زحف أخضر على تشاكر انتهى بخيبة مبعوث النصر : صالح فرطاس تصوير : الشريف قليب إستعادت مدرجات ملعب مصطفى تشاكر بالبليدة حيويتها المعهودة التي كانت قد إفتقدتها منذ نحو سنة كاملة، لأن الأجواء التي عاشت على وقعها مدينة " الورود " سهرة أمس الجمعة كانت بمثابة دليل قاطع على المكانة المميزة ا لتي يحظى بها " الخضر" في قلوب الملايين من المناصرين، رغم أن بعض الأطراف سارعت إلى إصدار أحكام مسبقة تتعلق أساسا بتراجع شعبية الأفناك على خلفية المشاركة المحتشمة في مونديال جنوب إفريقيا، و كذا الوجه الشاحب الذي ظهر به أشبال سعدان في المباراة الودية الأخيرة ضد الغابون. موعد الأمس كان فرصة لترسيم تواصل علاقة الود و المحبة التي تربط رفقاء زياني بملايين الجزائريين، رغم الغليان الجماهيري على سعدان منذ المونديال، لأن الجزائريين برهنوا مرة أخرى بأنهم مناصرون من نوع " خاص " ، بعدما أبهروا العالم طيلة التصفيات الماضية، و حتى في بلد العم مانديلا، لأنهم برهنوا على تعلقهم الكبير بالمنتخب و الألوان الوطنية على حد سواء، و ما التحديات التي رفعها آلاف المناصرين إلا تأكيد صريح بأن الروح الوطنية التي يتسلح بها الجزائريون تبقى من أبرز نقاط قوة " الخضر " ، و واحد من أهم أسرار نجاح الكرة الجزائرية في العودة إلى الواجهة على الصعيدين القاري و العالمي بعد غياب طويل، لأن المناصرين كانوا في الموعد ، و في مستوى تطلعات العناصر الوطنية التي كانت تطالب بدعم جماهيري يكفيها لإستعادة الثقة و الروح التي كانت عليها في تصفيات مونديال جنوب إفريقيا. البليدة كانت هادئة و غزو مفاجئ أعاد لها الذكريات التاريخية من هذا المنطلق، و إذا كانت مدينة البليدة تبقى المعقل المفضل للمنتخب الوطني، كون " بركة تشاكر " مازالت تحمل معها ذكريات الإنجازات التاريخية لكومندوس سعدان، فإن هذه المدينة لم تعش طيلة نهار أمس الأجواء التي إعتادت عليها في كل مباراة للنخبة الجزائرية، حيث كانت شوارع باب السبت، بابا علي، وحديقة الروضة المحاذية لملعب تشاكر شبه خالية من المارة، و ما لفت إنتباهنا خلال الزيارة الميدانية التي قادتنا إلى بوابة الملعب لحظات قبيل الترخيص للمناصرين بالدخول في حدود الساعة الرابعة من زوال أمس، تواجد العشرات من المشجعين في طابور واحد أمام الملعب، و هذا وسط تعزيزات أمنية مشددة، على إعتبار أن وحدات الأمن المشتركة نصبت حواجز لمنع أصحاب السيارات من المرور عبر كل المسالك المؤدية إلى الملعب، و هذا تحسبا لأي طارئ.هذه الصورة غير المعهودة على جماهير " الخضر " في كل مقابلاتهم التي يخوضونها بملعب تشاكر جعلت الجميع يعتقد بأن الإقبال الجماهيري سيكون محتشما، و أن المنتخب فد مكانته المعتادة لدى ملايين المناصرين، لكن " الجزائريين " أسقطوا كل هذه التخمينات في الماء، و أكدوا دعمهم المتواصل لبلحاج و زملائه، لأن التوافد على الملعب تزايد بشكل ملفت للإنتباه مع إقتراب موعد آذان الإفطار، كون الجماهير الوفية للألوان الوطنية حجت فرادى و جماعات إلى تشاكر، حاملين بين أيديهم أكياسا بها وجبات الإفطار، ليرسم لآلاف المشجعين صورا نادرة تبقى من صنع جزائري خالص للتآزر و التآخي، بتبادل المأكولات فيما بينهم عند تناول إفطار " إستثنائي " بمدرجات ملعب تشاكر تحت الأضواء الكاشفة، و هذا كله من أجل الوقوف إلى جانب التشكيلة الوطنية في أول مباراة لها في إطار التصفيات المؤهلة إلى " كان 2012"، مما يعني بأن الجزائريين الذين توافدوا بأعداد قياسية على ملعب البليدة، و كانوا في الموعد سهرة أمس أكدوا بأن عوامل الصيام، و الحرارة، و التعب و الإرهاق، و حتى الإفطار في الملعب لم و لن تكون كافية لمنعهم من تسجيل حضورهم إلى جانب أشبال سعدان في المواعيد الحاسمة، و كل شيء يهون من أجل السعي للمساهمة في تشريف الألوان الوطنية، لأن ما عاشته البليدة رسم المكانة المرموقة التي يحتلها المنتخب في قلوب ملايين الجزائريين، فالآلاف من المشجعين قدموا من وهران و تلمسان، و قسنطينة، عنابةقالمة و تبسة لتسجيل حضورهم المميز في ملعب تشاكر، و أوركيسترا المدرجات كانت في مستوى التطلعات، و أبرز دليل على ذلك إهتزاز المدرجات كرجل واحد لترديد عبارة " وان، تو ، ثري فيفا لالجيري " عند دخول العناصر الوطنية إلى الملعب لمعاينة أرضية الميدان قبل ساعة من موعد إعطاء ضربة الإنطلاقة.الجماهير التي شجعت الفريق حتى النهاية ختمت " واجبها" بالهتاف ضد سعدان والمطالبة برحيله والتصفيق للضيوف.