النظري يتغلب على التطبيقي و يعرقل تكوين صحفيين متخصصين بالنسبة لتجربة المدرسة الوطنية العليا للصحافة و علوم الإعلام التي تهدف الى تكوين صحفيين متخصصين في شتى المجالات و التخصصات لا يزال ثقل التكوين النظري و غياب الممارسة الميدانية عائقا أمام تخرج صحفيين جاهزين للعمل من المدرسة "الوجيهة" التي تقدم دروسا على مدار عامين و ترسل متفوقيها لإجراء تربصات ميدانية لدى نظيرتها الفرنسية. فقد تخرجت الدفعة الأولى من المدرسة في جوان الفارط فقط و هو ما يجعل الحكم على فعالية التكوين المتخصص لديها سابقا لأوانه، لكن الصحفية السابقة و الأستاذة المحاضرة بالمدرسة الدكتورة نبيلة بوشعالة ترى أن نقائصا مهمة تحتاج معالجة سريعة و على رأسها توفير وسائل و امكانيات لإجراء التربصات الميدانية ، و أشارت في حديث للنصر أن المدرسة لا تتوفر على أستوديو يسمح للطلبة بالتعامل الحسي مع متطلبات العمل التلفزيوني أو الإذاعي بينما لا تزال عمليات التكوين المتخصص في مجال الصحافة الإلكترونية غير مفكر فيها في الوقت الراهن. لأنه لدينا مدونون جيدون لكن المواقع الأساسية للصحافة الإلكترونية لا تزال مستوطنة في الخارج و بالتالي فلا وجود لمنظومة إعلام و صحافة إلكترونية بالمفهوم المتعارف عليه في الجزائر حتى الآن. تستقبل المدرسة الحاصلين على الليسانس في سبع تخصصات علمية و في علوم الصحافة و الإعلام، لكن البعض منهم لا يمكنهم حتى أن يكونوا صحفيين مبتدئين حسب الأستاذة بوشعالة، الذي تقدم دروسا في العلاقات العامة و التحقيقات و تشرف على مخبر أبحاث بالمدرسة لأنهم يفتقدون الى أساسيات العمل الصحفي كاللغة أحيانا أو لا تكون لديهم الاستعدادات الذاتية لممارسة "مهنة المتاعب". التكوين الغالب في المدرسة لا يزال برأيها أكاديميا نظريا ، لا يتيح للصحفيين و بعضهم يعملون بالموازاة مع تكوينهم في مؤسسات إعلامية التأقلم و أخذ فكرة عن حقيقة العمل الصحفي في الواقع، لا يعرفون تماما كيف يتحدثون إلى الناس و لا كيف يواجهون مشاكل طارئة تصادف الصحفيين يوميا في مهامهم، و المدرسة لا توفر بسبب قلة حجم العمل التطبيقي الفرصة الكافية للطلبة كي يتعرفوا أكثر على حقائق الميدان وفق نفس المصدر. بالنظر لمستوى و أهلية المنتمين للمدرسة لكي يكونوا صحفيين متميزين قالت الأستاذة بوشعالة أنه لا المدرسة وحدها و لا الجامعة يمكنهما تعويض و تصليح ما فقده الطلبة طيلة 16 سنة من مسارهم الدراسي، و رأت أن التكوين في النهاية مهما كانت نوعيته و دقته يصبح مفيدا إذا وجد المتلقي المناسب الحامل لاستعدادات فردية كبيرة و هؤلاء تساعدهم المدرسة فقط على إبراز مقدراتهم الأصلية و تصقلها قليلا من خلال تلقينهم بعض التقنيات في العمل الصحفي.