شهد لي كبار مشايخ الشعبي بقوة الصوت و الآداء و الغرور مقبرة الفنانين وقع فنان الشعبي عزيوز رايس نهاية السنة الماضية 50 سنة من العطاء الفني شهد له عمالقة الشعبي على غرار العنقة و عمر الزاهي و أحمد وهبي و الفرقاني وغيرهم بقوة صوته وأدائه المتميّز في إيصال الرسائل الفنية الهادفة بكلمات موزونة. "النصر "التقته على هامش الحفل الذي احتضنته دار الثقافة الأمير عبد القادر بعين الدفلى و أجرت معه هذا الحوار القصير . الفنان عزيوز رايس قامة كبيرة في الفن الشعبي ما هو شعورك وأنت تغني في قاعة شبه فارغة من الجمهور؟ - يقول المثل "البركة في القليل" لكن المسؤولية تقع على عاتق منظمي الحفل الذي من المفروض الاهتمام بالجانب الإعلامي و وضع إعلانات مسبقة عن الحفل.. وهذا لا يعبر عن تراجع الشعبي أو عدم رغبة الجمهور في سماع هذا اللون الأصيل، لكن المشكلة كما قلت في نقص الترويج لحفلات الشعبي ، عكس الراي الذي لو حل نجم من نجومه لرأيت استعدادات و ترتيبات تفوق كل تصوّر، لكن كما يقول المثل العاصمي "ساعات أنذوق و ساعات أنروح أنعمر الصندوق" و عليه ليس من اختصاصي طرق الأبواب على الناس لحثهم أو دعوتهم للاستماع للفنان عزيوز رايس . ماهي رؤيتك للساحة الفنية بالجزائر و الشعبي على وجه الخصوص؟ -50 سنة مرت كلمح البصر، و في ميزان الشعبي لا تساوي قطرة في بحر أقول لك بصراحة لازلت إلى غاية هذه اللحظة أتعلّم، و الذي يقول وصلت كما يقول المثل حصل و زلق في البصل"...أحيانا أستغرب من غرور بعض الفنانين و هم في منتصف أو بداية الطريق وأقولها بصراحة الغرور يحطم الفنان...لقد غنيت 50 سنة دعاني المرحوم الشيخ العنقة إلى مدرسته و أثنى علي الفرقاني و أحمد وهبي الذي اشتغلت معه في ستينات القرن الماضي و بلاوي الهواري الذي يناديني "أهلا شعبينا " أو عمر الزاهي الذي يستأنس عند سماعي و يأسر لي أنت ذهبك ليس نحاسا و لا يباع في سوق الدلالة... وغيرهم من الفنانين الكبار كالقروابي و العنقيس و كعادتي استشهد بمثل للشيخ المغراوي "من شهد له الشيوخ واجب عليه يزوخ، و كون نزوخ نصبح ندعي" فأنا لست من المتكبّرين و المتعجرفين، لأن الغرور مقبرة لجميع الفنانين. نلاحظ أنك ابتعدت في السنوات القليلة الماضية عن تسجيل الأغاني الشبابية، فما سر ذلك ؟ - في الحقيقة أتوجه اليوم في البحث عن القصيد الذي يغوص في عمق المجتمع و ترمي كلماته إلى تهذيب الأخلاق و تربية الأجيال. و قد سبق لي أن غنيت أغاني شبابية في مشواري الفني من بينها "المكتوبة ليا "و عليك الهنا و الضمان" التي تقول كلماتها "روح بالهنا و الضمان يا لامان من تاريخ اليوم ما نزيد نديرك في بالي.. دريت بالخدع يأتي بالأمان ولا دريت يا و خيي هاكدا يصرالي.. حلفت وعظمت ما ندير الامان بعد اللي والفتو عاداني..." و أتطلع اليوم للتناول مواضيع مهمة و من بين القصائد أذكر على سبيل المثال "يا رّايح للمكان لا تهوّل ناسو" و أيضا موضوع ذو طابع اجتماعي أخلاقي "لا تدنّى لحقوق الناس أدي حقك و خلاص"، "هذا الاختيار ما دريتو يوّلي بخسارة" وأغنية "درت يدي في فم السبع ما عرفتو جيعان"...و يعود الفضل في كتابة كلمات هذه الأغاني لكل من رشيد بناني و كمال طواهرية.. وغيرهم ممن أكن لهم التقدير و الاحترام لسعيهم في نشر الكلمة الصادقة و المعبّرة. بعد 50 سنة من العطاء الفني، من الصعب تحديد حجم الأعمال المنجزة؟ - صحيح أملك رصيدا كبيرا من الأغاني و لا يمكنني أن أختصرها في هذا الحيز القصير من الحوار، لذا سأكتفي بذكر بعضها، لدي عدة أغاني مشهورة من بينها "يالله عليك ياريح كان ريت غزالي "و "والله جرت بيك "و"صرعتني شمس الضحى ".. وغيرها من الأغاني التي استغرقت من الوقت و الجهد الكثير في عملية إنتاجها وتقديمها لجمهوري الذي أكن له كل التقدير. كلمة أخيرة - نصيحتي إلى الفنانين الشباب الابتعاد عن الغرور و الانتباه إلى مضمون الكلمات وتتبع خطى المشايخ الكبار لما في مسيرتهم الخالدة من دروس وعبر. حاوره هشام/ ج