"الزفيتي " ..أكلة الصيف والشتاء وزينة موائد المسيليين تتصدر أكلة" الزفيتي " أو" المهراس" عند المسيليين وسكان الحضنة بالخصوص الأطباق التقليدية التي لا يستطيع أحد التخلي عنها ،حتى أنها باتت منتشرة بكثرة في السنوات الأخيرة في المطاعم والمحلات ،وأصبحت أكثر الأكلات رواجا وطلبا من قبل زوارها من خارج الولاية الذين تستهويهم هذه الأكلة الحارة جدا التي يعتمد في تحضيرها على الفلفل والطماطم والكسرة. ومن بوسعادة إلى عاصمة الحضنة المسيلة يكتشف المستهلك لهذا الطبق ذلك الفرق بين طريقة التحضير في المدينة الأولى التي تعتمد على إضافة زيت الزيتون أو زبدة البقر لتلطيف "حرورته"، بينما يتناولها المسيليون و كل من أبناء عرشي سيدي حملة والسوامع من دون إضافات ويحبذون استهلاكها حارة وساخنة سواء كان ذلك في فصل الصيف أو في جميع الفصول،فالأمر لا يختلف كثيرا عندهم. ويعتمد في تحضير هذا الطبق الذي يتم هرسه في "مهراس "خشبي مخصص له سمي باسمه،على الكسرة بعد تفتيتها إلى قطع صغيرة ،والماء الساخن ويضاف إليهما الفلفل الحار المشوي، بعد نزع قشره، والطماطم التي تحضر بنفس الكيفية إلى جانب إضافة "الكسبرة "و الملح. ويتنوع مهراس الزفيتي أو" سلاطة مهراس" من منطقة إلى أخرى بالولاية بين حار جدا و متوسط " الحرورة" ،كما أنه يحضر في جميع فصول السنة وينصح عادة بتناوله في النهار وتجنب استهلاكه ليلا ،نظرا لما يمكن أن يتسبب فيه من مشاكل هضمية مصحوبة بارتفاع الحموضة. وينصح أيضا بتجنب شرب الماء أثناء تناول الطبق ويحبذ تعويض الماء باللبن أو الحليب لكونهما فعالين في امتصاص حرورة الفلفل وحموضة الطماطم. يرتبط تناول طبق المهراس بمراعاة العديد من العادات و الطقوس من بينها تناوله بملاعق خشبية طويلة المقبض تمكن من الوصول إلى أعماق المهراس إضافة إلى وجوب تناوله في المهراس الذي حضر فيه ويتجنب تقديمه في أطباق لأن ذلك يمس بقيمته و سمعته كطبق يحضر في المهراس ويتم تناوله فيه. وبالنظر إلى سمعته الرائدة التي أدت إلى الإدمان عليه من قبل سكان الحضنة على مدار عقود من الزمن وجلبه يوميا لمستهلكين جدد يدخلون ضمن خانة رواد الزفيتي، فإنه أصبح محل استثمار من فئات واسعة من الشباب الذين عمدوا إلى فتح مطاعم متخصصة في مثل هذا الأطباق التقليدية و من بينها الشخشوخة وجلبت لهم المزيد من الشهرة التي تعدت المنطقة إلى ولايات مجاورة أين فتحت محلات ومطاعم مماثلة. ورغم ارتفاع سعره الذي لا يقل عن 300 دج لأكلة المهراس الواحدة فإن روادها ما فتئوا يتزايدون يوميا تاركين خلفهم المطاعم التي تقدم المشويات والمقليات بل وبإمكان البعض من سكان الحضنة دعوة أصدقائهم وأقاربهم واستضافتهم في مثل هذه المطاعم التقليدية التي تمت تهيئتها و توفير أجواء و ديكور مناسب بها. فكل مطعم من هذا النوع يأخذ شكل خيمة و توضع داخله طاولات مثقوبة الوسط ليثبت فيها المهراس و يعتمد في الجلوس على كراس من خشب منخفضة في شكل وسادة تقليدية مما يضفي جوا ونكهة خاصين لدى تناول هذا الطبق. وبخصوص أصل المهراس الخشبي قال لنا مجموعة من الشيوخ بأن عرش السوامع يشكل المنطقة التي تصنع فيها هذه الأداة منذ أزمنة طويلة ويحافظ جيل اليوم على هذه الحرفة بوفاء و تفان .حيث تتم صناعته من خشب البلوط والصنوبر و تتطلب عملية صنع المهراس الواحد يومين كاملين و تتعدى قيمته 3000 دج وأكثر حسب نوعية وحجم المهراس.