الجزائر تمكنت من توحيد رؤى الشركاء حول الأزمة المالية لن نشارك في أي عمل عسكري في مالي- مساعي الحوار لم تنفذ بعد في مالي والتدخل العسكري يبقى الحل الأخير قال عبد القادر مساهل الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية أن الجزائر التي قامت بعمل نحو جميع الشركاء تمكنت من خلق رؤية “موحدة" حول الأزمة المالية وهو شيء مهم، مضيفا أن الوضع في هذا البلد معقد جدا، وان الجهل بالتحديات الحقيقية هو الذي أدى إلى تعدد الرؤى حوله، وكرر التأكيد على أن موقف الجزائر ثابت ومنسجم من هذه المسألة وان تدخلا عسكريا جزائريا في مالي غير مطروح بتاتا، وتبقى برأيه أحسن مقاربة لمعالجة هذه الأزمة هي المقاربة الشاملة التي لاهي كل عسكري ولا هي كل سياسي. قدّم الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل صورة مفصلة عن الوضع في مالي وعن موقف الجزائر منه، وأكد المتحدث في حوار مطول مع يومية “لوسوار دالجيري" نشر يوم الخميس الماضي أن موقف الجزائر من الأزمة المالية يتسم “بالانسجام" و"الاستمرارية" و"الثبات"، وان العمل الذي قامت به الجزائر في المدة الأخيرة اتجاه جميع الشركاء مكّن من خلق “رؤية موحدة" حول الوضع في هذا البلد الجار وهو “شيء مهم". ويضيف في نفس السياق أن موقف الجزائر هذا مؤطر بمبادئ وأهداف ومنطق وطريقة عمل، وهو يقوم على نقاط أساسية تتمثل في الحفاظ على الوحدة الترابية لمالي - والذي تعتبره الجزائر عنصرا لا يقبل التفاوض-، وثانيا التكفل بالمطالب الشرعية لسكان الشمال في إطار حوار بين الماليين، ومواصلة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان. وبالنسبة للمتحدث فإن الوضع في مالي “معقد جدا" ومتداخل، وأن الجهل بالتحديات الحقيقية لهذه الأزمة هو الذي أدى في الكثير من الأحيان إلى تعدد الرؤى والمواقف منها.ويشرح مساهل أكثر عندما يقول ا ن الأهم هو أن يفهم الجميع أن “التهديدات الموجودة في مالي ليست فقط مؤكدة بل أنها تمس الجميع"، ويتعلق الأمر هنا بالإرهاب والجريمة المنظمة، أما ما تعلق بتمرد الطوارق فذلك شيء متواتر، فقد حدث سنة 1963، وسنة 1990 وفي 2006 و2011 وهو في الأصل مشكل مالي داخلي. وبالنسبة للجزائر فإنها تميز جديا بين كل هذا، فكل ما هو شأن داخلي مالي لابد أن يعالج في “إطار حوار سياسي سلمي" وهو ما تقوم الجزائر بشرحه والتأكيد عليه، وقد كانت السباقة مند سنوات للتنبيه للخطر المتبقي وهو “الإرهاب والجريمة المنظمة"، وستواصل الجزائر عملها من اجل أن تشرح للشركاء ضرورة التمييز في النظر للحركة الوطنية لتحرير الأزواد التي تخلت عن المطالب الانفصالية وحركة أنصار الدين التي ابتعدت عن الإرهاب والجريمة المنظمة، وأعلنتا استعدادهما للدخول في حوار مع السلطة المركزية، الشيء الذي يمثل تقدما واضحا في مواقف هذين الحركتين. وبناء على ما سبق ذكره - يضيف مساهل- فإن الجزائر تعمل من اجل “خلق جو ملائم لحوار وطني ذو مصداقية بين الحكومة المالية -التي يجب أن تكون موحدة وقوية- وحركات التمرد المسلحة التي تراجعت عن كل ما يمس الوحدة الترابية للبلد والتي تخلت نهائيا عن الإرهاب والجريمة المنظمة لتفادي أي انزلاق في المستقبل"، والإعلان عن جلسات وطنية للحوار نهاية الشهر الجاري، وكذا إنشاء لجنة وطنية للتفاوض التي ستضع خارطة طريق توصل نحو انتخابات عامة تعتبر بحق خطوة مهمة نحو حل سياسي تفاوضي للازمة المالية، مع التذكير فقط أن أي حل سياسي لابد أن يشرك سكان الشمال الذين هم ليسوا من الطوارق فقط. وهل الجزائر تعارض دائما التدخل العسكري في مالي؟ سؤال رد عليه مساهل بالقول أن “الحل العسكري يبقى الملاذ الأخير بعد نفاذ جدوى كل طرق الحوار وهو ما لم نصل إليه بعد في مالي"، والجزائر هنا ترافع من اجل مقاربة شاملة ودائمة، ولكي تكون كذلك لابد أن تكون مبنية على تحليل جيد وعادل للوضع حتى لا يتكرر السيناريو الليبي، وعلى هذا الأساس تقوم الجزائر اليوم بشرح لشركائها أن أي عمل عسكري لابد أن “يحدد الأهداف المضادة بدقة" وهي الإرهاب والجريمة المنظمة، وسجي أيضا تحديد وسائل وقواعد التدخل، وتكاليفه كي يكون النجاح حليفه كما يطالب بذلك مجلس الأمن. أما عن إمكانية مشاركة الجزائر في تدخل عسكري محتمل في مالي فقد أوضح الوزير أن هذا غير مطروح بتاتا، أما مرافقة الأشقاء في مالي فإن الجزائر لم تنتظر للقيام بهذا العمل خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، وتأمين الحدود وتقديم الدعم للجيش المالي وتبادل المعلومات، كما لا يخفى على احد أن الجزائر وفي الجانب الإنساني قدمت دعما كبيرا لمالي تمثل في 5800 طن من المعدات والمؤن للاجئين الماليين في موريتانيا والنيجر وبوركينافاسو وفي شمال البلاد.وبناء على الوضعية الحالية في المنطقة يقول عبد القادر مساهل فإن الجزائر مثلها مثل النيجر وموريتانيا تقوم بعمل شاق من اجل تأمين الحدود وهذا لا يعني غلقها بصورة آلية. وبصفة عامة يرى الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية أنه رغم ما قيل عن مدى نجاح أو فشل الدبلوماسية الجزائرية في التعامل مع الملف المالي على ضوء الأحداث المتسارعة فإن اكبر نجاح للجزائر و لمالي وللمجموعة الدولية هو أن نرى بلدا موحدا خال من آفة الإرهاب والجريمة المنظمة، وهو ما تعمل الجزائر على تحقيقه مند انفجار الأزمة في هذا البلد بالتعاون مع الأممالمتحدة وكل الشركاء. في موضوع أخر استبعد عبد القادر مساهل وجود أي علاقة أو تأثير بين ما يجري في منطقة الساحل وبين المسألة الصحراوية التي قال انها من اختصاص مجلس الأمن، وهي مسألة تصفية استعمار ولا علاقة لها بما قد يحاك من مساومات بين الأطراف الدولية والمغرب بشأن أي تدخل عسكري في منطقة الساحل مقابل تفضيل الطرح المغربي.واعتبر المتحدث في جانب آخر إعادة بعث اتحاد المغرب العربي أكثر من ضروري، لكن يجب إعادة النظر فيه وتكييفه مع المعطيات الجديدة التي عرفتها المنطقة من حيث والوسائل وأدوات العمل. أما بالنسبة للاتحاد من اجل المتوسط فيرى عبد القادر مساهل ان هذا الأخير لم يأت من العدم بل هو امتداد لمسار برشلونة الذي انطلق سنة 1995، وعليه فإن الجزائر التي تنخرط في التوجه الجديد لهذا الاتحاد تدافع عن مقاربة تقوم على مواصلة العمل وفق روح مسار برشلونة ووفق مبدأ متحرك يقوم على تجسيد مشاريع مشتركة بين أعضائه بعيدا عن أي ضغوط أو توجيهات سياسية.