عائلات اللاجئين السوريين ترفض الإقامة في مخيم سيدي فرج وتفضل ساحة بور سعيد تعاملت أغلب عائلات اللاجئين السوريين المتواجدين في الجزائر العاصمة لاسيما تلك التي اعتادت التجمع في ساحة بور سعيد، مع إجراءات التكفل العاجلة التي اتخذتها السلطات الجزائرية لفائدتها، بنوع من السلبية، ورفضت العرض المتاح أمامها للإقامة في مركز الإيواء الذي خصصه لها الهلال الأحمر الجزائري في سيدي فرج غرب العاصمة وفضلت البقاء على نفس الحال الذي هي عليه بمبررات مختلفة ما عدا البعض القليل من هذه العائلات التي استجابت للنداء لكنها تحرص في المقابل على التوجه كل صباح إلى ساحة بور سعيد أو غيرها من أحياء العاصمة والعودة أين اعتاد المحسنون على تقديم مختلف أشكال المساعدة لها قبل العودة في المساء للمبيت في المركز فقط. هذه الحقيقة وقفنا عليها خلال زيارة استطلاعية قادتنا نهار أول أمس الخميس إلى مركز الإيواء الذي تم نقل عدد قليل من عائلات اللاجئين السوريين إليه في غابة سيدي فرج القريبة من المركب السياحي، مباشرة بعد القرار الذي اتخذته الحكومة في غضون الأسبوع الماضي لفائدة هؤلاء الفارين من سوريا. كانت الساعة الثانية زوالا عندما وصلنا إلى عين المكان بعد أن ترددنا على العديد من المخيمات المنتشرة في المنطقة بحثا عن أول مخيم تم افتتاحه من طرف الهلال الأحمر الجزائري لفائدة اللاجئين السوريين، قبل أن يتم إرشادنا في نهاية المطاف إلى المخيم العائلي التابع لمؤسسة النظافة والتطهير لولاية الجزائر '' نات كوم '' الذي يتوسط غابة سيدي فرج والقريب من شاطئ موريتي والمركب السياحي الشهير. كنا نعتقد أننا سنجد المكان يعج بحركة الأطفال وأوليائهم وسائر اللاجئين السوريين الذين حضروا بشكل فردي، على غرار الجو السائد في ساحة بور سعيد بوسط العاصمة أين يواجهك من أول وهلة منظر هؤلاء اللاجئين يفترشون الأرض ويستظلون بظلال الأشجار الوارفة الأغصان، لكن مفاجأتنا كانت كبيرة، فالسكون كان يخيم على المنطقة ولم نلحظ أي منظر يوحي على أن ثمة حركة لا للأطفال ولا لسائر أفراد عائلاتهم، داخل هذا المركز الذي علقت على مدخله لافتة للهلال الأحمر الجزائري. وبمجرد وصولنا إل وسط مركز '' نات كوم '' استقبلنا مديره بكل ترحاب عندما اطلع على الغرض من زيارتنا ... سألناه عن سبب السكون المخيم على المركز وعن خلوه من الحركة ماعدا من بعض عمال مؤسسة ''نات كوم'' الذين كانوا بصدد تفريغ شحنات من المواد الغذائية والتموينية المختلفة من إحدى العربات، وعمّا إذا كان الأمر يتعلق بخلود السوريين لفترة القيلولة خاصة وأن درجة الحرارة كانت تراوح الأربعين درجة أو تفوق إلى جانب درجة الرطوبة المرتفعة، فأخبرنا متأسفا بأن المخيم خال من العائلات السورية ولا توجد سوى واحدة منها فقط. وقال محدثنا أنه منذ أول يوم تم فيه افتتاح المركز لم تحضر للإقامة فيه سوى عائلات سورية قليلة تتكون من 24 فردا قبل أن يتراجع العدد في اليوم الثاني إلى 20 فردا ثم 17 فردا فقط في اليوم الثالث، مضيفا أن كل هذه العائلات على قلتها قررت في اليوم الثاني ومنذ الصباح العودة إلى العاصمة على متن الحافلات التي جندها الهلال الأحمر الجزائري لفائدتها، وذلك للتجمع كعادتها في بور سعيد أو في أماكن أخرى أين اعتادت تلقي المساعدات من ذوي البر والإحسان، ولم تبق في اليوم الثالث سوى عائلة واحدة مكونة من 4 أفراد والتي تعذر علينا مقابلة أي فرد منها لرفض رب الأسرة الخروج إلينا من الشاليه الذي كان يتواجد فيه رغم محاولة مدير المركز من خلال وساطة طفله الخروج على الأقل لأخذ حصة أسرته من بعض المستلزمات الضرورية على غرار مواد النظافة والتطهير وما إليها. مركز الإيواء التابع لمؤسسة '' نات كوم '' يتسع لحوالي 150 سرير وفي تلك الأثناء طلبنا من مدير المركز مرافقتنا لمعاينة الشاليهات التي خصصت للإيواء ومختلف المرافق الأخرى، فلم يتردد في فتحها ويبلغ عدد هذه الشاليهات 12 ويتسع كل واحد منها إلى 12 سريرا دون أي تجهيزات أضافية ما عدا الفراش والغطاء، فيما تتمثل المرافق الأخرى في مراحيض خارجية مشتركة ومطعم خاص بعمال مؤسسة النظافة قال محدثنا أنه لم يتم بعد وضع أي برنامج خاص بإطعام