ارتفاع معدل العمر و التلوث و الاكثار من اللحوم الحمراء وراء تزايد مرضى السرطان بالجزائر قال البروفيسور كمال بوزيد، رئيس الجمعية الجزائرية للأورام السرطانية،بأن عدد مرضى السرطان ارتفع خلال العشريتين الأخيرتين ببلادنا و أصبحت تسجل 44 ألف حالة جديدة سنويا و هذا الرقم مرشح للارتفاع خلال العشر سنوات القادمة، موعزا كل ذلك أساسا لارتفاع متوسط العمر لدى الجزائريين من 52 عاما بعد الاستقلال إلى 78 عاما حاليا و تلوث البيئة و التدخين و النظام الغذائي الغني باللحوم الحمراء و الالتهابات المرتبطة بانتشار بعض أنواع الفيروسات و الباكتيريا،مشيرا إلى أن 10 بالمائة من الإصابات وراثية عائلية. رئيس مصلحة الأورام السرطانية بمركز بيار و ماري كوري بمستشفى مصطفى باشا بالعاصمة،أوضح من جهة أخرى في حديثه ل"النصر"خلال اللقاء الذي نظمته مؤخرا جمعية واحة لمساعدة مرضى السرطان بقسنطينة للإعلان عن الانطلاق الرسمي لمشروع بناء دار السرطان بالمدينة الجديدة علي منجلي ، بأن الاشعاعات التي أحدثتها التجارب النووية الفرنسية بين 1961 و 1966 بكل من أدرار و تمنراست، جعلت المنطقتين تسجلان أكبر عدد من ضحايا هذا المرض مقارنة ببقية ولايات الوطن. كما أن رش النباتات و الأراضي الزراعية بمبيدات الحشرات خاصة تلك التي تحتوي على مواد مسرطنة تساهم في انتشار المرض . كما أوضح بأن سرطان الثدي بالنسبة للنساء و سرطان الرئة بالنسبة للرجال لا يزالا يحتلان مقدمة أنواع السرطان المنتشرة ببلادنا و يتبعهما سرطان البروستات بالنسبة للرجال لأن الأعمار أصبحت أطول من ذي قبل و عدد الشيوخ أكثر.كما سجلت زيادة ملحوظة في حالات سرطان عنق الرحم و المبيض بالنسبة للنساء و ظهرت إصابات كثيرة بسرطان الجهاز الهضمي خاصة سرطان القولون و المستقيم و هذا يعود حسبه إلى تغير النظام الغذائي لدى المواطنين حيث أصبحت أغذيتهم أغنى أكثر فأكثر باللحوم الحمراء. علما بأن بلادنا تسجل إصابة 1500 طفل بالسرطان أي حوالى 5 بالمائة من حالات السرطان الجديدة المسجلة كل سنة و هؤلاء من ثمار زواج الأقارب. و أعرب عن ارتياحه لموافقة وزارة الصحة مبدئيا على تلقيح الفتيات اللائي تتراوح أعمارهن بين 11 و 14 عاما ضد سرطان عنق الرحم و هو المطلب الذي رفعه منذ سنة 2006 لمحاربة هذا النوع من السرطان الذي أصاب 3 آلاف امرأة جزائرية و من المتوقع أن يتم القضاء عليه نهائيا في آفاق سنة 2040 بفضل هذا التلقيح. و بخصوص سؤالنا عن النصائح التي يوجهها للمواطنين، لكي يقوا أنفسهم من هذا الداء،رد بأن عدم التدخين أساس الوقاية و كذلك الانقاص بشكل كبير من استهلاك اللحوم الحمراء و الاعتماد على نظام غذائي متوازن و صحي أساسه تناول يوميا خمس فواكه و خمسة أنواع من الخضر الطازجة و ممارسة نشاطات رياضية يومية على الأقل المشي مع تجنب زيادة الوزن و السمنة. و هذه النصائح الصحية تطبق أيضا للوقاية من كافة الأمراض الأخرى غير المعدية على غرار أمراض القلب و الشرايين و الضغط الدموي و السكري و الربو. و بخصوص تقييمه لواقع التكفل بمرضى السرطان ببلادنا في الوقت الراهن، قال بأن "الانفجار"المسجل في عدد الحالات،لا يزال يثير جدلا و يبرز العديد من الصعوبات و العراقيل في ما يتعلق بالتكفل بالمرضى. و أكبر