الأميار الجدد في مواجهة تداعيات "فتنة" التحالفات الحزبية فجرت التحالفات السياسية التي أبرمتها بعض الأحزاب للظفر برئاسة المجالس المحلية، غضب سكان بعض المناطق، وتحول الصراع بين المنتخبين والأحزاب، إلى فوضى وأعمال تخريب قام بها أنصار المنتخبين المحتجين على ضياع رئاسة هذه المجالس منهم، ما يضع هذه المجالس أمام عدة تحديات أولها إخماد "نار الفتنة الانتخابية" قبل الانتقال إلى مهام لا تقل صعوبة تتمثل في معالجة المشاكل اليومية للمواطنين. هذه الصراعات لم تكن سوى امتدادا لخلافات بدأت مع انطلاق مرحلة الترشيحات، وصولا إلى الحملة الانتخابية، التي عرفت بعض التجاوزات والاعتداءات، رغم أنها ظلت محصورة في مناطق معينة وقليلة، مقارنة بموجة الغضب التي تفجرت مع بداية تنصيب المجالس المحلية، والتي تنوعت أشكالها واختلفت أسبابها. ورغم "تطمينات" وزير الداخلية الذي رفض الحديث عن مشاكل كبيرة أعاقت عمليات تنصيب المجالس المحلية، إلا أن الأوضاع على الأرض توحي عكس ذلك، فالتحالفات "غير الطبيعية" التي أبرمت بين مرشحين ألهبت الشارع، ووصلت إلى حد استهداف منشآت عمومية ومقرات بلدية، وخلفت هذه المشادات جرحى في صفوف أنصار هذه الأحزاب. وكانت بوادر هذا الصراع ظاهرة يوم الاقتراع، بعدم سجلت مناوشات بين أنصار بعض الأحزاب، وأخذت منعرجا آخر بعد الخلافات السياسية التي برزت بشأن النظام القانوني الواجب تنفيذه لتعيين أو انتخاب رؤساء المجالس، كما كان لحسابات المال والصراعات الشخصية دور كبير في تأجيج هذه الصراعات ونقلها إلى الشارع. واشتكى أحد الفائزين برئاسة إحدى المجالس المحلية بالعاصمة، من ممارسات تعرض لها مباشرة عقب توليه إدارة شؤون البلدية، وقال "في اليوم الأول الذي أعقب الانتخاب السري وانتخابي على رأس البلدية تلقيت مراسلة من شركة سونلغاز تخبرني بوجوب تسديد فاتورة الكهرباء التي كانت على عاتق المجلس السابق والتي تقدر ب 22 مليار سنتيم"، وقال بان إدارة الشركة هددت بقطع الكهرباء في حال عدم تسديد الفاتورة. وقال بان "المير" السابق الذي لم يهضم "إبعاده من الرئاسة لعهدة ثالثة حرك معارفه لتصفية الحسابات مع المجلس الجديد". وبحسب منتخبين محليين، فان بعض المرشحين "الذين صرفوا أموالا باهظة خلال الحملة وقدموا وعودا بمنح قطع أرضية وسكنات للمواطنين حاولوا افتعال مشاكل وخلق جو من الفوضى بمجرد تأكدهم من أن منطق الصندوق السري ليس في صالحهم"، واستفيد من بعض المنتخبين، أن "اميارا سابقين حاولوا استعمال كل الطرق لقطع الطريق أمام عمليات تنصيب المجالس الجديدة". وأخذت الاحتجاجات التي أفرزتها الانتخابات السرية، من أجل اختيار رؤساء المجالس البلدية ببعض الولايات، أبعادا خطيرة، ووصل الأمر إلى حد إغلاق مقرات بعض البلديات، كما اقتحم مواطنون مقار بعض البلديات لمنع إجراء الانتخابات أو منع تنصيب المجالس الجديدة. وأدت هذه الأحداث إلى تأجيل عملية تنصيب مجالس ولائية وبلدية في عديد المناطق بسبب الصراعات الحادة بين المترشحين وبعض أعضاء المجلس المنتخبين الذين كان لهم دور في شحن الأجواء. وخلفت مواجهات بين أنصار المرشحين جرحى وتعرض بعض المرشحين و أقاربهم إلى الاعتداء بالسلاح الأبيض، على غرار ما وقع لمتصدر قائمة جبهة المستقبل ببلدية مخادمة بغرب ولاية بسكرة، الذي تعرض للاعتداء، إضافة إلى شقيق منتخب محلي ببلدية معكودة بولاية تيزي وزو، والذي تعرض للطعن بالقرب من منزله العائلي. وتتخوف الإدارة من الوقوع في نفس المشاكل التي سُجلت مباشرة بعد انتخابات 2007، والتي تسببت في دخول عدد معتبر من البلديات في حالة انسداد دام سنوات، بينما يُعاني المواطنون عبر جل البلديات، سواء المعنية بالتحالفات أو غيرها، من تعطل ملحوظ في المشاريع التنموية المحلية باعتبار أن جل المسؤولين داخل البلديات أصبح شغلهم الشاغل منذ شهرين، هو البحث عن التحالفات التي تمكنهم من رئاسة المجالس وهو ما أدخل سكان عديد الأحياء في حالة تذمر وغليان خاصة مع تدهور حالة الطرقات وتوقيف مشاريع دون إتمامها. وقد تلقى هذه المشاحنات بظلالها على عهدة "الأميار" الجدد، المطالبين بتجاوز هذه الصراعات لمنع تحولها إلى احتجاجات شعبية، وقد تكون مقدمة لمظاهر أكثر عنفا في حال تعطل المجالس الجديدة في التكفل بمشاكل المواطنين والتي لا تنتظر التأجيل، سواء تعلق الأمر بمشاكل السكن أو التزويد بالمياه والطرقات والهياكل الصحية والتربوية، والإنارة العمومية وشبكات الصرف الصحي ومعالجة مشاكل البناء الهش. إضافة إلى البطالة وتسريع تنفيذ البرامج التنموية. وقد يكون أول تحد سيواجه المجالس الجديدة، هو الاتفاق حول ميزانية البلدية وكيفية صرفها. أنيس نواري