"لوزيعة " موروث يقتدي به عمال " أوبيجي " البرج في كل رمضان يعد موروث " لوزيعة " من التقاليد الراسخة في الثقافة الشعبية المستمدة من الأجداد منذ العهود الغابرة ، و رغم ان هذا التقليد كان يقتصر على سكان القرى و المزارعين طلبا للغيث ، فإن عمال ديوان الترقية و التسيير العقاري لولاية برج بوعريريج استمدوا من هذا الموروث عنوانا للتضامن و لم الشمل و مساعدة العائلات المعوزة بينهم من دون شعور و لا إحراج ، و ذلك بتنظيمهم لتقليد لوزيعة و الحرص على سريان هذه العادة بين العمال في شهر رمضان من كل عام . عندما تتلقى دعوة من ديوان الترقية و التسيير العقاري لحضور " لوزيعة " تشعر بالغرابة ، و تجد نفسك مدفوعا بداعي الفضول إلى الحضور لان الأمر يتعلق بإدارة و ليس قرية ، لكن سرعان ما تتراجع عن جميع التخمينات و التأويلات ، و أنت وسط جو عائلي يسوده التضامن و التآزر بين العمال بمختلف مستوياتهم و مسؤولياتهم فالفرصة كانت ليلة أمس الأول لالتقاء جميع العمال على طاولة واحدة بعيدا عن المراسيم و البروتوكولات و في أجواء مميزة زادها حس التنكيت لدى بعضهم نكهة اكبر ، فيما غمر بهو مقر الديوان بمختلف أنواع الحلويات و المرطبات و المشروبات التي لم يتم التحضير لها ، بل جلبها العمال كل حسب مقدوره . و موازاة مع ذلك كانت مراسيم عملية " لوزيعة " تجري على قدم و ساق ، أين تم إحضار 03 عجول لذبحهم و سلخهم و تقطيعهم إلى أجزاء متناسقة ، و في صبيحة أمس وزعت اللحوم بالقطعة على مجموعة من الحصص بعدد العمال ، ثم تأتي المرحلة الأخيرة و المتمثلة في القرعة ، حيث يقوم كل عامل بأخذ حصته من دون اختيار . و حسب المكلف بالعملية ، فان هذا التقليد عاد بعد توقف دام لأربع سنوات رفض فيها المدير السابق تنظيمه ، مشيرا إلى أن أهداف تنظيم مثل هذه المناسبات يدخل في إطار تمتين اللحمة بين العمال لدحض جميع الخلافات إن وجدت و تمتين أواصر الأخوة و التضامن بين العمال ، حيث تم اعتماد مبالغ رمزية على العمال حسب الوضعية الاجتماعية و مدى قدرة كل واحد على دفع أي مبلغ مهما كان زهيدا أو مرتفعا ما مكن من شراء ثلاثة عجول ، موضحا أن جميع العمال تحصلوا على نصيبهم ( 260 عامل ) بغض النظر عن اشتراكهم من عدمه و ذلك لمساعدتهم على تخطي غلاء تكاليف اللحوم و توفيرها لهم من دون إحراج أو شعور بالحاجة . تبقى الإشارة إلى أن موروث لوزيعة لمن لا يعرف هذا التقليد فهي عملية تضامنية ، تعرف في مناطق أخرى باسم السهمة ، فيما يطلق عليها سكان القبائل الكبرى و الصغرى اسم « تيمشرط « و تعرف هذه التظاهرة رواجا كبيرا في منطقة القبائل بالإضافة إلى عديد القرى عبر الوطن ، و ذلك لتوارثها أبا عن جد طلبا للغيث و الخير ، حيث يتم تنظيمها في كل عام من طرف السكان القرويين و المزارعين في بداية شهر ماي موازاة مع انطلاق موسم الحصاد و في شهر سبتمبر تزامنا مع انطلاق موسم الحرث و البذر أملا في نجاح السنة الفلاحية و الحصول على منتوج وفير ، و يتم فيها بطبيعة الحال الدعاء و التضرع لله بنزول الغيث خاصة في سنوات الجفاف و تتوزع مراحلها على جمع الأموال و تحديد اشتراكات في المتناول بين السكان تحضيرا لشراء رؤوس الماشية أو الأبقار لنحرها و تقسيم لحومها في أجواء يسودها التضامن و التسامح ، و حسب الاعتقاد الراسخ فإن هذا الموروث يساعد على تخطي الخلافات بين الناس و يزرع الرحمة بينهما الأمر الذي ينعكس على صفو الحياة العامة بما فيها الأشياء الخارجة عن نطاق الإنسان مثل نزول المطر ، و يقال حسب اعتقادهم أن الخلافات و النزاعات تزيد من غضب الله على عبده فيعاقبهم بالجفاف .