الشباب الجزائري متعطش للموسيقى الصاخبة التي تكسر روتينه قال المخرج المسرحي صلاح الدين ميلاط رئيس جمعية مرايا الثقافية في هذا الحوار الذي جمعه بالنصر أنه يطمح لترسيم أيام " الروك أم سيرتا " من قبل الوزارة كمهرجان دولي للروك سيكون الأول من نوعه في قسنطينة و الجزائر، مؤكدا أنه لم يحتجب هذه السنة و سيعود في طبعته الثالثة في العطلة الربيعية بفرق جديدة، و أشار أيضا في حديثه عن المسرح أن جمعية " مرايا " و فرقتها المسرحية استقطبت من خلال الحفلات الموسيقية التي نظمتها المزيد من الجمهور المسرحي الشاب الذي أصبح يتابع بشغف جديد أعمالها. لماذا غابت هذه السنة الطبعة الثالثة لأيام " روك أم سيرتا " ؟ " الروك أم سيرتا " لم تغب و لكنها تأخرت فقط هذه السنة بسبب نقص الإمكانيات المادية، فلم يصلنا الغلاف المالي المتفق عليه من طرف البلدية في الوقت المحدد أي قبيل عطلة الشتاء ككل سنة، و لأننا جمعية ثقافية شابة فلا زلنا لا نملك الإمكانيات الكافية لإقامة أيام وطنية كهذه وحدنا، خاصة أنها تستقطب العديد من الفرق الشابة من كل مناطق الوطن، فقررنا برمجتها هذا العام خلال عطلة الربيع في مارس القادم، فالجمهور لا يخرج في الليل ليحضر حفلا موسيقيا أو حتى عرضا مسرحيا، كما أن أغلب محبي أيام الروك هم طلبة جامعيون و العطلة تناسبهم أكثر للخروج. هل أقمتم الطبعات السابقة لهذه الأيام بمال الجمعية الخاص؟ لا بل حظينا بدعم منذ الطبعة الأولى و لكنه لا يرتقي لأحلام التظاهرة التي نحلم بترسيمها من قبل الوزارة كمهرجان دولي، نظرا للإقبال الجماهيري الكبير عليها مما يؤهلها للحصول على غلاف مالي يسمح لنا بدعوة أكبر الفرق العالمية لموسيقى الروك، خاصة بعد أن ذاع صيتها في بعض الدول العربية المجاورة كالمغرب و تونس و حتى في فرنسا، و هناك العديد من الفرق التي أعربت لنا عن استعدادها للمشاركة و لكننا لا نستطيع دعوتها بإمكانياتنا الحالية. برأيك ما سر إقبال جمهور الشباب على حفلات الروك و الميتال الغريبة نوعا ما عن ثقافتنا ؟ الشباب الجزائري مطلع بشكل جيد على الثقافة العالمية خاصة في مجال الموسيقى، و لقد فوجئنا بالتفاعل الكبير الذي أظهره مع مختلف الفرق المشاركة رغم تنوعها الموسيقي الكبير الذي لم يعتادوا على بعضه من قبل كنوع الميتال، كما أنه شباب ديناميكي و يحب الموسيقى الصاخبة و لم يعد يهتم كثيرا بالموسيقى الكلاسيكية، لأنه يبحث عن متنفس صاخب يخرجه من السكون الذي يخيم عليه طيلة الوقت في كل مكان و من الروتين اليومي الذي يعيشه مع انعدام وسائل الترفيه. كما أنه من إستراتيجيات " مرايا " هي إستقطاب جمهور الموسيقى فيتعرف على جمعيتنا الثقافية المسرحية من خلال نشاط يحبه يوصله فيما بعد لما نحبه نحن و هو المسرح، و قد نجح هذا التصور إلى حد كبير في جلب الجمهور للمسرح أو على الأقل لحضور عروضنا المسرحية، فالكثير منهم لم تكن لديهم ثقافة المسرح