة الحماية الأمنية للإطارات الأجنبية، خاصة بعد قيام وحدات الدرك الوطني بالعديد من الدوريات خلال فترة غياب العمال الأجانب عن المركب وإكتفائهم بمتابعة الشؤون الإدارية من مقر الإقامة الجماعية بفندق “الصلب” التابع لمجمع “سيدار” بسيدي عمار. وقد قرّرت مديرية الموارد البشرية لمجمع “أرسيلور ميطال” الكائن مقرها بجمهورية لوكسمبورغ، إيفاد لجنة مركزية إلى مركب الحجّار للوقوف الميداني على الوضعية السائدة، خاصة بعدما ألقى الصراع على النقابة بظلاله على المؤسسة إثر إقدام عيسى منادي على التهجم على الإطارات الفرنسية وإنتقاد سياسة العمل المنتهجة من طرف الشريك الأجنبي منذ دخول الفرنسي “أرسيلور” كمسير في مركب الحجار. وستحط اللجنة رحالها بعنابة اليوم وتتشكل من الرجل الثاني في المجمع وورك مايكل وكذا فانسون لوغويك المدير السابق لمركب الحجار والذي يشغل حاليا منصب مدير فرعي مكلف بمنطقة المغرب العربي، على أن يتم عقد جلسة عمل بداية من الساعة الرابعة مساء اليوم مع ممثلين عن المديرية العامة لمركب الحجار يتقدمهم جو كازادي، وتخصّص لتشريح الوضعية السائدة في المؤسسة، سيما بعد الإنتقادات اللاذعة التي كان عيسى منادي قد وجهها إلى الإطارات الفرنسية وإقدامه على المطالبة بإعادة النظر في بنود عقد الشراكة وكذا معايير إستقدام الإطارات الأجنبية للعمل في المركب . وحسب مصادر “النصر”، فإن هذه اللجنة ستعقد في الفترة الصباحية جلسة مع ممثلين عن وزارة الصناعة ومجلس مساهمات الدولة للتعدين وكذا البنك الخارجي الجزائري، لتباحث مخطط الإستثمار المسطر لأن مجمع أرسيلور ميطال كان قد رصد غلافا ماليا بقيمة 500 مليون أورو لتجسيد البرنامج الإستثماري المسطر على المديين القصير والمتوسط. وأكد منادي في إتصال هاتفي مع “النصر” مساء أمس، أنه كسب المعركة بعد مصادقة الإتحاد المحلي للعمال الجزائريين بالحجار على عريضة سحب الثقة التي تم توقيعها من طرف 3900 عامل من أصل 5200 مستخدم يمثلون الكتلة العمالية لمؤسسة أرسيلور ميطال عنابة، وهي الإجراءات التي تم إتخاذها حسبه “بعد حلول ممثلين من هذه الهيئة بالمركب، حيث كانوا حاضرين في التجمع العمالي الذي نظمناه أمام مقر الفرع النقابي، لأن هذا التجمع عرف تزكية العمال لقرار سحب الثقة و العريضة التي كانت قد طرحت منذ منتصف الأسبوع الماضي للمصادقة، و قد تم تسليم نسخة منها إلى ممثلي الإتحاد المحلي بصفته الجهة المخول لها قانونا متابعة الصراعات النقابية على مستوى المركب، كما تم إشعار المديرية العامة بموقف العمال من الفرع النقابي”. وأوضح منادي في سياق متصل بأن مصادقة الإتحاد المحلي على العريضة كفيل بإنهاء مهام قوادرية وجماعته، رغم أن القضية أحيلت على الإتحاد الولائي للعمال الجزائريين بعنابة والذي من المنتظر أن يحل ممثلون عنه بمركب الحجار يوم غد الخميس للحسم النهائي في القضية، لأن العريضة تعني الحل الأوتوماتيكي للمجلس النقابي، فضلا عن تجسيد رغبة الأغلبية المطلقة من العمال والمتمثلة في تكليف منادي بمهمة “الناطق الرسمي” بإسم الكتلة العمالية لفترة إنتقالية تمتد إلى غاية إستكمال الإجراءات الإدارية الخاصة بتنظيم جمعية عامة طارئة في غضون الأيام القليلة القادمة، والتي ستخصّص لانتخاب مجلس نقابي جديد، وهنا فتح محدثنا قوسا ليجدد التأكيد على أنه لن يترشح لشغل منصب الأمانة العامة للفرع