اللاجئين السوريين وأن الأمر يتوقف في المرحلة الأولى على إطعامهم مع عمال المركز لمن يرغب منهم في ذلك كما يتوفر المركز على عيادة من المفروض أن خدماتها للاجئين ولكن لم يتم تجهيزها بعد حسب ما علمنا في عين المكان. كما أشار محدثنا في ذات السياق إلى تخصيص الشاليه الموجود أعلى المطعم لإيواء النساء فقط اللائي حضرن بمفردهن أو رفقة أطفالهن فقط ، وآخر للرجاء الذين حضروا فرادى بدون عائلاتهم. وعن المواد والمستلزمات الضرورية الأخرى التي تم توفيرها لهؤلاء اللاجئين قصد تحسين ظروف استقبالهم ووضع الحد لمعاناتهم قال أنه تم تخصيص حصة معتبرة من مواد النظافة والتطهير وحفاظات الأطفال وبعض الأواني والدلاء الخاصة بتوفير المياه داخل الشاليهات. المقيمون في الفنادق بوسط العاصمة يقدمون شروطا للانتقال إلى مركز الإيواء أمام استحالة مقابلة عائلات سورية في مركز الإيواء بسيدي فرج كان علينا التوجه إلى ساحة بور سعيد بالعاصمة أين التقينا بعضها هناك وعلى نفس الحال الذي كانت توجد عليه من قبل وكالعادة أيضا يحرص الكثير من أرباب هذه الأسر على رفض الحديث إلى الصحافة ولا يمكن كسب ود بعضهم إلا بصعوبة كبيرة أو في حالة التأكد من أن محدثهم حضر لتقديم مساعدة عينية وهي المساعدة التي لا يترددون في طلبها من كل من يسأل عن حالهم، لكنهم يرفضون في المقابل إطلاق وصف اللاجئين عليهم أو وصفهم بالمتسولين. وعن سبب رفض أغلبهم التنقل للإقامة في مركز سيدي فرج تحجج أحد الذين تحدثنا إليه ببعد المكان وبكون ظروف الإقامة غير مريحة وقال '' لقد قمنا بزيارة المركز وكنا نعتقد في البداية أنه يتوفر على أسباب الراحة أفضل من الفنادق التي نقيم فيها إلا أننا وجدنا في نهاية المطاف أن الإقامة في الفندق في وسط العاصمة أريح باعتبار أننا نتلقى يوميا المساعدة من إخواننا الجزائريين بما يمكننا من دفع إيجار الغرف التي نشغلها لفترة أطول وإلى غاية أن تهدأ الأمور في بلادنا ونعود إلى ديارنا''. وصارحنا شاب سبق لي أن قابلناه في بور سعيد أن أغلبية الذين يرفضون الذهاب إلى الإقامة في مركز الإيواء الذي خصصته السلطات الجزائرية في سيدي فرج هم من ميسوري الحال وهم الذين يرفضون إطلاق اسم اللاجئين علينا ''، مضيفا '' أصدقك القول أننا أصبحنا هنا نخاف حتى من ظلنا .. نخاف من أن نكون محل مراقبة من طرف المصالح السورية التي قد تخترق صفوفنا وتلحق بنا الأذى عندما نعود لذلك فنحن نقدم أنفسنا للجميع كسوّاح بحاجة إلى المساعدة كوننا لم نجلب معنا المال الكافي للإقامة وتأمين تذاكر العودة'' وقال '' أنا شخصيا أفضل الإقامة في مركز سيدي فرج لكن شروط الراحة غير متوفرة ونحن ملزمون على استخدام مراحيض جماعية هناك وهذا يسبب الحرج لنا ولنسائنا ونطالب بحل هذا الإشكال حتى لا نضطر إلى المجيء جماعيا كل صباح إلى العاصمة طلبا للمساعدة والعودة إلى المساء''. ويشاطر هذا الشاب عدد آخر من السوريين الموجودين بدون مأوى والمشردين منهم في الساحة الموجودة قبالة المسرح الوطني محي الدين بشطارزي وحتى بعض من المقيمين بالفنادق المحيطة بساحة بور سعيد، والذين وإن عبروا عن شكرهم للسلطات الجزائرية عن الاستجابة لنداء الإغاثة الذي وجهوه لها وبأسرع وقت فإنهم ينشدون توفير ظروف إيواء أفضل تحفظ كرامتهم إلى غاية أن تتوفر شروط عودتهم إلى بلادهم، خاصة وأن الكثير منهم تركوا كما ذكروا أفراد من عائلاتهم وأقارب لهم وأملاكهم في مدنهم التي تشهد اقتتالا متواصلا. تجدر الإشارة إلى أن الكثير من المحسنين يتدفقون يوميا إلى ساحة بور سعيد لتقديم مختلف المساعدات من أموال وملابس وأدوية ووجبات إفطار ساخنة إلى اللاجئين السوريين سواء المقيمين في العراء أو نزلاء الفنادق فيما يواصل البعض التكفل بعلاجهم، كما تتكفل الكثير من العائلات الجزائرية ببعض العائلات السورية في بيوتها على غرار سائر الولايات الأخرى.وقد قام في المقابل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بإنشاء صفحة على ''الفايس بوك '' تحت عنوان '' صفحة التضامن مع اللاجئين السوريين في الجزائر'' للتحسيس بوضع هؤلاء ولفت الانتباه إلى ظروف إقامتهم في مختلف أنحاء الوطن ومعاناتهم لا سيما في شهر الصيام.