أثار الناقد الدكتور مخلوف عامر قضية سطو أدبي في تعليق نشره على صفحته على الفيسبوك، بعد ان لاحظ تطابقا بين ما جاء في كتاب د. يوسف وغليسي (مناهج النقد الأدبي)، ومقالين لباحث عراقي هو وعد العسكري نشرا على موقع "الحوار المتمدن"، القضية أثيرت على مواقع التواصل الاجتماعي وتناولتها الصحافة بشكل آثار اللبس. كراس الثقافة اقترب من الدكتور يوسف وغليسي الذي أكد أن المقالين المنشورين في الحوار المتمدن سنة 2007سرقا من كتابه المنشور سنة 2004 والذي أعيد نشره في طبعة جديدة سنة 2009. مستغربا التناول "المغرض" للقضية. من جهته يبرز الدكتور مخلوف عامر أنه لم يقصد الاساءة للدكتور يوسف وغليسي، وإنما أراد إظهار الحقيقة وعاد إلى تفاصيل القضية التي اكتشفها بعد اطلاعه على كتاب وغليسي (طبعة 2009) ومقالي وعد العسكري، مشيرا إلى التوضيحات التي قدمها الباحث الجزائري وصمت الباحث العراقي الذي قال انه راسله ثلاث مرات في القضية. نوّارة لحرش الدكتور يوسف وغليسي للنصر الإعلام الجزائري لا يحرّك ساكنا حين يكون المسروق جزائريا * كتابي صدر سنة 2004 ومقالا العراقي نشرا في 2007 استنكر الدكتور يوسف وغليسي المعالجة الإعلامية لقضية السطو على كتابه وقال في تصريح للنصر: الحكاية أبسط ممّا تتخيلون، وأصلها أنّني شرعت في تقديم محاضرات لطلبة الآداب بجامعة قسنطينة، ابتداء من سنة 1997، في مقاييس (النقد الحديث والمعاصر، المدارس النقدية المعاصرة، مناهج النقد الأدبي)، ثمّ جمعتها ونشرتها في كتاب عنوانه (محاضرات في النقد الأدبي المعاصر)، صدر عن منشورات جامعة منتوري (الموسم الجامعي 2004 -2005)، وحين رأيت شدة إقبال الطلبة والباحثين عليه، أعدت نشره في دار جسور سنة 2007 (وهو الآن في طبعته الرابعة) وقد صار مرجعا في بابه إلى درجة أنني وجدت بعض الأساتذة في جامعات سعودية يحتفظون بصور طبق الأصل منه بعدما أعياهم العثور على نسخ أصلية، بل إلى درجة أنّ كثيرا من الأساتذة الجامعيين الجزائريين الذين يدرّسون مادة (مناهج النقد) صاروا يكتفون بالإملاء منه حرفيا على طلبتهم (دون ذكر حتى صاحب الكتاب). ثمّ صادف أن قام شخص عراقي يدّعي أنّه يدعى -الدكتور وعد العسكري- (ولسنا إلى حدّ الآن متأكدين من أنه موجود فعلا بهذا الاسم، لأنه لم يصرّح بأي كلام عقب هذه الزوبعة)، قام بسرقة مقالين من كتابي ونشرهما بحرفيتهما في موقع (الحوار المتمدن) سنة 2007، ولم ننتبه إلى ذلك إلاّ حين كتب الدكتور مخلوف عامر تعليقا استغرابيا على المقالين، ولأنّ مخلوف عامر لا يمتلك إلا طبعة 2007 من كتابي، فقد تشابه عليه البقر، وهو على يقين من أنّ كتابي هو الأصل، لأنه يعرفني جيدا وقد أشاد بكتاباتي في مناسبات مختلفة، لكنه (وهنا أعاتبه عتابا أخويا شديدا) قال جملة خطيرة استغلّها الإعلام أبشع استغلال، هي قوله: (لا شك أنّ أحدهما سطا على الآخر). وغليسي وبنبرة عتاب ودية واصل قائلا: "لقد كان في وسعه (مخلوف عامر) أن يتصل بي هاتفيا لأقول له إنّ الطبعة الأولى صدرت سنة 2004 وليس سنة 2007 وتنتهي الحكاية تماما، لكنه لم يفعل بل راح يثير شكوكا أخرى قبل أن يرجّح احتمال أن يكون العراقي هو السارق، ولو انتبه مخلوف إلى أنني قلت في أحد المقالين: (..