محمد السعيد: الحكومة عازمة على فتح السمعي البصري بتدرج لتجنب الفوضى * على القنوات الخاصة التي تنشط حاليا أن تكيف وضعها مستقبلا مع القانون الجزائري أكد أمس وزير الاتصال السيد محمد السعيد عزم الحكومة على المضي في فتح المجال السمعي البصري "بواقعية وتدرج '' مثل ما هي عازمة على استغلال البث الفضائي بما يضمن الحرية و الديمقراطية، وقال انه "من مصلحة الجزائر أن تفتح المجال تدريجيا امام القنوات الخاصة التي يبادر بها مهنيون جزائريون حتى "لا يضطر المواطن إلى التقاط قنوات فضائية أجنبية تروج لأفكار و معتقدات بعيدة عن واقعنا و طموحاتنا و انشغالاتنا". وقال السيد محمد السعيد في كلمة ألقاها في افتتاح أشغال ملتقى دولي حول السمعي البصري بإقامة الميثاق في العاصمة '' إن الحكومة عازمة على فتح المجال السمعي البصري ولكن بواقعية وتدرج '' قبل أن يعود لتوضيح ما يقصده بكلمة التدرج في تصريح للصحافة في ختام أشغال الجلسة الصباحية من الملتقى، مبرزا في هذا السياق بالقول '' يجب الذهاب بالتدرج في فتح المجال السمعي البصري حتى نتجنب الفتح الفوضى من خلال الأخذ بعين الاعتبار لتجربة الصحافة المكتوبة'' وأضاف '' إن فتح السمعي البصري سيتم بتجنب الفوضى و التسرع و الارتجال و بتنظيم حرية التعبير للوصول إلى تحديد الوسائل ورسم الطريق لهذه الأهداف'' معتبرا ملتقى جنان الميثاق الذي يدوم يومين فرصة لتوضيح الرؤى في هذا الشأن وأثناء إسهابه في رسم خارطة الطريق لمستقبل الإعلام السمعي البصري في البلاد كما تأمله السلطات عاد ممثل الحكومة في هذا السياق للتأكيد بأن '' الانفتاح على القطاع السمعي البصري الخاص كخدمة عمومية محكوم بالتدرج في التنفيذ وفق معايير مهنية و أخلاقية محددة تشجع بروز إعلام رفيع المستوى يؤمن ممارسوه بأن للحرية سقفا اسمه المسؤولية''، مشددا في هذا الصدد على أن استغلال البث الفضائي سيأخذ بعين الاعتبار" القيم الروحية و الأخلاقية للشعب الجزائري وحماية هويته ووحدته الوطنية و تدعيم التنوع الثقافي و اللغوي الذي يميز المجتمع الجزائري. وبعد أن اعتبر أن '' المشكل لم يعد اليوم مطروحا بين أنصار الانفتاح في القطاع السمعي البصري و دعاة الإبقاء على احتكار الدولة لهذا المجال و لكن يقتصر على كيفية فتح هذا القطاع و لأية غاية و كذا كيفية تنظيم حرية إنشاء الفضائيات و السهر على أدائها و شفافية قواعدها الاقتصادية''، لفت السيد محمد السعيد الذي كان يتحدث أمام خبراء في الإعلام وأكاديميين من الجزائر، المغرب تونسفرنسا وبلجيكا، وغيرها إلى جانب مديري وسائل الإعلام ومسؤولين ومهنيين من قطاع الإعلام والصحافة ، بأن نشاط السمعي البصري لم ينفتح في الجزائر بالوتيرة نفسها التي عرفتها الصحافة المكتوبة بسبب مرور البلاد بمرحلة أليمة فرضت على الدولة إعطاء الأولوية لاستعادة الأمن و السلم و حماية الأشخاص و إعادة بناء الاقتصاد الوطني و توطيد أركان الدولة و تحصين مؤسساتها من العواصف و الهزات. من جهة أخرى لفت الوزير إلى أن وسائل الإعلام الثقيلة كانت دائما تابعة بصفة كلية أو جزئية للسلطة العمومية لما لها من تأثير في صناعة الرأي العام و توجيهه وقال '' إن تجربتنا الإعلامية اعترضتها مصاعب متنوعة وألوان من المضايقات التي ترافق عادة كل إبداع جديد يخرج من رحم الجمود