من تيقنتورين إلى إطلاق الجيل الثالث للهاتف النقال شهدت الجزائر خلال سنة 2013 التي تودعنا اليوم الكثير من الأحداث، ولعل أبرزها، الوعكة الصحية التي تعرض لها الرئيس بوتفليقة ونقله إلى باريس، في رحلة علاجية دامت أكثر من 80 يوما، وكذا حادثة الاعتداء على مصنع الغاز في تيقنتورين، وفي الجنوب انتفض الشباب العاطلين عن العمل ضد سياسات التوظيف في الشركات النفطية، كما عرفت 2013، انسحاب العديد من قادة الأحزاب السياسية، بينهم حسين آيت أحمد زعيم أقدم حزب معارض، وطالت التغييرات كل من الافلان والأرندي وحركة حمس. ولعل أهم حدث قد يستوقف الجزائريين خلال سنة 2013، إصابة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بنوبة اقفارية، خلال شهر افريل الماضي، استدعت نقله على جناح السرعة إلى إحدى المصحات الاستشفائية الفرنسية بباريس، حيث مكث هناك أكثر من 80 يوما، وصاحب تواجد الرئيس في باريس للعلاج، سجالا سياسيا بعدما حاولت بعض الأطراف الاستغلال لاستهداف الرئيس، و وصف سياسيون مطالب المعارضة بمحاولة تدبير "انقلاب طبي" على الرئيس، خاصة بعدما مطالبة أحزاب معارضة بتطبيق المادة 88 من الدستور، قبل أن يتوارى أصحاب هذا الطرح عن الأنظار بعد عودة الرئيس من رحلته العلاجية سالما. وبعد انتظار استمر أسابيع، ظهرت أولى الصور للرئيس بوتفليقة من مشفاه الفرنسي فال دوغراس، إلى جانبه الوزير الأول سلال وقائد الأركان قائد صالح، وطيلة هذه الفترة سطع نجم الوزير الأول عبد المالك سلال، الذي حاول سد الفراغ الذي تركه الرئيس طيلة فترة علاجه، ونجح إلى حد بعيد في مواجه بعض المشاكل التي واجهت الحكومة، اجتماعيا، وسعى سلال منذ تعيينه على رأس الحكومة تغيير وجهة نظر الجزائريين لرئيس حكومتهم، من خلال زياراته المكوكية عبر الولايات، واستخدامه أسلوبا خطابيا لم يألفه الجزائريون، ولا قادة الأحزاب السياسية. وعرفت هذه السنة، تغييرات على جهاز الاستعلامات (المخابرات)، وذلك مباشرة بعد عودة الرئيس بوتفليقة من رحلة العلاج، إضافة إلى قيامه بتعديل حكومي واسع شمل بعض الوزارات الهامة مثل الداخلية والخارجية والعدل، علاوة على تعيين الفريق احمد قائد صالح قائد أركان الجيش، نائبا لوزير الدفاع الوزارة التي ظلت تحت إمرة الرئيس منذ العام 1999. الإرهاب في "تيقنتورين" وشكل الاعتداء الإرهابي الذي استهدف مصنع إنتاج الغاز في تيقنتورين بعين أميناس، بداية العام، أخطر حادث أمني على الإطلاق عرفته البلاد، حيث لم يسبق وان تم استهداف حقول النفط في الصحراء حتى خلال العشرية السوداء، أودى الاعتداء الذي خطط له مختار بلمختار المدعو "الأعور" إلى مقتل 37 عاملا أجنبيا، من ثماني جنسيات، وأدى تدخل الوحدات الخاصة للجيش الوطني الشعبي الجزائري، السريع والحاسم، إلى القضاء على 29 إرهابيا من منفذي هذه العملية ومن بينهم قائدها المعروف باسم بن شنب محمد الأمين وتم اعتقال ثلاثة أحياء من أصل 32 إرهابيا. وتعرضت الحكومة للانتقاد بسبب التسيير الإعلامي للقضية، وشح المعلومات، ما فتح المجال أمام بعض المواقع الأجنبية التي كانت تبث معلومات نقلا عن الإرهابي عبد الرحمن النيجيري الذي كان على اتصال بإعلامي موريتاني لنقل مطالب الخاطفين. وشكل الاعتداء صدمة