النقابي، كونه سيحال على التقاعد بداية من شهر جويلية القادم وتواجده بالمركب في هذه المرحلة كان كما صرح “ تلبية لنداء العمال، من أجل مساعدتهم على تنفيذ مخطط سحب الثقة من نقابة قوادرية، والسماح لهم بتجديد الفرع قبل إنتهاء عهدة المجلس الحالي “. من الجهة المقابلة جدّد قوادرية عدم إعترافه بالعريضة التي تحدّث عنها منادي بإسم قرابة 4 آلاف عامل، وأشار في هذا الإطار في إتصال مع “النصر” بأن تواجد منادي بالمركب صبيحة أمس تم بإستعمال العنف، بعدما منعه أعوان الداخلي من الدخول، الأمر الذي تسبب حسبه في حدوث فوضى عارمة أمام البوابة الرئيسية للمؤسسة، على إعتبار أن العشرات من “الأشخاص الغرباء” والذين يتواجدون كما قال منذ 10 أيام داخل المركب تدخلوا وقاموا بتحطيم البوابة من أجل السماح لمنادي بالدخول والالتحاق بمقر الفرع النقابي، قبل أن يستطرد قائلا : “إن أتباع منادي مجموعة من الأشخاص لا يتجاوز عددها 200، من بينهم أشخاص لا علاقة لهم بالمؤسسة، كان المعني قد إستأجرهم من أجل تسجيل تواجده بالمركب بعد فقدانه الحصانة البرلمانية، وإستحواذ هذه الجماعة على مقر الفرع النقابي لا يعني بأن منادي عائد إلى النقابة، بل أننا بصدد إستكمال جملة من الإجراءات للتحكم في الوضع، وإرغامه على مغادرة المؤسسة بإستعمال القوة العمومية حيث كانت لنا صبيحة أمس جلسة عمل مع ممثلين عن السلطات المحلية، وأعضاء من الإتحاد الولائي للعمال الجزائريين شرحنا فيها الوضعية السائدة داخل المركب، كما تحصلنا بموجبها على ترخيص لتنظيم المسيرة العمالية الحاشدة التي قررت النقابة تنظيمها صبيحة غد الخميس بداية من الساعة العاشرة إنطلاقا من وحدة الدرفلة على الساخن، وهي المسيرة التي ستكون ردا صريحا على منادي، وإجباره على الخروج الفوري من المركب “. على صعيد آخر، أشار قوادرية إلى أن فرقة الدرك الوطني بالحجار إستمعت مساء أول أمس الإثنين إلى عيسى منادي وسجلت أقواله بخصوص الشكاوى التي كانت المديرية العامة للمركب قد أودعتها ضدّه شخصيا برفقة 8 أشخاص آخرين من المحسوبين على صفه، وهي الشكوى التي تتعلق بأعمال العنف التي سجلت على مستوى البوابة الرئيسية إثر إقدام مجموعة من الأشخاص الغرباء على تحطيم البوابة، من أجل السماح لمنادي بالدخول لأن وحدات الدرك كانت حسبه “قد إستمعت إلى باقي المشتبه فيهم، ومنادي كان آخر من تم إستدعاؤه وقد تمت إحالة الملف على الجهات القضائية بمحكمة الحجار للنظر فيه، في إنتظار التحقيق في الشكاوى الثلاث الأخرى التي كانت قد تقدمت بها المديرية العامة ضده”. وخلص قوادرية إلى القول بأنه كلف الكاتب العام مراد ضيف الله بتسيير شؤون الفرع النقابي بصفة مؤقتة إلى حين عقد جمعية عامة إنتخابية في شهر أوت القادم، تزامنا مع نهاية العهدة،”لأن القانون يمنعني من مزاولة مهامي على رأس النقابة بعد ظفري بمقعد في البرلمان وإستقالتي آلية، لكنني لن أترك الساحة لمنادي، بل أنني مصمّم على البقاء إلى جانب المحسوبين على صفي إلى حين الحسم نهائيا في هذا الصراع وسد الطريق أمام منادي للعودة إلى منصب الأمانة العامة كونه أحيل على التقاعد ولا يحق له الترشح، فضلا عن كونه متورط في قضايا فساد ستجره إلى أروقة العدالة في غضون الأيام القليلة القادمة، وحلول لجنة مركزية من المجمع كفيل بتوضيح الرؤية أكثر للعمال بخصوص مخططات البرلماني السابق”. صالح فرطاس