حرب بين مقري وسلطاني بشأن الرئاسيات لم يحسم مجلس الشورى الوطني لحركة مجتمع السلم المجتمع أمس في دورة عادية في الموقف النهائي للحركة من الانتخابات الرئاسية المقبلة، وساد انطباع خلال افتتاح الأشغال بأن المجلس منقسم بين مؤيد للتحالف مع المعارضة الذي يريده الرئيس عبد الرزاق مقري كما بدا من خلال كلمته الافتتاحية، وبين مؤيدي المشاركة بمرشح عن الحركة التي يتحمس لها الرئيس السابق أبو جرة سلطاني. كعادتها تصنع حركة مجتمع السلم «السوسبانس» بشأن الاستحقاق الرئاسي المقبل، وتترك أمر الحسم في الموقف النهائي منه إلى آخر دقيقة حتى تتضح الرؤية جيدا، وهكذا كانت الحال أمس في الدورة العادية لمجلس الشورى الوطني المنعقدة بالمقر الوطني للحركة بالعاصمة، لكن يبدو الخلاف هذه المرة كبيرا بين أنصار نهج المعارضة الراغبين في التحالف مع أحزاب أخرى والسير وراء مرشح تتفق عليه المعارضة، الذي يبدو أن الرئيس الحالي عبد الرزاق مقري هو من يتزعمه بالنظر لما جاء في خطابه الافتتاحي، وبين أنصار المشاركة من الداخل الذي يتحمس له الرئيس السابق أبو جرة سلطاني. ووصل الخلاف بين الرجلين حسب مصادر من الحركة إلى حد أن عبد الرزاق مقري لم يرحب برئيسه السابق أبو جرة سلطاني خلال كلمة الافتتاح كما تقتضي التقاليد والأعراف البروتوكولية في مثل هذه الحالات.ويفهم من خطاب مقري الذي غلب عليه طابع الانتقاد للنظام السياسي وللسلطة بصورة عامة، والصورة السوداوية التي رسمها عن الوضع العام في البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا أن الرجل يريد الاستمرار في نهج المعارضة وغير متحمس للدخول بمرشح عن الحركة، وقال في هذا الصدد» إن هذه الانتخابات ليست مهمة بالنسبة لحركة مجتمع السلم في المقام الأول، لأن حركة مجتمع السلم هي مجرد حزب تتداول عليه الانتخابات فيتخذ منها الموقف الذي يتماشى مع قيمه، وهو حزب يعمل الزمن له لا عليه، وإنما الذي يشغلنا أن هذه الانتخابات مهمة بالنسبة للجزائر، إذ لم يصبح للجزائر وقت آخر تضيعه بعد أكثر من نصف قرن من الأوقات الضائعة». ودافع مقري في خطابه بقوة عن خيار تحويل «حمس» من مشارك في الحكومة وشريك مع السلطة إلى طريق المعارضة مند توليه رئاسة الحركة قبل أكثر من نصف عام، فقال» لقد أدينا الذي علينا في حركة مجتمع السلم، لقد قيمنا اللحظة وقرأنا الواقع وعلمنا أن المرحلة مرحلة اجتماع الكلمة فاتجهنا للجميع بدعوة التوافق، وحين أظهرت قوى الموالاة موقفها الرافض كما كنا نتوقع ركزنا جهودنا على المعارضة في تكتل الجزائر الخضراء ومجموعة الذاكرة والسيادة وفي مجموعة الأحزاب والشخصيات الوطنية..»، ثم يضيف في شكل طلب لأعضاء مجلس الشورى فيقول» وها نحن اليوم ندخل على مجلس الشورى وليس في يدنا مكسب ملموس في هذا المضمار نقدمه له، فلست أدري هل سيأذن لنا بمواصلة المشوار إلى آخر لحظة بعد هذا الاجتماع أم سيتوقف هذا المسعى هاهنا لتختار هذه المؤسسة المرموقة موقفا آخر إما بالترشح باسم الحركة وإما المقاطعة، وفي كل الأحوال سيسجل التاريخ بأن الحركة تسامت كعادتها عن طموحاتها الحزبية والشخصية وأظهرت استعدادها التنازل لمرشح آخر تتفق عليه المعارضة». في الجهة المقابلة رفض الرئيس السابق أبو جرة سلطاني الكشف عن نواياه الحقيقية ورغبته الترشح باسم الحركة وقال في تصريح له للصحفيين أن مجلس الشورى الوطني سيد في اتخاذ القرار الذي يراه مناسبا ونحن سندعم ما سيتخذه من قرار، ، لكن في الواقع هناك حربا حقيقيا بين مقري و سلطاني، الأول يريد التحالف مع المعارضة، لأنه يكون قد عقد اتفاق في هذا الشأن مع مجموعة من الأحزاب الأخرى والشخصيات المعارضة على دعم مرشح عن المعارضة في الانتخابات الرئاسية، وقد اشتغل على هذا الخيار مند أشهر، لذلك دافع بقوة عن خياره ورمى بالكرة في مرمى أعضاء مجلس الشورى وحملهم المسؤولية عما سيتخذونه من قرار، أما أبو جرة سلطاني فإنه أبدى رغبة واضحة في الترشح باسم الحركة مند أشهر، ومن المحتمل أن تترك دورة مجلس الشورى الوطني هذه مفتوحة ولا يحسم في هذا الأمر إلا بعد أن تتضح الرؤية أكثر. محمد عدنان