لدى العديد من العواصم التي كانت لديها رعايا محتجزين، وربطت بعض الدول خطوط اتصال مع أعلى السلطات في البلاد لمتابعة القضية، وجرت تسريبات عن عروض تقدمت بها بعض الدول للمشاركة في تحرير الرهائن بوحدات خاصة، إلا أن هذا الطلب قوبل بالرفض من قبل السلطات الجزائرية. واتضح فيما بعد أن العملية تم التخطيط لها من قبل منفذيها في شمال مالي، والغرض منها خطف الرهائن الأجانب ونقلهم إلى التراب المالي للمساومة بهم وكذا تفجير المنشأة الغازية ولكن تدخل القوات الخاصة للجيش الوطني الشعبي ذات التكوين الخاص في مجال مكافحة الإرهاب أحبط هذه المحاولة بعد استنفاد سبل التحاور مع المجموعة الإرهابية المكونة من 32 إرهابيا يحملون جنسية جزائرية، مصرية و كندية، و موريتانية، و تونسية و كذا مالية. تغييرات في قيادات الأحزاب السياسية سياسيا شكلت 2013، عام التغيير بامتياز، حيث عرفت عدة أحزاب تغييرات على مستوى القيادة، ولعل أبرزها انسحاب الحسين آيت احمد زعيم أقدم حزب معارض في الجزائر، بعد نضال سياسي طويل، انتهى بإعلانه اعتزال الحياة السياسية، بسبب مشاكل صحية، وعجزه في وضع حد للصراعات التي ظهرت داخل الحزب بين قادة سابقين. موجة التغييرات امتدت إلى "الارندي" حيث أعلن احمد اويحيي، استقالته من منصبه بعد 14 سنة من قيادته للتجمع، بعد تعرضه لموجة من الانتقادات، التي بدأت بحركة تمرد على قوائم الترشيحات للتشريعات الأخيرة، واستمرت إلى غاية إعلان اويحيي تنحيه مفضلا ترك منصبه لخليفه، عبد القادر بن صالح الذي سعى طيلة أشهر لتقليص هوة الخلاف بين الفريقين المتخاصمين، ولم يكن اويحيي وحيدا في المشهد، حيث تبعه أسابيع بعد ذلك، الأمين السابق العام "للافلان" عبد العزيز بلخادم بعد معركة بالألفاظ والأيدي، مع خصومة انتهت بسحب الثقة منه، ليتولى فيما بعد عمار سعداني مقاليد الحزب وانتهج رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني نفس مسار أويحيي، حيث أعلن عدم ترشحه لعهدة ثالثة بعد المؤتمر الخامس للحركة، الأمر الذي فتح المجال لانتخاب قيادة جديدة تمثلت في شخص عبد الرزاق مقري. كما فضل رئيس حركة النهضة السابق فاتح ربيعي عدم الترشح لعهدة جديدة على رأس الحركة، ليخلفه دويبي كأمين عام للحزب. غضب "الشومارة" في الجنوب كما عرفت 2013، عدة احتجاجات ومسيرات قام بها البطالون في الجنوب، احتجاجا على سياسة التوظيف في الشركات النفطية العاملة في حقول النفط والغاز، وطالب شباب المنطقة، بوضع حد لما أسموه "الحڤرة" والتهميش" من العمل في الشركات البترولية، وطالبوا بمحاسبة من وصفوا بالمفسدين في ملف الشغل تزامنا مع ذكرى 24 فيفري لتأميم المحروقات. هذه الاحتجاجات، دفعت الحكومة إلى اتخاذ عدة تدابير لقطع الطريق أمام محاولات بعض السياسيين لاستغلال موجة الغضب، خاصة بعدما تحدثت أوساط إعلامية أجنبية "عن ربيع جزائري انطلق من الجنوب"، وتقرر عقب اجتماع مجلس وزاري مشترك، جملة من التدابير منها إعطاء الأولوية في تغطية احتياجات المؤسسات المتمركزة في ولايات الجنوب، لليد العاملة المحلية. كما تقرر إعفاء العاطلين عن العمل من الفوائد على القروض الممنوحة لإنشاء مؤسسات مصغرة. القضاء يفتح ملفات الفساد في سوناطراك و لعل أهم ما طبع