حكايات بإسقاطات سياسية في أمسية نسائية انطلقت سهرة أول أمس بالمسرح الجهوي بقسنطينة فعاليات الطبعة الرابعة للمهرجان الدولي للحكاية و القصة،بأمسية نسائية أعادت من خلالها المشاركات الأربع, اليمنية سهى المصري، المصرية شيرين الأنصاري، المغربية حليمة حمدان و الجزائرية سهام كنوش طقس الحكواتي الحميم إلى أحضان الصخر العتيق بقصص مستوحاة من السير الشعبية والتاريخية. و نجحت الحكواتيات الأربع من جذب سمع و اهتمام الجمهور الذي رغم قلته مقارنة بالطبعات السابقة التي شهدت توافدا غفيرا للعائلات و هواة فن الحكاية الشعبية، حيث حملت الراوية الأولى سهام كنوش الحضور في رحلة إلى زمن الحكمة و الورع و الزهد من خلال تجربة سي بهلول الصائغ الماهر الذي كاد يفقد رأسه لكسره جوهرة ثمينة كان الملك قد أرسلها له مع الوزير لصقلها من أجل إعداد خاتم فريد كهدية لولي العهد القادم، ليدرك بعد حالة خوف شديد حملته إلى قيام الليل توسلا لله عسى أن يفرّج همه و يكشف غمه، ويعرف في الصباح و هو يلقتي الوزير بأن الله لم يخيّب ظنه و ما تحطم الجوهرة إلى نصفين سوى تسهيل من رب العالمين لمهمته الصعبة، حيث أخبره رسول السلطان بطلب الحاكم بصناعة خاتمين بدل واحد لأن الأميرة وضعت توأما. و اختارت القاصة اليمنية الشابة إعادة سرد حكايتها الخاصة الموسومة "الحصان الأبيض" التي حملت شعار" أنت أعجوبة نفسك"بطريقة مغايرة استعملت فيها الشاشة العملاقة كصورة خلفية لعرضها الذي ظهرت فيه بزي أسود يعكس الزي اليمني التقليدي الجميل. و لخصت قصتها حكمة طالما رددت في القصص الشعبية و التي تحث المتلقي على ضرورة قبول الذات و الابتعاد عن ارتداء جلد غير جلدنا، مثلما حدث مع الحمار الذي أقنع نفسه بأنه حصان. و كان لصعود المصرية شيرين الأنصاري على الخشبة وقع متميّز لجمع الحكواتية الشابة بين الحكاية و المسرح، فكانت أشبه بوان مان شو في طريقة سردها التي شدت الحاضرين بدفء صوتها و تمثيلها المفعم بالحركة و كأنها ممثلة مسرح محترفة نجحت في إضحاك الحضور بقصتها الشيّقة التي دارت حول شخصية أبو قاسم الطنبوري البخيل و جزمته القديمة التي جعلته أشهر من نار على علم، فلا أحد يجهل حذاءه المرّقع بدل المرة ألف، حتى أنه عندما فكر أخيرا في التخلّص منه و شراء حذاء جديد له يوّدع معه سنين الشح، فشل في تحقيق ذلك لأنه كلما تركه في مكان إلا و أعيد إليه لأنه أشهر من حذاء القاضي نفسه. و اختارت شيرين المصرية ذات التجربة التي اكتسبتها من كثرة تنقلاتها بين عدد من الدول من بينها الجزائر التي عاشت فيها لفترة و كذا فرنسا التي تابعت فيها دراساتها العليا و التي كانت أيضا نقطة تحوّل في حياتها ، الجمع بين أحداث الماضي و الحاضر وفي إسقاط سياسي وجهت بطل قصتها إلى غاية ميدان التحرير و هو يحمل حذاءه بيديه قبل أن يقلّده الآخرون و يتحوّل مرة أخرى بفضل حذائه القديم إلى بطل و هو الذي كان يريد التخلص منه. و كانت الكلمة الأخيرة في سهرة الحكاية من نصيب الحكواتية و الروائية المغربية حليمة حمدان التي أعادت الحضور إلى "قعدات" الجدات و هي تتصرّف بكل تلقائية و تحدث الجمهور لتشركه في حكايتيها اللتين ركزت فيهما على ذكاء و دهاء المرأة و دورها في جلب الحظ لزوجها. و للتذكير ستتواصل فعاليات المهرجان الدولي للحكاية إلى غاية ال15من الشهر الجاري و سيشارك فيها حكواتيين من كل من فرنسا و الطوغو و تونس و ليبيا.