أسعى إلى نقل هموم الكادحين والعشاق والبسطاء وأحزان النساء كما فعل نزار قباني * الشعر الذي يِؤثَثُ بالهم الذاتي ينضب نبعه سريعا يتحدث الشاعر محمد بوقبال في هذا الحوار عن مجموعته الشعرية "ما لم يقله نزار"، الصادرة نهاية 2013، عن دار هومة بالجزائر، كما يكشف عن تأثره بصاحب قصيدة "المهرولون". ويدعو وسائل الإعلام إلى الاهتمام أكثر بالإبداع الشعري، ويتحسر لواقع الثقافة بمسقط رأسه. حاوره: نورالدين برقادي إصدار كتاب، يبدأ كحلم ثم يتحول تدريجيا إلى حقيقة، ولكن بين الحلم والحقيقة مسافة قد تطول أو تقصر، فيها المشقة والأمل ، كيف عشت رحلة تحويل أوّل أحلامك إلى حقيقة ؟ لم يكن سهلا أبدا أن يصدر لي كتاب شعر في ظل عزوف معظم دور النشر عن طباعة وتوزيع دواوين الشعر- هذا محزن فعلا- وأنا من عادتي أن لا أترك الظروف تأخذ دفة حياتي، فما بالك بحياتي الشعرية، إذ من فرط رغبتي في إصدار أول أعمالي تحقق لي ذلك مؤمنا بأن الرغبة هي الوجه الآخر للتنفيذ الفعلي لحلم نريده...أعترف أني مررت بفترات فراغ ويأس إستنادا إلى ما آلت إليه مكانة الشعر في بلادنا، وأعترف أيضا أني تعبت وانهزمت بدءا كي أنتصر أخيرا لكن التعب الحقيقي يبدأ الآن بصدور هذه المجموعة الشعرية إذ كلما قطع الشاعر شوطا في الكتابة كلما كانت مواجعه أكبر، فهو مرآة الوجع الكبير للمجتمع. "ما لم يقله نزار"، هو عنوان مجموعتك الشعرية، ماذا قلت في كتابك ولم يقله نزار ؟ "مالم يقله نزار" لا يعني مفهومه الظاهري؛ فيمكنني أن أجيب عن هذا السؤال من ثلاث زوايا: أولا: ببساطة تامة القصائد التي بين دفتي هذا الكتاب قلتها أنا ولم يقلها نزار ثانيا: العنوان هو تكريم مني للشاعر الذي أعشقه والذي تأثرت به كثيرا، فما لم يقله نزار كناية على أنه قال الكثير الكثير، لذا حين أقول بأني قلت ما لم يقله نزار، فمعناه أني لم أقل شيئا بعد. ثالثا: العمر أقصر من أن يقول فيه شاعر كل شيء وكوني من أتباع المدرسة "النزارية"، فسأكمل مسيرة هذا الشاعر الكبير في نقلي لكل هموم الكادحين والعشاق والبسطاء وأحزان النساء كما فعل نزار. كيف تنظر إلى تعاطي وسائل الإعلام الوطنية مع الشعر الجزائري ؟ الحقل الإعلامي بقدر ما خدم الشعر في فترة من الفترات السابقة بقدر ما أبخسه حقه في هذه الفترة المهمة والزاخرة بالشعراء، إذ تقلص اهتمامه بالشعر والشعراء الجزائريين الموجودين في كل مكان والذين لديهم انتاجات جميلة يتآكلها الإهمال. كان حريا بالإعلام أن يكون داعما للشعر وناهضا به، بتنقيبه على المواهب وتخصيص مجال لإبراز آخر الكتابات كأبسط مثال. لكن الصيغة التجارية والسياسات التي طغت على الرؤية الإعلامية المناسباتية للشعر هذه السياسات دفعت بالشعر إلى هامش مظلم اعتقادا منهم بأنه سلعة كاسدة ليس لها حظوة لدى القراء. صحيح أن هناك بعض المجهودات الفردية لبعض الإعلاميين الذين يؤمنون بالكلمة الراقية وهم مشكورون على ذلك رغم العوائق والمحاولات المتكررة لإثنائهم عن ميلهم إلى تشجيع الشعر في أعمالهم الإعلامية...لكن هذا لا يكفي، فعلى وسائل الإعلام تغيير نظرتها إلى الشعر أولا ثم بعدها تفعل اتجاهه ما كان يجب فعله منذ البداية. بين الهمّ الذاتي والهمّ الجماعي، أين تصنف أشعارك ؟ أشعاري لا تفرق بين هم ذاتي وهم جماعي، مادام أن الذات الشاعرة هي جزء من الذات الجماعية. والشعر الذي يِؤثَثُ بالهم الذاتي ينضب نبعه سريعا بخلاف الشعر الذي يتغذى من الهم الجماعي يستمر ويدوم مادامت الهموم الجماعية لا تنتهي. تقيم بآريس (باتنة)، كيف هو واقع الثقافة بمسقط رأس الشهيد مصطفى بن بولعيد ؟ آريس آه على آريس الذي لا يزال غارقا في نشوة إيقاده لشرارة الثورة ولم يزل يبكي على الأطلال، فلا ثقافة غير ثقافة الشرعية الثورية ولا حركة غير حركة العصافير المهاجرة منه(الروائية فضيلة ملكمي مثلا) ولا نشاطات تذكر...المناسباتية هي الغالبة على كل التظاهرات فيه. آريس ملك خانه رفاقه ووالد رحيم عقه أبناؤه، فلم يزل متكئا على عصاه في انتظار من ينتشله من يُتمِه الطويل على قارعة التاريخ. آريس يزخر بالمواهب والمبدعين، لكن الذين يسعون إلى بقائه منحنيا مكسورا كقدح قديم يفعلون الكثير كي يفشل المبدعون لأنّ أي نجاح لفنان خارج إرادتهم يمثل كشفا لعجزهم. وآريس إليك قصائد شعري إليك السلام.