واشنطن تحذر من فشل خطة التدخل العسكري في مالي وتدعم الحل الدبلوماسي أبدت الولاياتالمتحدة دعمها للخيار السياسي التفاوضي لحل أزمة مالي، ودعا إلى استنفاذ الحلول التفاوضية قبل إقرار الحل العسكري الذي طرحته المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وأشار الجنرال في تصريحات أدلى بها بمعهد سياسات الأمن الوطني التابع لجامعة جورج واشنطن، الاثنين، إنه يتعين أن تكون الدبلوماسية هي الوسيلة الأولى التي يجب انتهاجها لحل الصراع. وحدد الجنرال -وهو قائد سابق في الحرب على العراق، وأشرف على بدايات الحملة الجوية الأميركية على ليبيا العام الماضي- بعض العقبات التي قد تعترض أي قوة أفريقية تسعى لطرد المتشددين. وقال في هذا الصدد إن غالبية الجيوش الأفريقية التي من المتوقع أن تشارك في عملية من ذلك القبيل هي قوات جرى تدريبها وتجهيزها لكي تكون قوات لحفظ السلام وليس للهجوم. واستعرض الجنرال الأمريكي، التهديدات الأمنية التي تواجهها دول المنطقة، بسبب تنامي نشاط تنظيم القاعدة والتنظيمات المسلحة الأخرى، وقال بهذا الخصوص، إن تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا يدير معسكرات لتدريب "إرهابيين" في شمال دولة مالي ويزود تنظيماً إسلاميا مسلحا في شمال نيجيريا بالأسلحة والمتفجرات ويقدم له التمويل اللازم. مضيفا بان التنظيم استغل الزخم الذي اكتسبه منذ سيطرته على الجزء الشمالي من مالي لتجنيد مزيد من العناصر عبر أفريقيا جنوب الصحراء، والشرق الأوسط وأوروبا. واعتبر بان أن تنظيم القاعدة والجماعات الأخرى تكرس سيطرتها على شمالي مالي في كل يوم يمر. واعتبرت الصحيفة الأميركية تصريحات الجنرال هام أحدث تحليل أميركي "مفصل ورصين" يصدر حتى الآن عن التداعيات المترتبة على سيطرة القاعدة والجماعات المتطرفة المرتبطة بها على المناطق في شمال مالي واستخدامها كملاذ آمن. وإلى جانب المخاطر التي تحيق بمالي، قال الجنرال هام إن عناصر من جماعة بوكو حرام في شمال نيجيريا انتقلوا إلى معسكرات التدريب في شمال مالي وحصلوا على الأرجح على تمويل ومتفجرات من فرع القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وأقر القائد العسكري الأميركي بأن مقاتلي القاعدة قد يعملون على ترسيخ ما غنموه من مكاسب في شمال مالي -وهي منطقة بحجم فرنسا- خلال الأشهر الذي ستستغرقه عمليات تدريب قوة أفريقية وتزويدها بالعتاد حتى تكون قادرة على مساعدة الجيش المالي "الممزق" في الإطاحة بالمتشددين من مناطق البلاد الشمالية. وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قد حذر من مخاطر التدخل العسكري في شمال مالي الذي من شأنه أن يفاقم الوضع الإنساني الهش ويؤدي إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. وقال بان كي مون إن "أي عملية في شمال مالي تحمل مخاطر في المجال الإنساني ومجال حقوق الإنسان ..على الرغم من أن التدخل العسكري أصبح ضروريا بسبب الانتهاكات المتزايدة التي يرتكبها المسلحون الإرهابيون". وأعرب الأمين العام الاممي عن "قناعته بأنه في حال عدم الأعداد بشكل جيد لتدخل عسكري في الشمال, فأن الأمر قد يفاقم وضعا إنسانيا هشا وقد يؤدي أيضا إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان". وأضاف قائلا "أخشى أيضا أن يؤدي التدخل العسكري إلى إجهاض أية فرصة لحل سياسي عبر التفاوض الذي يبقى أفضل أمل لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل في مالي". وأوضح أن مجلس الأمن الدولي لن يوافق على التدخل العسكري في مالي إلا في حال إجابة الدول الأفريقية على "الأسئلة الأساسية" الخاصة بالقوة التي يقترحون إرسالها.وأثار تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، الذي رفعه لمجلس الأمن نهاية الأسبوع الماضي، حفيظة ورفض من طرف الرئيس المالي ورئيس النيجر اللذين كانا ينتظران بفارغ الصبر بدء العمليات العسكرية لإعادة سيطرة الحكومة المالية على إقليم شمال مالي، وعبّرت مالي والنيجر عن أسفهما لتراجع الأممالمتحدة عن الخيار العسكري، ودعت فرنسا كل منهما للتنديد بالتراجع لفرض الأجندة الفرنسية الرامية لإشعال حرب تسعى من خلالها لتحقيق أهداف أخرى غير تلك المتعلقة بتحرير شمال مالي ممن تصفهم بالإرهابيين. بالموازاة مع ذلك، تتواصل الجهود الدبلوماسية لمعالجة الأزمة، بحيث بدأت أمس في بوركينا فاسو أول محادثات مباشرة بين ممثلين عن السلطة في مالي وحركتي أنصار الدين والحركة الوطنية لتحرير أزواد، وقالت الرئاسة في بوركينا فاسو إن "رئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري، الوسيط في أزمة مالي، سيستقبل للمرة الأولى جميع الوفود معا. وكان كومباوري قد استقبل الاثنين وفدا من الحكومة المالية. و وصل مندوبون عن أنصار الدين والحركة الوطنية لتحرير ازواد، في نهاية هذا الأسبوع إلى عاصمة بوركينا فاسو لإجراء محادثات تمهيدية مع مندوبي السلطة المالية. وذكر وفد باماكو، الذي يرأسه وزير الخارجية تييمان كوليبالي، بشروطه لإجراء حوار، وذلك بعد لقاء مع كومباوري وسيط المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا. وتشكك حركة أنصار الدين في رغبة باماكو بإجراء حوار جدي، وقال سند ولد بو عمامة، المسؤول الإعلامي في حركة أنصار الدين أن وفداً من الحركة انتظر الوفد المالي منذ أسبوع في الجزائر ولم يصل للتفاوض معهم. وأضاف ولد بوعمامه لوسائل إعلام موريتانية، أن "وفدنا موجود ايضا في واغادوغو ومستعد للتفاوض، ولكن الطرف الآخر (مالي) لم يبد رغبة جادة في التفاوض؛ لقد انتظرنا الوفد المالي لمدة أسبوع في الجزائر ولم يأت". وأعتبر المسؤول الإعلامي لجماعة أنصار الدين أن حكومة باماكو"تراوغ وغير جادة في التفاوض"، مؤكداً أنه "في حالة ما إذا كان هنالك تدخل عسكري لن نتفاوض مع الحكومة". وأشار في نفس السياق إلى أنه من المقرر أن تجرى مشاورات وطنية بين الأطياف السياسية في باماكو، معتبراً أن ذلك "مجرد مناورات من طرف الحكومة، حيث تم تأجيل المشاورات إلى 13 من ديسمبر الجاري". وأضاف أن "هنالك عدة عوامل تمنع مالي من الجدية في التفاوض، منها أنه في باماكو عدة حكومات متباينة الآراء والمواقف، هذا إضافة إلى الامتلاءات الفرنسية".