يعدّ الشاب محمد بوقبال، واحد من الشعراء الشباب الذين اختاروا الغوص في عالم القافية، وأخذ على عاتقهم أمانة الحفاظ على الشعر الجزائري، لا سيما في المحافل الدولية، ومواصلة مسيرة من سبقوهم للنهوض بالميدان الأدبي على وجه الخصوص.فمحمد بوقبال اختار القلم للتعبير عمّا يختلج سريرته وسريرة مجتمعه من مشاعر وأحاسيس ليترجمها على الورق، فكان الشعر ملاذه الذي لجأ إليه ليخطو له اسما في عالم الشعر، متحديا الصعاب التي تواجه شابا في بداية مشواره. ❊ الشعب: محمد بوقبال من المبدعين الشباب الذين سيحملون مستقبلا مشعل النهوض بالشعر في الجزائر، كيف كانت بداياتكم في عالم القافية؟ ❊❊ محمد بوقبال: بوقبال محمد من مواليد 07 جويلية 1985 بضاحية من ضواحي دائرة أريس بولاية باتنة، شاعر إن كان لي مكان في بلاط الشعر، فأنا لست ممن يحكم على نفسه بالملكة الشعرية، وإنما القراء والمستمعين هم من يفعلون ذلك. ❊ وكيف اكتشفتم موهبتكم الشعرية؟ ❊❊ أظن أن الموهبة هي التي اكتشفتني ولست أنا من اكتشفها، لأن ملكة الشعر أو الموهبة الإلهية تكون في الانسان منذ ولادته. صحيح ربما هناك ظرف أو حافز يجعلها تظهر عليه، وأنا لا أذكر تحديدا كيف اكتشفت موهبتي في الشعر، وإنما بدأت الكتابة هكذا في سن الثالثة عشر، وبدأت خربشاتي أو الدعامات الأولى لما سيكون فيما بعد صرحا كبيرا للشعر والكلمة. ❊ وهل يتذكر الشاعر الشاب محمد بوقبال أولى خربشاته في مجال الشعر؟ ❊❊ كانت قصيدة بعنوان “انتهى المشوار" وتقول “دون يا رفيقي وقل قد انتهى المشوار..."، والباقي منها لا أذكره لأنّ القصيدة أصبحت في طي النسيان، وبعدها كتبت العديد من القصائد التي سطّرتها ضمن كرّاسي الصغير ذو الثلاثين صفحة، ولكنه ضاع مني، بحثت عنه كثيرا لأستعيد ذكرياتي في مجال كتابة الشعر، إلاّ أنّ جهودي في العثور عليه ذهبت هباء، ولكن ما دام نبع الابداع موجودا، فضياع تلك القصائد أمدني بحافز كبير لكي أبدع أكثر. ❊ وبالتأكيد أثمر ذلك على محاولات شعرية جادة، وربما التفكير في نشرها في ديوان شعري، قد يكون شاهدا على ميلاد واحد من كبار الشعراء في الجزائر؟ ❊❊ طبعا، منذ بداياتي الأولى وهي تراودني فكرة طبع ديوان شعري، ولكن الكثير من العوائق والحواجز اعترضت طريقي، لا سيما وأنّني أتواجد في منطقة مغلقة ذات نشاط ثقافي محدود. ومع مختلف مراحل الحياة التي مررت بها بين مد وجزر في الكتابة، نُشرت لي لي قصائد في إحدى الجرائد الأسبوعية ما بين 2003 2004، ثم كانت لي بعد ذلك مشاركة في حصتين إذاعيتين بإذاعة الساورة ببشار، كما شاركت في المسابقة الولائية للشعر الفصيح ببشار، حيث تحصّلت خلالها على الجائزة الثالثة، كما تحصلت على الجائزة الثالثة أيضا في مسابقة عمر البرناوي ببسكرة، وشاركت في حصص بكل من إذاعتي الأوراس وبسكرة، ثم كانت لي إطلالة قصيرة في برنامج “صباح الخير" بالتلفزيون الجزائري، وبعدها استضافة في حصة “سفر في الكلمات". ❊ بالرغم من العوائق التي تعترض طريقكم كشاعر شاب في بداية مشواره، أظن أن ذلك لم يثن من عزيمتكم الأدبية؟ ❊❊ في الحقيقة تخلّيت عن العديد من المشاريع المادية كمصدر رزق حتى لا أتخلى عن حلمي في أن أكون شاعرا وأقضي حياتي شاعرا، وأن أعيش بين الكلمات وأمتص كل ثانية من ثواني عمري لأمنح شيئا للعالم. ❊ هلاّ حدّثتمونا عن مولودكم الشعري الجديد؟ ❊❊ ديواني الشعري موجود حاليا لدى دار هومة للنشر، وإن شاء اللّه في غضون شهر أو شهرين سيكون جاهزا للتوزيع، وأشكر عبد الرزاق على رأس دار هومة على المساعدات التي قدّمها لي، لأنّني قبل ذلك اتصلت بالعديد من دور النشر الجزائرية والتي لم أجد لديها أذانا صاغية، لا سيما من الناحية المادية التي كانت تثبط من عزيمتي، كأي مبدع يقدم على نشر ديوان شعري. فالنشر هو أكبر عائق، لأنّ الكاتب إذا كان يكتب ولا ينشر قصائده أو لا تُقرأ له ولا تسمع، فهو مثل المغني الذي يغني على مسرح لا جمهور فيه، فإن أغلقت دور النشر أبوابها في وجوهنا، يختلجنا شك بأنّنا لا نصلح للشعر، إلى جانب مشاكل أخرى تعترينا من قبل السلطات الثقافية الجهوية، التي لا تنشط بطريقة تسمح ببروز شعراء. هناك زخم شعري، لكن القناة التي تبرز تلك المواهب غير موجودة وهي مناسباتية، حيث يلتقي الشعراء فقط في المناسبات الدينية أو الوطنية. لذلك أرى أنّه على الشاعر أن يطرق الأبواب ليعرّف بنفسه للمعنيين، لأنّه من الصعب أن تكتشف دور الثقافة مختلف الشعراء الموجودين في منطقتها. ❊ ديوانكم الشعري الجديد هل هو واقع يحياه الشاعر محمد بوقبال، أم هي كلمات يخلق بها الشاعر عالمه الخاص في جو من الخيال؟ ❊❊ في البداية كنت أكتب بطريقة فوضوية، لكن فيما بعد ومن خلال مطالعاتي المستمرة للشعراء العرب وعلى رأسهم عالم الحداثة الشعرية نزار قباني، الذي تأثرت به كثيرا، انتهجت ذلك المسار الشعري. فديواني الشعري يحمل حوالي 40 قصيدة، عنوانه “إلى عيون حزينة"، وهو فسيفساء من القصائد التي تتحدث في أغلبها عن المرأة، كما أنّ لكل قصيدة رسالة ضمنت فيها فكرة ما، والتي لن يفهمها إلاّ من يتمعّن في القصيدة. ❊ الشاعر الشاب في بداية مشواره بحاجة إلى الاهتمام والرعاية الأدبية، هل ترون أنّ هناك علاقة توافق بين شعراء الجيل الجديد والقديم، على الأقل لتبادل الخبرات والمعارف؟ ❊❊ لحدّ الآن لم تكن لي فرصة الالتقاء بكبار الشعراء الجزائريين، في اعتقادي المشهد الشعري في الجزائر لا يجب أن يصنف بين شاعر كبير وصغير، صحيح أن هناك مجموعة من الشعراء في الجزائر يحتلون الواجهة الشعرية ولديهم نشاطات وأعمال، لكنّني لم أحظى بفرصة الاتقاء بهم، ولا أظن أنهم يعملون على تهميش المبدعين الشباب إن تطلب الأمر مساعدتهم والوقوف إلى جانبهم، لأنّه في الأخير هو لصالح الشعر الجزائري. ❊ وكيف تقيّمون واقع الشعر في الجزائر بصفة عامة، وعاصمة الأوراس باتنة على وجه الخصوص؟ ❊❊ المشهد الشعري في الجزائر متأرجح وظرفي، وأعود من خلال كلامي إلى المناسبتية، حيث أنّ التظاهرات تقام فقط في المناسبات، وليس هناك ملتقيات أو مهرجانات كبيرة يشارك فيها شعراء من جميع الجهات. أمّا في باتنة أرى أن هناك تهميش للشباب الموهوب، حيث سبق وأن اتّصلت بدار الثقافة للولاية لكن إهمالهم وطريقة استقبالهم لي جعلتني أعدل تماما عن الاتصال بهم مرة ثانية؟ ❊ مختلف الفنون في الجزائر أصبحت تفتقد لجمهورها على غرار المسرح والسينما، هل ترون أنّ الشعر ما يزال يحتفظ بقرائه ومستمعيه؟ ❊❊ أكيد هناك اهتمام بالشعر، بدليل القاعات التي تمتلئ بالجماهير وعلى اختلاف توجهاتهم، فهناك حس إبداعي بداخلهم، الإنسان بطينته ذواق سواء للشعر أو للغناء، أو لكل ما هو فن وإبداع. إنما المشكل في غياب تظاهرات، وربما وسائل الإعلام لها دورها في التعريف بالأمسيات الشعرية وتواريخها ومكان تنظيمها حتى يتسنى للجماهير الحضور، كما أنّ السلطات التي تنظّم هذه التظاهرات عليها أن تراعي مواقيت العمل. ❊ وإلى ماذا يطمح محمد بوقبال مستقبلا؟ ❊❊ أطمح لتمثيل بلدي أحسن تمثيل، وأترك بصمتي على الواجهة الشعرية الجزائرية والعربية أيضا، ولديّ طموح كي أبني على نجمة منزلي. ❊ ماذا تهدون لقرّائكم ولكل من يعرف محمد بوقبال؟ ❊❊أقدّم لكم مقاطع من قصيدة “أفكّر فيك" أفكّر فيك رغم معرفتي أنّك جرح صغير صغير في وجه الزمان وأنّك خيط رقيق رقيق يمتد في اللاّمكان ولكنك مطرزة كأنّهم محطات عمري ومحفورة في الغيب قبل أن يخلق اللّه كياني فماذا سأفعل إن كانت كل لحظة قضيناها معا تعرش على ذاكرتي كغابة من الورد والخزيران أفكّر فيك