خبراء ينتقدون تعاطي الدوائر الرسمية مع الملفات الساخنة في البلاد أثار خبراء ومتمرسون في مجال الإعلام، عددا من الجوانب السلبية في سياسة الاتصال المؤسساتي، وتحدثوا عن سوء إدارة بعض الملفات والأحداث، على غرار الفضائح التي هزت بعض المؤسسات الوطنية، وبشان صحة الرئيس، وأشاروا إلى وجود تضارب بين تصريحات بعض المسؤولين بشان هذه الملفات أثرت على مصداقية المؤسسات الرسمية، واعتبروا بان الدعاية والإشاعات حلت محل الموقف الرسمي. وجه خبراء ومتمرسون في مجال الإعلام، انتقادات للمسؤولين المكلفين في الدوائر الرسمية والحكومية بإدارة حلقة الاتصال مع الرأي العام والصحافة، وعدد الخبراء بعض السلبيات في إدارة بعض الملفات والقضايا في الساحة الوطنية، ما خلق نوعا من الإرباك لدى الجزائريين وفسح المجال أمام انتشار الإشاعات وعدم تصديق الرواية الرسمية على صحتها. وجاءت بعض الانتقادات على لسان الأستاذ بدر الدين الميلي، في مداخلته حول موضوع "اتصال الدولة والاتصال السياسي"، وقال بان مرض الرئيس بوتفليقة، والفضائح التي عرفتها بعض القطاعات، كشفت بعض التضارب بين المسؤولين في المؤسسات الرسمية، وهو ما اثر على مصداقية هذه المؤسسات التي تسير الشأن العام، ما فسح المجال أمام انتشار الدعاية التي أخذت مكانها ما يشكل تهديدا على الأمن القومي، وأضرت بصورة الجزائر في الخارج. وأضاف المتحدث، بان الاتصال السياسي، لم يكن أفضل حالا من الاتصال المؤسساتي، بحيث أن أغلب الأحزاب، تبنت خطابات تشاؤمية وزرعت نوعا من اليأس في صفوف المواطنين، ما ولد إحباطا بين الجزائريين، و أسهم بشكل أو بأخير في تغذية بذور التفرقة بين الجزائريين، موضحا بان الصحافة الجزائرية وجدت نفسها تتلقى الضربات من كل جانب ولم تتمكن من فرض قوتها في هذا المحيط العدائي. وربط الدكتور الميلي، بين هذا العجز في الاتصال، ونفور المواطنين من كل ما يتعلق بالشأن العام، وهو ما تبرزه مقاطعة الجزائريين عن ممارسة حقوقهم السياسية، ما تسبب في تعطيل سير المؤسسات، موضحا بان هذه الأوضاع تطرح تساؤلات حول قدرة المؤسسات الرسمية، في الاتصال بشفافية اكبر، وأضاف بان الاتصال المؤسساتي يعاني من أزمة تنظيم ونقص في الوسائل والإمكانيات وعدم ملائمة وسائل الاتصال التي تجاوزها الزمن. وأضاف الميلي، بان التحديات التي تواجهها الدولة لمواجهة بعض الفضائح تتطلب تجنيد كل الوسائل، مشيرا بان الاتصال المؤسساتي يأتي في المرتبة الأخيرة بالنسبة لأولويات الحكومة، مشيرا بان تعيين الإطارات لتسيير الاتصال تحول إلى عقوبة تمنح للمسؤولين الذين يراد تهميشهم، وقال بان الاتصال في الجزائري لا يزال يعاني من ثقافة السرية. وبالنسبة، للمتحدث، فان المثال الوحيد الناجح، يتمثل في طريقة إدارة مصالح الأمن والدرك ومؤسسة الجيش لقنوات الاتصال، من خلال تنظيم لقاءات وأبواب مفتوحة أمام المواطنين للتعريف بأنشطته، موضحا بان هذه التجربة يمكن أن تشكل منفذا لإعادة بعث الاتصال المؤسساتي. من جانبه استعرض الدكتور