لا داعي للتشاؤم المسبق لأننا لن نتنازل عن تأشيرة التأهل حاوره : صالح فرطاس أعرب المدافع الدولي مجيد بوقرة عن تأسفه لفشل الخضر في الفوز على تانزانيا في مباراة الجمعة الماضي، لكنه و مع ذلك أبدى الكثير من التفاؤل بخصوص قدرة المنتخب الوطني على تدارك الوضع و العودة بقوة فيما تبقى من المشوار، حيث سارع إلى طمأنة الجماهير على أن اللاعبين مصرون على الظفر بتأشيرة التأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا القادمة، مهما كان حجم المنافسين، و حتى الصعاب التي من المنتظر أن تعترضهم في أدغال إفريقيا.بوقرة الذي تحدث للنصر عقب نهاية مباراة الجمعة المنصرم أرجع سبب التعثر المفاجئ إلى عامل الحظ، و كذا نقص التركيز، لأن الفشل في إحراز أي إنتصار منذ فترة طويلة أثر على معنويات اللاعبين، مما جعله يؤكد بأن المسعى الراهن يتمثل في البحث عن الإقلاع البسيكولوجي، كما تحدث عن قضية العروض التي تلقاها و سر بقائه في الدوري الأسكتلندي. في البداية ما تعليقك على نتيجة التعادل المسجلة أمام تانزانيا، و هل كنت تنتظر هذا التعثر؟ الأكيد أنني و على غرار كل الجزائريين لم أكن أنتظر مثل هذه النتيجة، لأننا كلاعبين كنا نترقب بفارغ الصبر موعد هذه المواجهة أملا في تحقيق الإقلاع البسيكولوجي الذي إنتظرناه مطولا، على إعتبار أننا لم نتمكن من الفوز منذ اللقاء الودي الذي أقيم في بداية شهر جوان الماضي ضد منتخب الإمارات العربية المتحدة، و مشاركتنا في المونديال كانت إيجابية نسبيا، رغم أننا كنا قادرين على تحقيق التأهل إلى الدور الثاني، لكن رد الفعل السلبي للجماهير تجاه اللاعبين و الطاقم الفني في المباراة الودية الأخيرة ضد الغابون دفعنا إلى المراهنة على مواجهة تانزانيا لإحراز الفوز، و بالتالي التصالح مع أنصارنا. يفهم من كلامك بأن المنتخب تراجع مردوده، و اللاعبون فقدوا الثقة في النفس، أليس كذلك ؟ كلا....لم نفقد الثقة في إمكانياتنا، و كل ما في الأمر هو أننا نمر بفترة فراغ، و سر تراجع عطائنا يكمن أساسا في دخولنا تحت تأثير ضغط نفسي رهيب في المقابلات سواء الودية أو الرسمية، و آمالنا كانت معلقة على هذه المباراة لتحقيق " الديكليك "، لكننا لم ننجح في هذه المهمة، بسبب سوء الطالع، لأننا أدينا ما علينا و سيطرنا كلية على مجريات اللعب، غير أن الحظ حال دون ترجمتنا للفرص الكثيرة التي أتيحت لنا إلى أهداف، لتكون عواقب ذلك تعثر أول في بداية التصفيات. لكن المشكل الذي يبقى مطروحا بحدة يتمثل في عقم الهجوم ؟ هذا الطرح زاد من درجة الضغط النفسي المفروض علينا، لأن المسؤولية في عدم تسجيل الأهداف نتحملها جميعا، و تراجع المردود الهجومي لا يعني بأن مهاجمي المنتخب ليس في المستوى، بدليل أننا كنا قد حققنا التأهل إلى المونديال بقاطرة أمامية تضم كل من جبور و غزال، و بالتالي فإننا لا يجب أن نلقي باللوم على المهاجمين وحدهم، لأن هذا الضغط كان من الأسباب المباشرة التي حرمتنا من تحقيق إنجاز تاريخي في المونديال الأخير، كما أن الجميع يتذكر بأن معظم الأهداف التي سجلناها في التصفيات كانت من توقيعنا نحن المدافعين، كون إستراتيجية لعبنا مبنية على العمل الجماعي، و المساهمة الفعالة لخط الدفاع في العمل الهجومي عند تنفيذ الكرات الثابتة، و ما عايشناه في مباراة تانزانيا أكد بأن الحظ لم يكن حليفنا، لأن الزملاء أهدروا الكثير من الفرص، لكن لو نجح عبدون في تسجيل الهدف في الوقت القاتل لأخذت المعطيات مجرى آخر، و هنا أود أن أوضح شيئا مهما . تفضل ... ما هو ؟ كل من تتبع أطوار هذا اللقاء يعترف بأننا أدينا مباراة في المستوى، و سيطرنا منذ الوهلة الأولى على مجريات اللعب، أمام منافس محترم، لجأ إلى تعزيز التغطية الدفاعية، و هدف السبق الذي سجله كان بمثابة المنعرج، لأنه زاد من درجة الضغوطات النفسية المفروضة علينا، و جعلنا نفتقد للتركيز المطلوب، مع اللجوء إلى الفتحات العرضية الطويلة في محاولة للعودة في النتيجة، و رغم ذلك فغننا كنا نعلق آمالا عريضة على إعادة سيناريو مباراة رواندا، و قلب هزيمتنا إلى إنتصار، و كان بإستطاعتنا تحقيق ذلك بالنظر إلى سيطرتنا المطلقة على مجريات الشوط الثاني، غير أننا لم نجد الطريقة المثلى المؤدية إلى الشباك، و قد وجدنا دعما جماهيريا منقطع النظير، أكد بأننا نملك مناصرين أوفياء يقفون دوما إلى جانب المنتخب في اللحظات الصعبة، لأن الجماهير لم تتحسر على الهدف الذي تلقيناه عكس مجرى اللعب، و إنما سارعت إلى تشجيعنا و محاولة الرفع من معنوياتنا، و هي اللحظات التي ذكرتني بمقابلة رواندا السنة الماضية. تبدو كثير الحسرة و الأسى من العجز عن إسعاد الجماهير ؟ صدقني إذا قلت بأن صنع فرحة الجمهور الجزائري و إعادة البسمة على الملايين منهم كانت هدفنا الأساسي من هذه المقابلة، حيث بذلنا قصارى جهودنا على أمل تذوق نشوة الفوز من جديد، و إستعادة ثقة الأنصار، لأننا على يقين بأننا قادرون على إقتطاع تأشيرة التأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا، و تدارك ما ضاع منا، لكن هذا التعثر سيجعل الجماهير تفقد الثقة أكثر في المنتخب، سيما بعد تواصل سلسلة التعثرات، و لقاؤنا الرسمي القادم في الجزائر سيكون في شهر مارس المقبل، رغم أن الأمر لا يستدعي القلق، لأنها ما هي سوى مجرد فترة فراغ، و من السابق لأوانه الدخول في متاهة الحسابات، كون التصفيات لا تزال في بدايتها، و نحن مصممون على رفع التحدي، و سلاح الإرادة يكفينا لتخطي مثل هذه الصعوبات. و ما هي نظرتك بقية المشوار و الحظوظ في التأهل إلى كأس أمم إفريقيا ؟ لا بد أن نتفاءل بالقدرة على إقتطاع تأشيرة التأهل إلى " الكان "، لأن هذا التعادل ما هو إلا نقطة البداية، و منتخبنا مجموعة منسجمة و متكاملة بحاجة فقط إلى نتيجة إيجابية تمكننا من التحرر من الضغوطات النفسية، و إستعادة الثقة في النفس، و بحكم أن الجزائر هي المنتخب الوحيد الذي شارك في المونديال الأخير في المجموعة الرابعة فإننا نبقى دوما المرشح الأكبر لتصدر الفوج، و التعادل مع تانزانيا. لم نستصغر تانزانيا و سنفوز عليها في لقاء العودة وإن أثر على معنوياتنا فإنه لن يسرب الشك إلى قلوبنا، كوننا تحدثنا فيما بيننا في غرف تغيير الملابس، و عقدنا العقد على ضرورة وضع هذه النتيجة في طي النسيان، و الإصرار على تحقيق الأهم فيما تبقى من المشوار، فمنتخب تانزانيا الذي فرض علينا التعادل لم يظهر الشيء الكثير، و نتيجته كانت بفعل عامل الحظ، و نحن قادرون على الفوز عليه في لقاء العودة، بصرف النظر عن إمكانيات منتخبي المغرب و إفريقيا الوسطى، لأن خرجتنا القادمة ستكون نقطة الإنطلاق الحقيقية لنا، لأننا لا نخشى أي منافس مهما كانت قوته، كما أننا لا نستصغر أي خصم، و تعادلنا بالبليدة لم يكن من عواقب السقوط في فخ السهولة كما يعتقد البعض . لاحظنا بأنك غادرت أرضية الميدان في نهاية المباراة و أنت تعاني من آلام. هل تعرضت لإصابة تثير المخاوف؟ فعلا فقد تعرضت لإصابة خفيفة على مستوى الفخذ الأيسر، و مع ذلك فقد قررت مواصلة اللعب، و عدم إرغام الطاقم الفني على القيام بتغيير إضطراري ثان في الدفاع، خاصة بعد خروج حليش، لأن حاجتنا للفوز أبقت التشكيلة بحاجة إلى دعم في خط الهجوم، و لو طلبت التغيير، لكان لواما على المدرب إقحام مدافع بدلا من عبدون أو عمري الشاذلي،و عليه فلا بد من مراعاة الظروف التي يمر بها المنتخب، خاصة و أن إصابتي لم تكن خطيرة،و قد لعبت دون أن أحس بآلام شديدة، لكن و مع صافرة النهاية تفاقمت الإصابة، مما جعل الطاقم الطبي يخضعني لعلاج مكثف في غرف تغيير الملابس، من دون أن تشكل هذه الإصابة خطرا كبيرا، لأنني حقيقة وجدت صعوبة كبيرة في الإرتكاز على قدمي اليسرى، لكن هذه المرحلة ظرفية، و لا علاقة لها بالإصابة التي كنت قد تعرضت لها في نهاية الموسم الماضي. نعرج الآن على الحديث عن مغامرتك الإحترافية، فهل لك أن تكشف لنا سر بقائك في غلاسكو رانجرس رغم العروض التي تلقيتها من بعض النوادي الكبيرة في أوروبا ؟ قرار بقائي في الدوري الأسكتلندي إتخذ بعد تفكير طويل، لأنني حقيقة تلقيت عروضا من بعض الفرق، و في مقدمتها نادي ليفربول الإنجليزي، و نادي مالقا الإسباني، حيث أنني درست الوضعية من جميع الجوانب، فوجدت بان إقدامي على تغيير الأجواء في الوقت الراهن قد يؤثر على مشواري الإحترافي، و كذا على مستقبلي و مكانتي في المنتخب الوطني، لأن الإنتقال إلى ليفربول لا يعني بالضرورة بأنني سأنجح في الظفر بمكانة ضمن التشكيلة الأساسية لهذا الفريق العريق. بقيت في غلاسكو من أجل ترصيع سجلي بالمزيد من الألقاب وبالتالي فإنني سأرغم على ملازمة دكة الإحتياط، و الإفتقار لأجواء المنافسة الرسمية، على غرار ما عانى منه الكثير من الزملاء في المنتخب قبل " الكان " و المونديال، في حين أن اللعب لنادي مالقا الإسباني سيجردني أوتوماتيكيا من الألقاب ، لأن العملاقين برشلونة و ريال مدريد يحكمان سيطرتهما على الدوري الإسباني، و عليه فإن بقائي في غلاسكو رانجرس كان من منطلق كسب المنافسة و ترصيع السجل الشخصي بالعديد من الألقاب، فضلا عن الإحترام الكبير الذي أحظى به من طرف الأنصار. و بماذا تود أن نختم هذا الحوار؟ ما عساني أقول سوى أننا خيبنا آمال جماهيرنا، لكننا مصرون على تدارك الوضع، و المباراة المقبلة ستسمح لأنصارنا بإكتشاف الوجه الحقيقي للمنتخب، لأن هذا التعثر جعلنا نتأكد بأن المهمة ليست سهلة و كل المنتخبات ستعمل كل ما في وسها للصمود أمامنا، خاصة بعدما شاركنا في المونديال، و هنا أفتح قوسا لأطلب من الجزائريين على التسرع و تفادي إصدار الأحكام المسبقة، لأن التشاؤم بعودة الأمور داخل المنتخب إلى نقطة الصفر ليس له أي حجة أو دافع، فاللاعبون يؤدون ما في وسعهم، و الثقة لا بد أن تكون متبادلة بين جميع الأطراف، لن الذكريات التاريخية التي عشناها في تصفيات مونديال جنوب إفريقيا تبقى أغلى ما نستعيده في كل تربص، و نحن نسعى لصنع أفراح أخرى للجمهور، و بالتالي فلا داعي لفقدان الأمل من أول مقابلة، لأننا سنتأهل إلى " الكان " مهما كانت الظروف.