أحزاب تنتقد عدم إشراكها في صياغة الدستور وترفض مناقشة اقتراحاتها أمام الشعب ينظم حزب جبهة التحرير الوطني، غدا ندوة ينشطها الأستاذ في القانون العام والسيناتور السابق، بوجمعة صويلح، لعرض ومناقشة اقتراحات الحزب حول تعديل الدستور، ليكون بذلك أول حزب سياسي يطرح الملف للمناقشة، في ظل صمت باقي الأحزاب وامتناعها عن طرح أفكارها للنقاش أمام الخبراء، رغم أن الأحزاب ذاتها تنتقد، عدم إشراكها من طرف الحكومة في لجنة صياغة التعديلات الدستورية. فأغلب الأحزاب السياسية، اكتفت بانتقاد عدم إشراك الطبقة السياسية وممثلين عن الشعب في اللجنة المنصبة والمكلفة بتعديل الدستور، وطرحت تساؤلات عن دور الخبراء الذين يتولون مهمة التعديل، وعبرت هذه الأحزاب عن مخاوفها من طبيعة ونسبة التعديل التي قالت إنه يمكن أن يمس عمق الدستور. دون أن تبادر إلى تنظيم لقاءات تناقش التعديلات المقترحة على القانون الأساسي في البلاد. وقال قيادي، في جبهة التحرير الوطني، بأن الحزب سيناقش خلال اللقاء اقتراحات الافلان للتعديل الدستوري، والتي عرضتها من قبل على لجنة المشاورات السياسية التي ترأسها رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، وخلال اللقاءات التشاورية الذي عقده الوزير الأول عبد المالك سلال مع الاحزاب السياسية قبل اشهر، منها مراجعة عمل الهيئة التشريعية، وتوضيح مهام وصلاحيات مجلس الأمة ومنحه صلاحية المبادرة بالتشريع في المجالات التي تتعلق بالقوانين المرتبطة بالجماعات المحلية والإقليم. وفيما يتعلق بنظام الحكم، يرى الافلان، ضرورة اعتماد نظام رئاسي، مع إعطاء صلاحيات أكبر للبرلمان، وفي نفس الوقت يتم تحديد صلاحيات الوزير الأول أو رئيس الحكومة، بشكل يمنع أي تداخل مع صلاحيات الرئيس الذي يرأس مجلس الوزراء ويمنع بذلك التناقض في الصلاحيات في إدارة الهيئة التنفيذية، كما يقترح الأفلان، تعيين الوزير الأول، من الحزب الفائز بأكثرية المقاعد في الانتخابات التشريعية. كما يرغب الافلان، من جانب آخر، في توضيح الآليات المتعلقة بالرقابة، سواء تعلق الأمر بالرقابة السياسية، أو الإدارية، مع تحديد وسائل الرقابة، لجعلها اكثر فاعلية. وأبدت العديد من الأحزاب تخوفها من عدم أخذ السلطة بأرائها في مشروع التعديل الدستوري، والتي تنصب أغلبيتها في المطالبة بنظام برلمانى وتحديد العهدات الرئاسية وتفعيل دور البرلمان الرقابى، وهي مخاوف قلل من شأنها الامين العام السابق للافلان، عبد العزيز بلخادم، واعتبر في تصريح صحفي نشر أمس بأن هذه المخاوف غير مبررة، وقال بلخادم «الوزير الأول عبد المالك سلال أعلن وأكد أنه لا شيء يحد التعديل الدستوري سوى الثوابت الوطنية، ودون ذلك كل شيء قابل للتعديل». وتابع، «الثوابت الوطنية محدودة ومعروفة، والمتعلقة بالهوية الدينية للمجتمع وقيمه المستمدة منها ولغته الأساسية ووحدته ووحدة أراضيه». وأردف، «ورئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح قام بتكليف من الرئيس بإجراء مشاورات مع الأحزاب والقوى السياسية، وهناك وثيقة أولية خرجت كناتج لهذه المشاورات.. والتعديلات ستعرض للاستفتاء إذا ما كان بها ما يمس توزيع المهام بين السلطات الثلاث، أما دون ذلك فسيكتفى بعرضها على البرلمان». ومن غير المستبعد أن تتبع هذه الخطوة، بمبادرات مماثلة للأحزاب، لمناقضة التعديلات الدستورية المقترحة، وقال قيادي في الأرندي بأن الحزب سيفتح قريبا نقاشا مع قانونيين وخبراء حول مبادرة التعديل الدستوري، لاستعراض الافكار التي قدمها الحزب بهذا الخصوص، ومن بين ما اقترحه الأرندي الإبقاء على النظام شبه الرئاسي، مع تنظيم سلطة تنفيذية من خلال تعيين وزير أول من الحزب الحاصل على الأغلبية في المجلس الشعبي الوطني أو من الحزب الذي يتوفر على أكبر عدد من المقاعد، ومن خلال حكومة مسؤولة عن برنامجها «الذي يجب أن يحظى بموافقة المجلس وجعل إمكانية اللجوء إلى التشريع بأوامر رئاسية مقصورا على الحالات الاستثنائية العاجلة دون سواها»، وتعزيز التعددية الديمقراطية من خلال وظيفة رئاسية لعهدة من خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. من جانبها دعت حركة «حمس» الى تأجيل التعديل الدستوري لما بعد الرئاسيات، واعتبرت بأن المشاورات التي انبثقت عنها الوثيقة المسماة (وثيقة أولية) لا قيمة لها مالم يتم تمكين الأطراف التي دعيت للتشاور من خلاصاتها وإطلاع الرأي العام على محتواها، قبل وضعها بين يدي اللجنة التقنية، لتأخذ الأمور طابع الشفافية التي طالبت بتوفيرها جميع الأطراف المشاركة في الاستشارات التي أدارها رئيس مجلس الأمة ثم الوزير الأول. وتفضل أغلب الأحزاب التركيز على الطريقة التي اعتمدتها الحكومة لتعديل الدستور، وإسناد المهمة الى لجنة خبراء، بدل عرض الأفكار والاقتراحات التي يمكن أن تكون من المحاور التي ستعتمد عليها اللجنة التقنية، ويرى محللون، بأن «عدم تحديد السلطات العمومية لأي سقف للتعديل» هو بمثابة عربون ثقة تمنحه السلطة للأحزاب، ورسالة مفادها «أن الدستور لن يكون على مقاس السلطة بل سيراعي مطالب واقتراحات الأحزاب». الضمانات التي قدمها الوزير الأول لدى تنصيبه لجنة صياغة الدستور، يبدو أنها لم تبدد مخاوف السياسيين، من تفرد السلطة بصياغة القانون الاول في البلاد، ويطالب السياسيون بفتح نقاش حول الملف بغية توضيح الرؤية حول مستقبل الجزائر السياسي، ونظام الحكم وإدارة الدولة، وهي كلها قضايا يجب ان يستشار فيها الشعب لأخذ رأيه قبل الشروع في صياغة القانون، لكن بالمقابل هذه الأحزاب التي تنتقد الحكومة بعدم فتح نقاش حول الدستور، تقع في نفس الخطأ الذي تلوم الحكومة عليه، برفضها فتح نقاش على الأقل على مستوى مناليها لمناقشة الأراء المقترحة.