بلقسام أحسن جاب الله، أهم مراحل تطور الاتصال المؤسساتي في الجزائر، والتي قسمها إلى ستة مراحل منذ الاستقلال، موضحا بان السلطات المتعاقبة اعتمدت إستراتيجية اتصال وطنية خلال كل عشرية، وقال بان هذه المراحل مرتبطة بسلوكيات المسؤولين، وليست مبنية بالضرورة على قوانين. وعدد المتحدث، المراحل الستة، وأولها خلال الفترة الممتدة إلى 1962 إلى جوان 65، التي تميزت بحذر في مجال الاتصال وانعدام كلي لإستراتيجية وطنية في هذا المجال، تلتها الفترة التي امتدت إلى 1969، حيث كان الاتصال موجها لصالح ما كان يطلق عليه آنذاك التصحيح الثوري، لدعم النظام السياسي الجديد، وجاءت بعدها الفترة الممتدة بين 1970 و 1979، والتي تميزت ببروز وزارات كبرى، وتم تشكيل مديريات العلاقات الخارجية التي كانت تتولى ملف الاتصال، مشيرا بان كل البيانات والبلاغات التي كانت تصدر حينها كانت تمر عبر مكتب خاص بوزارة الإعلام، باستثناء مديرية الاتصال برئاسة الجمهورية التي كانت تتمتع بنوع من الاستقلالية. وعرج الدكتور جاب الله، بعدها على الفترة بين 1980 و 1989، وقال بان النظام في تلك الفترة لم يكن يبالي بالمعلومات وكان يمارس الرقابة الذاتية على الأخبار، أما العشرية التي تلت بعد ذلك (1990 - 1999) فكان الاتصال موجه أكثر لتحسين صورة الجزائر في الخارج، وجاءت بعدها العشرية الحالية التي عرف خلالها الاتصال فترة نمو بعد عودة الاستقرار. ولم يخل تحليل الخبير من بعض الانتقادات، سيما بشان الاتصال المؤسسات، مثل غياب شبكة "انترانت" داخلية تربط المؤسسات الرسمية، رغم وجود التجهيزات، إضافة إلى عدم وجود بوابة حكومية إلكترونية، عكس ما هو معمول به في دول الجوار، وحتى بعض الدول الإفريقية . كما تناول الأستاذ فوائد بن حلة، في مداخلته، موضوع تسيير الاتصال المؤسساتي خلال الأزمة، وقال بان انعدام الثقة خلال تسيير الأزمات، إحدى أهم الإشكاليات الواجب تجاوزها، من خلال العمل على توجيه المعلومة، والتخفيف من أثار الأزمات على المواطنين، مشيرا بأنه غالبا ما تتعرض الصحافة للنقد خلال الأزمات، مشيرا بان بعض هذه الانتقادات غير مبررة وهي محاولات لتبرير وإخفاء فشل المسؤولين المكلفين بإدارة تبعات الأزمة. كما تطرق للطريقة الإعلامية في تسيير ملف مرض الرئيس، وقال بان اغلب الدول، ومنها فرنسا يتم التعامل مع ملف مرض الرئيس كقضية تدخل ضمن الحياة الخاصة، باستثناء الولاياتالمتحدة، أين قام الرئيس الأمريكي سابقا رونالد ريغان بالحديث أمام الرأي العام عن إصابته بالسرطان. وتم خلال الجلسة المسائية مناقشة عديد المواضيع في خمس ورشات منها "وظيفة الاتصال والاستماع لوسائل الإعلام و الرأي العام" و"أشكال الاتصال لدى المؤسسات" و"تمويل الاتصال المؤسساتي" و"الخلايا و المكلفين بالإعلام بالمؤسسات العمومية" وقد شاركت "النصر" في الورشة الخامسة المخصصة "للاتصال المؤسساتي:تسيير أوقات الأزمة" إلى جانب ممثلين عن وزارات الدفاع، والدرك الوطني والأمن، وبعض الدوائر الوزارية.