"الوزيعة" عادة قديمة ترسخ التكافل و التضامن بين الجيران و الأقارب تعتبر "السهمة" أو "الوزيعة" من أهم التقاليد التي تبقى رائدة في المنطقة الشمالية من ولاية ميلة، وهي وسيلة تضامنية و تكافلية يتساوى فيها جميع أبناء المنطقة، فيتم توزيع الصدقات و المساعدات على الفقراء دون إحراج لهم . المقصود ب"السهمة" هي قيام ميسوري الحال أو ما يعرف بأعيان منطقة معينة أو قرية صغيرة ، بشراء بقرة أو عجل أو أكثر ،حسب عدد العائلات المقيمة بها، وذبحها وتقسيم اللحم إلى قطع أو أسهم متساوية ويتم إجراء عملية القرعة و تأخذ كل عائلة حصتها . أوضح ل "النصر" جد في العقد الثامن من أبناء المنطقة بأن "السهمة" ترتبط خاصة بالمناسبات الدينية على غرار حلول شهر رمضان أو في منتصفه و كذا عاشوراء و المولد النبوي الشريف. أما عن طريقة تنظيم العملية، فقد شرح محدثنا بأن أحد الأعيان يحدد مسبقا يوم "الوزيعة" و يعلم جيرانه ثم يكلف شخصا بجمع المال اللازم لشراء بقرة أو عجل أو أكثر من باقي أعيان المنطقة فيدفع كل واحد مبلغا محددا.و تستثنى العائلات المعوزة من دفع المبلغ و يتكفل أحد المحسنين بدفعه عوضا عنها . أضاف محدثنا بأن هذه العادة ارتبطت لعقود طويلة من الزمن بسنوات الجفاف حيث تعتبر صدقة و نوعا من الدعاء لكي ينزل الله جل جلاله الغيث و ينقذ الأرض و النباتات و المواشي و البشر من العطش و المرض و الموت .و أكد بأن العديد من المناطق خاصة بشمال ولاية ميلة لا تزال وفية جدا لهذه العادات التي ورثها الخلف عن السلف من بينها مشتة العياضي برباس ودوار الروسية وتسدان حدادة ومينار زارزة و غيرها. فرصة للم الشمل و اقتسام الفرح و العشاء الموحد عن كيفية تحضير "السهمة" أو "الوزيعة"، قال محدثنا بأن مجموعة من سكان هذه القرى يختارون يوم عطلة ليجتمع الشمل و تكتمل "اللمة". و يتم تعيين مكان خاص لذبح بقرة أو عجل أو أكثر حسب عدد العائلات الموجودة بالقرية أو الدشرة المعنية وعادة ما يكون في مساحة خضراء بالهواء الطلق تفرش بقطع البلاستيك و توضع فوقها الذبيحة أو الذبائح. و يحضر الأعيان و بقية سكان المنطقة عملية الذبح و السلخ التي يتكفل بها مجموعة من الشباب. وبعدها تقام عملية تقطيع اللحم بمشاركة الحضور حتى تنتهي العملية بسرعة وتقسم اللحوم بالتساوي و توضع في أكياس بلاستيكية. بعد ذلك توضع فوق كل كيس بطاقة باسم رب الأسرة الموجهة إليه و ذلك استنادا إلى قائمة تضبط مسبقا. و هكذا توزع "السهمة"على الجميع من الميسورين و متوسطي الحال و المعوزين بالتساوي دون احراج أو إثارة الحساسيات أو المس بالكرامة و الكبرياء، فيأخذ كل شخص حصته من اللحم. علما بأن العملية تكلل بقراءة الفاتحة و الكثير من الأدعية لإصلاح شأن كل سكان المنطقة و جعلهم يدا واحدة في السراء و الضراء، ثم ينصرفون في وقت واحد إلى منازلهم فرحين راضين بما أخذوه من اللحوم،فتحضر زوجاتهم أو بناتهم عشاء دسما و شهيا و مميزا من نفس النوعية و يكون في أغلب الأحيان عبارة عن طبق الكسكسي التقليدي المليء بقطع اللحم الكبيرة فيستمتع به الجميع الفقراء مثل الأغنياء بالتساوي. و الأهم أن هذه العادة تبقى وسيلة للتعاون والتضامن بين كل أفراد المنطقة و استمرارها خير و بركة. الربيع.ب