المؤرخ محمد العربي الزبيري يدعو إلى تأسيس مدرسة وطنية في التاريخ دعا الدكتور المؤرخ محمد العربي الزبيري إلى تأسيس مدرسة وطنية في التاريخ . واعترف بأن الجزائر بعد 50 سنة من استرجاع الاستقلال لا تمتلك مدرسة وطنية مستقلة عن المدرسة الفرنسية . معتبرا أننا نعيش على هامش التاريخ لأن كل محاولات كتابة تاريخ الجزائر بأقلام وطنية لم تعط القيمة الحقيقية لما تركه الأسلاف من تراث . وأرجع السبب في ذلك إلى عدم التزام المؤرخين والمهتمين بالكتابات التاريخية بالعودة إلي أصول التاريخ التي تكاد تضيع ، على اعتبار أنه إذا ضاعت الأصول ضاع التاريخ . وأوضح الزبيري أن المؤرخ مطالب بتقديم الدليل على صحة المعلومة التي يقدمها وأن يأتي بالحجة الدامغة على ما يقول ويكتب. المؤرخ الزبيري قال - خلال مداخلته أول أمس في افتتاح أشغال الملتقى ال11 بسكرة عبر التاريخ الذي تنظمه دوريا الجمعية الخلدونية للأبحاث والدراسات التاريخية ، وتناول في هذه الطبعة موضوع «منطقة الزيبان في الحركة الوطنية والثورة التحريرية»- أن من أصول التاريخ التراث الذي تركه الأجداد والذي يتطلب منا البحث والدراسة والتأريخ له ، غير أنه تأسف لكون الجزائريين يدرسون ويكتبون تاريخهم اعتمادا على ما كتبه ويكتبه المؤرخون الفرنسيون رغم ما في ذلك من تزييف واضح للحقائق التاريخية. واستدل في ذلك بقضية التأريخ للحركة الوطنية التي قال أنها تعرضت لاعتداء من قبل مدرسة التاريخ الفرنسية . وقال أن الفرنسيين يعتمدون سنة 1911 بداية لتاريخ الحركة الوطنية ويعتبرون أن الأمير خالد هو مؤسس الحركة الوطنية . في حين أن الأصح حسب الدكتور الزبيري هو أن الحركة الوطنية في الجزائر ظهرت سنة 1830 مباشرة بعد دخول المستعمر الفرنسي بالنظر لكون كل الموسوعات العلمية حسبه تعرف الحركة الوطنية بأنها كل عمل يقوم به مجتمع ما من أجل استرجاع سيادة وطنية مغتصبة ، وهو ما حدث مع الشعب الجزائري بداية من تلك السنة. كما انتقد المؤرخ الزبيري خلال مداخلته المدرسة الفرنسية في التاريخ التي اعتبر أنها ضبطت المفاهيم والمصطلحات التاريخية بحسب ما يخدم الايدولوجيا الفرنسية ، وقال أننا نتيجة لذلك صرنا اليوم مثلا نخلط بين مصطلحي الثورة والحرب رغم أنهما مفهومان مختلفان ، مضيفا أنه أصبح شائعا لدينا القول أننا نحتفل بخمسينية الاستقلال والأصح حسبه هو أن نقول خمسينية استرجاع الاستقلال ، لأن الشعب والدولة الجزائرية كانا مستقلين قبل 1830 . وأمام هذا الوضع أشار الدكتور الزبيري أنه بصفته مؤرخا جزائريا أصبح يقف حائرا أمام ما يقدم من قبل المؤرخين الفرنسيين عن تاريخ الجزائر ، خاصة وأنهم يقدّمون على أساس أنهم أنبياء التاريخ في العالم رغم ما تحمله كتاباتهم من مغالطات وتزييف للحقائق. ودعا في هذا الصدد إلى ضرورة تأسيس مدرسة وطنية جزائرية في التاريخ هدفها الخروج عن المدرسة الفرنسية وإعادة قراءة التاريخ قراءة جديدة تعتمد على مبادئ علم التاريخ التي وضعها العلامة ابن خلدون والتي تنطلق من العودة لتراث السلف والاهتمام بالأصول واعتماد تهميش المراجع وغيرها من الضوابط العلمية. معترفا أنّ الجزائر وبعد 50 سنة من استرجاع الاستقلال لم تتمكن بعد من تأسيس مدرسة وطنية في التاريخ. كما انتقد المؤرخ محمد العربي الزبيري تعامل الجزائريين مع التاريخ ، واعتبر أن الجزائر لم تعط التاريخ القيمة التي يستحقها . على عكس فرنسا التي تفهم جيدا معنى التاريخ حتى أن الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران قرر أن تكون سنة 1982 سنة التاريخ في فرنسا . والمؤسف كما قال أنه وفي نفس السنة خرجت في الجزائر مظاهرات تقودها نساء جزائريات مثقفات رفعن خلالها شعار « التاريخ إلى المزبلة». من جانبه ، تطرق الدكتور سليم قلالة في مداخلته لدور المجتمع المدني في كتابة التاريخ إلى قضية كتابة التاريخ بأقلام وطنية اعتمادا على المصادر . وأوضح أنه في هذا الإطار بصدد القيام بعمل ميداني لكتابة تاريخ منطقة الزاب الشرقي انطلاقا من الاستماع لشهادات حية للمجاهدين ومطابقتها مع بعضها ومن ثم تدوين الرواية الصحيحة . وقال أن هذا العمل بادر به شباب متطوع من المنطقة ويقوم هو بالإشراف الأكاديمي عليه. داعيا في هذا الصدد كافة المثقفين والمهتمين بالتاريخ في بقية مناطق الوطن للقيام بأعمال مماثلة لكتابة تاريخ الجزائر الصحيح ، وهو أقل جهد يمكننا أن نقدمه كرد جميل كما قال من جيل الاستقلال لجيل الثورة . مشيرا أن عدة شهداء بالمنطقة لا يزالون طي النسيان ولم يسمع بهم أحد . وهو ما دفعه للقيام بهذا العمل من أجل التوثيق لكل شهداء المنطقة.