فارنانديس و فيرانتي و صباح فردي يلخصون جولاتهم في عمق التاريخ الروماني بالجزائر قدم المهندس و المصوّر الإيطالي المولود بالجزائر فيرانت فيرانتي و الأديب دومينيك فيرنانديس و الباحثة في علم الأثار الجزائرية صباح فردي مساء أول أمس بقسنطينة كتابهم المشترك "سفر في الجزائر العتيقة "الصادر عن دار النشر البرزخ. المصوّر فيرانتي اختار في بداية حديثه عن الإصدار الجديد الذي اقتفى فيه الباحثون أثر التواجد الروماني بالجزائر على مدى خمسة قرون من الزمن استعمال لغة شعرية للتعبير عن إعجابه الكبير بالتراث الأثري الفريد من نوعه بالجزائر "الحجر في حوض البحر الأبيض المتوسط حي و لديه الكثير ما يقوله لنا عن أسرار الحضارات"، متوقفا عند الحضارة الرومانية محور بحثهم و مؤلفهم الذي غاص في عمق هذه الحضارة العتيقة بالاعتماد على المواقع و المعالم الأثرية التي صمدت طيلة قرون و التي سلطت عليها كاميرا فيرانتي أضواءها وبتقنيات فنية عالية ساهمت في إبراز جمال و خصوصية بل و تفرّد المنحوتات و اللوحات الصخرية من نقوشات و رسومات و فسيفساء لا زالت شاهدة عن حضارات مهمة اختارت إفريقيا الشمالية بشكل خاص لترك أثارها فيها. المؤلف الذي جمع عدة باحثين متميّزين كل في مجاله كالمهندس و المصوّر فيرنتي المولود بولاية عنابة من والدين إيطاليين، و الأديب الفرنسي ذو الجذور المكسيكية و عضو الأكاديمية الفرنسية الحائز على جائزتي ميديسيس و غونكور دومينيك فارنانديسز و المؤرخ ميشال كريستول الذي لم يتمكن من الحضور رفقة زملائه لارتباطات خاصة و أخيرا الباحثة في علم الآثار و المختصة في الأساطير القديمة صباح فردي، تناول عدة محطات تاريخية ساهم الأسلوب المتميّز لكل المساهمين في إعداد المؤلف في تشويق القارئ للاطلاع بعمق عن كل منطقة و معلم أو موقع جاء ذكره في الكتاب الذي اختار المؤرخ ميشال كريستول في مقدمته الإشارة إلى الأسباب التي دفعت الرومان لاحتلال شمال إفريقيا و الجزائر بشكل خاص. من جهته اختار دومينيك فارنانديس التحدث عن الدوافع التي شجعته على المشاركة في إعداد "سفر في الجزائر العتيقة" هذا البلد الذي قال أنه عرفه من خلال ما قرأه عنها بين صفحات مؤلفات ديلاكروا و ديما و موباسان، قبل أن يزورها و يفتتن بسحر مواقعها الأثرية، فلخّص جولاته بين عديد المواقع الأثرية التي وصفها بالرائعة، حيث اقترح على قرائه رحلة مشوّقة عبر المدن الرومانية القديمة رغم أن ما تبقى منها مجرّد آثار مهملة مبعثرة هنا و هناك، طالها النسيان، و بدا كعاشق غيور عاتب المتخلين عن هذه الكنوز على طريقته باستعانته بعبارات استلهمها من إحدى مؤلفات آلبير كامي، الذي قال معاتبا الجزئريين على اختيارهم العيش في اللحظة الحالية أو الحاضر و تخليهم عن الماضي. و تحدث الأديب عن زياراته إلى قسنطينة الشرق الجزائري عموما و جولاته السياحية بين تيديس و جميلة و تيمقاد. و قالت الباحثة صباح فردي بأن ثمة عديد المواقع الأثرية الجميلة و التي تحمل الكثير من الأسرار، لا زالت تنتظر إعادة الاعتبار لها كمناطق سياحية مهمة، ذكرت على سبيل المثال لامبيز و خميسة، مداوروش...و غيرها من المناطق و المواقع التاريخية التي أكدوا بأنها تنفرد ببعض المنحوتات و الرسومات التي لم يسبق لهم كباحثين جابوا الكثير من دول البحر الأبيض المتوسط و كل المناطق التي سجلت حضور أو مرور الحضارة الرومانية، أن سجلوا مثلها، و خصوا بالذكر قوس لامبيز الذي اعتبروه فريدا بواجهاته الأربعة لتعوّدهم على رؤية أقواس بواجهات ثلاثية، و كذا فسيفساء بالمدينة الأثرية هيبون بعنابة. و تأسف فيرنتي لعدم غرس حب الاطلاع و زيارة المتاحف و المواقع الأثرية في الأجيال الجديدة ابتداء من طور التعليم الأساسي، حتى يكبر معهم الشعور بالمسؤولية بضرورة الحفاظ على هذه المواقع التي تشكل جزء مهما في ذاكرة و تاريخ البلد متوّقفا عند ما وصفه بحظ الانتماء لبلد شهد ميلاد شخصيات تاريخية عالمية خاصا بالذكر أبوليوس مؤلف "الحمار الذهبي"أول رواية في تاريخ الإنسانية التي استغرب لعدم إدراجها حتى الآن بالمقررات الدراسية. و للإشارة فإن المحاضرة التي احتضنها المركز الثقافي الفرنسي بقسنطينة و استغرقت أكثر من ساعة و نصف تلتها عملية بيع بالتوقيع. مريم/ب