لم تمر الليلة الثانية من مهرجان جميلة العربي في طبعته السادسة كما خطط لها، وبينما نجحت محافظة المهرجان في سد الفراغ الذي أحدثته الشابة خيرة التي أفسدت العرس بغيابها ورفضها تلبية أول دعوة توجه لها، الشاب حسان الذي اختير لتعويضها لم ينجح في تأدية المهمة التي أوكلت إليه، وهو الذي تاه على مسرح كويكول بعد رفض الجمهور له ولجميع ما قدمه من أغانٍ، الشيء الذي جعله في حرج كبير فرض عليه تطليق عرس الهضاب في أول ظهور له به وهو مطأطأ الرأس· السهرة الثانية كانت جزائرية محضة، وقد اختير لتنشيطها ثلة من الفنانين الجزائريين تقدمهم الفنان الشعبي ناصر مقداد، ومن أجمل ما جادت به حنجرته التي اربتطت بكل ما هو أصيل، أغنية عن الجزائر اختارها لمعانقة جمهور جميلة الذي يلتقي به للمرة الأولى، وبقدر ما كانت الأغنية هادئة بقدر ما كانت كلماتها جد معبّرة وهي التي دعا فيها صاحبها إلى السلم والتأخي وضرورة لمّ الشمل بين فئات الشعب، لأن الزمن لا يرحم. بعد مقداد حل ابن عين الفوارة وشيخ الأغنية السطايفية بكاكشي الخير، ولأنه كان وسط أهله، تخلى الخير عن جميع البروتوكولات وشرع في تقديم برنامجه الفني بكل تلقائية، وقد ساعده على ذلك تفاعل الجمهور الحاضر، خاصة وهو يؤدي أغنيته الشهيرة ''واشي هادا ياو هادا واشي'' قبل أن يودع عشاقه بأغنية ''جاري يا محمود'' التي تمثل جديده الفني، فاتحا المجال أمام صاحب أغنية ''لابسا المسجر''. الفنان دحماني، وهي أول من اختاره للشروع في تقديم برنامجه الذي حمل أغانٍ عاطفية وأخرى ريتمية صفق ورقص على إيقاعها السريع الجمهور الحاضر كثيرا، وهو الجو نفسه الذي شهدته المنطقة الأثرية. الشابة سهام وهي تعتلي الركح الروماني، اختارت أجمل ما تضمنته إصداراتها الفنية من أغانٍ قديمة وجديدة لإمتاع عشاقها، ومن بين ما غنّت كانت أغنية ''ماجاياش تروح وتخليني'' التي حققت بها نجاحا كبيرا و''خلي تخلا خلي'' التي احتلت بها صدارة المبيعات في السوق المحلية. وعكس ما كان متوقعا، حل الشاب حسان ضيفا غير مرغوب فيه في حالة لم نعتد الوقوف عليها، خاصة وأن من اعتلى الركح نجم من نجوم الأغنية الشبابية، وله من الإصدارات الفنية الكثير ومعظمها لاقت نجاحا كبيرا على الصعيدين الداخلي والخارجي. وبالرغم من ذلك، ابن الحراش حاول التأقلم مع الوضع وبروح خفيفة وابتسامة عريضة لم تفارقه طيلة فترته الغنائية، نجح في تقديم مجموعة من إصدارته، وقد تنوعت بين القديم منها على غرار''أنتيا التالية''، في حين حمل جديده ''تحبي ولا تكرهي'' و''مامي يا مامي'' قبل أن يختار أغنية ''غير هي لي ما نخليهاش'' لتوديع جمهوره الذي خيّب ظنه كثيرا، وهو الذي كان في شوق كبير لملاقاته بعد سنوات من الغربة والتواجد في المهجر· نيوز كويكول خيرة تفضّل الكباريهات على المهرجانات لأنها مرتبطة ببرنامج عمل مكثف في الكباريهات، غابت الشابة خيرة عن السهرة الثانية من مهرجان جميلة العربي· وبالرغم من أن الغناء على مسرح كويكول الأثري شرّف الكثير من الفنانين في العالم العربي، يتمنون أن يحظوا به، إلا أن صاحبة أغنية ''آه يا عدو'' تكبرت على المهرجان والجمهور الذي تنقل بقوة لملاقاتها، خاصة وأنها الفرصة الأولى التي تتاح له للالتقاء بها· خيرة، وبخرجتها هذه، أكدت أن الفنان الجزائري لا يزال بعيدا تماما عن مستوى ما هو متعارف عليه خارج حدودنا الجغرافية، ولا يزال حبه للفن وتأديته له يقتصر على جمع المال كما هو الحال مع الشابة خيرة· جمهور جميلة وجّه صفعة مؤلمة لحسان لم تنفع التلقائية والارتجالية التي ظهر بهما الشاب حسان أمام