مرضى سرطان يدفعون ثمن العلاج من الصدقات أصبح مركز أثينا لعلاج السرطان بولاية قسنطينة الوجهة الأولى للكثير من المرضى من مختلف الولايات بسبب اكتظاظ المراكز العمومية وصعوبة الحصول على برمجة قبل فوات الأوان، المشروع كلف 120 مليار سنتيم ويقول أصحابه أنه الأول إفريقيا من حيت التكنولوجيا المستعملة، لكنهم عبروا عن تخوفات من فشله لعدم وجود نظام تعويضي وعزوف الأغنياء عن العلاج داخل الجزائر. وجد مرضى السرطان في هذه العيادة خاصة التي فتحت أبوابها بمنطقة زواغي بولاية قسنطينة منذ 27 اكتوبر الماضي الملاذ الوحيد للحصول على حصص علاج بالأشعة بمبالغ مالية تتعدى إمكانياتهم البسيطة، حيث أن زبائن المركز جلهم من الفئات الفقيرة والمتوسطة التي اعتمدت على تبرعات أقارب و جيران وأصدقاء لتأمين المبلغ المطلوب إنقاذا لحياتهم التي كانت مهددة نتيجة انعدام فرص العلاج بينما لا نجد أثرا للأغنياء الذين يدفعون مبالغ مهولة للعلاج بالخارج. ونحن ندخل العيادة الخاصة التابعة لمستثمرين شابين أحدهما طبيب والثاني فيزيائي كنا نعتقد أننا سنجد زبائن من طبقات ميسورة لكننا فوجئنا بأن الأمر يتعلق بأشخاص بسطاء يبحثون عن حل ناجع لمرض خطير لا يحتمل الانتظار، مرضى لديهم ملفات في أغلب مراكز العلاج بالأشعة الموجودة عبر التراب الوطني، أجروا عمليات جراحية و اجتازوا مرحلة العلاج الكيميائي واضطروا للانتظار كغيرهم من المرضى لفترات تتراوح من ستة أشهر إلى سنة للحصول على برمجة. يؤمنون ثمن العلاج من التبرعات و الحسنات قاعة الانتظار المخصصة للسيدات كانت أكثر اكتظاظا، من تلك المخصصة للرجال، تقدمنا من سيدة كانت مرتاحة نوعا ما ونحن نتحدث إليها، قالت بأنها قدمت من ولاية عنابة بعد أن سمعت بوجود عيادة خاصة، وقبل ذلك تنقلت ما بين عنابة و ورقلة أين طلب منها الانتظار لسنة، المريضة تبلغ من العمر 47 سنة، اعترفت بأن مبلغ 39 مليون لم يكن من السهل تأمينه لكن بفضل تكافل أفراد العائلة تم جمع المبلغ لمنحها بصيص أمل يجعلها تعود إلى عائلتها في صحة جيدة، كونها وبعد إجراء العملية بدأت تفقد الأمل في العلاج ولم تكن متأكدة من أن دورها سيأتي، بعد أن كان أقرب موعد قدم لها بستة أشهر، بينما طلب منها في العاصمة أن تعود في 2015. كما أفادت امرأة أخرى من قسنطينة أن أهم ما في الموضوع هو برمجة حصة كل يوم وفي ظروف إنسانية بدل الإحباط الذي كانت تشعر به في مركز المستشفى الجامعي ، المريضة عزباء ولا تعمل لكن العائلة والمعارف مكنوها من الحصول على علاج بدأته منذ أكثر من أسبوعين بمبلغ يقارب 40 مليون سنتيم. مريضة أخرى من ولاية عنابة أيضا تقول أنها اقترضت 20 مليون سنتيم والباقي تم جمعه من الأحباب بطريقة غير متوقعة لكنها تطرح مشكلة النقل التي تعتبرها عائقا حقيقيا كونها تضطر للتنقل يوميا وتدخل قسنطينة على السادسة صباحا وتعود بعد 12 ساعة، ما أرهقها جسمانيا. أم لثلاثة أطفال من ولاية