و كانوا ينفرون منه و يعتبرونه كلاسيكيا في زمن " الميديا " و الصورة و عندما جربوا حضور عروضنا غيروا نظرتهم قليلا و أصبحوا من محبي الركح. كشفت أيام " الروك أم سيرتا " عن وجود فرق ميتال في الجزائر من بعض الأنواع التي لا توجد إلا في أمريكا و أوربا " كالهيفي" و " الديث ميتال" و حتى " البلاك ميتال" المعروف بإرتباطه بطائفة الشيطانيين، ألم تتحفظوا في إختيار هذه الفرق التي أبدت تقليدا كبيرا لهذه الطائفة؟ " الديث ميتال" و " الهيفي ميتال " هي ألوان متنوعة من الروك إلى جانب أنواع أخرى أقل صخبا، و لكننا لاحظنا أن الجمهور يحب الميتال أكثر و كان يأتي من أجله كما كان ظاهرا من خلال لباسهم الأسود و مظهرهم الذي يشبه مظهر فرق الميتال، الذي يعتبر مجرد خيار موسيقي ليس إلا فلا يوجد في مجتمعنا أي معتقد شيطاني، رغم التقليد الأعمى الذي شاهدناه في الحركات و الرقصات الهيستيرية و غيرها. لماذا لم يستمر مشروع الورشات المسرحية الذي بدأتموه سنة 2011؟ فكرنا في هذا المشروع سنة 2009 و لم نستطع تنفيذه إلا بصعوبة كبيرة سنة 2011، و كان هدفنا إنشاء ورشة محترفة لتكوين الممثلين فقمنا بدعوة نخبة من المخرجين و الأساتذة المسرحيين الذين أبدوا استعدادهم للتعامل معنا كالأستاذ جروة علاوة وهبي في النقد المسرحي، المخرج حسن بوبريوة، و الأستاذ شوقي بوزيد من باتنة، المختص في تكوين الممثلين بالإضافة إلى الأستاذ أحمد شنيقي من عنابة. و قد استقطبت الورشة طلابا من داخل و خارج المدينة و لكنها لم تستمر طويلا بسبب الإنشغال بالقاعة التي كنا نعمل بها في قصر الثقافة مالك حداد تقريبا طيلة الوقت مما أضجر الأساتذة و التلاميذ، أما ممثلو مرايا فكان لهم الحظ للتعامل مع مسارح أخرى و مخرجين مهمين و هذا ما ساعدهم على التكوين أكثر و اكتساب المزيد من الخبرة. انطلقت مرايا كفرقة هاوية يجمع بين أعضائها حب المسرح، هل وصلت اليوم بعد سنوات من العمل للإحترافية؟ نعم إلى حد كبير، فقد أصبحت مرايا تبيع عروضها و تشكل مصدر رزق بالنسبة لأعضائها، كما أننا ندعم إنتاجنا من مالنا الخاص و هذه أهم خطوة للإحترافية، و نستطيع اليوم و الحمد لله ملء القاعة عن آخرها بجمهور متشوق لجديدنا عندما نقدم عروضنا، و هذا شيء مميز جدا في مدينة المسرح فيها للمناسبات فقط، و أعتقد أن السر في ذلك هو أننا تمكننا بمواضيعنا و أساليب عروضنا التي تواكب العصر صنع جمهور وفي. ما هي الرؤية المسرحية لجمعية مرايا ؟ هدفنا هو تقديم مسرح معاصر يخرج من قلب الجوقة الموسيقية التقليدية و قوقعة الإيقاع العام لتقديم شيء خاص يعتمد أكثر على الرسالة الصورية و ليس الكلامية، فعلينا أن نقحم التطورات الجديدة للحياة في قلب العمل لنقنع الجمهور المعاصر بالمسرح، و ذلك بالإعتماد على الحركات الإيحائية و الراقصة أكثر من الحوار، و نطمح أن نستمر في تمثيل قسنطينة بهذه الرؤية في المهرجانات الوطنية. امينة.ج