جمهور جميلة في استقطاب الحضور وجعله يتفاعل مع ما قدم من أغاني· وبقدر المجهود الكبير الذي بذله للنجاح في أول ظهور له على مسرح كويكول، إلا أن صاحب أغنية ''انتيا التالية'' فشل في مهمته، الشيء الذي جعله في حيرة من أمره، خاصة وأن جميع ما قام به لم ينفع في جعل الجمهور يتفاعل مع ما قدم· حسان الذي خاب ظنه، أكيد سيراجع نفسه ويفكر مليا قبل إعطاء موافقته لإحياء مهرجانات في الجزائر· حسان غادر المسرح الروماني ولسان حاله يقول ''هذه هي الغربة اللي حبّيتها وراني نحصد واش زرعت''· عزيوز رايس مغرم بالأمثال الشعبية يبدو أن إبحار الفنان عزيوز رايس في الفن الشعبي وتأثره العميق بما هو موجود فيه من خبايا وكلمات لا يفهمها إلا المشايخ، جعله لا يتحدث إلا بالأمثال، حيث أن جميع ما يتفوه به من كلام لا يخلو من كلمات شعبية بعضها غامض ويحتاج لقواميس لتفسيره، وحتى في اللقاء الذي جمعه ب ''الجزائر نيوز'' كل إجاباته كانت عبارة عن أمثال شعبية· وعن السبب قال عزيوز إنه متأثر كثيرا بالفن الشعبي، ولأنه يريد الحفاظ عليه وتلقينه للأجيال الصاعدة، اختار الحديث به حتى داخل منزله، قائلا بأنها نفس اللغة التي يحدث بها زوجته وأولاده· دحماني خانه الميكروفون وجد الفنان الجزائري المغترب، دحماني، صعوبة كبيرة في التعامل مع الميكروفون لدرجة أنه غادر المنصة بحثا عن غيره قبل أن يعود مرة أخرى، وقد عادت الأمور إلى سابق عهدها، وهي المرة الثانية التي تحصل مع دحماني الذي حرمته الأمطار من الغناء على ركح كويكول السنة الماضية، الرياح القوية أفسدت عليه سهرة أمس بسبب التشويش الذي أحدثته في الصوت· قالوا ل ''الجزائر نيوز'' الشابة سهام: ''أرفض التخلاط لذلك لم أغني للفريق الوطني'' ''أنا بنت المهرجانات، وهي التي ساعدتني على البروز والتعرّف على الجمهور الجزائري، ولأنه ذواق من الصعب أن تغني له وهو ما جعل إصداراتي تقتصر على ألبوم أو إثنين فقط في السنة··· كثيرة هي الأسماء التي غنت للفريق الوطني وساهمت في إثراء الساحة الفنية بأغانٍ منها التي كانت في المستوى وأخرى حاول أصحابها استغلالها لولوج عالم الفن وفقط. ولأني لا أعرف الكرة والأغنية الرياضية ليست من اختصاصي، لم أشأ تقديم ما يفسد سمعتي، وهذا لا يعني أني لا أحب فريقنا الوطني بل عشقه ساكن في قلبي··· أنا موجودة أينما يوجد جمهوري، وبالرغم من أنني غير مستقرة تماما بالجزائر، إلا أنني على اتصال دائم به وأحضر له عملا في المستوى سينزل السوق بعد شهر رمضان يتمثل في ألبوم يضم عشر أغانٍ من بينها إثنان ستكون على شكل ''ديو'' مع فنان جزائري مغترب أفضّل عدم الإفصاح عن اسمه، لأنه سيكون مفاجأتي السارة التي أقدمها لجمهوري··· أما عن الفيديو كليب، فسأصور أغنيتين من ألبومي الذي سينزل السوق قريبا·· تجربتي مع الأغاني الخليجية والشرقية كانت ناجحة جدا بحكم تقبّل الجمهور لها وتفاعله معها، ولذلك أفكر في العودة إليها مستقبلا''. الشاب حسان: ''18 سنة من الغناء ومازالني نتعلّم'' ''هي أول مشاركة لي في مهرجان جميلة العربي، وبقدر ما أنا فرح لأنني سألتقي بجمهوري الذي أعشقه حتى النخاع، بقدر ما أنا خائف، لكن متأكد بأن لقائي به سيكون جميلا··· أغنية ''الراي'' في انحطاط، وهو في طريق خاطئ، السير عبره لا يوصل إلى برّ الأمان، لأن الكلمة الردئية أصبحت تحكمه، وهو أمر لم نعود جمهورنا عليه، لذلك صار من الواجب أن نراجع أنفسنا قبل فوات الأوان·· لقد كبرت بين أحضان الفن، وبالرغم من مرور 18 سنة على ولوجي هذا العالم، إلا أنني مازلت أتعلم، وفي كل مرة أعمل على تجاوز الأخطاء، لأن