تبسة مصابة بورم في الفم استعانت بكل أفراد عائلتها الكبيرة لتأمين 47 مليون سنتيم بعد بيع حليها لكنها تتأسف على عدم وجود صيغ دعم من الدولة بالنسبة للتنقلات المكلفة، وهو أمر طرحه كل من تحدثنا إليهم. سيدة من مدينة شلغوم العيد بميلة قالت أنها أجرت عملية على الثدي في أوت الماضي وبعد ذلك اتجهت إلى مستشفى مصطفى باشا طلب منها الانتظار إلى 2015 بينما الطبيبة ألحت على أن تبدأ العلاج بالأشعة في ظرف ثلاثة أشهر، وما إن بلغها أمر وجود عيادة خاصة سارعت إليها أين تمت برمجتها بسرعة لإجراء 25 حصة بمعدل حصة كل يوم وعلى امتداد 5 أيام أسبوعيا، ما جعلها، كما تقول، ترى الدنيا بألوان مختلفة وتنسى أن عليها دفع مبلغ 39 مليون الذي لا تتوفر عليه، استعانت بالأمل كغيرها من المريضات وجمعت 20 مليون سنتيم كدفعة أولى وشرعت في العلاج "في إنتظار الفرج". ولا يقتصر التوافد على ولايات من الشرق فقط بل وجدنا سيدة جاءت من العاصمة رفقة أختها المريضة التي تبلغ من العمر 50 سنة و هي بطالة ولا يوجد من يعيلها، وقد طرحت المتحدثة مشكلة السكن مشيرة بأن الكثير من المريضات من العاصمة وولايات بعيدة قمن بكراء شقق بمبالغ ضخمة رغم ظروفهن الصعبة، وأنها وشقيقتها تشغلان مكتبا خاصا بأحد الأقارب كسكن طيلة الأسبوع، وتتقاطع النساء في كونهن بعن الحلي وكل ما غلا ثمنه لمساعدة الزوج أوالعائلة في تدبر المال. مشكل النقل والسكن يؤرق القادمين من ولايات أخرى موظف من ولاية سطيف قال أنه دفع كل مدخراته طيلة مشواره المهني المقدر ب24سنة حتى يعالج ب41 مليون سنتيم كونه أجرى عملية لإزالة الورم في شهر رمضان، وكلما قصد مركزا يطلب منه الانتظار دون تقديم ضمانات حول عدم تطور حالته، ما جعله يضطر إلى صرف المبلغ على العلاج قائلا" كنت أخطط لأشياء لأّبنائي وادخر المال للزمن لكن عندما وجدت حياتي في خطر ضحيت على أمل أن اخرج سليما وأؤمن لهم حياة كريمة". وتعد قصة شيخ من ولاية بسكرة أكثر مأساوية كونه جاء إلى قسنطينة دون أن يخبر عائلته بذلك حتى لا يزرع الخوف في نفوسهم، استعان بصديق من ولايته يعمل بقسنطينة ويقطن بالقرب من المركز ضمن له الإيواء والتنقل وباقي الإجراءات، مر أكثر من أسبوعين على بدء العلاج ولم يتسرب خبر مرضه حيث يعود إلى بسكرة كل نهاية أسبوع على انه كان في رحلة فقط مع صديقه، و قد تبقى أسبوع على إتمام الحصص ال23 المبرمجة والتي يأمل أن تكون مجرد مرحلة يستعيد بعدها عافيته دون صخب ولا ضجيج . سائق سيارة أجرة من مدينة عين البيضاء علاجه يتطلب 47 مليون سنتيم شرع في العلاج ولا يزال يفكر كيف يتدبر الدفعة الأولى معتبرا طريقة السداد بالمركز إنسانية كون الطاقم لا يضغط ولا يلزم المريض بالدفع المسبق. وهو نفس ما ذهب إليه باقي المرضى الذين يعتبرون الخدمات إنسانية رغم أنها تابعة لقطاع خاص، حيث قال لنا أربعيني من مدينة الخروب أنه أمن 30 مليون سنتيم من مبلغ إجمالي يصل 56 