كنوز و تحف عمرانية تتعرض للتهديم بقالمة يقوم سكان مدينة قالمة القديمة بعملية هدم واسعة للمعالم العمرانية التي بنيت قبل 150 سنة تقريبا في ما يشبه التدمير المنظم لمعالم عمرانية مازالت قادرة على الصمود قرنا آخر من الزمن. غير أن يد الإنسان و عوامل الزمن قد تعجل بزوالها بعد أن ظلت هذه الروائع الهندسية تبعث الروح و الحيوية بين أزقة قالمة القديمة التي لن تكون بعد سنوات قليلة إذا ما تواصلت عملية الهدم التي تجري هذه الأيام بأكثر من شارع من الشوارع العريقة التي تمثل إحدى روائع الإبداع الهندسي بالمدينة المتوسطية الصغيرة. عمليات الهدم التي يعتقد بأنها مرخصة من المشرفين على شؤون المدينة مست العديد من البنايات القديمة التي عادت ملكيتها لجزائريين بعد الاستقلال و ذالك بشارع عنونة الشهير ، باب سكيكدة ، أول نوفمبر و شارع سويداني بجمعة و غيرها من الشوارع القديمة التي توجد بها معالم الهندسة العمرانية الراقية. و يسابق سكان قالمة القديمة الزمن للتخلص من البناءات القديمة و القضاء على آخر تحفة معمارية بهذا الشارع أو ذاك و يعتقد هؤلاء بأنهم يبنون مدينة جديدة لكنهم في الواقع يقضون على إرث بشري نادر دون أن يكون لهم الخيال الهندسي الراقي و دون أن تكون لهم القدرة على بناء بديل آخر يضاهي الصرح العمراني القديم. و كلما تم هدم تحفة معمارية يقام مكانها بناء أشبه بالبناءات الفوضوية و الكتل الخرسانية التي تغطي ضواحي وادي المعيز و 19 جوان و الحاج أمبارك. و يعتمد سكان المدينة القديمة على مكاتب دراسات محلية غير قادرة على تقديم مخططات هندسية تحفظ ماء الوجه و تحفظ النمط العمراني القديم الذي ظل يميز قالمة على مدى عقود طويلة من الزمن. و يرى المتتبعون لشؤون العمران بالمدينة بأنه بات من الضروري تدخل المديريات المعنية لوقف ما وصف بالتدمير المنظم للمعالم الهندسية التي كان من المفروض أن تكون مرجعا للمهندسين المحليين و مخبرا مفتوحا للباحثين و طلبة الهندسة المعمارية و الآثار و تاريخ الحضارات القديمة. و قد انتشرت بقالمة منتصف الثمانينات فكرة القضاء على كل ما له علاقة بالمرحلة للاستعمارية حتى و لو كان إبداعا هندسيا صنعه بشر تفوقوا علينا و ابتعدوا مسافات طويلة في مجال العمران و الهندسة الراقية التي تجمع بين الخيال و الجمال ، و أدت الفكرة التي عمت بسرعة رهيبة إلى هدم معالم هندسية نادرة بمدينة قالمة و غيرها من المدن التي تتوفر على التحف المعمارية النادرة و استمرت عملية الهدم إلى اليوم و يخشى المهتمون بالعمران القديم القضاء على آخر معلم هندسي في غضون سنوات قليلة إذا بقي الوضع على ما هو عليه اليوم. و تحتاج المعالم الهندسية النادرة إلى عمليات ترميم يشرف عليها خبراء و مكاتب دراسات مختصة و قرارات توقف عمليات الهدم و تحافظ على إرث إنساني أصبح مهددا بالزوال. فريد.غ