سنة 2013 هو تحرك العدالة لأول مرة لتقرر ملاحقة شخص برتبة وزير و هو شكيب خليل المتهم بقضايا فساد في سوناطراك بعد أن حركت القضية العدالة الإيطالية، و لم يكن شكيب خليل وحده المتهم بل كان إلى جانبه العديد من مساعديه ومقربين منهم على رأسهم فريد بجاوي قريب وزير الخارجية الأسبق، و لم يسبق للعدالة الجزائرية أن تابعت شخصا برتبة وزير إذا استثنينا استدعاء وزراء كشهود في قضايا، و يبقى هذا الأخير في الولاياتالمتحدةالأمريكية. كما قررت الحكومة وضع "قائمة سوداء" بأسماء شركات تنشط في قطاع الطاقة ممنوعة من المشاركة في المناقصات، وتم بموجب ذلك استبعاد الشركة الايطالية "سايبام" التي منعت نهائيا من العمل بالجزائر، إضافة إلى الشركة الكندية "لافالين" التي تم استبعادها بسبب شكوك حول صفقة أبرمتها مع سوناطراك لانجاز محطة لتوليد الكهرباء. وعرفت سنة 2013، تسليم الملياردير السابق رفيق عبد المؤمن خليفة بعد معركة قضائية طويلة خاضتها العدالة الجزائرية. عودة سكنات "عدل" يعيد الآمل لملايين الجزائريين أعادت سنة 2013، الآمل لملايين الجزائريين بالحصول على سكن بعد قرار الرئيس إعادة بعث سكنات البيع بالإيجار المعروفة بسكنات "عدل"، وحاصر الآلاف مقر الوكالة، وتعطل موقعها الالكتروني بسبب الكم الهائل من المكتتبين الجدد، رغم بعض الإشاعات التي بثتها بعض الأطراف بحديثها بان البرنامج مجرد "حملة لرئاسيات 2014" وهي إشاعات رد عليها الوزير الذي طمأن المكتتبين باستلام مساكنهم. بداية "الحرب" على بيروقراطية الإدارة شكل استحداث وزارة لإصلاح الخدمة العمومية، تحولا في الطريقة التي اعتمدتها الحكومة للقضاء على البيروقراطية وتعسف الإدارة في تعاملاتها مع المواطنين، ومباشرة بعد تعيين وزير على رأس الحقيبة، تم الإعلان عن سلسلة من التدابير بداية من تخفيف ملفات التوظيف، وإلغاء بعض الوثائق في الملفات الإدارية و تمديد ساعات عمل الإدارات، وصولا إلى تمديد صلاحية جواز السفر. سنة "الغش في البكالوريا"... وعودة الملاريا لم تكن سنة 2013 "بردا وسلاما" على وزير القطاع بابا احمد، بسبب فضيحة الغش في بكالوريا 2013، وهي القضية التي انطلقت بإشاعة على موقع التواصل الاجتماعي، لتنتهي باعتصامات قام بها الطلبة الذين خرجوا إلى الشارع واحتجوا على حرمانهم من حقهم في الغش، وهو ما هز مصداقية أول شهادة في الجزائر. كما عرفت هذه السنة أيضا، عودة مرض "الملاريا" الذي انطلق مباشرة مع عودة الخضر بنصف تأشيرة المونديال من واغادوغو، قبل أن ينتشر الوباء في عدة ولايات مخلفا ذعرا في أوساط الجزائريين خاصة بعد الأخبار التي تحدثت عن وفاة بعض المصابين. إطلاق خدمة الجي 3" للهاتف النقال شكل إطلاق الجيل الثالث من الهاتف النقال كابوسا مزعجا للوزراء الذين تعاقبوا على قطاع الاتصالات، بسبب التأجيلات المتكررة والتي كانت تعصف بالمواعيد التي كان يقدمها الوزير السابق على رأس القطاع، قبل أن يتم إطلاقه رسميا الشهر الحالي، ليكتشف الجزائريون عبر عدة ولايات تشملها التغطية عالم الانترنت النقال. و هي تكنولوجيا طالما انتظرها مستخدمو الإنترنت. و عرفت هذه المسيرة ذروتها في شهر جويلية حينما قررت السلطات العمومية الإطلاق الرسمي لمنح تراخيص الجيل الثالث.