أكبر خطأ في مشواري الكروي مغادرتي تربص الخضر قبيل كان 1990 يعتبر المايسترو مليك زرقان أيقونة الكرة السطايفية والجزائرية، حيث يملك سجلا حافلا بالإنجازات والألقاب، ويكفيه فخرا أنه لعب في أكابر الوفاق لمدة 23 سنة، حيث بدأ مشواره الكروي مع «الكحلة» من سنة 1977 إلى غاية 2004، السنة التي أعتزل فيها كرة القدم مع فريقه المحبوب. النصر التقته في منزله بسطيف وأجرت معه هذا الحوار، الذي كشف فيه عن الكثير من الأمور عن مشواره الكروي، بداية برفضه من قبل إتحاد سطيف وكيف أصبح المدلل رقم واحد في الوفاق، وبعض المغامرات في مشواره الكروي، وعن عائلته الصغيرة ورأيه في المنتخب الوطني والمدرب حليلوزيتش والكثير من الأمور والخبايا الأخرى. كرة القدم منحتني الاحترام وجمهور سطيف فريد من نوعه يشجعك مهما كانت الظروف بداية كيف كانت بدايتك مع كرة القدم؟ بدأت مثل أي شاب في الجزائر بممارسة كرة القدم في الحي الذي كنت أعيش فيه، وبرزت موهبتي منذ الصغر رغم أنني كنت نحيفا لدرجة أنهم كانوا يطلقون علي تسمية «ناموسة» وقد نصحوني بإجراء تجارب مع أحد فرق المدينة، وتوجهت إلى إتحاد سطيف، لكن تم رفضي بسبب بنيتي المورفولوجية وتوجهت لوفاق سطيف الذي احتضنني من فئة الأصاغر إلى غاية الأكابر ولعبت في هذه الفئة 23 سنة. ألم يؤثر فيك رفضك من قبل إتحاد سطيف وقتها؟ لم يؤثر في على الإطلاق، حيث كنت أثق في إمكاناتي ورفضت الاستسلام، حيث بمجرد التحاقي بالفئات الشبانية للوفاق شاهدني المدرب القدير حفصي الذي شجعني وأعجب بإمكاناتي وتنبأ لي بالذهاب بعيدا في مشواري الكروي. هل تتذكر أول مباراة لك مع أكابر الوفاق؟ أتذكرها جيدا، كانت مباراة ودية، وقد كان الاستدعاء للعب في صنف الأكابر بمثابة الحلم الجميل، بالنظر للأسماء الكبيرة التي كانت تنشط في الفريق، حيث لعبنا مباراة ودية أمام فريق من ألمانيا الشرقية اسمه «كالفنسينا» بملعب 8 ماي 45 بسطيف، وحصلت حادثة غريبة كان لها أثر إيجابي على مشواري الكروي، حيث حدث سوء تفاهم بين اللاعب عبوشي والمدرب عريبي، حيث كان اللاعب يظن بأن المدرب قام بإخراجه لكنه لم يقم بذلك، فبحثوا عنه ووجدوه قد غير ملابسه، ليتكلم معي عريبي وقال لي «بني حضر نفسك للدخول» تملكني شعور رهيب ومسؤولية كبيرة، لكنني في الأخير سيرت المباراة بشكل جيد وسجلت هدفا وتركت انطباعا رائعا ما جعل المدرب يضعني ضمن حساباته. وأول مباراة رسمية كانت أمام أي فريق؟ كانت أمام رائد القبة سنة 1982 حيث لعبت وسجلت هدفا في الدقائق الأخيرة وفزنا بنتيجة (2-1)، رغم أننا واجهنا هذا الفريق الذي كان يضم أسماء لامعة على غرار قاسي السعيد وشعيب وغيرهم من لاعبي المنتخب الوطني، كنت صغيرا في ذلك الوقت خصوصا وأنني كنت لا أنشط بانتظام مرة مع الأكابر ومرة مع الآمال وبقيت هذه المباراة راسخة في ذهني. بدايتك القوية مع الأكابر ألم تخلق لك أعداء؟ لا بالعكس، حيث سهل لي اللاعبون وخصوصا القدامى مهمة الاندماج في المجموعة، حيث كانوا يملكون مستوى جيد، فطيلة مسيرتي الكروية وجدت كل الاحترام والتقدير، مما منحني الثقة في النفس فلاعبون مثل عربات، عبوشي، شايبي، سعود، خلفة، بولحجيلات، شنيتي وغيرهم لعبوا إلى جانبي ومنحوني كل المساندة والثقة. لكن المنافسة كانت شديدة على المناصب وقتها؟ نعم فهي تحدث في كل فريق وخاصة الذي يلعب على الألقاب، لكن الأمر المميز في الفترة التي لعبت فيها مع الوفاق، أن التشكيلة الأساسية كانت معروفة، فمن غير الممكن أن تستغني عن بولحجيلات، سرار أو عجيسة، فهؤلاء اللاعبون لا ينافسهم أحد على مكانتهم الأساسية لأن مردودهم كان ثابتا، وكان الفريق حينها من أكثر الفرق استقرارا في البطولة. تعاقب على تدريب الفريق المرحومان مختار عريبي وعبد الحميد كرمالي، كيف وجدت طريقة تعامل وتدريب الرجلين؟ كان كرمالي و عريبي يتعاقبان على تدريب الفريق بشكل دوري، إذا لم يدربنا الأول يدربنا الثاني، وعليه فقد كنا محظوظين بتواجد هذين المدربين الكبيرين في سطيف، فكلاهما مدرسة قائمة بحد ذاتها، المرحوم مختار عريبي نقطة قوته تكمن في شخصيته القوية إضافة إلى عمله الجيد على المستوى البدني، أما المرحوم كرمالي فنقطة قوته في مجال التكتيك، لقد كان جد متمكنا في هذا المجال ولا يمكن لأحد هزمه، المدربان يشتركان في الانضباط والصرامة، والفرق بينهما يكمن في أن عريبي لا يتسامح في هذه النقطة وكما يقال بالعامية «تغلط تسلك» أما كرمالي فيمنحك فرصة ثانية ويلاحظك، إن لم تتغير لن يتسامح معك بعدها. كنت مشهورا في تونس مثل بورقيبة وفوزنا على النجم الساحلي جعلنا ملوكا وقعت لك حادثة شهيرة مع الراحل عريبي سنة 1988، حيث أوقفك عن التدريبات في وقت حساس من البطولة، ثم أعادك كيف عشت ذلك الوقت؟ نعم حدث ذلك لعدة أشهر، وقد ارتكبت في ذلك الوقت خطأ نتيجة طيش شباب، على إثرها قام الراحل عريبي بتوقيفي عن اللعب والتدريب مع الفريق، وحدث ذلك في فترة حساسة من البطولة وقت كان الفريق يحتاج لكل اللاعبين، حيث قام كل السطايفية من أعضاء الإدارة، اللاعبين، الأنصار والسلطات المحلية توسل المدرب من أجل إعادتي، لكنه رفض بشدة، إلى غاية نسيان الجميع قضية اسمها «زرقان» استدعاني وأدمجني في الفريق، وبقيت هذه الحادثة محفورة في ذاكرة الجميع. كيف تلقيتم نبأ وفاة المدرب عريبي سنة 1989؟ في ذلك الوقت كنت شابا يافعا لا يتجاوز سني 22 سنة، وكنت لا أعي جيدا ما يحدث، رغم ذلك فقد كانت صدمة كبيرة لأن المرحوم كان في مكانة الوالد بالنسبة لنا ويسهر على راحتنا ويعاملنا مثل أبنائه. و رحيل شيخ المدربين عبد الحميد كرمالي مؤخرا؟ عاشت مدينة سطيف يوم 13 أفريل الفارط يوما حزينا، لأن شيخ المدربين شخصا عزيزا على قلوبنا، لقد أعطى الكثير للكرة الجزائرية و السطايفية وشرفنا في مختلف المحافل الدولية، أتمنى أن يتغمده الله بواسع رحمته ويلهم ذويه الصبر والسلوان. ما هو الخطأ الذي ارتكبته في مشوارك الكروي وندمت عليه لاحقا؟ بدون تفكير مغادرتي لمعسكر المنتخب الوطني قبيل انطلاق كأس إفريقيا للأمم التي جرت بالجزائر سنة 1990، (يصمت قليلا ويستطرد) جرت مناوشات بيني وبين مفتاح، رغم أنه صار صديقي فيما بعد، لأنه كاد يتسبب في إصابتي حيث تشاجرنا، ثم تحدث معنا المرحوم كرمالي وأحسست بأن الكلام موجه لي فغادرت في لحظة غضب، الأمر الذي ندمت عليه كثيرا لاحقا، خصوصا أنني كنت أستطيع أن ألعب أساسيا في هذه الدورة، لقد كان طيش شباب ولم أجد من يقدم لي النصيحة يومها ويوجهني. لكن هناك من يقول بأن زرقان يملك طباعا خاصة و ينفعل بسرعة؟ لا هذا ليس صحيحا، فأنا محبوب من طرف الجميع بالنظر لاحترامي كل الناس، صحيح أنه في مواسمي الأخيرة صرت أرى أشياء تثير القلق، خصوصا أننا لعبنا في جيل كان يتميز بالصرامة والانضباط واللعب على الألوان، وهذا الجيل يملك نظرة أخرى لكرة القدم. المرحوم عريبي كان يحفزنا بالأنصار ويقول لنا هل تسمعون صراخهم أحدثت ضجة حين رفضت دعوة المشاركة في كأس إفريقيا 92؟ يجب أن يعرف الجميع بأن زرقان ليس دخيلا على المنتخب الوطني، حيث تقمصت ألوانه منذ الصغر في الفئات الشبانية ثم المنتخب العسكري والجامعي، حيث يتم استدعائي في كل مرة بفضل إمكاناتي، وثبت مكاني فيه بعد نيل الوفاق الكأس الإفريقية سنة 1988، لكن حصلت لي حادثة سنة 1990 وحادثة أخرى سنة 1992 مع طبيب المنتخب حينذاك، حيث كنت مصابا في الركبة ثم شفيت بعدها. أحدثتم مع الوفاق مفاجأة من العيار الثقيل بتحصلكم على كأس إفريقيا وأنتم تنشطون في القسم الثاني؟ ذلك الموسم يبقى محفورا في ذاكرة كل سطايفي وخصوصا اللاعبين، حيث لم يتشكل الفريق منذ البداية على أسس صحيحة، قمنا بالتحضيرات الصيفية في تونس، وفي ذلك التربص بدأت المشاكل، لتنقسم المجموعة إلى اثنين، لاعبون قاطعوا التدريبات والمباريات ولاعبون رفضوا الأمر، أنا كنت من اللاعبين الذين رفضوا الإضراب، لأنني كنت صغيرا ولا أعرف هذه الأمور، كنت أتدرب وألعب ثم أغادر إلى البيت، لا أعلم ماذا حدث للفريق وتحقيقنا نتائج جيدة في مرحلة العودة لم تشفع لنا وسقطنا إلى القسم الثاني. من بين التتويجات الكثيرة مع الوفاق اللقب الإفريقي الوحيد في خزانة الفريق، ما الذكرى الجميلة التي بقيت في ذاكرتك؟ لا يمكنني أن أنسى الجمهور ومساندته ودعمه لنا في كافة مراحل البطولة، إلى غاية مباراة العودة في النهائي بملعب قسنطينة، حيث دفعنا الجمهور للفوز برباعية أمام إيوانوانيو النيجيري رغم أنه كان يضم 9 لاعبين دوليين، كنا نملك فريقا متماسكا من مدرب الفريق إلى حارس العتاد كلنا إخوة متحدين، على الرغم من أننا كنا ننشط في القسم الثاني إلا أن رغبتنا وعزيمتنا في الفوز كانت أقوى. سقوط الوفاق للمرة الثانية سنة 92 كان بفعل فاعل أو لأسباب رياضية؟ بعد خروج الفريق من وصاية إدارة شركة البلاستيك والمطاط أراد البعض مسك زمام الإدارة من دون أن يكونوا أكفاء، تسربت أحاديث كثيرة عن رغبة الإدارة في إبعاد اللاعبين القدامى وإحداث تغيرات جذرية وتشبيب التشكيلة، كل لاعب بات يفكر في مصيره ومستقبله، فتشتتنا وكل لاعب أمضى في فريق آخر، وفي الأخير قامت الإدارة بجلب لاعبين شبان من فرق المدينة على غرار إتحاد سطيف والملعب الإفريقي السطايفي وضمان سطيف وكان السقوط مدويا في نهاية الموسم. عريبي أبعدني رغم إلحاح السطايفية وأعادني لما نسيني الجميع وفضلت أنت الوجهة التونسية، كيف تلقيت الاتصال من المنستير؟ كما قلت لك كل اللاعبين اختاروا وجهات جديدة، أما لعبي في المنستير فكان بفضل زميلاي رحموني وعجاس، حيث تلقيا اتصالا من هذا الفريق وأمضيا هناك، فاتصلا بي وعرضا علي الإلحاق بهما، رفضت في البداية لأنني كما قلت لك أحب الوفاق ومدينة سطيف لحد النخاع، لكني وافقت في الأخير على مضض لكون الأمور لم تكن تسير على أحسن ما يرام، لم أختر هذا الفريق للأموال كونه فريق يملك إمكانات بسيطة مقارنة بالأندية التونسية الكبرى، قدمنا موسما أكثر من رائع وكنا كالأمراء هناك. لا يزال أنصار المنستير يذكرون إطاحتكم بشبحهم الأسود النجم الساحلي بسداسية؟ لقد تركنا ذكريات جيدة هناك، حيث كنت محل إعجاب واحترام كبيرين من طرف أنصار المنستير الذين كانوا يضعوني في مقام الرئيس التونسي الراحل بورقيبة، وأحظى أيضا باحترام أنصار بقية الفرق التونسية، لأنه في الفترة التي لعبت فيها هناك تلقيت اتصالات بالجملة من الفرق الكبيرة، على غرار الترجي التونسي الذي اتصل بي وكنت على وشك الالتحاق بصفوفه، حيث تدربت معه أسبوعا كاملا. *لكنك لم تحدثني عن مباراة النجم الساحلي الشهيرة،كيف تفوقتم على هذا الفريق الكبير بسداسية؟ لم يتمكن المنستير من التغلب على النجم الساحلي طيلة 23 سنة كاملة، حيث كان شبحهم الأسود والمباراة كانت بطابع ديربي، وبعد توقيعنا مباشرة طلبوا منا هزم النجم الساحلي، وقبل حلول موعد هذه المباراة عرفت أجواء كبيرة، فالجميع لم يكن متيقنا من الفوز على هذا الفريق القوي والذي كان يضم أسماء وفرديات لامعة، بالنسبة لي ولزميلاي رحموني وعجاس المباراة كانت عادية جدا، دخلنا المباراة بقوة، سجلت فيها شخصيا هدفين وانتهت المباراة بسداسية نظيفة للمنستير، شكلت النتيجة صدمة للتونسيين وفرحة عارمة في مدينة المنستير، لم أعشها أنا لأنني عدت بعد المباراة مباشرة إلى سطيف، وبعد عودتي بيومين وجدتهم حضروا كعكة ب6 طوابق، نعم المنستير مدينة تعشق وتتنفس كرة القدم مثل سطيف لهذا اخترتها ولم أندم على اختياري. قبل تجربة المنستير كانت لك تجربة احترافية في ألمانيا؟ تلقيت سنة 1990دعوة من فريق شارل بروكل الذي ينشط في الدرجة الثانية المحترفة، حيث أجريت معه التجارب، وأعجبوا بإمكاناتي كثيرا، لعبت 6 أشهر هناك، لكن نداء القلب جعلني أعود للوفاق ومساعدته على ضمان البقاء في ذلك الموسم. عدت للمنستير كمدرب، كيف كانت التجربة والاستقبال بعد 20 سنة؟ كما يعلم الجميع بعد وضعي حدا لمسيرتي الكروية سنة 2002 تحولت إلى مجال التدريب، حتى عندما لعبت الموسم الأخير في صفوف الوفاق كنت مدربا ولاعبا و مناجيرا في نفس الوقت، وهنا أريد توضيح نقطة حول تجربة المنستير كمدرب، الاتصالات مع هذا الفريق لم تنقطع واقترح علي منصب مدرب مساعد لرشيد بلحوت الذي عين كمدرب للأكابر، لكنني اتفقت معهم على مدرب نخبة الفئات الصغرى، بتخصيص حصص تدريبية إضافية للاعبين الشبان الموهوبين، لكنهم منحوني منصب مساعد لبلحوت، فلم يعجبني الأمر ومع عدم تحقيق نتائج إيجابية حدثت عدة مشاكل وأمور أخرى. ماذا حدث بالضبط؟ كان بلحوت متمسكا بمنصبه، رغم عدم تحقيق الفريق لنتائج إيجابية، رفضت أن أوضع في نفس السلة لأنني اتفقت منذ البداية على عدم التواجد ضمن الطاقم الفني للأكابر، هددت بالمغادرة إن لم يتم تجسيد الاتفاق، لكنهم تمسكوا بي لتختلط الأمور أكثر فأكثر وأقرر بعدها حزم حقائبي ومغادرة تونس، خصوصا أنني تلقيت عرضا وقتها بتدريب المنتخب الوطني أواسط، ففضلت تلبية نداء المنتخب. ضيعنا ضربات الجزاء عمدا أمام سيراليون وأخافونا بالتماسيح بالحديث عن هذا المنتخب كيف سارت الأمور معه وكيف غادرته؟ عملت مع بلحاج في الطاقم الفني وبقينا مدة ثلاثة أشهر على رأس هذا المنتخب، كان علينا تأهيله للبطولة الإفريقية، قمنا بعمل كبير وكونا فريقا تنافسيا وأدينا مباريات كبيرة لكن في المباراة الأخيرة فرض علينا التعادل وأقصينا بركلات الترجيح، كانت خيبة أمل كبيرة، لكن العمل الكبير الذي قمنا به سمح بانتقال عدة لاعبين اكتشفناهم لفرق كبيرة على غرار الوفاق الذي ضم 4 لاعبين من المنتخب الوطني أقل من 17 سنة. نظمتم مؤخرا مباراة ودية ناجحة مع قدماء المنستير،كيف تم الاتصال معهم؟ كان مجرد حديث، وتجسد على أرض الواقع، حيث نظمنا مباراة ودية ودعونا 20 لاعبا، فكان عرسا كبيرا، حتى أن رئيس بلدية المنستير حضر ووقع اتفاقية توأمة مع بلدية سطيف، وكانت الأجواء رائعة، أعجب بها «التوانسة كثيرا» وأشادوا بها مطولا عبر القنوات التلفزيونية والجرائد لما عادوا إلى المنستير. ما هي نظرتك للاحتراف بالجزائر؟ لقد بدأنا الاحتراف في الجزائر بطريقة خاطئة، كمن يبدأ في تشييد منزلا من الطابق الأعلى، لا زلنا بعيدين كل البعد ما دام الرئيس والمدرب واللاعب يفكرون بطريقة هاوية، فالاحتراف في الأموال فقط التي باتت تمنح بأرقام خيالية، كيف نتحدث عن الاحتراف ولاعب الدرجة الأولى المحترفة لا يستعمل معجون الأسنان وكل أسنانه مسوسة، هل يعرف بأن الأسنان المسوسة تسبب تعقيدات صحية ومضاعفات في الركبة والعضلات وقد توقف مسيرته الكروية، هذا مثال بسيط فقط. سجلت أهدافا حاسمة للوفاق قبل اعتزالك وبالضبط سنة 2002 أنقذت بها الوفاق من السقوط؟ الحمد لله أديت دوري وساهمت في إنقاذ الفريق آنذاك، حيث كنت أوظف خبرتي لتحقيق نتائج إيجابية، وكنت في نفس الوقت مساعدا للمدرب بيرة الذي يقحمني في الدقائق الأخيرة من أجل قلب النتيجة، أتذكر أننا كنا متعادلين (1-1) في المباراة الحاسمة وهذه النتيجة لن تسمح لنا بضمان البقاء، دخلت كبديل ومنحت لنا مخالفة في الدقائق الأخيرة ورغم أن الإتحاد كان يملك حارسا بارعا وهو فراجي، سجلت وساهمت في إنقاذ الوفاق من السقوط. عائلتي الصغيرة رياضية، انقسمت بين كرة القدم والسباحة لكن بعد وضعك حدا لمسيرتك الكروية حاولت بعض الأطراف تهميشك، كيف كان رد فعلك؟ عالم كرة القدم لا يعترف بالجميل، فلاعب يصنع أفراح فريقه في مباراة ما يحظى بثناء الجميع، لكن إن لم يكن في يومه في المباراة الموالية الكل يشتمه، كذلك اللاعب الذي ينهي مشواره الكروي يحس بأنه لم يعد مهما وأن أطرافا تعمد إلى تهميشه، لكن أنا شخصيا عملت مع الوفاق بعد توقف مسيرتي بطلب من سرار وذلك في منصب مناجير وأنا الذي انسحبت بمحض إرادتي لأنني رأيت أمورا غير جيدة. بالحديث عن سرار، أشتكى اللاعبون القدامى من تهميشه لهم؟ كل رئيس وله طريقته الخاصة في التسيير، فهو لاعب ومسير قديم وشغل كل المناصب ولديه نظرته الخاصة، شخصيا لم يهمشني وعملت في عدة مناصب في فترة تسييره ولم يكن لي أي مشكل معه. انسحابه من التسيير وكرة القدم هل تعتبرها خسارة كبيرة؟ في بعض الأحيان يصل الإنسان إلى مرحلة يكره فيها كل شيء، كما أن الوفاق بلغ القمة وصار يحتاج إلى ميزانية ضخمة، وعن مغادرة سرار رئاسة الفريق لم يسبق لي وأن حدثته في هذا الموضوع، ويكون قد فضل التغيير وترك مكانه لرئيس آخر، خصوصا وأنه نال أغلب الألقاب الممكنة مع الفريق وأوصله إلى قمة مستواه وأصبح فريقا معروفا ومحترما، وعليه فهو يستحق مكانة مرموقة حاليا،لديه مشوار كبير كلاعب في الوفاق والمنتخب الوطني ورئيس فريق جلب العديد من الألقاب وشرف الجزائر في المحافل الدولية، ميدان الكرة صعب وأناسه رفضوا تواجد شخص بحجمه معهم لعدة أسباب، لأنه يعرف الكرة وكواليسها ويرفضون ترك أماكنهم لأسباب متعلقة بأهدافه ومصالحهم. لكنه أكد بأنه سيعود من بوابة إتحاد سطيف؟ أمر جيد أن يعود سرار ويترأس فريق عريق كإتحاد سطيف، أظن بأن كل الأسرة الرياضية ستقف معه من أجل إعادة المجد الضائع للقرونة وتحقيق الصعود معه للأقسام العليا. بين سرار وحمار، من الأفضل في رأيك لرئاسة للوفاق؟ في الحقيقة لا يوجد فرق كبير، فالفريق يسير في الطريق الصحيح ، فحمار ليس غريبا عن الفريق كان مناصرا ثم مسيرا ثم رئيسا للفرع، وبالتالي مر على كل المراحل، أما عن فترة التسيير فأرى أنها أكثر استقرارا الآن مقارنة بفترة سرار. انتقادات كثيرة وجهت للمدرب حليلوزيتش، كيف تقيم مشواره مع المنتخب الوطني؟ في رأيي الشخصي المدرب الوطني يجب أن يكون لديه سجلا حافلا وبطاقة فنية ثرية، مدرب لا يمكننا أن نشكك في إمكاناته، مثل مدرب شباب قسنطينة روجي لومير، فأحيانا فريقه لا يلعب جيدا، لكن لا يمكن أن نشكك فيه إطلاقا لمشواره الكروي الثري، ويمكن جلب مدرب عالمي في صورة فابيو كابيلو أو أرسن فينغر رغم تكاليفهما العالية، لكن نزيل عامل التشكيك ثم نسعى لبناء فريق قوي ومتكامل، مع اختيار لاعبين جاهزين في فترة المباراة أو الدورة وليس حسب الأسماء مثلما هو معمول به حاليا. وماذا عن خيارات حليلوزيتش بخصوص اللاعبين؟ يجب أن يعرف الجميع بأن اللاعب المحترف جاهز من الناحية البدنية وحتى النضج التكتيكي، لأنه يعمل بشكل مكثف، ويبقى المجال الفني للاعب غير مطلوبا كثيرا في الكرة الحديثة، التي تعتمد على اللاعب المتكامل (فنيا، ذهنيا، بدنيا وتكتيكيا)، على اللاعب المحلي أن يطور إمكاناته ويكون مستواه مستقرا دائما وليس مناسباتيا، فلقد لاحظت بعض المحليين الذين تم استدعائهم في الآونة الأخيرة ليست لهم أي مكانة في المنتخب. يعاني المنتخب من مشكل غياب مهاجمين فعالين؟ مشكل المهاجمين عالمي، وبطولتنا تفتقر لمهاجمين من الطراز العالي، على عكس المناصب الأخرى التي تشهد تشبعا، الجزائر فقدت بريقها منذ خروج الشركات من الأندية في كل مجالات الرياضة، حيث افتقدنا التكوين وطغت الرداءة، و غزى الرياضة دخلاء أغلبهم ينهبون الأموال بدل خدمة الرياضة. زرقان رياضي وحتى عائلته الصغيرة رياضية ما السر في ذلك؟ نعم فزوجتي من عائلة رياضية معروفة بممارسة رياضة السباحة، حيث كانت سباحة ثم تحولت لمجال التدريب وحازت على شهادات كثيرة في مجالها، أبنائي ثلاثة منهم من أتبع طريق والدتهم وهو ابني البكر الذي مارس السباحة منذ نعومة أظافره والآن هو بطل للجزائر وبطل العرب، وابنتي الصغيرة وصال تمارس السباحة أيضا، أما ابني الأوسط فأختار كرة القدم ولعب في بعض فرق المدينة ثم أنتقل لأكاديمية بارادو، وينشط في منصبي، ويقال عليه بأنه سيكون خليفتي وأحسن مني كذلك (يضحك مطولا). ماذا منحتك كرة القدم؟ منحتني حب وتقدير الناس في سطيف وغيرها من الولايات، لقد كسبت شيئا لا يستطيع الناس شراءه بالأموال، والحمد لله أين أذهب يتم تقديري واحترامي. عن أي احتراف نتحدث ولاعبونا لا يستعملون حتى معجون الأسنان؟ من بين الرحلات الكثيرة لأدغال إفريقيا في مشوارك، ما هي الرحلة التي بقيت في ذاكرتك؟ بعد نيلنا كأس إفريقيا، باشرنا حملة الدفاع عن لقبنا، وأوقعتنا القرعة في مواجهة فريق من سيراليون، سمعنا الكثير عنه، لكن لم نتوقع أن يتم ترهيبنا بأخذنا عبر وادي مليء بالتماسيح، فتملكنا رعب شديد وقتها، إضافة إلى ممارستهم ضغوطات كبيرة قبل وأثناء اللقاء، صحيح أننا فزنا في مباراة الذهاب بسطيف بهدف، لكن تلك الأجواء لم تحفزنا على العودة بتأشيرة التأهل، حيث كنا متفوقين وعادل برناوي النتيجة عمدا ضد مرماه، وضيعنا ركلات الجزاء عمدا، خوفا على حياتنا التي كانت مهددة لو تأهلنا. حصول وفاق سطيف على اللقب السادس في مشواره ماذا يمثل لك؟ الحمد لله أن الوفاق لم يخرج خالي الوفاض هذا الموسم، حيث أن الحصول على لقب البطولة يعني الكثير للسطايفية، ويبقى من أصعب المواسم منذ استعادة الفريق نشوة الانتصار والألقاب، وكذا مغادرة العديد من ركائز الفريق، تغيير الطاقم الفني وحتى الإداري برحيل سرار، من هذا المنبر أهنئهم وأتمنى لهم التوفيق خصوصا في المنافسات الإفريقية. يعرفك الجمهور باللحية، هل تطلقها لأسباب دينية؟ في الحقيقة أنني كنت لا أحلق ذقني في كل مرة بالنظر لحساسية بشرتي، ولقد وجدت بأن مظهري باللحية يناسبني أكثر، لذا أبقيت عليها دائما بتعمد تركها تنمو. لاعب كنت تتفق معه فوق الميدان؟ بدون منازع نصير عجيسة. *أحسن لاعب حاليا؟ ميسى. ولكل الأوقات؟ مارادونا. لاعب تراه سيحمل مشعل سطيف كرويا؟ عبد المؤمن جابو، لو واصل في سطيف لكان أسطورة، الآن انتقل إلى الإفريقي رغم أني تمنيت احترافه في أوروبا. كلمة أخيرة. أشكر النصر على فتحها المجال لي والحديث عن مشواري الكروي الذي لا يعرفه الجيل الجديد، وبالمناسبة أتمنى التوفيق للوفاق والشباب السطايفي.