مليون سنتيم وبدأ علاجه وهو يبحث طرق الحصول على ما تبقى مريض عمره 79 سنة من ولاية ميلة استقبلنا بابتسامة وروح مرحة وقال انه كمتقاعد يعمل ما بوسعه كي يعيش ما تبقى من أيامه في صحة جيدة بعد أن خرب التدخين جهازه التنفسي، لكنه لا يجد صعوبة في التنقل يوميا وبمفرده لإتمام 35 حصة تقدر كلفتها 51 مليون سنتيم، معلقا بأن «الأمل دائما موجود وأن الصحة لا تقدر بمال». سنتان لإتمام الإجراءات وقرار ولد عباس يجمد المشروع ستة أشهر الدكتور بوزيدي مهدي قال لنا أنه لم يكن كطبيب مختص في أمراض السرطان يفكر في فتح عيادة خاصة لكن حالة إنسانية جعلته يقرر دون تخطيط، حيث تأثر سنة 2007 بامرأة من ولاية عناية تطالبه بمساعدتها على برمجة ابنتها المصابة بورم خطير وحياتها مهددة ورغم ذلك برمجت بعد ستة أشهر، ما جعله يسأل زميله الفيزيائي صالح بالي بعد التمكن من إنقاذ حياة الفتاة والذي أصبح شريكه فيما بعد في تجسيد الفكرة، ماذا يجب كي يتم فتح مركز متخصص، في تلك اللحظة كانت انطلاقة المشروع، حيث أفاد المعني أنه تم الحصول على القطعة الأرضية في 15 يوما لكن التراخيص اصطدمت بعراقيل عدة و استغرقت الإجراءات سنتين ، لتنطلق الأشغال في 2009 ، وكانت المشكلة التي أصابت الشريكان بالإحباط هي سحب الرخصة من طرف الوزير السابق جمال ولد عباس لمدة ستة أشهر في وقت بلغت نسبة الإنجاز 80 بالمائة، ودن مبرر كون الوزارة آنذاك أكدت أن مرض السرطان من تخصص الدولة ولن تسمح للخواص بدخول المجال، لكن الوزارة تراجعت بعد توجيه رسائل لجهات عليا في البلاد وعلى بعد خطوة من اللجوء إلى العدالة. و بعد ذلك طرحت تعقيدات لها علاقة بالربط بالماء والكهرباء ما تطلب تدخل جهات مركزية. المركز المسمى ب»أثينا» والواقع بما يعرف بشارع العيادات بزواغي فتح أبوابه منذ أقل من ثلاثة أشهر في صمت ودون تدشين رسمي رغم انه الوحيد على المستوى الإفريقي الذي يستخدم آخر جيل من المسرعات النووية ويستعمل آخر تقنيات السكانير ثلاثي الأبعاد والسوفت وير، حيث قال الدكتور بوزيدي أن مراكز قليلة في العالم وصلت إلى هذا المستوى من التكنولوجيا حتى بفرنسا نادرة الوجود، إذ بلغ حجم الاستثمار 90 مليار سنتيم ومن المقرر أن يصل المبلغ إلى 120 مليار سنتيم شهر جوان بإتمام المشروع وفتح جناح جراحي وآخر متعلق بالعلاج الكيميائي والتشخيص بالأشعة، و أكد الدكتور بالي أن المريض يخضع بداية من جوان إلى كل المراحل، بداية من التشخيص حتى آخر مرحلة وهي العلاج بالأشعة وأنه يمكن التكفل بالمريض في 15 يوما وبالتالي رفع احتمالات النجاة، ويضيف الدكتور مهدي، أن الضجة المثارة حول السرطان في بلادنا عبارة عن جدل غير صحيح كون المشكلة ليست في العلاج بالأشعة وإنما في الجراحة التي عادة ما تكون غير دقيقة وبالتالي تفضي إلى نتائج خاطئة، معتبرا رقم 40 ألف مريض جديد سنويا المتداول بأنه غير دقيق ومبالغ فيه لعدم وجود إحصائيات حقيقية. 