والرتابة لأن الناس أحباء ما ألفوا وهي مضايقات ناجمة في بعضها عن عدم التعود مع الآخر'' مضيفا '' ليس من باب التبرير أو الإيحاء بالتقييد إذا قلت أن بعض الدول انتظرت قرنا كاملا بعد إعلان حرية الصحافة سنة 1881 قبل رفع الاحتكار عن الإعلام الثقيل''، مضيفا '' إن تلك الدول مازالت حتى اليوم تبحث عن النظام الأنسب لإدارته بما يتماشى ووتيرة تطور مجتمعاتها و تشعب متطلبات التنمية و الرغبة في الانصهار الإداري في حركة العولمة" ولفت في ذات السياق إلى أن "إلغاء الاحتكار في الديمقراطيات الأوربية تطلب تدرجا في التنفيذ". و وحرص وزير الاتصال بالمناسبة على تقديم تطمينات وتأكيدات عن حرص السلطات العمومية على منح الفرصة للجميع للتنافس بشفافية على أساس معايير الجودة و الاحترافية لترقية الإنتاج الوطني وجعل حصة الأسد من نصيبه في الشبكات البرامجية، معتبرا أن هذا هو التحدي الأول الذي يسبق المنافسة في الفضاء الرحب للقنوات الفضائية العربية و المتوسطية المملوكة في أغلبيتها الساحقة للقطاع الخاص. قانون الإشهار الجديد وتشكيل المجلس الأعلى للإعلام ومجلس لأخلاقيات المهنة و تنصيب سلطة الضبط للصحافة المكتوبة والإفراج عن بطاقة الصحفي في 2013 وأكد محمد السعيد بأن فتح المجال السمعي البصري سيتم في المنتصف الأول من السنة المقبلة، 2013 التي قال أنها ستشهد في ذات السياق وضع قانون الإشهار وتشكيل المجلس الأعلى للإعلام ومجلس لأخلاقيات المهنة إلى جانب تنصيب سلطة الضبط للصحافة المكتوبة فضلا عن بطاقة الصحفي، ودعا بالمناسبة رجال الإعلام في البلاد إلى تنظيم أنفسهم من أجل المشاركة في وضع تصورات مختلف المشاريع المستقبلية في القطاع وقال '' هناك العديد من المشاريع في الأفق وعلى الصحافيين أن ينظموا أنفسهم لأننا نحتاج إلى مشاركتهم في صياغتها''. وفي رده عن سؤال حول الوضع القانوني للقنوات الخاصة التي تنشط حاليا في الجزائر قبل صدور قانون السمعي البصري، أكد وزير الاتصال بأن القنوات التي تنشط حاليا في الجزائر يحكمها قانون أجنبي ولا تملك داخل الوطن سوى اعتمادات صحفييها وهو وضع قال انه جديد واستثنائي مضيفا بأن قانون السمعي البصري المنتظر سيقنن عملها وأن عليها أن تكيف نشاطها مع هذا القانون ومع بنود دفتر الشروط الذي سيتم وضعه، مشيرا في هذا السياق إلى أن لجنة خاصة تشتغل حاليا لوضع هذا الدفتر شروط على ضوء تجارب بعض البلدان العربية والأجنبية وعلى ضوء الإرادة السياسية، وقال أن دفتر الشروط سيرافق مشروع القانون التمهيدي للسمعي البصري.وحذر بالمناسبة بان أي قناة ترفض الالتزام بالقانون في ممارسة نشاطها أو يخرج نشاطها عملها عما سيتم تحديده في دفتر الشروط المنتظر سيتم توقيفها ومنعها من النشاط داخل التراب الوطني وقال '' لا يمكن أن تنشط أي قناة تلفزيونية خارج بنود القانون الذي نحن بصدد إعداده أو دفتر الشروط ومن يخرج عن الإطار لن يسمح له بالنشاط''.تجدر الإشارة إلى أن اليوم الأول من الملتقى '' حول السمعي البصري '' قد شهد تقديم ست مداخلات في الفترة الصباحية حول '' وضعية السمعي البصري في الجزائر'' و'' الضبط في ميدان السمعي البصري: تجربة المجلس الأعلى للسمعي البصري في فرنسا '' و'' الضبط السمعي البصري البلجيكي '' والضبط السمعي البصري في القانون الدولي وغيرها.