يمكن مراجعة ملخص ذلك في كتابي: النقد الجزائري المعاصر...) -ص 13-، وأنني قلت في المقال الآخر: (من رموز هذا المنهج فلان وفلان وفلان... أما في الجزائر فيمكن أن نذكر...) -ص 19-، بل لو انتبه إلى وجود بعض المراجع الجزائرية البحتة في المقالين (ومنها: أطروحة عبد المجيد حنون، وكتاب الزميل د. الربعي بن سلامة، وهو ممّا يُهدى ولا يباع، ومجلة -تجليات الحداثة- الوهرانية)، لأدرك بسهولة أن صاحب الكتاب لا يمكن أن يكون إلا جزائريا، ولا بأس بعد ذلك أن يتهمني بالسرقة من أيّ جزائري آخر؟، ولو انتبه إلى كثير من الفقرات التي ترجمتها عن الفرنسية (وعادة أهل العراق أن تكون لغتهم الثانية هي الإنجليزية لا الفرنسية)، لزالت الحيرة التي يزعم أنّها أصابته؟ هل صعُب ذلك كله على صديقي مخلوف عامر؟ أشكُّ، وأجزم أنّه يشكّ هو أيضا". وغليسي وبشيء من الاستطراد تحدث عن الإعلام الذي يتجاهل الكاتب الجزائري حين يكون فكره وأدبه عرضة للسطو والسرقة: "المهم أن كلام مخلوف كان على حظّ غير قليل من علامات التعجب التي استغلتها بعض الجرائد اليومية. هذا الإعلام الجزائري للأسف لا يحرّك ساكنا حين يكون المسروق منه جزائريا، بينما يقيم الدنيا ولا يقعدها حين يكون السارق جزائريا. ليس من عدوّ للمثقف الجزائري إلا شقيقه المثقف، لا يهنأ له بال ولا يرتاح له ضمير ولا يطيب له خاطر إلا حين يرى شقيقه مسكينا، مشردا، ممرّغا، مستباحا، ينهشه الإعلام وتطارده العامة بالأقوال والأفعال. أما إذا ابتلي بنيل جائزة كبيرة أو تحقيق نجاح ما فالويل له ثم الويل له، الكل يتربص به ويترصد له، ويتمنى أن يعثر على مقدار ذرة من إشاعة تشكك في جدارته بذلك. أذكر، حين ذهبت إلى أبو ظبي لاستلام جائزة الشيخ زايد سنة 2009، كنت أتصبّب عرَقا وإدارة الجائزة تفاجئني بكثير من الاتصالات الجزائرية التي كانت تحتجّ لديهم وتندّد بمنحي الجائزة. المثقف الجزائري (عموما) مصّاص لدم أخيه، مصاب بسُكّري وضغط دم نجاح أخيه.. مع ذلك لا يسعني إلاّ أن أحيّي أقلاما عربية وجزائرية شريفة هبّت لمؤازرتي ونصرتي بعد هذا الاعتداء الإعلامي". ثم أردف متسائلا: "لا أدري أيّ عقدة سيكولوجية يمكن أن تشخّص هذه الحالة الثقافية الجزائرية، ولكنها واقعنا المؤلم الذي لا مفر منه". واختتم وغليسي تصريحه قائلا: "شخصيا لا أملك حيال مثل هذه التحرشات الإعلامية إلا الثبات والاستمرار والإيمان بالله، وقد صبرت على حملة إعلامية سابقة أصابتني سنة 2008، فكافأني المولى عز وجل بجائزة عظيمة، وأصبر اليوم وسيجازيني بما يشبهها إن شاء الله". الدكتور مخلوف عامر للنصر وغليسي لديه كفاءة نادرة ولم أقصد الإساءة إليه قدم الدكتور مخلوف عامر توضيحات بشأن ما أثاره على صفحته على الفايسبوك و بدأ حديثه للنصر بالقول: لعل كل الإخوة الذين يعرفونني، واثقون بأنني لا أقصد الإساءة لأحد أبداً، خاصة