35 مليون سنتيم متوسط العلاج والأغنياء يفضلون فرنسا المسيران أكدا أن الخدمات المقدمة تعد من أحسن الخدمات في العالم ويمكن للمريض أن يحصل عليها بكلفة أقل بكثير مما يدفعه في الخارج، بمسرعين نويين من آخر طراز وبدقة اكبر ومدة علاج لا تتعدى عشر دقائق للحصة الواحدة و12 كرسي للعلاج الكيميائي ما يعادل ضعف ما نجده في المستشفيات الجامعية العمومية ، وقد استغرب المعنيان تجاهل الجهات المشرفة على القطاع لاستثمار بهذا الحجم رغم أنه مكن من تدارك 20 سنة من التأخر في مجال علاج السرطان، وقال أنه مشروع غير مربح عكس ما يتوقعه البعض لأنه يتعلق بتخصص حساس وكونهما أدخلا تقنيات عالية أصبحا كما، يضيفان، ضحية اختيارهما «لأن الجزائر بلد الاستثمارات المتوسطة»، فالصيانة، حسب تقدير الفيزيائي، تتطلب 4 ملايير سنويا. «أثينا» يعمل حاليا ورغم الأزمة التي تمر بها بلادنا في مجال العلاج بالسرطان ب60 بالمائة من طاقاته وبعد سنة يتوقع المستثمران تنزل النسبة كون الأسعار تبقى في غير متناول المرضى الذين يقصدونه وهم من الفئات البسيطة لأن الأغنياء يفضلون الوجهة الفرنسية، وهو أمر يرى الطبيب بوزيدي أن له علاقة بانعدام الثقة بين المريض والطبيب والتي يحمل الطب مسؤوليتها، وهو ما أدى إلى التفكير في تعويض العجز بخدمات أخرى مكملة، كون متوسط 35 مليون سنتيم للحالة الواحدة في العلاج بالأشعة لا يوفر هامش ربح يسمح بتغطية الاستثمار وفق ما صرح به مسؤولا العيادة اللذان يجزمان بأنه وفي ظرف سنة سيفقدان زبائنهما بعد فتح المراكز العمومية وان العلاج في دول مجاورة هدر للمال لأن مركزهما الأحسن في المنطقة على الإطلاق . مشروع يستدرك 20 سنة من التأخر في علاج السرطان المشروع يجري به حاليا الاستعداد لفتح جناح الاستشفاء بمواصفات عالمية توفر شروط الراحة للمريض على أن يرتفع الطاقم إلى 60 شخصا منهم 12 طبيبا مختصا، وقد تم في المرحلة الأولى تكوين جامعيين لتشغيل الأجهزة وكذلك فيزيائيين لوجود عجز ووجدت الإدارة صعوبة في توظيف تقنيين وشبه طبيين ومساعدين للأطباء يتقنون اللغات ما يجعلها المسؤولين يعتبرون الاستثمار مغامرة غير معروفة النتائج لكنها بالنسبة إليهم تحد سيجبر باقي المرافق الصحية المتخصصة على مواكبته تقنيا و خدماتيا. ويشترك المرضى ومسيرو المركز في مطلب أساسي هو صيغة التعاقد وفق دفتر شروط صارم لوجود حالات لا تحتمل التأجيل ولما تعرفه المرافق العمومية من ضغط قد يؤخر العلاج ولا يسمح بالحصول على نتائج ناجعة دائما. للإشارة فإن مركز العلاج بالأشعة لقسنطينة الذي يقدم خدمات جهوية أغلق لمدة سنة ووجه المرضى إلى مركزي العاصمة وورقلة وأعيد فتحه شهر سبتمبر الماضي بتشغيل مسرع نووي واحد وبطاقة محدودة كون الجهاز غير مزود بسكانير ثلاثي الأبعاد ما أبقى على الأزمة في حين يصل معدل المرضى يوميا بالمركز الخاص إلى 65 مريضا يحصلون على حصص يومية إلى غاية إنهاء مرحلة العلاج.