ما أقدمه يسمعه الآلاف وليس شخص واحد، لذلك أحاول دائما أن يكون ما أصدره في المستوى·· ما أغنيه هو رسائل أحاول من خلالها تقريب الشباب الجزائري سواء داخل الوطن أو خارجه من البلد وأحببهم فيه لأنه غالٍ علينا كثيرا، ولا يجب أن ننسى بأن له أفضال كبيرة علينا، ومن دونه لا نسوى أي شيء·· صحيح أنه يوجد فرق كبير بين الفن الأوروبي والجزائري خاصة من حيث الإمكانات والاحترافية، لكننا كفنانين جزائريين استطعنا أن نجد مكانتنا بين كبار الفن لأننا نمتلك المؤهلات·· أنا ابن الحراش، الحي الشعبي الفقير، أعتز كثيرا بذلك وأينما حللت أذكر ذلك·· جديدي يتمثل في ألبوم سينزل السوق بعد شهر الصيام، وسيضم أغانٍ عاطفية واجتماعية''. عزيوز رايس: ''لي يبان يكثر عليه الدّبان'' ''أشارك للمرة الثانية في مهرجان جميلة العربي·· أنا فنان ذواق ولا أغني باه نعمر الصندوق·· لا أحب الظهور كثيرا لأن ''لي يبان يكثر عليه الدبان''·· ألاحظ أن كلمة نجم أصبحت تطلق كثيرا على الأصوات الفنية في الجزائر، وهذا أمر خاطئ، لأن من يستحقون كلمة نجوم هم فنانونا القدامى، أما حاليا فالفن أصبح عفنا·· الفن الشعبي تاريخ وأبدا لن يضيع لأنه حضارة، بدءا بالعنقى، وأبدا لن يقع في الغرق·· السبب في انتشار الفن الرديء هو الرغبة في تحقيق الربح السريع، غياب الرقابة والفراغ الذي مرت به الساحة الفنية في سنوات الجمر، يضاف لذلك الإقبال الكبير للجمهور على الأغنية الرايوية التي يميزها الريتم السريع·· على الجميع التوحد للنهوض من جديد بالفن الجزائري وإعادته لسابق عهده·· مثل هذه المهرجانات الفنية هي فرصة لخلق جو من التبادل والتعاون بين الفنانين الجزائريين ونظرائهم من الدول العربية، ونحن في حاجة كبيرة إليها، ولا يجب أن نجعلها حبيسة المناطق الأثرية فقط بل يجب أن تعمم على باقي ربوع الوطن''. بكاكشي الخير: ''الأغنية السطايفية ضاعت'' ''لم أعد أفهم ما يحدث في الساحة الفنية الجزائرية عامة والأغنية السطايفية خاصة، فكل يوم يظهر اسما جديدا وأصبح من هبّ ودبّ يحمل اسم فنان، وبعد ساعات من ظهوره يطلق عليه لقب نجم، هذا أمر محير وأكيد لا نجده إلا في الجزائر·· هذه أمور لم نتعارف عليها سابقا بالرغم من أن الساحة في السابق كانت تعج بالأسماء الفنية المتميزة التي لها باع طويل في الفن وتؤديه باحترافية··· أما حاليا، فاختلط الحابل بالنابل، ولم يبق من الفن سوى الاسم. أما الأغنية السطايفية، فهي تضيع لأن الدخلاء عليها كُثر·· مهرجان جميلة مفخرة ولاية سطيف، ونحن أهله، لذلك نعمل جاهدين على إنجاحه والارتقاء به إلى الأعلى، والحمد لله هو في تطور مستمر وفي تحسن من سنة لأخرى··''. دحماني: ''أغني ب 13 لغة وأينما حللت أفتخر بكوني جزائريا'' ''الجزائر بلدي وأعتز كثيرا بانتمائي إليه··· حاليا، أنا موجود بين المغرب وفرنسا، ومستعد دائما لتلبية الدعوات التي توجه لي، لأنني أحب الجمهور الجزائري·· صحيح لم نصل في الجزائر إلى مستوى ما هو موجود في باقي الدول العربية والغربية من تطور، لكن نحن نسير من حسن إلى أحسن·· أغني ب 13 لغة، وقد نشطت حفلات في جميع بلدان العالم، لكن عندما أزور الجزائر أحس بنكهة خاصة لأنني أكون وسط أبناء بلدي·· جديدي يتمثل في مجموعة من الأغاني اختارتها الشركة المنتجة التي أعمل معها كي أترجمها للعربية، أملا منا في تحقيق نفس النجاح الذي لاقيته لما أديتها باللغة الإنجليزية·· مهرجان جميلة هو مفخرة لنا، وقد ذاع صيته في جميع ربوع العالم، لذا من الواجب على الجهات الوصية أن تهتم به أكثر لأنه بوابتنا الفنية على العالم''.