إفريقيا الوسطى تصنع ملحمة كروية بالمملكة المغربية و تجانب الفوز حسابات المجموعة الرابعة تسقط في الماء وكل الإحتمالات واردة تعادل المنتخب المغربي سهرة أول أمس السبت مع ضيفه منتخب جمهورية إفريقيا الوسطى بدون أهداف، في المباراة التي إحتضنها مركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط بحضور أزيد من 40 ألف متفرج، في واحدة من أكبر مفاجآت التصفيات المؤهلة إلى العرس الكروي القاري المقرر بعد سنتين بكل من الغابون و غينيا الإستوائية، و لو أن هذه النتيجة أبقت دار لقمان على حالها على مستوى المجموعة الرابعة التي تضم أيضا المنتخبين الجزائري والتانزاني، لأن كل منتخب بحوزته نقطة واحدة، و المغموران تانزانيا و إفريقيا الوسطى أسقطا كل الحسابات الأولية للمتبعين في الماء. الأشقاء " المغاربة " الذين كانوا يعلقون آمالا عريضة على هذه المواجهة لتسجيل إنطلاقة جديدة بعد " نكسة " العجز عن التأهل إلى " كان أنغولا " و كذا مونديال جنوب إفريقيا، مع حلمهم بالإستثمار في التعثر المفاجئ للمنتخب الجزائري سهرة الجمعة بملعب تشاكر بالبليدة أمام تانزانيا، لدخول التصفيات من موقع قوة، و الإنفراد بالصدارة منذ الجولة الأولى، إصطدموا بواقع ميداني جعلهم يقفون على تواصل الأزمة و سلسلة الإخفاقات، لأن " أسود الأطلس " فشلت في إستغلال عاملي الأرض و الجمهور لتزأر أمام منافس يحتل المركز ال- 200 و الأخير في لائحة ترتيب الفيفا، كما أن " فيزيونومية " المقابلة كشفت عن الإفلاس الكبير للمنتخب المغربي من جميع الجوانب، رغم التغييرات التي عرفها التعداد، مقارنة بما كان عليه في التصفيات المزدوجة الأخيرة، و هذا في غياب المدرب الرئيسي للمنتخب التقني البلجيكي إيريك جيريتس الذي أجل إلتحاقه بمنصبه إلى غاية شهر أكتوبر القادم، و إكتفى مساعده الفرنسي دومينيك كوبرلي بتسيير التشكيلة المغربية في هذا اللقاء، في الوقت الذي كان فيه الموعد مناسبا لإكتشاف منافس " مجهول " ظل المتتبعون يصنفونه على الورق بمثابة الحلقة الأضعف في المجموعة، و هو منتخب جمهورية إفريقيا الوسطى الذي قدم مردودا جيدا لا يتماشى و مكانته في مؤخرة ترتيب اللائحة العالمية، إذ أن هذا المنتخب بقيادة التقني الفرنسي جول أكورسي الذي سبق له الإشراف على فريق شبيبة بجاية الجزائري أبهر كل المتتبعين بالمستوى الذي أظهره، و الذي يجعله جديرا بالإحترام و التقدير، و كأن البصمة السحرية لأكورسي على هذا الفريق إتضحت جليا بسرعة البرق، لأن منتخب إفريقيا الوسطى كان الأحسن تنظيما و إنتشارا فوق أرضية الميدان، و بادر إلى صنع اللعب و تهديد مرمى الحارس لمياغري في الكثير من المرات، و قد كان الضيوف الأقرب إلى هز الشباك في العديد من المناسبات، بالنظر إلى هشاشة الدفاع المغربي، بينما ظل القاطرة الأمامية لأسود الأطلس عقيمة، رغم أنها تتشكل من نجوم بارزين في الدوريات الأوروبية يتقدمهم مهاجم نادي أرسنال الإنجليزي مروان الشماخ، و كذا هداف أجاكس أمستردام الهولندي الحمداوي، لكن هذه النجوم أفلت أمام دفاع منظم لعب بذكاء كبير، و سد كل المنافذ المؤدية إلى شباك الحارس جوفري ليمبت، كما أن التغييرات التي قام بها كوبرلي بإقحام المهاجمين العرابي و حاجي لم تغير في الوضع شيئا، لأن منتخب إفريقيا الوسطى جانب الفوز، و أهدر نقطتين كانتا في المتناول بالنظر إلى المردود الذي قدمه، و هذا على العكس من منتخب المغرب الذي أكد مروره بأزمة خانقة منذ أشهر طويلة.إخفاق " أسود الأطلس " في الفوز على إفريقيا الوسطى جعل الوسط الكروي بالمملكة المغربية يعيش على وقفع صدمة كبيرة، مع التوصل إلى قناعة تقضي بالتشاؤم مبكرا بعجز هذا المنتخب عن التنافس على الورقة المؤدية إلى الغابون و غينيا الإستوائية، و لو أن مباراة أول أمس مكنت المتتبعين من إكتشاف منافس سيشكل خطرا على بقية منتخبات الفوج الرابع،ه لأن الوجه الذي ظهرت به تشكيلة إفريقيا الوسطى يؤكد على نوايا أكورسي و أشباله في تفجير مفاجآت من العيار الثقيل، لأنهم نجحوا في إحراز أول نقطة خارج الديار في تاريخ مشاركتهم في التصفيات، كما أن هذا التعادل التاريخي يعد الثالث من نوعه لهذا المنتخب في ثالث ظهور له في التصفيات القارية ، بعدما كان قد أقصي من الدور التمهيدي في 2006، مقابل إكتفائه بالحصول على نقطتين في تصفيات " كان 2004 " بتعادله في عقر الديار مع كل من زيمبابوي و الكونغو، مما يعني بأن مهمة المنتخب الجزائري في الثامن من شهر أكتوبر القادم بالعاصمة بانقي لن تكون سهلة، لكنها ليست مستحلية، لأن إرادة " الخضر " قد تكفي لإعادة منتخب إفريقيا الوسطى إلى مكانته الحقيقية بعدما صنع ملحمة كروية في الأراضي المغربية.