إذا تعلق الأمر بصديق عزيز على قلبي وكان ومازال دوْماً محل إعجابي وتقديري، -د. يوسف وغليسي- الذي أهداني نسخة من كتابه مشكوراً وخطَّ لي بيده كلمات طيبة. وقد لمستُ لديْه كفاءة نادرة سواء من خلال ما استمعتُ إليه من مداخلات في بعض الملتقيات أو من خلال كتاباته. وكنتُ قد عبَّرتُ عن دهشتي لمَّا عاينت تطابقاً تامّاً بين ما ورد في كتابه (مناهج النقد الأدبي) الصادر عن"جسور" عام2009 وبين مقاليْن ل :الأكاديمي العراقي -وعْد العسكري-". الأول بعنوان: (المنهج التاريخي) نشر في24/08/2007 –العدد:2017 والثاني بعنوان: (المنهج الانطباعي) نشر في 29/08/ 2007 –العدد:2022. واستطرد الناقد والأستاذ الأكاديمي بجامعة سعيدة، قائلا: "ما جعلني أتوقَّف عن مواصلة قراءة الكتاب لأستوضح من الأستاذيْن. وقلت حينها: إنها عملية سطو من نوع (copier coller)، وتريَّثتُ دون أن أتَّهم أحداً بخلاف ما اوحى به عنوان جريدة يومية تناولت الموضوع. ولقد راسلتُ (د. وعد العسكري) أستفسره في الأمر وكانت المراسلة الثالثة والأخيرة مصحوبة بتوضيح (د. يوسف وغليسي) ولكنه لم يجبْ. وقدَّرتُ -في الوقت ذاته- صَمْتَه بالنظر إلى الأوْضاع التي يعيشها الأشقاء العراقيون، إذ لا نعرف شيْئاً عن ظروف الرجل هنالك. في حين لم تَطُلْ استجابة د.يوسف وغليسي فقد ذكر أن للكِتاب طبعة جامعية سنة 2004، كما ورد في صفحة الغلاف الأخيرة من طبعة جسور2009 أن من كتبه النقدية (مناهج النقد الأدبي2007"). و يستدرك الأستاذ عامر قائلا: نحن إذن، أمام ثلاث طبعات، ما يجعلني أمتنع عن إصدار حكْم نهائي، وأنا لا أملك غير الطبعة التي صدرت في 2009. ولكني أقول أن كتاب د. وغليسي يكون هو الأصل، و أن عملية السطو ثابتة ولا يمكن أن تتمَّ إلا بطريقتيْن: الأولى أن تكون الأجزاء المسروقة منشورة في تاريخ سابق من قِبل د. وغليسي على الإنترنيت فَسُحبت بسهولة. الثانية أن تكون نسخةٌ من طبعة 2004 أو طبعة 2007 من كتاب د/وغليسي قد وقعت بيْن يديْ د/العسكري فَصَوَّرها. ولا أرى في العملية طريقة ثالثة. الأستاذ عامر وفي ختام تصريحه تحدث عن الإعلام الذي تناول القضية التي أثارها، واستثمرها ضد الدكتور وغليسي، حيث قال منتقدا ومفسرا: "حقيقة تعوَّدنا أنه عندما يتعلق الأمر بجزائري، فإن الناس يسارعون إلى تشويه صورته، وأعتقد أن ذلك يعود أولا إلى أنها طبيعة موْروثة في الممارسة الأدبية. فالخصومات الأدبية كانت موجودة عبر التاريخ وستستمر. ثم إن الغيرة كثيراً ما تحرك المشتغلين في هذا المجال. وحتى الغيرة ظاهرة طبيعة ومشروعة حين تدفع إلى التنافس وإلى مزيد من الإنتاج والإبداع، لكنها تصبح عند الضعفاء حقداً وفرصة لتفريغ شحنة غضبهم أو انتقامهم. فضلا عن أن بعض وسائل الإعلام ترحِّب بذلك وتستعمله للإثارة. لكن هذا لا يعني السكوت عن ممارسة السطو حين تثبت فعلا. فالقضية لا تطرح بين جزائري وآخر، إنما تتعلق بمصداقية البحث العلمي ونزاهته مهما يكن مصدره. ومهما يكن حجم الضجة التي تُثار، فإنها ستنتهي –حتماً- لصالح النص الأصلي".