مشكل مطروح لحد اليوم دون أن يجد الحل المناسب هو العلاج بالأشعة ففي مركز بيار و ماري كوري لمكافحة السرطان يحدد أقرب موعد لخضوع المرضى لهذا العلاج في نهاية 2014 و في مركز وهران يحدد في 2015 و لا يتم تحديد أي موعد بمستشفى بن باديس بقسنطينة خاصة و أن الحالات الجديدة توجه مباشرة إلى مستشفى ورقلة. و بالمقابل يشهد العلاج الطبي و الجراحي تحسنا ملحوظا. و في نهاية سنة 2011 تم التغلب على مشكلة نقص الأدوية أو غيابها في كل أرجاء الوطن ،مشددا بأن تحقيق التكفل الجيد و الفعال الناجع بمرضى السرطان لا يتوقف على إرادة الدولة فهذه الارادة يجب أن تجسد و تطبق من طرف المسيرين و بين:"أقصد هنا مدراء الصحة و بقية المدراء التنفيذيين بالولايات و مدراء المستشفيات و خاصة الأطباء..."و أضاف لو قال طبيب لمريضه مثلا ، لا أصف لك هذا الدواء لأن سعره غال فهذا يعني أنه يمارس الرقابة الذاتية و يقود المريض إلى وضعيات لا تفسير لها و نفس الشيء إذا وجهه للعاصمة أو وهران و قسنطينة. و يعقد آمالا عريضة على مخطط مكافحة السرطان الذي ينص أساسا على انشاء وحدات جوارية متخصصة لعلاج هذه الشريحة من المرضى وفق المعايير الدولية. تفعيل دور الجمعيات و جدل مع الضمان الاجتماعي قال البروفيسور بأن دور الجمعيات رئيسي في التحسيس و التوعية و التشجيع على التشخيص المبكر و العلاج و أيضا الدعم النفسي و المعنوي و أيضا المادي لمرضى السرطان لأن معظمهم لديهم الامكانيات اللازمة للتنقل من مكان الاقامة إلى مكان العلاج و دفع ثمن الأدوية و الفحوص المختلفة. و أشار إلى أن مدة الخضوع للعلاج بالأشعة مثلا 45 يوما و لا يمكن لمريض من تبسة مثلا أن يتنقل إلى مركز العلاج بقسنطينة يوميا و يعود لبيته.لهذا بدأت الجمعيات تبني ديارا لإيواء هذه الشريحة ببعض الولايات و تساءل لو حضر 40 مريضا لدار السرطان ليتلقى علاجا بالأشعة لمدة 45 يوما هل بإمكان الجمعية التابعة لها أن تسدد كافة التكاليف؟. و رد بالنفي مطالبا بتدخل صندوق الضمان الاجتماعي في التسديد. و ذكر مجموعة من الأطفال المصابين بالسرطان الذين وجهوا للعلاج بفرنسا و تكفل صندوق الضمان الاجتماعي الجزائري بتسديد تكاليف إقامتهم بدار السرطان هناك و علق:"حقا لا أفهم لماذا لا يقوم الصندوق بنفس الشيء في عقر دياره".و أشار بهذا الشأن إلى أن منازعاته و خلافاته مع الضمان الاجتماعي و الجدل بينهما لم ينته و تم طرح كل ذلك أمام الوزير الأول. و يتعلق أساسا كل ذلك بتعويض بعض الأدوية و العلاجات و العمليات الجراحية لمرضى السرطان،مبينا بأن 70 بالمائة من هذه العمليات تجرى بالقطاع الخاص. و تأسف لأن بعض الجهات و تضم أطباء تسأله:" لماذا تريد تعويض هؤلاء فهم مصابين بالسرطان؟"،أي أنهم يحكمون عليهم بالموت ضمنيا،بينما يمكن علاج أنواع من السرطان بنسبة 100 بالمائة إذا تم تشخيصها مبكرا.في حين يتم تعويض أدوية مرضى الضغط الدموي مثلا و السكري و الربو وهي أمراض مزمنة لا يمكن الشفاء التام منها. و شدد بأنه يمكن للمصاب بالسرطان حتى و إن كان في مرحلة متقدمة من هذا المرض أن يعيش لسنوات طويلة و كأنه يعاني من مرض مزمن يعالج أعراضه بأدوية يمكن تناولها بالفم أو بالحقن دوريا و يمارس حياته المهنية و الاجتماعية بشكل عادي.