تربص فرنسا سبب الكارثة والخضر قادرون على النهوض من الكبوة إعتبر اللاعب الدولي السابق رشيد مخلوفي الهزيمة الثقيلة التي مني بها " الخضر " ظهيرة أول أمس الإثنين على يد المنتخب المالاوي بمثابة الحصاد الحتمي لخيارات الطاقمين الفني و الإداري، خاصة فيما يتعلق بقضية التربص بجنوبفرنسا دون خوض و لو مباراة ودية واحدة، و قال مخلوفي في هذا الشأن في إتصال هاتفي أجرته معه " النصر " سهرة الإثنين بأن الحظوظ في التأهل إلى الدور الثاني من " الكان " تبقى قائمة ، ليخلص إلى القول بأنه لا بد أن يكون الدرس القاسي الذي ستستخلص منه العبر، لأن المرحلة القادمة أصعب و حتى في حال الإقصاء من الدور الأول في أنغولا. في البداية ما تعليقك على الهزيمة الثقيلة التي مني بها المنتخب الوطني على يد مالاوي؟ الحقيقة أنني كنت من المتشائمين بخصوص المشاركة الجزائرية في العرس الكروي القاري، و ذلك لاعتبارات عديدة من بينها التحضير الذي استفاد منه المنتخب تحسبا لهذا الموعد، و الذي لا يتماشى و أهمية الحدث ، فضلا عن برمجة تربص قصير المدى بجنوبفرنسا، و هذا الإختيار اعتبرته كارثة في حق الكرة الجزائرية رغم التبريرات التي قدمها المدرب سعدان، لكن المردود الذي قدمته التشكيلة أمام مالاوي كان مخيبا للآمال، لأن المنافس بسط سيطرته المطلقة على أطوار المباراة، و لاعبونا استسلموا قبل الآوان و كأنهم ليسوا معنيين بالنتيجة، و هو أمر يجعلنا نطرح أكثر من تساؤل عن البرنامج الإعدادي الذي قام به الطاقم الفني، لأن الجميع كان يعتقد بأن الفوز على مالاوي شبه مؤكد و أن التنافس على تأشيرتي المرور إلى ربع النهائي سيكون مع منتخبي مالي و أنغولا ، و الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن الهزيمة على يد مالاوي كشفت العيوب الكثيرة التي يعانيها المنتخب الوطني، و قد وضعتنا أمام الأمر الواقع، لأننا لم نبلغ بعد مرحلة النضج الكافي لمقارعة الكبار. يفهم من كلامك أن المنتخب الوطني سافر إلى لواندا من أجل رفع شعار المهم المشاركة و ليس بنية السعي للعودة باللقب القاري؟ ما استغربت له قبيل إنطلاق فعاليات " الكان "، الضجة الإعلامية الكبيرة التي أثيرت، و التي أنعكست بصورة مباشرة على الأجواء السائدة و سط التشكيلة، لأن الحديث عن خلافات داخل المنتخب ليس بالأمر الهين، كما أن التأهل إلى نهائيات كأس العالم لن يكون بمثابة الشجرة التي تغطي الغابة، لأن هذا الإنجاز التاريخي تحقق بفضل الإرادة الفولاذية للاعبين، و الجزائريون علقوا آمالا عريضة على هذا المنتخب لصنع ملحمة كروية، فبدأ الحديث عن ضرورة التتويج باللقب القاري في دورة أنغولا، و كأن الجميع نسي بأن الكرة الجزائرية كانت غائبة عن العرس القاري في نسختيه الأخيرتين، و عودتنا إلى الواجهة على الصعيد الإفريقي لن تكون سهلة، لأن القارة السمراء تضم منتخبات قوية جدا لها كلمتها في المونديال من حجم غانا، كوت ديفوار، الكاميرون و نيجيريا، غير أن الهزيمة بثلاثية أمام مالاوي كشفت المستور و وضعت المنتخب الوطني في حجمه الحقيقي، لأننا كبرنا منتخبنا في لمح البصر بين عشية و ضحاها، و يبقى لزاما علينا تسيير المنافسات مباراة بمباراة، و تفادي السقوط في فخ الحسابات المسبقة، مادامت دروس الماضي تبقى أمثلة حية . هل يمكن لك أن تكشف لنا بعض الأمثلة التي عايشتها الكرة الجزائرية في السنوات الماضية؟ قبل الحديث عن الماضي، فإن ما حز في نفسي أكثر، التفاؤل الكبير الذي ظل المدرب رابح سعدان يبديه بخصوص المشاركة الجزائرية في دورة أنغولا، و كأنه على يقين بأن الإرادة تبقى دوما تصنع الفارق، لأن الحقيقة أن تربص المنتخب الوطني بفرنسا كان فاشلا على جميع الأصعدة، مهما كانت المبررات و الحجج، لأن الإستعداد لمنافسة ستجري في أنغولا كان يحتم على الطاقم الفني الإبقاء على اللاعبين في الجزائر و التحضير بجدية، مع خوض مباريات ودية، لأن غياب الإنسجام بين الخطوط الثلاثة كان من نقاط ضعف المنتخب الوطني في اللقاءات التصفوية، لذا فإنني و من دون أي تحفظ ،أعتبر تربص فرنسا مضيعة للوقت وتبذيرا المال، و كان لزاما على الطاقم الفني أخذ العبرة من تجربته مع المنتخب في سنة 1986، لأن " الخضر " كانوا خارج الإطار في " كان " مصر، وأقصيوا من الدور الأول قبل المشاركة في مونديال مكسيكو، و بالتالي يمكن القول بأن التحضير لموعد أنغولا لم يكن في المستوى و ما علينا سوى تكبد النكسة و تقبلها، و التأهل إلى المونديال لن يكون السلاح الكافي لشحن بطاريات اللاعبين. لكن المباراة لعبت في ظروف مناخية إستثنائية ، والعناصر الوطنية لم تتمكن من التأقلم مع الحرارة القياسية والرطوبة العالية؟ التحجج بالظروف المناخية القاسية يبقى في نظري مجرد مناورة فاشلة لإفتعال الأعذار، لأن البرمجة ضبطت عند إجراء عملية سحب القرعة في ال- 20 من نوفمبر المنصرم، و الطاقم الفني الوطني كان على دراية مسبقة بالأجواء التي ستلعب فيها هذه المواجهة، وكان من الواجب أخذ كل الاحتياطات ، سيما و أن المنتخب الوطني يتشكل من ترسانة من المحترفين في الدوريات الأوروبية وغير متعودين على مثل هذه الظروف المناخية، وهو السبب الذي جعلني أنتقد قرار برمجة التربص بفرنسا، وأثار الغرابة أكثر هو أن المنتخب الجزائري كان في شهر جوان الماضي قد خاض مقابلة مصيرية بزامبيا في ظروف مناخية مماثلة بحكم تجاور دولتي أنغولا وزامبيا، و قد نجح " الخضر" في العودة من هناك بإنتصار باهر و مستحق، و بنفس اللاعبين الذين شاركوا في مواجهة أول أمس ضد مالاوي ،، و من دون أن أنتقد أي طرف ، فإنني أرفض إطلاقا التحجج بالمناخ لتبرير الهزيمة، لأن العزيمة الجزائرية كانت دوما تتحدى كل الصعاب في أدغال القارة السمراء، إلا أن الوجه الذي أظهرته التشكيلة أمام مالاوي كان مخيبا للآمال على جميع الأصعدة. و ماذا تنتظر من رد فعل اللاعبين بعد هذه الضربة الموجعة؟ لا أخفي عليكم بأن المنتخب الحالي كان قد زرع في قلوبنا بذرة الأمل للعودة إلى الواجهة، سيما و أننا كسبنا منتخبا قويا في ظرف وجيز، و ترسانة المحترفين كانت في مستوى التطلعات في التصفيات المزدوجة، و نحن الجزائريين نبحث دوما عن النتائج الميدانية الفورية، لكن التأهل إلى المونديال زاد من حماس المناصرين وجعلهم ينظرون إلى المشاركة الجزائرية في العرس الكروي القاري من زاوية التفاؤل، و العناصر الوطنية لا يمكن أن نشك في وطنيتها و دفاعها عن الألوان الوطنية دون هوادة ، ومع ذلك فإن الأمل يبقى قائما في انتفاضة اللاعبين في اللقائين المتبقيين، لأن المستوى الذي بلغته الكرة الجزائرية يحتم على تشكيلتنا رد الاعتبار، و محاولة حفظ ماء الوجه بالمرور إلى الدور الثاني، و هنا أفتح قوسا لأذكر المتتبعين بسيناريو منتخب نيجيريا خلال دورة الجزائر 1990، حيث أنه دشن مشاركته بهزيمة ثقيلة جدا ، إلا أنه تمكن بفضل سلاح الإرادة من العودة بقوة و مزاحمة المنتخب الوطني على التاج القاري في المباراة النهائية، ولو أن المعطيات تختلف نسبيا و الكرة الآن في معسكر اللاعبين و الطاقم الفني الذين كانوا قد بالغوا في زف البشائر إلى كل الجزائريين عند سفرهم إلى أنغول. وما هي نظرتك للمشاركة الجزائرية في المونديال، قبل 6 أشهر من الحدث الكروي العالمي؟ ما ألح عليه هو أن نتيجة مالاوي لا بد أن توضع في طي النسيان، و تؤخذ كدرس تستخلص منه العبر ، مادامت حظوظنا في المرور إلى الدور الثاني من " الكان " لا تزال قائمة ولو بنسبة ضئيلة ، لكنني أعتبر الحديث عن المونديال من الآن سابق لآوانه، والهزيمة الثقيلة لن تدفعنا إلى التشكيك في قدرات لاعبينا، فالمنتخب الحالي رفع التحدي و حقق معجزة التأهل إلى المونديال، فلا داعي للتهجم على العناصر الوطنية، لأن التشكيلة عائدة بقوة، ومكنت من بعث الأمل في قلوبنا لإعادة العمل الذي كنا قد قمنا به على المدى الطويل، لأن منتخب 1982 كان ثمرة عمل قاعدي بدأناه في مونديال طوكيو للأواسط قبل 3 سنوات من مونديال إسبانيا، والوضع الراهن يختلف نسبيا، لأن المتتبعين أخذوا المنتخب الوطني على أساس أنه منتخب ناضج و جاهز لحصد الألقاب ، لكن الحقيقة أن نقائص كثيرة مازالت تعاني منها التشكيلة وفي مقدمتها نقص التنسيق و الانسجام، رغم أن هناك لاعبين شبان في المنتخب أمثال يبدة، زياني، حليش وغيرهم وهي قائمة تفتح باب التفاؤل على مصراعيه على مدار السنوات الأربعة المقبلة، وعليه فإنني أؤكد بأن المنتخب الوطني لن يتأثر بالمشاركة في " الكان " و سيكون في مستوى التطلعات في المونديال، شريطة حفظ الدروس واستخلاص العبر، خاصة ما يتعلق بالبرنامج الإعدادي . وهل ترى بأننا قادرون على إعادة ملحمة خيخون في مونديال جنوب إفريقيا؟ المؤكد أن نكسة مالاوي لن تدفعنا إلى التشاؤم، فأنا شخصيا من أكبر المتفائلين بظهور المنتخب الجزائري بوجه مشرف في دورة جنوب إفريقيا، و أتوقع ملحمة كروية جديدة من العناصر الوطنية في المونديال القادم، و هنا أفضل أن أكشف بعض المشاكل التي حالت دون مرورنا إلى الدور الثاني في مونديال إسبانيا قبل 28 عاما، لأن بعض الذهنيات حرمتنا من تحقيق إنجاز تاريخي، لأن أطرافا فاعلة أقنعت على اقتناع اللاعبين بأن المشاركة الجزائرية ستنحصر في مواجهة المنتخب الألماني، و الفوز على هذا المنافس زرع في نفوس اللاعبين الغرور و الثقة المفرطة في النفس و الإمكانيات، الأمر الذي كلفنا هزيمة صعبة الهضم أمام النمسا ، و هو نفس السيناريو الذي نعيشه حاليا، لأن الجزائريين يعمدون دوما إلى استصغار منافسيهم،و العقلية الجزائرية تبقى دوما سبب النكسات و الأزمات . لو طلبنا منك كتابة رسالة لسعدان ، فماذا سيكون مضمونها ؟ حديثي عن تربص فرنسا لا يعني بأنني أشكك في قدرات الشيخ سعدان، فهو تقني محنك و يعرف جيدا كيف تسير أمور المنتخب، لكن نصيحتي له ستنحصر في الجانب التنظيمي ، لأن سعدان كان قد عاش أجواء كبيرة مع النخبة الوطنية في مونديال مكسيكو، و عليه فإنه مطالب بتفادي الوقوع في نفس الأخطاء التي كانت وراء الكثير من المشاكل الهامشية التي طفت إلى السطح في تلك الدورة، و التركيز كله لابد أن يكون على المحيطين بالمنتخب، رغم أن المؤشرات الأولية توحي بأن رئيس الفاف محمد راوراوة تمكن بفضل حنكته من تشخيص الداء الذي ظل ينخر جسد الكرة الجزائرية لسنوات طويلة، بسده الباب أمام بعض الطفيليين الذين ما فتئوا ينصبون أنفسهم أوصياء على المنتخب خاصة في المناسبات و المواعيد الكبرى.