"موسخ كمامو"،"المغمومة"،"العزلوق"، و"الخادم و لالاه"أطباق تقليدية غابت عن موائد القسنطينيين اختفت من موائد القسنطينيين "الخادم و لالاه" و "المغمومة" و "الدفينة" و "العزلوق" و "موسخ كمامو"و "لحسو" و "مسفوف الروز"و "لمقرطفة"و "الجاري بالفول"و غيرها من الأطباق الشهية و المفيدة التي كانت ربات البيوت طيلة عقود يحضرنها لأفراد أسرتهن في فصل الشتاء على وجه الخصوص، لأنهن أدركن بالخبرة و حسن التفكير و التدبير قيمتها الغذائية المعتبرة و قدرتها على إثارة الشعور بالدفء في الجسم و مقاومة أمراض الشتاء بأنواعها من زكام و سعال و التهابات في الحلق و غيرها.كما أكدت الشيف نصيرة فصيح التي تحمل خبرة 30 سنة في هذا المجال إلى جانب تصميم الديكور و الأزياء التقليدية. أستاذة الطبخ و صاحبة كتاب "جذور" التي شاركت في العديد من المعارض والحصص و الومضات الاشهارية الإذاعية و قدمت برامج تليفزيونية حول الطبخ عبر قنوات "كنال ألجيري" و "نسمة تي في"و "آم بي سي" و "الصحراء"السعودية،أوضحت في لقاء بالنصر،بأن بعض الأطباق القسنطينية القديمة التي ترتبط بفصل الشتاء و البرد القارس،لا تزال صامدة تتحدى النسيان و التهميش على غرار "الحمص دوبل زيت"، مشيرة إلى أنه كان يحضر في الثلاثينات من القرن الماضي بلحوم الأرانب و الحمص و يتناوله العمال على الساعة الرابعة صباحا قبل توجههم للورشات و أصبح يحضر لاحقا دون لحم كوجبة رئيسية و ليس مجرد فطور. و لا تزال بعض العائلات وفية لطبق "الطبيخة"الذي يجمع بين خضر الموسم و "المزيت"و "العيش"(المحمصة)باللحم المجفف و المملح "القديد"و الحاضر الأكبر هو الكسكسي. إطلالة على أطباق الجدات المثيرة للدفء في عز الشتاء بالمقابل هناك قائمة طويلة من الأطباق الشهية و المفيدة التي كانت تجعل من مطبخ حواء القسنطينية بمثابة صيدلية للوقاية و العلاج من نزلات البرد و توفر للجسم الطاقة و الدفء،رحلت مع الجدات و طواها النسيان، لتعوضها في أغلب الأحيان أكلات عصرية سريعة غير صحية و مليئة بالدهون و التوابل و المواد الحافظة و الملونة الضارة التي تسبب الكثير من أمراض العصر.السيدة فصيح تتأسف لذلك و تدعو بنات جنسها إلى استرجاع تقاليدنا و عاداتنا الغذائية و أطباقنا المهملة على غرار طبق "الخادم و لالاه"الذي كان يحضر بكسكسي من دقيق القمح "الأبيض" و كسكسي من دقيق الشعير "الأسمر" يتم طهي كل واحد منهما على حدا بالبخار و يمزجان في وعاء كبير و يسقى الكسكسي بمرق أبيض يطهى بلحم الخروف و القرع الأخضر (الجريوات). أما "المغمومة" فهو عبارة عن طبق من عجائن الشعرية الغليظة أو المتوسطة الحجم يتم طهيها بالبخار و تسقى أيضا بمرق أبيض يحتوي على قطع من الدجاج و لحم الخروف و كويرات اللحم المفروم "لحرش"و الحمص. من أغرب الأسماء التي أطلقت على الأطباق القديمة المنسية "موسخ كمامو"و هو كما قالت محدثتنا عبارة عن ثريد ،أي تريدة الطاجين التقليدية المعروفة لكن "أوراقها" تقطع في وعاء وهي ساخنة و تترك جانبا . بالمقابل يتم وضع كمية من معجون التمر "الغرس"في إناء و يضاف إليه ماء ورد و الزبدة والعسل و يوضع على نار هادئة ثم تمزج هذه المقادير جيدا حتى تذوب و يسقى بها الثريد ثم يزين بالجوز المهشم.و نفس الكيفية دون استعمال "الغرس" حساء "المقرطفة"طبق شتوي قديم، كانت الجدات تحضرنه بكثير من الحب نظرا لمكوناته المتنوعة و الشهية الغنية بالسعرات الحرارية و أساسه عجين يحضر بالسميد و الماء و الملح ثم يعجن و يقطع على شكل أشرطة طويلة ثم تقطع بدورها و تغربل و تضاف إلى قدر طهي به مزيج البصل و الثوم الحمص و الفول و قطع صغيرة من البطاطا و الطماطم المجففة و المفرومة و الفلفل الأسود و الملح.و تستغني ربات البيوت على أغلب هذه المواد في طبق "الجاري بالفول"الذي يطهى مع مرق دجاج "عرب" ليقدم ساخنا على وجه الخصوص للأطفال المصابين بالسعال الديكي و الحصباء"بوحمرون"كنوع من العلاج الشهي . و أكدت محدثتنا بأن لا شيء يضاهي الحرارة الممتعة التي يثيرها طبق "لحسو"اللذيذ المندثر في جسم من يتناوله في هذا البرد. مشيرة إلى أن أساسه دقيق خشن و نعناع مقطع.و لو عادت السيدات إلى طبق "شخشوخة القليط" التي كانت تحضر بالخبز المقطع الذي يسقى بمرق ساخن طهي بمسحوق الطماطم و قطع الشحم و الثوم و البصل و الملح و يتناولها على العاشرة صباحا الفلاحين و الحرفيين لتزودهم بالنشاط و الدفء ليواصلوا العمل ، للقضاء على ظاهرة الإلقاء بأطنان الخبز اليابس في القمامات. كما ذكرت طبق "العزلوق"الغائب الذي يحضر بالباذنجان المطهو بالبخار و زيت الزيتون و الليمون.و كذا "الدفينة"الشتوية التي طالما ارتبطت بيهود قسنطينة و التي يتم تحضيرها برأس الخروف الذي "يدفن" أي يغطى في طبق التقديم بأرجله و الحمص و الفاصوليا البيضاء و نبتة "البرطقالة". محدثتنا التي تحضر كتابا جديدا حول الطبخ و آخر يبحث عن تاريخ الطبخ في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري،ترى بأن الطبخ القسنطيني تأثر بمختلف الحضارات و الثقافات التي مرت من هنا و لا تزال جذوره الرومانية و العثمانية جلية و تدعو ربات البيوت الشابات للعودة إلى رصيد الجدات من الأطباق الصحية .